تقارير وتحقيقات

تقارير وتحقيقات

نظم قسم علم النفس في كلية الاداب –جامعة بغداد مسابقة طلابية لعرض افضل فلم قصير باللغة الانكليزية وباشراف مدرس اللغة الانكليزية م. فوزية موسى غانم ود. ياسمين جرجيس يونس استاذة في اختصاص علم النفس. وتعد التجربة الاولى في هذا المجال وتمهد الطريق للاهتمام بهذا الجانب الفني والعملي والعلمي والابداعي.

 تم عرض الافلام الفائزة على قاعة الادريسي 25- 5- 2022. شارك في المسابقة اكثر من 150 طالب من قسم علم النفس. وكان لهذه المسابقة دور كبير في بث روح الثقة والتفاؤل والعمل بجدية ونشاط .3737 افلام

وتميزت الاعمال بتنوع المواضيع والتقنيات وافصحت عن روح الابداع والجدية والشعور بالمسوؤلية .وقد اظهرت اهمية مثل هكذا فعاليات ونشاطات ودورها في تشجيع وتحفيز الطلبة على التقدم وتطوير مهارات اللغة الانكليزية واهمية استعمالها اليومي لغرض تعلمها.

تميز العرض بشغف وتشجيع وحب الطلبة لمثل هذه الفعاليات لانها سبب في تجمعهم وتعارفهم وتفاعلهم ومن مختلف الاطياف والمجتمعات العراقية. وانتهى العرض وابتسامات الفرح والبهجة والمحبة والامل تعلو محياهم وايامهم القادمة.3738 افلام

الافلام القصيرة الفائزة

طلبة المرحلة الاولى

- محمد هيوا (الامراض العقلية والنفسية)

2- جنه محمد حسن(رجل الثلج)

3- زينب هيثم ابراهيم (الرجل الحكيم)

4- نبأ رياض عبد الرضا (الكاتب محمد خضير)

5- ايلاف صلاح عبد الحي (انا هي انا)

6- ضحى امجد حميد (كن انت )

7- رقية هشام طالب (الفرق بين الطبيب النفسي والمعالج)

8- رحمة عامر شفيق(الحياة الجامعية)

9- عطاء عامر حسن (اللجوء الى الله)

المرحلة الثانية : قسمت الى مجموعتين

المجموعة الاولى

3741 افلام1- حوراء عصام (مظاهرات تشرين)

2- سيف عبد الله –(ميسي)

3- نرجس ناصر حلو (ولهم وند)

4- سارة حيدر ضياء(المقارنة)

5- بنين صلاح سعيد (الثلوث البيئي)

6- احمد نزار علي –(بغداد)

7- شهد علي فرعون(فرقة كورية غنائية)

8- كوثر حسن (نازك الملائكة)

9- نبأ عدي نوري (التوتر العصبي)

10- هدى احمد اسماعيل (يوم سيء)

المجموعة الثانية

1- دانية محمد منير(صديقي المفضل) مناصفة مع كرار شاكرحميد (يوم جامعي)

2- زهراء عبد الكريم عبد الصاحب(فانتازيا)

3- تقى مرتضى (كيف ترتب اهدافك)

4- نوران حسن هادي( تلف المواد البلاستيكية)

5- مريم محمد ثجيل (ابي الحبيب)

6- زينة عبد اللطيف عبد المناف (رمضان)

7- نور علي حسوني (التنمر)

8- اسماعيل فهمي (الحرب)

9- طيبة اياد (ابدا يومك )

10- كاظم قتيبة كاظم (وليم شكسبير)

المرحلة الثالثة

1- حيدر رشيد مجيد (الجانب السلبي للاثار النفسية للموسيقى) مناصفة مع سارة محمد عباس (ستوكهوام سايندروم)

2- نور جبار شهاب (التواصل )

3- زينب محسن مشالي( العاطفة)

4- فاطمة معتز غالب (السعادة)

5- علياء جلال (لغة الجسد)

***

بقلم: فوزية موسى غانم

 

انتهت فعاليات الدورة الرابعة عشر لمهرجان سوس الدولي للفيلم القصير من10 إلى 14 ماي 2022، الذي نظمه محترف كوميديا للإبداع السينمائي بالاشتراك مع المجلس الجماعي لأيت ملول التابعة لولاية أغادير في المغرب، وكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ابن زهر أيت ملول، وترتبط هذه الدورة بمحور” السينما والفضاء العمومي” بوصفه مجالا للتفكير في راهنية الفضاء العمومي وطرائق تشكله في الأعمال السينمائية.

وأوضح الدكتور نور الدين العلوي مدير المهرجان أن الدورة الرابعة عشر تشكل تحديا كبيرا، لأنها تنعقد في ظروف استثنائية ترتبط بتداعيات (COVID-19)، وبتعطيل للحياة العامة ناهز سنتين، واستعادة فن العيش خاصة في الفضاء العمومي رهان الفن السينمائي والفنون التعبيرية.3715 لبنى ياسين

و قد شاركت 18 دولة في هذا المهرجان، و توزّعت المشاركات بين الفيلم الروائي القصير، والفيلم الوثائقي القصير، حيث عينت لجنة تحكيم الفيلم الروائي القصير للدورة 14 للمهرجان ضمت المخرج السينمائي والأكاديمي المغربي الدكتور عز العرب العلوي رئيسا، وعضوية الفنانة أمينة أشاوي، والفنان العراقي فائق العبودي سويسرا. أما لجنة تحكيم الفيلم الوثائقي القصير للمهرجان فهي برئاسة الكاتبة السورية لبنى ياسين من هولندا، وعضوية الكاتب الدكتور محمد زيطان من المغرب، والمخرج والناقد السينمائي الدكتور نجيب الأسد من المغرب. حيث تم تقديم العرض الأول للفيلم الروائي القصير” علاش”للمخرج نور الدين، تلاه عرض للافلام الروائية القصيرة،والوثائقية القصيرة التي تتنافس على جوائز المهرجان.

وقد كرمت أسرة المهرجان الممثل المغربي ياسين أحجام، والفنانة أمينة اشاوي، والمتخصص في جماليات السينما، الدكتور محمد شويكة، والتقني بالمركز السينمائي المغربي الحاج ادريس التركي. وكان من ضمن فعاليات الدورة ندوتين علميتين بفضاء كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ابن زهر أيت ملول، تحمل الأولى عنوان”السينما والفضاء العمومي" ( تجارب المهرجانات السينمائية)، "المهرجان الدولي لسينما المقهى" تازة، د. عزيز زروقي. "مهرجان مراكش الدولي للفيلم القصير جدا"، أ. عبد المجيد ادهابي. مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير آيت ملول، أ. نور الدين العلوي. إدارة الندوة: ذ.عماد كاحمو. أما الندوة العلمية الثانية فهي موسومة ب:” المرأة والفضاء السينمائي” بمشاركة: دة. نزهة حيكون، د. عبد الكريم العلوي زكي، أ . أسماء كريم، أ. ياسمين بوشفر، أ. محمد زيطان، وكانت إدارة الندوة: للأستاذ محمد أكرم الغرباوي. ومن الندوات أيضا ندوة بعنوان” السينما والفضاء العمومي، قدمه الدكتور محمد شويكة، و أداره الدكتور عبد السلام دخان. كما اقيمت ورشات تكوينية في مجال الصناعة السينمائية: ورشة المونتاج السينمائي أعدها الأستاذ محمد حتيجي، وورشة صناعة الفيلم الروائي القصير، اعدها الأستاذ نسيب عبدو، وورشة تحليل الفيلم السينمائي، اعدها الدكتور نجيب الأسد.3716 لبنى ياسين

وقد استضافت كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ابن زهر أيت ملول فعاليات ” تجارب سينمائية” بحضور نخبة من الأسماء الفنية في مجال الصناعة السينمائية، والكتابة الإبداعية، وتم توقيع بعض الإصدارات الجديدة.

في صنف الفيلم الروائي القصير: جائزة سوس الدولية لأحسن فيلم روائي قصير نالتها مصر عن فيلم " البطاطا" للمخرج محمد البدري. اما جائزة سوس الدولية لأفضل إخراج سينمائي فهي للمغرب عن فيلم " خيط" للمخرج شرف علي. و جائزة سوس الدولية لأحسن سيناريو فقد نالها فيلم " رماد" للمخرج مصطفى فرماتي من المغرب بينما تم التنويه لفيلم عنها للمخرجة رباب مرهج من سوريا، والتنويه الثاني لفيلم " نصف روح" للمخرج مروان طرابلسي من تونس.3717 لبنى ياسين

أما جوائز المهرجان في صنف الفيلم الوثائقي القصير فهي: جائزة سوس الدولية لأحسن فيلم وثائقي قصير نالتها استراليا عن فيلم " روح السماوة" للمخرج " هادي ماهود". وجائزة سوس الدولية لأفضل إخراج سينمائي لفيلم " الحلم يقترب" للمخرج أحمد عبد العليم قاسم من مصر. أما جائزة سوس الدولية لأحسن تصوير سينمائي فقد ذهبت إلى فيلم " المتحف" للمهرج جمال باشا من الجزائر، بينما تم التنويه عن فيلمي" البارديات.. قصة أنثى المخرك" للمخرج اقليعي عادل من المغرب.، وفيلم " قرارات حمقاء" للمخرج د. صائب غازي من كندا.

***

لبنى ياسين

 

وأخيرا حط رحاله، شاعر الثورة والفقراء والمحرومين، وشاعر الغزل والحب. إنه مظفر النواب.

توفي اليوم الجمعة الشاعر العراقي الكبير مظفر النّواب في مستشفى الشارقة التعليمي بالإمارات العربية المتحدة عن عمر ناهز 88 عاما.

يعتبر النواب أحد أبرز شعراء العراق الذين بدأوا مسيرتهم الشعرية في خمسينيات وستينيات القرن المالضي، وبرحيله تطوى صفحات تلك المرحلة في تاريخ الشعر العراقي والتي تميزت بالغنى والتجريت والخروج على القوالب المألوفة وروح التمرد.

ورغم شهرة القصائد السياسية للنوابداخل العراق وخارجه إلا أن شعره العاطفي والغزلي وخاصة باللهجمة العامية العراقية لا يقل جمالاً ورونقاً وسحراً.

كان النواب صاحب موهبة شعرية برزت في مرحلة مبكرة من حياته. وتميز بأسلوب فريد في إلقاء الشعر وأقرب ما يكون إلى الغناء أحياناً، خاصة عندما كان في مواجهة الجمهور.

أما سياسياً فقد انحاز النواب لقضايا الفقراء والبسطاء والعدل ومناهضة الاستغلال والاستعمار وأنظمة الحكم السائدة، فتعرض للسجن والملاحقة لفترة طويلة داخل وطنه واضطر لاحقاً للعيش منفيا في غربته التي ناهزت نصف قرن تقريباً.

 

أصول ارستقراطية

وُلد مظفر النواب في العاصمة العراقية بغداد عام 1934 وهو سليل عائلة "النواب" التي كانت تحكم إحدى الولايات الهندية الشمالية قبل احتلال بريطانيا للهند.

 

قاومت العائلة الاحتلال البريطاني فاستاء الحاكم الإنجليزي من موقف العائلة المعارض والمعادي للاحتلال، فعرض الحاكم على العائلة النفي السياسي، فاختارت العراق.

كانت أسرة النواب ثرية أرستقراطية تتذوق الفنون والموسيقى وكان قصر العائلة المطل على نهر دجلة مقصد الشعراء والفنانين والساسة.

وفي أثناء دراسة مظفر في الصف الثالث الابتدائي اكتشف أستاذه موهبته الفطرية في نظم الشعر، وفي المرحلة الإعدادية أصبح ينشر قصائده في المجلات الحائطية التي تحرر في المدرسة من قبل الطلاب.

تابع دراسته في كلية الآداب ببغداد في ظروف اقتصادية صعبة، بعد أن تعرض والده الثري إلى هزة مالية عنيفة أفقدته ثروته بما في ذلك قصره الجميل.

بعد الإطاحة بالنظام الملكي عام 1958 تم تعيينه مفتشاً فنياً بوزارة التربية في بغداد، فأتاحت له تلك الوظيفة فرصة تشجيع ودعم الموهوبين من موسيقيين وفنانين تشكيليين.

في اعقاب الإنقلاب الذي اطاح بحكم عبد الكريم قاسم عام 963 تعرض الشيوعيون واليساريون لحلمة اعتقال واسعة فاضطر مظفر لمغادرة العراق، فهرب الى إيران في طريقه إلى الاتحاد السوفييتي السابق. ألقت المخابرات الإيرانية القبض عليه فتعرض للتعذيب قبل أن يتم تسليمه الى السلطات العراقية.

حكمت عليه محكمة عسكرية عراقية بالإعدام إلا انه تم تخفيفه إلى السجن المؤبد.

وتم وضعه مع غيره من اليساريين في السجن الصحراوي المعروف باسم "نقرة السلمان" القريب من الحدود السعودية-العراقية، حيثأمضى عدة سنوات ونقل بعدها الى سجن الحلة الواقع جنوب بغداد.

قام مظفر النواب ومجموعة من السجناء السياسيين بحفر نفق من الزنزانة يؤدي الى خارج أسوار السجن، فأحدث هروبه مع رفاقه ضجة مدوية في أرجاء العراق والدول العربية المجاورة.

وبعد هروبه من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ستة أشهر، ثم توجه الى منطقة "الأهوار" في جنوب العراق وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة. وفي عام 1969 صدر عفو عن المعارضين فرجع الى سلك التعليم مرة ثانية.

ثم شهد العراق موجة اعتقالات جديدة وكان من بين تعرض للاعتقال مظفر النواب وأطلق سراحه بعد فترة قصيرة.

غادر بعدها إلى بيروت في البداية، ومنها إلى دمشق. وتنقل بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر به المقام في دمشق.

وعاد النواب إلى العراق لأول مرة عام 2011 لكنه ظل ينتقل بين بغداد ودمشق وبيروت.

ومن أشهر قصائد النواب:

القدس عروس عروبتكم، وتريات ليلية، الرحلات القصية، المسلخ الدولي وباب الأبجدية، بحار البحارين، قراءة في دفتر المطر، الاتهام، بيان سياسي، رسالة حربية عاشقة، اللون الرمادي، في الحانة القديمة، جسر المباهج القديمة، ندامى، اللون الرمادي، الريل وحمد، أفضحهم، زرازير البراري.

***

وكالات الأنباء، بي بي سي، وغيرها

ها هي لعبة الفن المحفوفة بالأسئلة تجترح من الواقع شؤونها وشجونها حيث لا مجال لغير القول بالترحال نظرا وتشوفا وتأملا تجاه ما به يعلي التلوين من شأن الذات وهي تعانق حيرتها في عوالم من التحولات يوقع فيها الجسد نشيده وينحت مساراته في ضروب من غرائبية الحال والأحوال بالنظر لواقع حالم ومحلوم به وفيه..

ثمة كون من طفولة عالية تبين عن تعاطيها مع الذات والآخر ..ثمة أمنيات شتى تقول بالتلوين عنوان جهات وأفكار وأمنيات ..انه الفن يخط دروبه مثل نهر يرسم مجاريه في الأمكنة..في الصخر وفي الكلمات..

هاهي الكلمات الضاجة بما يعتمل في دواخل فنانة على امتداد عقدين من سفر مع اللون واشتقاقاته المحفوفة بالسؤال تلو السؤال ..بين تشكيل متنوع الرؤى وتلوين ينهل من طفولات يانعة أملا في الوقوف على حالات بين عنواني الواقعي والغرائبي وفق اقتراحات جمالية بين الرسّم، المنحوتة والتنصيبة    في مسارات مدهشة ويلونها الخيال في عناقه الحميمي لما نسميه الواقع  والمعيش ...

يفضي بنا كل هذا وغيره الى عوالم فنانة تشكيلية وباحثة تخيرت الذهاب الى مناطق أخرى في أرض الفن التشكيلي وقد عملت على ذلك منذ سنوات حيث المعارض التي أشارت الى رؤيتها المخصوصة فنا وجمالا ضمن قول بليغ بما يثير الأسئلة تجاه الجسد في تلوينات أحواله الغريبة في سياقات واقع متحول كل ذلك عبر تركيبات غرائبية وعجائبية..هي فسحة من التشكيل تجاه هذا الجسد العجيب الذي في عدوله عن الواقع يبتكر حيزا متعددا من المواقف والتعبيرات والحالات ..

حالات كثيرة في تعاطيها الشاعري مع ممكنات هذا الجسد في مفردات تعبيرية أنشأتها فنانتنا هذه رغبة وسؤالا وبحثا منذ سنوات والفن هنا وعندها مثل هذا السفر الباذخ في تطلعه الى صياغة عالم يبين عن جانب مشهود من الوجداني والانساني والفلسفي الجمالي..سفر يقدم هذا الحيز من مخرجاته في مرحلة بدت فيها محصلة هذا الغرام الفني الملون في صيغه وأشكاله هذه...

نعني هنا والآن فنانة صاحبة هذه التجربة ..الدكتورة ربيعة الرينشي التي تقدم لجمهورها واحباء فنها ورواد الفنون التشكيلية المعرض الشخصي الحاضن لتجربتها التي ذكرنا خصائصها واشتغالاتها وذلك بدار الثقافة بنابل وضمن بدعم من صندوق التشجيع على الابداع الفني والأدبي بوزارة الشؤون الثقافية وقد تم افتتاح المعرض يوم السبت 14 ماي الجاري ليتواصل الى غاية يوم 31 من ذات الشهر وضمن    رحلة  "..voyageعنوان "

انها رحلة الفن والنظر الجمالي بأشكال متعددة بين الرسم والنحت والتنصيب وما يعزز من الاطلاع المتعدد للجمهور حيث سفر الأعمال بين دروب وجهات متعددة بالبلاد وهي نابل، تونس، القيروان والمنستير.. هي فكرة السفر والرحلة التي سكنت دواخل الفنانة الطفلة الحالمة ربيعة الرينشي في سياق ولع فني وحلم بالتعدد في العمل الفني وفي المكان..3692 ربيعة الرنيشي

لوحات متعددة من عناوينها  "حديث ممتع "  و"لا تعبسي " و" حدثيني عنك " و"أحاديث ضاحكة " و" عالم الأنثى.. ثرثرة مفرطة "...في حساسية تامة تدعو الفنانة ربيعة نساءها المتخيلات في تعدد لوني وتلقائي في عفوية باذخة لتقول بالمرأة الساكنة بداخلها منذ طفولة يانعة ..حيز من الاستدعاء المضموني والشكلي في مساحاتالأعمال بهذا المعرض لأجل  ابراز حميمية تجاه المرأة بعنفوان سؤال ماهو دارج بين الواقعي والعجائبي من حيث الفكرة والشكل..

أعمال متعددة ومعرض متجول وتجربة حالمة تحمل أسئلة الوجدان والحنين والواقع وما هو متخيل بين كل هذا وذاك..انها رحلة الفن الصعب يدعو حيرة دواخله القديمة المتجددة..و الفن هنا وبالنهاية سؤال كينونة ...و حياة.

و المعلوم أن ربيعة الرينشي فنانة تشكيلية، دكتورة وباحثة تونسية في علوم وتقنيات الفنون، اختصاص فنون تشكيلية. درست كمتعاقدة بالمعهد العالي للفنون الجميلة بنابل، مولودة في  بمدينة منزل بوزلفة من ولاية نابل. كتبت العديد من البحوث العلمية ونشرت في مجلة دولية محكمة ولها مساهمات في كتب جماعية وأخرى ثقافية ورقية ورقمية...شاركت في ملتقيات ومعارض دولية ومحلية من بينها ملتقى البرلّس الدولي للرسم على الحوائط والمراكب بجمهورية مصر العربية في أكتوبر 2018، أيام قرطاج للفن المعاصر في سبتمبر 2018 بتونس، كذلك بينالي تونس للفن العربي المعاصر في ديسمبر 2013 ونوفمبر 2019. كما شاركت في العديد من المعارض الجماعية المحلية منذ سنة 2010 إلى غاية الآن، في مختلف الولايات التونسية. أيضا في رصيدها معرض شخصي يحمل عنوان" الخيال والزهرة" والمقام من 2 أفريل إلى غاية 30 أفريل سنة 2019 بدار الثقافة نابل. تتراوح تجربتها الفنية بين الرسم الخطي ، التصوير  وفن التنصيبة Installation ..و عن معرضها هذا تقول الفنانة ربيعة الرينشي "... يحمل معرضي الفني الشخصي عنوان "رحلة" وهو معرض في الفنون التشكيلية سيكون مترحلا ومتنقلا يجوب أماكن مختلفة من الجمهورية التونسية ، يجمع بين اختصاصات فنيّة مختلفة وهي الرسّم، المنحوتة والتنصيبة، بحيث  يكون منطلقه ومداره الخيال في تواشج مع الواقع المعيش من خلال تركيبات غرائبية وعجائبية. يقوم هذا المعرض على تشكيل الجسد الغريب أو العجيب الذي لا يشبه الواقع لكنه يعيش مواقف وتعبيرات ووضعيات وجدانية وجودية تشبه ما يعيشه الإنسان في الواقع. فهو بمثابة صياغة فريدة للواقع ، من خلال جملة من الأعمال التشكيلية التي سيتقاطع فيها التشكيلي بالاجتماعي، عبر رحلة في المفهوم والمادة والتقنية، يتمّ فيها مهادنة الجسد الخيالي وسبر أغواره وارتساماته  فيكون في التشكيل دعوة صريحة نحو مهادنة الغرائبي  والعجائبي .إنّ معرض "رحلة" هو رحلة في الخيال لخوض غمار الإنشاء والتكوين ، وهو رحلة ثنائية يتواشج فيها الخيالي والعجائبي بالواقعي في تكوينات مختلفة، وأنماط تشكيلية تبدأ من الرسم إلى النحت فالتنصيبة، وهو بحث في توالديّة العناصر التشكيّلية من بعضها البعض، عبر تطويع المواد المختلفة التي تساعد في تحول الجسد العجائبي من الفضاء الثنائي الأبعاد نحو الفضاء الثلاثي الأبعاد. حيث يخوض المتلقي في فضاء العرض رحلة حقيقية  تبدأ من التنقل أمام اللوحات المعلقة على الجدران وتنتهي الى فضاء التنصيبة التي يلجها المتلقي ويمشي داخلها ، حيث يتمكن من معايشة تجربة حسية معها، وذلك بلمس المنحوتات الخشبية  الملونة والتي يكون بعضها ثابت على الأرض والبعض الآخر معلق في السقف.  فهي  كذلك رحلة بين الجسد الثابت والجسد المتحرك. أقدّم من خلال هذا المعرض الفني المترحل صيغا للتعبير التّشكيلي الذي يعتمد على التحوّل بين اللوحة  والمنحوتة. ليكون مفهوم الرحلة عميقا ومتشعبا، يعبر بالضرورة  عن الرحلة في الخيال، في الذاكرة، في البيئة التي نعيش فيها، في المادة والتقنية والنمط الفني ( الرسم ، النحت ، التنصيبة). أيضا الرحلة عي ذلك المسار أو الطريق الذي سينتهجه هذا المشروع ليجوب العديد من الولايات التونسية في إطار اللامركزية الثقافية.  سيتمّ عرض العمل لاحقا في عدد من دور الثّقافة والمركّبات الثّقافية الرّاجعة بالنّظر إلى وزارة الشؤون الثقافية ضمن ولايات نابل، تونس، القيروان والمنستير وفق جدول زمني هو ( من 14 ماي الى 31 ماي 2022: بدار الثقافة نابل ومن 04 الى 14 جوان 2022: المركب الثقافي بالمنستير ومن 16 الى 26 حوان 2022: المركب الثقافي أسد بن الفرات بالقيروان وفي شهر نوفمبر 2022 بولاية تونس ...".

معرض مفتوح على مراحل وأمكنة..و ذهاب آخر للطرك الوعرة في دروب التشكيل وأعمال تقول بالنهاية ما يعتمل في عوالم هذه الفنانة التي هي ربيعة في هذا الربيع التونسي الملون كعادته بين الفصول...

***

شمس الدين العوني

 

ميسون البازأعلن رئيس منتدى الجياد للثقافة والتنمية نتائج مسابقة الجياد الدولية الثانية لعام 2022 حيث صرح المعاني انه كان إقبال عربي كبير على المسابقة لثقة المشاركين في مهنية ومصداقية المنتج الثقافي في منتدى الجياد معتبرا نجاح المسابقة هو نجاح لكل كاتب وكل هيئة ثقافية أردنية وعربية حريصة على العمل الثقافي العربي المشترك .

 وقد صرح المعاني ان الأعمال المقدمة تجاوزت 751 عمل من 17 دولة عربية كما استقبلت المسابقة مشاركات لكتاب عرب في دول الإغتراب في الأجناس الأدبية العشرة القصيدة العمودية والتفعيلة والنثر والقصة القصيرة والقصيرة جدا والخاطرة والمقالة والبورتريه والشذرة وأدب الطفل وقد فاز 86 مشاركا حيث تم تحديد ثلاثة مراكز لكل جنس أدبي حيث كانت المنافسة قوية جدا بناء على تصريحات لجنة التحكيم التي تمثلت في خمسة عشرة مبدعا واكاديميا من عدة دول عربية .

لقد استطاعت الدول الأكثر مشاركة على حصد اكثر الجوائز منها الأردن وسوريا والجزائر والمغرب والعراق ومصر علما ان خمسة عشرة دولة كانت حاضرة في الفوز .

كما بين المعاني ان هذا الجهد الذي استمر اكثر من شهرين خلفه فريق متكامل ومتجانس تنظيميا واعلاميا والكترونيا ابتدأ من الاعلانات حتى مرحلة تسليم النتائج .

وأشار رئيس الجياد المشرف على المسابقة انه سيكون حفل تكريمي عام في نهاية حزيران يتم من خلاله تكريم المشاركين وتوزيع الكتاب المخصص للأعمال الفائزة في عمان.

وعليه فقد كانت النتائج على النحو التالي:

أسماء كان لها نصيب الفوز في أكثر من جنس أدبي تم اعتماد المركز المتقدم أو اعتماد أعلى علامة اذا كان في ذات المركز .

سليم المسجد / اليمن

ياسر الأقرع / سوريا

لؤي شديفات / الأردن

اسامة حواتمة / الأردن

احمد الحمد الواجد / سوريا

مسعدة اليامي / السعودية

كريمة أحمد / ليبيا

طالب غلوم طالب / الإمارات

**

النتائج

1- القصيدة النثرية

المركز الأول

اميرة نويلاتي / سوريا

جاد عبدالله / الأردن

سهى بن بشير الجربي / تونس

المركز الثاني

توفيق بوشري / المغرب

خالد صالح علي /مصر

سامر حجيجي / فلسطين

ريمان هاني / الأردن

المركز الثالث

محمد محسن / العراق

عما محمد اغضيب / العراق

سناء انور العمري / الأردن

2- أدب الأطفال

المركز الأول

د حفصة زاهي / الجزائر

ميسرة جبر / الأردن

المركز الثاني

فادية عريج / سوريا

مسعدة اليامي /السعودية

أيمن دراوشة / الأردن

عيدة الزعبي / الأردن

المركز الثالث

عائشة بناني / المغرب

ريا الدباس / الأردن

وائل مكاحلة / الأردن

3- القصة القصيرة

المركز الأول

شاهيناز الفقي / مصر

ياسين خيرالله الزبيدي / العراق

المركز الثاني

عماد كوسا / سوريا

خديجة عقيل الحمروني / ليبيا

زياد السعودي / الأردن

المركز الثالث

محمد مقصدي / المغرب

يحيى اليعقوبي / فلسطين

محمد فولا / المغرب

4- الخاطرة

المركز الأول

عبدالملك بن مختار حسنوي / المغرب

فاتن شيمي / لبنان

بشار رشاد اسماعيل / الأردن

المركز الثاني

حنان سلامة / الجزائر

عزة أحمد / مصر

بغداد بني ياسين / الأردن

هبة الزيني / الأردن

المركز الثالث

أشرف محمد شرف / مصر

رنا غازي حلمي / الأردن

علي ابو الهيل سعودي / العراق

خالد دومة / مصر

5- شعر عمودي

المركز الأول

عبدالعظيم الحيداوي / المغرب

فؤاد نضال دالي / سوريا

محمد فاضل ابن المختار / موريتانيا

المركز الثاني

وردة ايوب عزيزي / الجزائر

جمال ربيع عبدالحفيظ / مصر 

حسن الكوفحي / الأردن

المركز الثالث

محمود يحيى الظللي / سوريا

حسام هرشة / فلسطين

حسن احمد خطاب / سوريا

 6- شعر التفعيلة

المركز الأول

ياسر الأقرع / سوريا

يمان الزعبي / الأردن

المركز الثاني

لؤي شديفات / الأردن

سليم مسجد / اليمن

فواز هايل خيو / سوريا

المركز الثالث

رمضان عبد الحميد زيدان / مصر

تومي عياد / الجزائر

7- المقال

المركز الأول

د منتصر نبيه / مصر

عامر قاسم اسماعيل / العراق

المركز الثاني

احمد محمود عبد الحميد / السودان

د سلطان الخضور / الأردن

عبد العزيز مبروك / مصر

المركز الثالث

كريمة أحمد / ليبيا

ياسمين فرحان جامع / الجزائر

محم الود طيب / موريتانيا

8 -القصة القصيرة جدا

المركز الأول

اسامة حواتمة / الأردن

محمد العلوي / العراق

المركز الثاني

ايمن عبدالحق / السعودية

هاني حواشين / الأردن

ايمان احمد المزيجي/ اليمن

اميمة الشعراني / سوريا

المركز الثالث

حسن ديدوش / المغرب

احمد الحمد الواجد / سوريا

طالب غلوم طالب / الإمارات

عزمي وزوز / الأردن

9- الشذرة

المركز الأول

عبدالسلام سنان / ليبيا

اياد الربيع / الأردن

المركز الثاني

اسامة محمود يوسف /سوريا

أحمد جمعة /مصر

رنيم ابو خضير /الأردن

المركز الثالث

ندى المنصوري /المغرب

سمر امطير البستنجي /الأردن

عشتار الدمشقي / سوريا

10- أدب الأطفال

المركز الأول

د حفصة زاهي / الجزائر

ميسرة جبر / الأردن

المركز الثاني

فادية عريج / سوريا

مسعدة اليامي /السعودية

عيدة الزعبي / الأردن

المركز الثالث

عائشة بناني / المغرب

ريا الدباس / الأردن

وائل مكاحلة / الأردن

11 - البورتريه

المركز الأول

أحمد هناندة / الأردن

باسل الزعبي / الأردن

المركز الثاني

دأحمد بني عيسى / الأردن

ندى حجازي / الأردن

المركز الثالث

الاء مشعل / الأردن

رزان الحواري / الأردن

***

تقرير: ميسون الباز

تم تتويج كتاب "السارد وتوأم الروح.. من التمثيل إلى الاصطناع" لمؤلفه الباحث والناقد والأكاديمي المغربي الدكتور محمد الداهي، بجائزة الشيخ زايد للكتاب بدورتها السادسة عشرة، في فرع الفنون والدراسات النقدية لعام 2022.

الكتاب سبق واعتبره عدد من النقاد والمثقفون العرب، من أفضل الكتب التي صدرت في العام الماضي.

في كتابه “السارد وتوأم الروح: من التمثيل إلى الاصطناع” ـ منشورات المركز الثقافي للكتاب 2021ـ يقدم الناقد المغربي محمد الداهي جديداً ومختلفاً لأنماط الكتابات الذاتية من منظور السيميائيات الذاتية.

عمل كبير، يمكن اعتباره استمراراً إبداعياً على المستوى المعرفي، لما راكمه الكاتب من أبحاث ودراسات سابقة حول السيرة الذاتية، على سبيل المثال كتاب “شعرية السيرة الذهنية: محاولة تأصيل” الصادر عام 2000. الكتاب الذي قال عنه الناقد المغربي د. سعيد يقطين:

“إن محاولة “تأصيل” جنس أو نوع ما، أو البحث في تشكله، هي من الأعمال التي لا يمكن أن يُقدِم عليها إلا من يروم النظر في الظاهرة بعيدا عن تجلياتها العادية أو الملموسة، وهو بذلك يرمي إلى النفاذ إلى أعماقها التي تصلها بغيرها، وتنظمها جميعا في نسق شامل وجامع.

1. 2. يدخل عمل الباحث والناقد محمد الداهي في هذا النطاق، فهو يسعى إلى اقتحام مجال “نظرية الأجناس” بوعي الباحث، وحس الناقد، يركز على نوع محدد هو “السيرة الذهنية”.

ينقسم كتاب “السارد وتوأم الروح: من التمثيل إلى الاصطناع” إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول يُعنى بالعلاقة بين السيرة الذاتية والتاريخي، والقسم الثاني يتناول محكي الطفولة، والقسم الثالث يشتغل على استقصاء ما أسماه الكاتب “المنطقة البينيَّة” وهي المنطقة الملتبسة التي تفصل بين ملفوظات الواقع وملفوظات التخييل، لمقاربة ظاهرة التهجين.

الكتاب هو ثمرة جهد للكاتب استمر لما يربو عن ست سنوات متواصلة، لذلك فالكتاب يُعتبر من النوع “كامل الدسم” يعتبر من عيون الكتب، لمؤلف ثاقب النظر، وعميق الفكر.

يعتبر الكاتب محمد الداهي أن ما يميز كاتب السيرة الذاتية عن الكاتب الروائي هو أن “الأول يتعهد بقول الحقيقة وباستعمال ملفوظات جدية، ويخلق مسبقًا انطباعًا في ذهن القارئ أن ما يتلقاه مطابق للواقع، في حين يعمد الثاني إلى وضع ميثاق تخييلي حتى لا بأخذ كلامه على محمل الجد”.

عمد الكاتب محمد الداهي على تحليل متنوع في الكتاب الذي تضمن نحو ثلاثين مؤلفا من السرد الشخصي، اشتملت مراحل مختلفة من تاريخ السرد الأدبي العربي، لمؤلفين مثل: “التعريف” لابن خلدون، و”أوراق” لعبد الله العروي، و”الضريح” لعبد الغني أبو العزم، و”ثمن الحرية” لعبد الهادي الشرايبي، و”ثورة المريدين” لسعيد بنسعيد العلوي، و”أنشودة الصحراء الدامية” لماء العينين ماء العينين، و”الرحلة الأصعب” لفدوى طوقان، و”فيي الطفولة” لعبد المجيد بنجلون، و”البئر الأولى” لجبرا إبراهيم جبرا، و”دليل العنفوان” و”دليل المدى” و”من قال أنا” لعبد القادر الشاوي، و”ممر الصفصاف” و”رجال ظهر المهراز” لأحمد المديني.

كتاب “السارد وتوأم الروح: من التمثيل إلى الاصطناع” رائع البيان وشاسع المعنى، بأسلوب شيّق، ولغته راقية جداً. قال عنه الناقد المغربي أحمد المديني “هي أمتن دراسة مدققة وموثقة في المحكيات الذاتية العربية الحديثة، بمنهجية تتراوح بين محمول النصوص ومنظورات الدرس النقدي الجديد، وتستجلي تمثيلات الواقع بين حقيقته وتخييل الذات، مستعملة المصطلح العالم بالرأي المركب لا الحاكم”.

***

حسن العاصي

باحث وكاتب فلسطيني مقيم في الدنمارك

 

التحقت شيرين أبوعاقلة بقناة الجزيرة في عام 1997، أي بعد عام من انطلاق المحطة. وقبل الالتحاق بالجزيرة عملت أبوعاقلة في إذاعة فلسطين وقناة عمان الفضائية.

وطيلة ربع قرن تابعت أبوعاقلة كل الأحداث الخطيرة التي شهدتها وتشهدها الأراضي الفلسطينينة المحتلة.

ولدت شيرين أبوعاقلة في عام 1971 في مدينة القدس. وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة اليرموك في الأردن.

عادت بعد التخرج إلى الأراضي الفلسطينية وعملت في عدة مواقع مثل وكالة الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونت كارلو.

درست في البداية الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، ثم انتقلت إلى تخصص الصحافة المكتوبة. وفي حديث سابق للجزيرة تقول أبوعاقلة إن إسرائيل اتهمتها دائما بتصوير مناطق أمنية، وتوضح أنها كانت دائما تشعر بأنها مستهدفة وأنها بحسب قولها في مواجهة مع "جيش الاحتلال والمستوطنين المسلحين".

وتروي أبوعاقلة أن "من أكثر اللحظات التي أثرت فيها هي زيارة سجن عسقلان والاطلاع على أوضاع أسرى فلسطينيين بعضهم قضى أكثر من 20 عاما خلف القضبان"، حيث نقلت عبر الجزيرة معاناتهم لذويهم وللعالم.

وتعود أصول الإعلامية الراحلة شيرين أبو عاقلة، إلي مدينة بيت لحم ولكنها ولدت وعاشت في القدس، وأنهت دراستها الثانوية في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا.

وكانت الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية اليوم ومخيم جنين تحديدا، قد شيعت جثمان الصحفية شيرين أبوعاقلة، ومن المتوقع أن تدفن في القدس بعد الصلاة عليها في كنيسة دير اللاتين في جنين .

وشاركت جماهير كبيرة في موكب تشييع الإعلامية الفلسطينية، وجاب موكب التشييع أحياء جنين، إذ قتلت شيرين على أبوابها برصاص القوات الإسرائيلية بحسب شهود عيان.

واتهمت الجزيرة إسرائيل بقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة برصاص قناص أثناء تغطية اقتحام القوات الإسرائيلية مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة.

كما أصيب الصحفي على السمودي برصاصة بالكتف، هذا ما ذكرته وكالات الأنباء اليوم 11 – 5 – 2022م.

وقال شهود عيان إن الجيش أطلق الرصاص الحي تجاه المتظاهرين والطواقم الصحفية. وأطلق الرصاص على الصحفية شيرين التي كانت ترتدي سترة الصحافة التي تميزها عن غيرها أثناء التغطية.

الجريمة واضحة، والأيادي الأثيمة طالما قتلت الفلسطينين والاحرار. تغمد الله الشهيدة البطلة شيرين ابو عاقلة برحمته الواسعة وألهم ذويها ومحبيها الصبر .

بعملٍ ثقافي أدبي فني متقن رائع، أمضينا أمسية ثقافية مبهرة ممتعة، تحت عنوان (تحولات) مضى فيها الوقت سريعاً  تشارك فيها (الشعر والموسيقى والغناء والتمثيل).

الشاعر القدير (عدنان الصائغ ) القادم من مدينة الضباب ،بصوته الشفيف أنشد للحضور نصوص دافئة تنبض بالحنين واللوعة والآهات والوجع، من ديوانه (هذيان الذاكرة المرة) ومقاطع أخرى من ديوانه (نشيد أوروك) وديوان (تأبطَ مَنفى). رافق قراءة (الصائغ) لقصائده، صوت (ناي) حديث (فلوت) لفانة سويدية جميلة أحد أعضاء الفرقة المسرحية، كانت بزفير مقنن من فمها وأناملها الرقيقة تداعب نايها الفضي لتٍسحر الحضور الذي غصت بهم قاعة المسرح الصغيرة.

فيما كان الحضور ينصت مبهوراً مشدوداً لصوت المبدع الفنان (علاء رشيد) وهو يطوف بنا بعوالم الغناء والشعر الصوفي الساحر عالم (مولانا جلال الدين الرومي والحسين بن منصور الحلاج ورابعة العدوية) والحان الموسيقار الملا عثمان الموصلي، وعلى نغم (نقرات الدف / الرق) وجلجلة صنوجه المعدنيّة، وهو يطرق نوافذ العشق والفراق، يرافقهم صوت سحر (الناي/ الفلوت) الذي يخرج من أعماق الروح فيبث الحنين وأوجاع الشجن.3656 مسرح السويد

الفنان (علاء رشيد) شد الجمهور إليه، وهو ينشد قصيدة (ياعذولي لا تلمني):

يا عذولي لا تلمني ما على العاشق ملام

ادنُ مِنّي وأروي عنّي أنا في العشق إِمام

خمرةُ الأحباب تجلى هيَ حلٌّ لا حرام

من دموع العين تملى مائها البر السلام

وقد تألقت الفنانة (ريام الجزائري) وهي (تمسرح) قصائد (عدنان الصائغ) قراءة وتمثيلاً باللغة العربية، ترافقها قراءة لنفس النص فنانة أخرى تقرأ النص (باللغة السويدية وتارة أخرى باللغة الإنكليزية).

في مشهد (مشترك) تشارك فيه (الموسيقى والغناء والشعر) لمقطع من ديوان الشاعر عدنان الصائغ الموسوم (تأبطَ مَنفى):

صوت (الناي المشحون بالشجن) لعازفة سويدية، وصوت  غنائي شجيّ يبث شكواه إلى (الرب) من هول المحن، صوت الفنان (علاء رشيد) وهو يغني مقطع من القصيدة؛  وبقراءة موجعة كحزن روح (النص) قرأ الشاعر (عدنان الصائغ) مقاطع من قصيده؛  تلك القصيدة التي أقصت وحرمت الشاعر (عدنان الصائغ) من المشاركة في مهرجان (للشعر) كانت قد تمت دعوته إليه في (عمان / الأردن) أدناه مقطع من القصيدة:

(سأقذفُ جواربي إلى السماءِ

تضامناً مع من لا يملكون الأحذيةَ

وأمشي حافياً

أُلامسُ وحولَ الشوارعِ

بباطنِ قدميَّ

محدقاً في وجُوهِ المتخمين وراءَ زجاجِ مكاتبهم

آه ...

لو كانت الأمعاءُ البشريةُ من زجاجٍ

لرأينا  كمْ سرقوا من رغيفنا

أيّها الربُّ.)3657 مسرح السويد

وقبل ختام الأمسية، أدارت الفنانة (ريام الجزائري) بروح مرحة حواراً صريحاً ممتعاً  مع الشاعر المحتفى به (عدنان الصائغ) والذي تحدث فيه عن أبرز محطات حياته (الكوفة مكان الولادة (1955) والنجف ونهر الفرات وبغداد والحروب العبثية)، وأبرز محطات تنقلاته في هجرته (الأردن وسوريا ولبنان والسويد وأخيراً استقراره في لندن) وتحدث عن ظروف كتابته لديوانه (نشيد أوروك) الذي عجل بهجرته من العراق عام(1993) وكذلك حدثنا عن ديوانه الشعري الأخير (الضخم ) الموسوم (نردُ النصِّ)  والتي تعد أطول قصيدة بالشعر العربي أذ تبلغ عدد صفحات الديوان (1380) صفحة.

بشفافيته العذبة أجاب الشاعر (عدنان الصائغ) على أسئلة واستفسارات الحضور.

تخلل الأمسية استراحة قصيرة لمدة ربع ساعة كانت فسحة جميلة للتحدث مع الاصدقاء وتناول كوب من القهوة والتقاط بعض الصور التذكارية.

تحية كبيرة لفرقة مسرح (يالادا) لنشاطاتها المتميزة الجادة.

***

بقلم: يحيى غازي الأميري

كتبت في مالمو الجمعة 06 /أيار ــــ مايس 2022

 

أقام مخبر الدراسات اللغوية والأدبية التابع لقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة سوق أهراس/ الجزائر ندوة علمية صبيحة يوم الثلاثاء،ناقشت موضوع "اللغة والهوية "،حيث حاضر فيها كل من: أ. د. محمد صاري،أ.د.سليمة لوكام،أ.د.عبد الوهاب شعلان، د. مالك عوادي،وقد افتتح أشغال الندوة مدير المخبر د.عبد الرحمن مشنتل،ثم سلم الكلمة لرئيسة الجلسة د.غزلان هاشمي التي قالت:

"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،بداية أرحب بأساتذتي الأفاضل المحاضرين منهم والحضور بكل الزملاء والطلبة والمهتمين،نلتقي اليوم وفي هذه الندوة المباركة التي ارتأى مخبر الدراسات اللغوية والأدبية أن تحتفي بموضوع "اللغة والهوية" بناء على توصيات الندوة السابقة أو المقترح الذي قدمته د.لوكام، لذلك أسعد وأتشرف اليوم بأن أكون بين أساتذتي الأفاضل منصتة ومستمتعة ومتعلمة: ..... ".

قدم أ.د.محمد صاري مداخلة موسومة بـ"أمن اللغة العربية وحالتها الصحية بين التهويل والتهوين "

بين فيها أن الهدف من هذه الورقة البحثية الكشف عن الذات والموضوع في قضية اللغة العربية،ووضح أن المداخلة تأسست على ستة عناصر: أولها: المقدمة التي تحدث فيها عن مستقبل الأمن اللغوي خاصة في زمن الهيمنة والعولمة،فالأمن اللغوي قضية هامة جدا إذ تعد ـ حسب قوله ـ جزءا من الأمن القومي،هذا وذكر جملة مؤلفات عربية وأجنبية تحدثت عن هذه المسألة ناهيك عن ذكر عن مشاريع لغوية متعددة...

العنصر الثاني: اللغة أخطر النعم: ذكر فيها أهمية اللغة .... العنصر الثالث: أسئلة لابد منها: طرح أسئلة كلاسيكية وحديثة منها: ماالتحديات التي تهدد اللغة العربية في وجودها ؟لماذا الخطاب المتشائم عن مستقبل اللغة العربية وتراجعها ؟ هل يستقيل الخيار اللغوي بمعزل عن الخيار السياسي؟... هل يمكن أن نراهن على المقدس من جديد؟ وهل من السهل ذلك في زمن هيمنة الإسلاموفوبيا؟..

العنصر الرابع: اللغة العربية في المجتمع الرقمي: تحدث عن تعويض اللغة بالأرقام،هذا النوع في نظره من غير المعقول أن يكون عفويا ومن صنع أناس عاديين،والسؤال هنا: ما مستقبل اللغات خاصة العربية أمام هذا النوع من التواصل؟ أليست أدوات لاغتيال اللغة العربية ؟.

العنصر الخامس: اللغة العربية وخطاب التهويل والتهوين: اختار  ثلاثة نماذج لكل منهما:  فمع التهوين هناك من يشك في اللغة العربية وقدرتها،من ملامحها: هشاشة الوعي بأهمية اللغة العربية؟ من ذلك حضورها الشكلي وغيابها الوظيفي،ومن الملامح أيضا التلوث اللغوي خاصة في وسائل الإعلام والواجهات..،الملمح الثالث: انتقال الطالب انتقالا مفاجئا من تلقي العلوم بالعربية إلى تلقيها بالأجنبية .

أما عن خطاب التهويل: مثل بدراسة عبد السلام المسدي مع كتابه الساخر:  العربي والانتحار اللغوي، وقد ألف كتابا آخر بلغة هادئة بنفس المحتوى مع تغيير طفيف في الفصول فيمابعد على سبيل الاستدراك عنوانه"الهوية العربية والأمن اللغوي".

وكذا بدراسة نبيل علي ونادية حجازي"الفجوة الرقمية: رؤية عربية لمجتمع المعرفة"،الثالث"جمعي بولعراس"معايير الحالة الصحية للغات وموقع اللغة العربية منها".

العنصر الأخير: خاتمة: فيها تثمين للمكاسب،من أجل الكشف عن مدى تمدد العربية أو تقلصها في المشهد الراهن،وكأنها نقطة تقويم،وقد وضح أن العربية لم تكن بأحسن حالا مماهي عليه اليوم،وكخلاصة: بين أن العصر الرقمي قدم للعربية خدمة من خلال تسهيل انتشارها واستخدامها ...

أما أ.د.سليمة لوكام قدمت مداخلة بعنوان"بين قداسة اللغة وتقديسها: آسيا جبار،إدريس الشرايبي"

اعتبرت مداخلتها عبارة عن جملة إشكاليات تثير النقاش أكثر من كونها محاضرة أكاديمية، أثارت مسألة الكتابة بلغة الآخر،لغة المنافي ولغة المثاقفة والحوار،لغة المزدوج،بينت من خلال قراءتها لمتون روائية كتبت بلغة الآخر أنه لايكاد يخلو نص من الإشارة إلى علاقة ما باللغة،علاقة حميمة تصل إلى حد التقديس،لطف اللغة،اللغة الثانية،الحنين للغة...أو الكتابة عن التراث الذي يشير إلى هذه اللغة،وهذا لا نجده في متون روائية كتبت بالعربية حسب قولها .

الأمر الثاني الذي بينته أن "هذا المعطى ينشئ نصوصا جديدة بمعطى جديد وبمهوية جديدة،تتجاوز اللغتين إلى أرض ثالثة لا هي عربية صميمة ولا فرنسية خالصة"،اختارت: آسيا جبار وإدريس الشرايبي اللذان تحدثا عن اللغة والمقدس وكذا عن الراهن وارتباطه بالهوية والدين والذاكرة،عن الإيقاع،وما كتباه ـ وحتى روائيين آخرين ـ عن ثقافة الآخر غائب إذ لا يحيل هؤلاء على تاريخها، مثلا نص الطاهر بن جلون فيه إشارة إلى ثقافة الآخر التي تخدم الأنا ...عبد الكريم الخطيبي عبد الفتاح كيليطو آسيا حداد ..كانوا أكثر تعاطيا مع مسألة اللغة أكثر ممن كانت بداياتهم قرآنية،اختارت د.لوكام أن تحاور في مداخلتها أغلب أعمال آسيا جبار: بياض الجزائر،المرأة التي لا قدر لها،الحب والفانتازيا،رحيل اللغة الفرنسية... والتي فيها حديث عن اللغة العربية،ففي إحدى تصريحاتها قالت: "اللغة العربية هي الأم واللغة الفرنسية هي زوجة الأب".

من خلال قراءتها لرواياتها تساءلت: لم هذا الحنين كله للغة؟ ولم ربط اللغة بشكل تقديسي؟.

إدريس الشرايبي في سيرته الذاتية يقول بأنه دخل المدرسة القرآنية وتعلم فيها العربية وقال عنها:   لغة تشبه بشكل غامض لغتنا،ولا ندري ما الذي يقصده بلغتنا؟.له رواية "رجل الكتاب"عبارة عن سيرة للرسول وفيها تحدث عن جمال اللغة العربية وعن المعلقات .....،خلصت إلى أن باختيارهم لغة الآخر يلوذون بالتراث واللغة القديمة ويظهرون تعاطفهم مع شعرية عربية ما ...

أما د.مالك عوادي فقدم مداخلة بعنوان"اللغة والهوية في فكر الشيخ عبد الحميد بن باديس"

وضح فيها أن تناوله لهذا الموضوع هو من باب الإخلاص للتاريخ،لكنه لا يدعي أنه محاميا لابن باديس ولجمعية العلماء،تتناول في مداخلته: مفهوم الهوية واللغة،والهوية في فكر ابن باديس،جهاد ابن باديس في دفاعه عن مرتكزات الهوية في مقدمتها اللغة ...،

بين أن في فكر ابن باديس ثلاث مرتكزات للهوية: الإسلام والعروبة والوطن،ففي القضية الأولى يذكر أن الغاية من الحياة هو الإسلام،في مسألة الوطن: هناك من يتحدث عن الحركة الإصلاحية في الجزائر ويقول أنها كانت بعيدة عن المنحى الوطني وأنها لم تسهم في الثورة بشكل جيد وهذه كلها حسب رأيه مغالطات،بينما صك ابن باديس شعارا يعزز قيمة الوطن،المرتكز الثالث من مرتكزات الهوية: اللغة العربية،فأعضاء جمعية العلماء يشتركون في الحديث عن هذه الأقانيم والمقدسات الثلاث،ابن باديس في الدفاع عن الإسلام تصدى للمستعمر من خلال أعلامه ومثقفيه كذلك،بمقالات نشرت في جريدة الشهاب .التركيز على العربية والعروبة في كتاب العرب في القرآن،والاعتزاز بالشخصية العربية،كما تحدث عن مسألة ارتباط اللغة بالقرآن الكريم...

قدم أ.د.عبد الوهاب شعلان مداخلة موسومة بـ"مسألة اللغة في كتابات فلسفية: نظرات في بعض الأطروحات"

وضح فيها أنه سيتحدث عن مسألة الهوية منفصلة عن مسألة اللغة،قال: "في كتابه مسألة الهوية الإسلام والغرب" يبدأ الجابري بسؤال فيهه الكثير من الالتباس على الرغم من أنه يبدو واضحا لدينا: ماالعربي؟، ويعلق بأنه ستختلف الأجوبة عن هذا السؤال بحسب الأطراف الموجهة إليهم هذا السؤال،مما يعني أن سؤال الهوية غامض وماكر وملتبس،فالأجوبة متعددة،لو طرحنا هذا السؤال على الأوربي كذلك ستتعدد الإجابات،فالملاحظ أن مفهوم الهوية ينطوي على مايضاده وهو مفهوم الغيرية،فالهوية غيرية بالنسبة للآخر والغيرية هي هوية بالنسبة للذات،ومبدأ الهوية مبدأ منطقي،ففي المعنى الحديث والمعاصر صار مفهوما إيديولوجيا،حتى في ثقافتنا العربية وتراثنا ليس هناك شيء موجود اسمه الآخر،فالآخر مفهوم حديث ومترجم ومنخرط في التفاعل الثقافي الموجود الآن،والغيرية شرط أساسي وميتافيزيقي لوجودنا،من دون الآخر ليس هناك وجود أو عالم،فالغير هو الامتلاء والاكتمال،نتذكر مقولة رامبو: الأنا هو الآخر،والإنسانية تطمح إلى ماسماه بول ريكور البحث عن حياة سعيدة مع ومن أجل الآخر في كنف المؤسسات العادلة،وهو طموح مثالي قلما يتحقق في الواقع نظرا لاكراهاته وتناقضاته".

هذا وذكر عبد الكريم الخطيبي في مسألة الهوية وحسب قوله:  "يطرح جملة مفاهيم أساسية منها: مفهوم الاختلاف الوحشي ويقصد به ذلك الانفصال الزائف الذي يلقي بالآخر مطلقا، فهو يؤدي بظلال الهويات المجنونة أو الهويات القاتلة بحسب تعبير أمين معلوف، الثاقفوية والقوموية النزعة العربية ...،ويطرح مفهوم الهوية العمياء التي تركن للتراث وترفض فكرة الاختلاف،ولتجاوزهما معا يطرح الخطيبي مفهوم النقد المزدوج الذي يطال الذات والآخر معا،في مقابل الهوية العمياء تطمح الإنسانية إلى هوية تتبنى فكرة الإنسان وهو الانتماء الطبيعي..،في كتابه"الهجرة إلى الإنسانية" يقدم فتحي المسكيني طرحا يربط بين الهوية والكراهية،هل تحتاج الشعوب إلى الانفعالات الحزينة؟.فالكره هنا هو كره جمعي لاواعي وليس كرها فرديا، هو نوع من الكره الثقافي ينمو حسب حاجات المجتمع..."بين الأستاذ شعلان كذلك أن الهوية ترتبط أيضا بمفهوم الهيمنة وعلى رأس من طرحها إدوارد سعيد...

تقتضي الهوية أيضا حسب رأيه مفهوما متداولا بكثرة وهو "التسامح" يقول عنه أنه: " يبدو مفهوما إنسانيا متعاليا لكنه ينطوي على الالتباس والغموض،فقد تداوله فلاسفة فرنسا خاصة في سياق الحروب التي دارت بين البروتستانت والكاثوليك،الجابري يقول نحن ندعو للتسامح لكن نتسامح مع من؟"،بين أن الذين يروجون لهذه الفكرة هم الضعفاء من وجهة نظر الجابري،"حتى من طرحها من الغرب كانو الرافضين لأسسها كادغار موران..،ومع التأمل في مصطلحي التسامح واللاتسامح كلاهما ينطوي على ضرب من الاستبداد والسلطة،دائما مايرتبط التسامح بالاستثناء،ويقتضي هذا المفهوم أيضا مفهوم حوار الحضارات،هو مفهوم جميل لكن كما يقول الجابري قد يكون غير برئ وملتبسا،فحوار الحضارات كما ذكر الجابري هي ممارسة تلقائية لا تحتاج إلى دعوة،وحتى وإن قبلنا الحوار مع الغرب فأهل الحضارة ليسوا سواء،إذ الغرب متداخل ومتعدد وحرب أوكرانيا خير مثال على ذلك...".

وضح في خاتمة حديثه أن الهوية تطرح ضمن مسألة معينة وهي مسألة الاختلاف: التفكيك والتعارض والتداخل...،وتساءل: "كيف نتعامل مع هذا الطرح؟"....

فتحت رئيسة الجلسة باب النقاش حيث قدمت"بلفاسي مريم" تعقيبا عن محاضرة د.صاري،وهو كالآتي: "قال في خاتمته وسائل التواصل ساهمت بالمضي باللغة العربية قدما فعلى أي أساس تصدر هذا الحكم خاصة أن المسدي عد ذلك تفريطا لغويا ؟فكلما كثر الرفاه التكنولوجي كثر التلوث اللغوي ؟"

وأما بدر الدين درارجة تساءل: هل الهوية هي اللغة أم اللغة هي الهوية؟.

هذا ووجه د.ياسين سرايعية تساؤلا للدكتور عوادي: "ألا تعتقد أننا يجب أن نتجاوز هذه الخطابات التبجيلية التي يقولها رواد النهضة؟نحن نحتاج هذا الفكر من خلال إنزاله في قضايا معاصرة"،ثم وجه كلامه للأستاذة لوكام: "الشرايبي لا يمكن أن ننزله منزلة الخطيبي،فهو كتب عن الثقافة العربية ولم يكتب بهدف إظهار تعلقهما بثقافة اللغة العربية،فمثلا كتابه الماضي البسيط أثنى عليه الطاهر بن جلون ليس من باب الإثناء على العربية،فقد أراد أن يبين أهمية المستعمر بالنسبة لهذه الثقافة،كذلك آسيا جبار جاءت لتكتب عن تحرير المراة العربية المسلمة وتحررها بلغة الآخر.."،هذا ووجه تساؤلات للدكتور صاري: "ماهي البدائل التي يمكن أن نراهن عليها؟ هل نحن في حاجة للمقدس؟،وفي ختام تدخله قدم تساؤلات للدكتور شعلان: "التسامح موجود عند دريدا وهو من رواد الاختلاف، فالتسامح لا يعيش إلا في كنف الاختلاف ؟،ألا تعتقد أن هؤلاء حينما تحدثوا عن الحوار والتسامح سموا بالإنسان إلى المستوى الذي يجب أن يكون عليه؟".

أما علاء الدين فداوي فوجه تساؤله للأستاذ شعلان: "على ذكر نقطة التسامح اللغوي،مثلا في الجزائر مع التعدد والانفتاح على هذه اللغات،هل يعد ضرورة في الوقت الراهن أم مع رفضك لهذه الفكرة نعود لحرب اللغات ؟ ألا تعد البديل عن فكرة الصراع اللغوي خاصة في الجزائر مع وجود الفرنسية والأمازيغية ..،ألا يعد الانفتاح على الامازيغية خطرا على العربية أم أنه ضرورة ؟"

هذا وقدمت الأستاذة سعيدة جلايلية تعقيبا على كلام د.سرايعية،قالت: "علق على محاضرة عوادي وقال أنه يجب أن نكتفي من هذه التمجيديات وأن ندرس التراث بأسئلة معاصرة،في التراث هناك الكثير من التاريخ المسكوت عنه،خاصة تراث جمعية العلماء المسلمين، يحتاج تاريخنا إلى إعادة كتابة والنبش عن المسكوت عنه"،ثم وجهت سؤالا للأستاذ شعلان: من خلال تعليق المسيري على دريدا،كيف نحدد هويتنا إذن؟

أما فاطمة الزهراء كامل تساءلت: "أستذكر كتاب قلق المعرفة للبازعي الذي تحدث فيه عن قلق الانتماء وقلق المعاصر،تناول فيه الحديث عن ادوارد سعيد،أتساءل إن كان تفكيك إدوارد للاستشراق أنه كان بغاية إرجاع المكانة العربية أم أنه لرؤية غربية فقط؟"

وفي ختام الأسئلة قدمت لمياء عميرش تساؤلات قالت: "في مسألة اللغة والهوية كيف يمكن للجماعة أن تحافظ على هويتها في ظل هذا الانفتاح ؟فالجماعات المتطورة لا تجد حرجا بينما الجماعات المتأخرة تجد حرجا في الانفتاح؟هل تشكلت الهوية العربية أم هي في قيد التشكل؟".

وبعد رد الأساتذة المحاضرين على جملة الأسئلة الموجهة إليهم ختمت الجلسة.

***

بقلم د.غزلان هاشمي 

3371 زاهد امينحاز الباحث الهندي "زاهد أمين" شهادة الدكتوراه في الفلسفة ـ في جامعة دلهي الهندية / قسم اللغة العربية وآدابها عن  بحثه الموسوم (رؤية المنفى والإغتراب في الشعر العراقي، بالإشارة الخاصة الى شعر يحيى عباس عبود السماوي) بإشراف أ. د. مجيب أختر .

تناول الباحث في أطروحته موضوع المنفى والإغتراب بمعنييهما الجغرافي والنفسي وانعكاسهما في التجربة الشعرية للشاعر العراقي يحيى السماوي .

 وقد أجمعت لجنة المناقشة في جلستها المنعقدة  يوم السبت الموافق ٢٢/٢/ ٢٠٢٢ على منح الباحث شهادة الدكتوراه بدرجة جيد جدا.

 يُذكر أن المنجز الشعري ليحيى السماوي قد حظي بالعديد من رسائل وأطاريح الماجستير والدكتوراه وبحوث الأستاذية في كبريات الجامعات الإيرانية والتركية والهندية وفي العديد من الجامعات العراقية والعربية .  

3372 زاهد امين

 

من الفتح الإسلامي حتى سقوط دولة المرابطين

في عرس جديد للدراسات المغربية والأندلسية، نوقشت مؤخراً في كلية دار العلوم بجامعة المنيا رسالة دكتوراه بعنوان "الآثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية للكوارث الطبيعية في بلاد المغرب والأندلس من الفتح الإسلامي حتى سقوط المرابطين" للباحث وليد محمد توفيق أحمد، بإشراف الدكتور أشرف سمير توفيق، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية المساعد بكلية دار العلوم جامعة المنيا، وناقشها الأستاذ الدكتور صلاح سليم طايع، أستاذ التاريخ الإسلامي وعميد كلية الآداب بجامعة جنوب الوادي بقنا، والأستاذ الدكتور نصاري غزالي أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية في كلية دار العلوم بالمنيا، وقد أثنى أعضاء لجنة المناقشة على المجهود الذي بذله الباحث في الرسالة، حيث امتلك الباحث أدواته في البحث التاريخي من الوثائق والمراجع والمصادر العربية والمعربة واستعان أيضاً بالمصادر الأجنبية التي تخص الموضوع ووظفها بدقة، واستعرض الباحث الدراسات التي سبقته في موضوعه هذا، وهي مقالات وأبحاث صغيرة لم توف الموضوع حقه، فشمر عن ساعد الجد وواصل الجهود حتى توصل في النهاية إلى نتائج جديدة.

وفي السنوات الأخيرة ركز الباحثون في مجال تاريخ المغرب والأندلس على الجوانب الحضارية المشرقة ودراسة الظواهر الاجتماعية، في حين ظلت بعض القضايا الأخرى بعيدة عن مناطق الضوء ودراسات الباحثين.

ويقول الباحث في مقدمة الدراسة: "ومن المعلوم أن بلاد المغرب والأندلس قد شهدت العديد من التحولات والأزمات والانعطافـات الحاسمة التي كان لها تأثيرها الواسع والملموس على الأوضاع السياسية والحضارية ً معا في بلاد المغرب، ومـن هـذا القبيـل كانـت ظـاهرة الكـوارث الطبيعيـة في بلاد المغرب وتتمثل هذه الكوارث في موجات الجفاف والمجاعات والأوبئة والزلازل والسيول والفيضانات والآفات الزراعية وما إلى ذلك. ولقد تعرضت بلاد المغرب والأندلس − كغيرها من البلاد الإسلامية − للعديد من الكـوارث والجـوائح التـي كانـت تلـم بهـا مـن فـترة لأخـرى; ً فأحيانـا كانـت الـبلاد تتعـرض للقحط الذي يحدث إما لانحباس الأمطار أو لتأخر سقوطها عن موسم البـذر فينـتج عـن ذلك شح الغذاء وندرته مما يسبب المجاعات التي يصاحبها في الغالـب الأوبئـة والأمـراض الفتاكة، وفي أحيان أخرى نجد ً وضعا ً مغايرا لذلك حيث تشهد البلاد سلسلة مـن الأمطـار الشديدة المتصلة والعواصف الصاعقة والرياح مما يسبب السيول والفيـضانات التـي تجتـاح البلاد مسببة الغرق والـدمار لمختلـف المنـشآت العمرانيـة، كـما تـؤدي إلى إتـلاف المحاصـيل وجرف التربة وبوار الأراضي الزراعية.

ثم يذكر أن هذه الكوارث قد شكلت خطراً حقيقياً هدد حياة السكان في المغرب والأندلس، وكذلك أثرت أشد التأثير على مجريات الأحداث، وكان لها انعكاساتها وتداعياتها الوخيمة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية والعمرانية، بل إن تأثيراتها السلبية امتدت لتشمل الحياة العلمية والثقافية في المغرب والأندلس.

والجدير بالذكر هنا أن الكوارث الطبيعية على الرغم من الدمار التي تخلفه بعد حدوثها، ولكن نجد هناك جانب إيجابي وهو الوعى لدى الإنسان إذ يعمل على كيفية معالجة هذه الكوارث بالحلول العلمية، وكيفية أخذ الحيطة والحذر عند تكرار هذه الكوارث، لذلك فهي تعمل على تنمية القدرات والوعي في المجتمع.

وقد عزى الباحث إلى أن حدوث المجاعات راجع إلى عاملين أساسين هما: عامل بشري من صنع الإنسان، يتمثل في فرض الضرائب على الرعية، وكذلك الحروب والفتن التي تقضى على الزرع، وتثير حالة من الزعر بين الناس، مما ينتج عنهما عزوف الناس عن الفلاحة، مسبباً أزمات اقتصادية، وحدوث غلاء في الأسعار، وقد يصل الأمر لحدوث مجاعات، أما العامل الثاني فهو العامل الطبيعي الناتج عن تذبذب في المناخ، لأن كثرة الأمطار أو قلتها ينتج عنها حدوث مجاعات، وغلاء في الأسعار، وكذلك السيول، والأوبئة، وانتشار الجراد، وكافة الكوارث الطبيعية التي غالباً ما كان ينتج عنها مجاعات.

ثم أكد الباحث أن الكوارث الطبيعية قد أثرت في حدوث حالة من عدم الاستقرار السياسي، بحدوث الفتن والثورات التي صادفت وقت حدوث المجاعات وبعض الكوارث الطبيعية، فقد استغل بعض المتمردين على الحكومات حدوث الكوارث الطبيعية، وقاموا بالثورات، وإثارة الفتن والقلاقل. كما أن بعض الكوارث الطبيعية قد أثرت على الجيوش، وخاصة السيول والأوبئة، وعملت على إيقاف الحروب، أو الانسحاب من المعركة، أو انقلاب مجرى أحداث الحروب من النصر إلى الهزيمة. كما تؤدي إلى إضعاف الدولة مما يجعلها فريسة سهلة للعدو، كما حدث في نهاية حكم الولاة العباسيين في الأندلس بحدوث المجاعة التي أضعفت من قوة الجيش، وهجم النصارى على الثغور الشرقية للأندلس، وحدث مرة أخرى في المجاعات والكوارث التي وقعت في عهد ملوك الطوائف بالأندلس.

وأكد الباحث أن الحكومات في المغرب والأندلس قد تصدت لبعض الكوارث الطبيعية أما بتقديم يد العون للناس، أو ببعض التقنيات الأخرى مثل إقامة السدود، وتنظيم مشاريع الري، وتخزين مياه الأمطار، كما تم استحداث نظام الخطارة وهو نقلة جيدة في نظام جلب المياه، كما أن الحكومات عملت على فرض الأمن في زمن الكوارث.

وتوصل الباحث لنتيجة مفادها أنه في وقت الكوارث تحتفى الآفات الاجتماعية مثل السرقات والقتل، والغش، والاحتكار، وقطع الطرق ويظهر الجانب المضيء في حياة الناس من التكافل والتعاون والرجوع إلى الله والخوف من عقابه، كما أنها تُظهر الجانب الاجتماعي المتمثل في التضامن المجتمعي، وكذلك تعمل على تشجيع البحث العلمي، وتطوير منظومة الطب، واستحداث أساليب جديدة للتصدي للكوارث الطبيعية، وظهور الفقهاء والأولياء في زمن الكوارث للتخفيف من حدتها على نفوس الناس، أما بصلاة الاستسقاء، أو بإصدار الفتاوي، أو بالتصدق على الفقراء والمساكين.

وأكد أن الكوارث الطبيعية أدت إلى حدوث تغيرات ديمغرافية في بعض البلدان المغربية والأندلسية، بسبب موت الكثير من السكان، أو هجرة السكان إلى مناطق أخرى بحثاً عن الطعام، مما يؤدى إلى حدوث خلل في المناطق المهجورة، وكذلك المناطق المهاجرين إليها، فتؤدى إلى خراب الأولى، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الثانية، يزداد الطلب على المواد الغذائية، فتزداد الأسعار لكن بدرجة متفاوتة على حسب أهميتها، ويتصدر ذلك القمح والشعير نظراً لأهميتهما، مما دفع بعض الحكومات إلى التدخل في تحديد الأسعار في وقت الأزمات . كما تؤثر على التجارة بشكل عام من تهدم الاسواق، وقطع الطرق التجارية أو تخريبها من جراء السيول وقطاع الطرق، وهدم الفنادق والحمامات.

وبعد هذا بعض من كل ما ذكره الباحث في هذه الرسالة، ونتمنى أن نراها مطبوعة في كتاب عما قريب حتى يتسنى للباحثين الاطلاع عليها والاستفادة منها.

 

عرض/ أبو الحسن الجمال- كاتب ومؤرخ مصري

 

3350 صباح راهيصدر مطلع هذا العام 2022 عن نادي الأدب الحديث في الكوفة كتاب الأستاذ صباح راهي الموسوم: (من جسر الكوفة إلى أصقاعِ العالمِ، محطات في تجربة الشاعر عدنان الصائغ). ويقع في 377 صفحة. صمم غلافه الفنان رضا طلال. التصميم الداخلي: الفنان أحمد الحداد.

ضم الكتاب: اهداءً، ومقدمةً، ومحطات الحياة والتجربة الشعرية للشاعر تخللتها حوارات معه، وقصائد مختارة منها "مطرٌ بلندن"، و"نرد النص"، وفصلاً عن سالم يووي في قصيدة "نشيد أوروك، وبطاقات الشاعر: الإصدارات، الترجمات، الدراسات، توظيف الأعمال الشعرية في آداب أخرى وفنون، ثم حديث الألبوم الذي احتوى على صور ووثائق عديدة ترسم ملامح تجربته، وبعضها يُنشر لأول مرة.

جاء في الغلاف الأخير من مقدمة المؤلف:

[بعد كتابي "الحنين لأول منزل" وجدتُ لزاماً عليَّ أن أتوقفَ عند جسر الكوفة، ومن ثمَّ أتوقفَ عند الشاعر الذي كتبَ أغنياته فوق ذلك الجسر، فعُرفَ أحدُهما بالآخر. فالقاصدون الكوفةَ لا بدَّ أنْ يتذكّروا شاعرها القديم: المتنبي، والعابرون جسر الكوفة لا بدَّ أنْ يتذكّروا شاعرها المعاصر: عدنان الصائغ.

نصفُ قرن مرَّ من صورته أمامي طالباً خجولاً واقفاً أمامَ السبّورة، إلى صورته الآن شاعراً جريئاً واثقاً خلفَ منصّةِ قصيدته المبهرة التي أوصلته ووصلَ بها إلى عواصم العالم.

عاش الحبَّ والحربَ، الوطنَ والمنفى، الحصارَ والحريةَ، الشعرَ والجمرَ، لينتج لنا كلّ هذا الفيضَ الإنساني الإبداعي الموّار الذي ظلَّ عصيّاً على مقصّات كلّ السلطات: السياسية والدينية والاجتماعية، وغيرها].3348 صباح راهي

والمؤلف الأستاذ صباح راهي في سطور:

- ولد في الكوفة 1945، ويقيم الآن في سدني باستراليا.

- مدرّس مادة الفيزياء في ثانويات ومتوسطات الكوفة وبغداد (1966-1999).

- عُرف بأفكاره الوطنية وكتاباته التنويرية.

- كاتب صحفي، ومحرر صفحة دراسات (2012-2014) في صحيفة البانوراما (سدني).

- عضو لجنة تطوير المناهج وتنقيح كتب الفيزياء في العراق (1987).

- عضو لجنة تأليف كتب الفيزياء المنهجية بوزارة التربية العراقية (2009).

- محاضر على قناة التلفزيون التربوي بمواضيع الفيزياء (2000-2010).

- محاضر في معهد تدريب وتطوير المدرسين والقادة التربويين/ وزارة التربية (1999-2000).

- مشرف تربوي ومدرّب في مديرية المختبرات المدرسية/ وزارة التربية (1981-1985).

- خريج المعهد العالي للمدرسين – جامعة بغداد (1966).

- حاصل على شهادة في هندسة الراديو والتلفزيون من معهد جليل الهندسي ببغداد عام (1973).

- صدر له:

1- "الحنين لأول منزل" عن 4D للطباعة والنشر والتوزيع – النجف الأشرف 2019.

- له تحت الطبع:

1- مشاهير علّموني - من أنشتاين وماركس إلى سارتر وسلامة موسى

2- وقفة على ضفاف الطرب المنسي

3- محاولات في السايكولوجيا

4- كتابات في العلوم

هذا وقد أقيمت في مقهى (گهوة وكتاب) في بغداد/ كرادة داخل، يوم الاربعاء 2022/2/9، حفل إطلاق الكتاب الصادر عن في جلسة حاشدة حضرها عدد من الأدباء والشخصيات والجمهور قدمها شقيق المؤلف وهو الشاعر كريم راهي، مستعرضاً فصولاً من الكتاب وذكرياته مع الشاعر(صديقه) والمؤلف (أخيه).

وقد كتبت الأستاذة سعدية العبود، تغطية لهذه الاحتفالية:

(في احتفالية توقيع كتاب "من جسر الكوفة إلى أصقاع العالم":

"يا جسرَ الكوفةِ..

لو تدري..

يا جسرَ الأشواقْ

كمْ أشتاقْ

قسماً لو أبصرها

سأعانقُ.. كلَّ عمودٍ

وأبوسُ.. نخيلَ الكوفةِ

جذعاً... جذعاً

وأذوبُ عناقْ"3349 صباح راهي

من أقصى شمال الكرة الأرضية ومن القطب الشمالي حيث يقيم شاعرنا عدنان الصائغ إلى قطب الكرة الجنوبية حيث يعيش الكاتب صباح راهي جمعهم حب الوطن والكوفة بالذات، الأول كان طالباً والآخر مدرساً لمادة الفيزياء لكنه تابع نبوغ طالبه وشهد محاولات الكتابة. الأول لا يخلو ديوان له من ذكر الكوفة وشخوصها، والثاني كتب "الحنين لأول منزل" في اصداره الأول. جمعهم حبهم إلى تلك المدينة الغافية على شط الفرات ذلك الشاطئ الذي تميز بأشجار اليوكالبتوس والتي بحفيفها تعزف لحن تاريخ مدينة قيل عنها أنها جمجمة التاريخ ومسجدها الذي يعد أقدم مسجد في تاريخ الأرض ونهرها الذي وحده حب أهلها ليصبح منسابا بين بساتين نخيلها ، ذلك الشاطئ الذي ينقل لساكنيه جوا عذبا خليط من الصحراء والماء حيث سبب التسمية. يقال إن سعد بن أبي وقاص كتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب بعدما انتصر في معركة القادسية عن المدينة التي يتخذها سكنا لجنده، قال له ما يصلح لا بل العرب يصلح للعرب فكانت الكوفة والتي كنيت بخد العذراء وقيل دلق البر لسانه فكانت الكوفة، وبعضهم يوعز التسمية إلى كوفان الجند او خليط الرمل بالحصى، تلك هي الكوفة التي عشقها الشاعر والكاتب.

كتب الاستاذ صباح راهي في اصداره الثاني (من جسر الكوفة إلى أصقاع العالم، محطات في تجربة الشاعر عدنان الصائغ) حيث ينتقي بعض نصوصه ما يوثق تاريخ وأحداث وحب المدينة كما وصفه الشاعر ويضيف الآخر هوامش لما يذكر من مسميات اختزنتها ذاكرته الحيّة عن المدينة، هذا التزاوج بالكتابة أنجب الكتاب المذكور، فقد قال عن الشباب الذين غيبوا:

"لي بظلِّ النحيلِ بلادٌ مسورةٌ بالبنادقِ

كيف الوصولُ إليها

وقد بعد الدروبُ ما بيننا والعتابْ

وكيف أرى الصحبَ

مَنْ غُيّبوا في الزنازين

أو كرّشوا في الموازين

أو سُلّموا للترابْ

إنها محنةٌ – بعد عشرين

أنْ تبصرَ الجسرَ غيرَ الذي قد عبرتَ

السماواتِ غيرَ السماواتِ

والناسَ مسكونةً بالغيابْ"

وقال عن شباب الانتفاضة الذين سُحقوا:

"هؤلاء الذين

تساقطوا أكداساً

أمامَ دباباتِ الحرسِ

هؤلاء الذين حلموا كثيراً بالأرض

قبل أن يحلّقوا بأجنحتهم البيضاء

هؤلاء الذين نما على شواهدِ قبورهم صبّير النسيان

هؤلاء الذين تآكلت أخبارُهم

شيئا فشيئاً

في زحمة المدينة

إنهم يتطلعون بعيونٍ مشدوهةٍ

إلى قدرتنا على نسيانهم بهذهِ السرعة"

وقد عزز هذا الحب حب أهل المدينة لمدينتهم ولكل من كتب عنها فقد شهدت مقهى قهوة وكتاب أمسية احتفالية توقيع الكتاب وبحضور مثقفي وأدباء وشيوخ الكوفة وقد قدم عرضاً موجزاً عنهما القاسم المشترك بينهم صديق الشاعر وربيبه في المنفى وشقيق الكاتب وصديقه الشاعر كريم راهي، وكانت أمسية رائعة تحكي حب المدينة. – التاسع من شباط ٢٠٢٢).

 

(ثقافات – بغداد/سدني/ لندن):

 

 

مصطفى شقيبصدرت مؤخرا عن دار النشر لارماتان L’Harmattan  - سلسلة  Les Impliqués الترجمة الفرنسية لرواية “مرافئ الحب السبعة” من تأليف الكاتب العراقي الدكتور علي القاسمي وترجمة مصطفى شقيب  ومراجعة أستاذة الأدب المقارن بجامعة غرناطة الدكتورة ماري ايفلين لوبودير.

صورة الغلاف من اقتراح الدكتورة ماري ايفلين، وهي صورة لتمثال المهاجر بمدينة فيغو باسبانيا تكريما للمهاجرين.

وقد صدرت الرواية العام 2012م، في طبعتها الأولى عن المركز الثقافي العربي بالدار البيضاء وبيروت، لتتوالى الطبعات بعد ذلك بعدد من دور النشر العربية.

ومنذ صدورها، أثارت هذه الرواية اهتمام النقاد وحظيت بنشر كتابين عنها وعشرات المقالات، وألهمت عدداً من الشعراء والرسامين ونالت إعجاب القراء عبر ربوع الوطن العربي.

وفي تقديم الرواية، كتبت الأديبة الفرنسية، مراجعة هذه الرواية، الدكتورة ماري ايفلين "وهي سيرة ذاتيّة روائية ؛ مزيج من الأحداث الواقعية والخيالية، مهداة إلى المغتربين والمغتربات عبرالعالم ؛ إلى هؤلاء الأشخاص الذين تركوا بلدانهم طوعا أو فروا اضطرارا بغرض اللجوء إلى بلدان أخرى.

سليم، البطل، اغترب على إثر انقلاب عسكري حدث في بغداد.

القلب، مقرالأحاسيس والعواطف، شكّل روح اغترابه القسري الذي سيمكّنه من البقاء ومواصلة دراسته. غير أنّ ما وراء هذا الرهان المزدوج، سيضحى هذا النفي سريعا هروبا من الحياة من أجل الالتجاء داخل الموت ؛ الحياة والموت، هذان الجاران المتنازعان. سفر طويل من النور إلى الظلام، تطبعه المشاعر والعواطف.

النور، إنه أحاسيس الحب، والود، والبهجة، والسعادة، والمتعة، المرتبطة ارتباطا وثيقا بالعراق، وطنه، وبالبيت الأسري، وبمحبة طاغية وبإعجاب لا متناه بأمه التي كانت تأخذه بين ذراعيها، تضمه إلى صدرها، وتمطره بالقبل.

الظلام، إنه أحاسيس الحنين، والحزن، والغم،والأسى، والألم،والمعاناة، والوحدة، والخوف أيضا، المرتبطة بشدة بالاغتراب.

عند عبورالحدود، ينطفئ النورعلى الطرق الرملية...تظل الوجوه، والمعالم والروائح، عالقة في شغاف القلب، يستحيل محوها.  غير أنّ سليم، أثناء هذا السفر الطويل، سيصادف ثلاث نساء سيطبعن حياته بشدة؛

امرأة أرادته وأرادها، لكنّ القدر لم يردهما معاً؛

وامرأة ارادته ولم يردها، فكسر قلبها؛

وامرأة لفظته، لكنه سيعشقها إلى حد الجنون ولن يقوى على نسيانها... حاضرة في كل النواحي، والاتجاهات، والأماكن. بل سيكتب قصتها على أمل التحرر منها. الكتابة المحررة ! سيكتب على أمل إعادة بناء عالم مفقود من خلال كلماته، وإنشاءعالم جديد سيكون ملجئه.

رواية رائعة ومؤثرة أسالت الكثيرمن دموعي.شكراأستاذي وصديقي العزيز جدّا علي القاسمي".3138 النسخة الفرنسية

وسيتوالى مشروع ترجمة الأعمال القصصية الكاملة للعلامة القاسمي عبر إصدارها من طرف الناشر الفرنسي نفسه، حيث تخضع للمراجعة من الأستاذة لوبودير بعد أن أتم المترجم مصطفى شقيب ترجمة المجموعات القصصية السبعة التي صدرت منها خمسَ مجموعاتٍ قصصية تشتمل على سبعٍ وسبعين قصةً عن مكتبة لبنان ناشرون في بيروت، وصدرت مجموعة قصصية سادسة عن الدار العربية للموسوعات في بيروت، بعنوان" الحب في أوسلو" فيما المجموعة القصصية السابعة، ذات المنحى المتفرد، قيد الصدور بلبنان.

3139 النسخة العربيةوهي قصص كُتبت، كما جاء في تقديم دار نشر مكتبة لبنان ناشرون، من أجل مكاشفة الذات ومساءلة الكينونة، بأسلوبٍ ممتعٍ سهلٍ ممتنعٍ ؛ وهي نابضةٌ بالإثارة والتشويق؛ ومزدانةٌ بالمعرفة والثقافة ؛ ومضمَّخةٌ بلغةٍ راقية ؛ ومشرعةٌ على رياح التأويل؛ ونابعةٌ من تجربةٍ حقيقية، ومعاناةٍ وجدانيةٍ عميقة، وموهبةٍ فذة، وخيالٍ مُجنَّحٍ جامحٍ أخّاذ. لقد كتبها القاسمي بدم القلب ودمع العين.

وقد تم نشر أغلب هذه المجموعات القصصية في عدّة طبعات في القاهرة والدار البيضاء وحظيت بعنايةٍ خاصةٍ من لدن النقّاد في المغرب العربي وفي المشرق العربي على السواء، وكُتبت عنها عدّةُ كتب وكثيرٌ من الدراسات والمقالات النقدية.

وهذه المجموعات هي: 1. " رسالة إلى حبيبتي"، حول ذكريات الطفولة والصبا، و2. " صمت البحر" حول قصص الحبِّ الخائب، و3. "دوائر الأحزان"، حول ما يثير الحزن في وجدان العربي، و4. " أوان الرحيل"، حول الموت، و5."حياة سابقة" حول قضايا علم النفس الموازي. و6. "الحب في اوسلو" و7. "القبض على عصفور السعادة".

يقول القاسمي في إحدى مقدِّمات قصصه: " إن مَن يقرأ هذه القصص لكي يستخلص منها جوانبَ من سيرتي، سيصابُ بخيبة أمل، ومَن يقرأها بوصفها من نسج الخيال، سيفوته الشيء الكثير من الحقيقة ؛ لأن الفنّ عموماً، والأدب على وجه الخصوص، ينطلق من أرض الواقع ليحلّق في فضاء الخيال الواسع."

والقاسمي كاتبٌ متعدِّد الاهتمامات له أكثر من خمسين كتاباً في القصة والرواية والترجمة والنقد، وباحث في اللسانيات وعلم المصطلح وصناعة المعجم والتربية والتنمية البشرية وحقوق الإنسان.

 

 

لطيف عبد سالمالتأم نادي الشِّعر في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق بأصبوحةٍ شِّعريَّة مائزة، غرست بجمال قصائِدها، ومَا قيل في ثناياها مِن نصوصٍ صورًا مليئة بالتفاؤلِ والأمل، فضلًا عمَا بوسعه أن يبعثَ البهجة والسرور في القلب. وقد جاءت الاحتفالية التي زينت مسارها أنغام الفنان علي حافظ وصوته الشجي، وحضرها مجموعة مِن الزملاء الأدباء أعضاء المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، بالإضافةِ إلى جمعٍ غفير من الشُعراءِ والأدباء والفنانين والمُثقفين والمهتمين بالشأنِ الثقافيّ الذين غصت بهم قاعة الجواهري في اتحادنا المناضل؛ ابتهالًا بالعامِ الجديد 2022م، وإعلانًا عن جاهزيةِ نادي الشِّعر لاستقبالِ العام الجديد بالفعاليات والنشاطات التي من شأنها ترجمة توجهات اتحادنا العريق في تأصيلِ الثقافة العراقيَّة، والذي أنهى العام المنصرم بمجموعةٍ مِن الفعاليات التي تركت أثرًا إيجابيًا في نُفوسِ الأدباء والفنانين والمُثقفين، والتي مِن بينها طبع المؤلفات الأدبيَّة والاشتراك بمعارضِ الكِتاب المحليَّة والعربيَّة، وإقامة مهرجان الجواهري، فضلًا عن الاشتراكِ في المهرجاناتِ الادبيَّة والثقافيَّة وغيرها الكثير مِن الفعالياتِ التي لا يسع المجال هُنا لذكرِها.

أدارَ الجلسة باقتدارٍ رئيس نادي الشِّعر الشَاعِر رافد عزيز القريشي بالاشتراكِ مع الشاعِر حسين المخزومي. وقد استهل القريشي الأصبوحة بكلمةٍ ترحيبيَّة بجمهور الحاضرين، ومبتهلًا إلى العلي القدير أنْ يحفظ العراق وشعبه، وأنْ يمن على الإنسانية بالمودة والسلام، ثم أعقبها برجاءٍ إلى الشُعراء أنْ يعرضوا بضاعتهم الأدبيَّة التي تترجم الجمال والحُب، فكان أنْ توالتْ القصائِد الشِّعريَّة تمطر رقة ودهشة وجمالاً، وأبياتها تفيض بعذوبةِ الحرف ورهافة الإحساس.

وربما على هدى الطقوس المُعتمدة في المناخِ الديمقراطي، كان أوّل مَن اعتلى مِن الشُعراء المنصّة هو الشاعِر كاظم العبودي الذي يُعَدُّ الشُعراء المُشاركين سنًا، والذي جاء نصه الموسوم بـ (ومضات)، مليئًا برائحةِ الشوق وكلمات الحنين والحُبّ الرومانسيّ، و مِنه اقتطعنا الآتي:

على خديكِ

وردةً ظمأى

عساها ترتوي

مما يفيض عليهما..

سحرا

***

على شفتيكِ

يفتح برعمٌ شفتيه

مرتعشًا

فأنوي..

انما ينثال شيءٌ

في الجوانح.. هاتفًا"

صبرا

3225 صورة جماعية

ومِن الأنبارِ الحبيبة، حضرَ رئيس اتحاد الأدباء والكتاب فيها الشَاعِر محمود فرحان حمادي الذي مثلت مشاركته في الأصبوحةِ دفقًا شِّعريًا أضفى عليها مودة وجمالا، ومِن قصيِدتهِ التي شدا بها في احتفاليَّة نادي الشِّعر، نجتزئ الأبيات الآتية:

أميرةٌ تحرسُها أعينٌ

في كل حين نحوها تنظرُ

 

يُطأطئُ الرأس لها عسكرٌ

ويُسبل الطرف لها عسكرُ

 

أترابُها من معدن طاهرٍ

لكنّها من معدن أطهر

 

أشتاق ريّاها ولولا العدا

كنت بحبي ثغرها أجهرُ 

لم يكن يدور في ذهنِي أنْ الشَاعِرَ الشفيف ماجد الربيعي سيمنح نفسه فرصة لتغيير نبرة صوته المألوفة، فهو لا يَبْخَلْ على الوطنِ، ولا على الأحبةِ بالدَمْعَةِ كما عهدناه، فقد كانت قصيدته محملة بعباراتِ الحب، وأرق المشاعر الرومانسيَّة، ومِنها اخترنا الأبيات الآتية:

ما كُنتُ أعرفُ ما الصَبابةَ والهَوى

من قبلِ أن تأتي وتسكنَ في دَمـي

 

أنا مُذْ عَرَفتُكَ والشُرودُ يتيهُ بـي

من قبلِ أن تأتي وتسكنَ في دَمـي

 

أنا زَهرَةُ بَرّيةٌ ما أَينَعَـــــــــــــت

ورِضابُكَ المَعسولِ يوقِظُ مَيسَمي

 

شَهْدٌ وِصالُكَ فيهِ أحيا طفلَــــةً

مُرٌّ فراقُكَ مثلُ طَعمِ العَلْقَـــــمِ

***

الشَاعِرُ عبد الأمير محسن الذي صدرت لهُ حديثًا مجموعة شِّعريَّة جديدة عن اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، أطل على الحاضرين بنصٍ وسمه بـ (رِحْلة)، ومِنه نقتطع الآتي:

لأنه

ينزف آخرَ أمنيةٍ محظورة،

تغادرهُ مطمئنةً

بقايا الروح..

أيها الثمل برائحة الماء،

يكفيك أنْ تحتسي حياتكَ

معتقة،

بكاس نبي لا يبالي..

***

الشاعِرُ رجب الشيخ، لم يمنعه الشيب من الإحساس الصوفي بنواحي الجمال، كما في النص التالي الذي ألقاهُ في هذه الاصبوحة:

أعشقُها وفقَ هندسةِ

التجلي

وفقَ كلِ إحداثياتِ

العشقِ

أنثرُ كؤوسَ معينِها

عَلى شفةِ محرابِ

المواويلْ ..

وبعدها أطل علينا الشَاعِر المُبدع ناظم الصرخي الذي شارك مؤخرًا في مهرجان الجواهري بقصِيدته التي جاءت تحت عنوان (قِــــرَان)، ومنها ما يأتي:

تَقولُ ليْ

أكثرُ مَنْ تُحِبّـهـا؟

أَنا أَمْ الْقَصيـدةُ العتيدةْ

أقولُ يا فاتنتي

لا فرقَ ما بينَكما لإنّكِ الْقصيــدةْ

وإنّكِ الإلهامُ للقافيةِ البعيدةْ

ولَحْنُها الثاملُ في أَشْطرِهَا الفريدةْ

وإنّكِ الألوانُ في صورتِها الوليـدةْ

وومضةُ الإشْراقِ

في مكامنِ الخـريدةْ

***

وقرأ الشَاعِرُ كفاح عباس نصهُ الموسوم بـ (من أنت؟)، ومنه ما يأتي:

كثيراتٌ

واكثرهنّ أنتِ

قليلاتٌ

واندرهنَّ انتِ

واتبعُ طيف كل جميلةٍ

ألفيتها أنت

وفي كل النساءِ أراك يا انتِ

وفي بعض النساءِ أراك يا أنتِ

ومن دون النساءِ أراك يا انتِ

فمن انتِ ؟،

***

الشَاعِر الجميل حازم الشمري الذي أبدع في اختصاصه العلمي مثلما أجاد في مُنجزه الشِّعرِي، اعتلى المنصة مُبتسمًا تعبيرًا عن تحيته للجمهور قبل أنْ يقرأ علينا قصيدته التي نجتزئ منها ما يأتي:

لا تلُمني اذا سكنتُ هواها

وتطايرتُ نسمةً في مداها

 

وتمايلتُ حاملاً نبضَ قلبي

 

وتتبعتُ في خشوعٍ خُطاها

 

فتفاصيلُ حسنها أذهلتني

وبها طارَ  كلُّ عقلي وتاها

 

ليسَ عيني لوحدها تفتديها

بل وروحي وما ملكتُ فداها

الشَاعِرُ المُبدع حماد الشايع، كان بهيًا في حضوره وهو يتلمس الأمل بالقادمِ مِن الأيام مِن وحي إرهاصات العام الماضي في ثنايا قصِيدته التي حملت عُنوان  (في آخر العام). وقد اخترنا مِنها الأبيات الآتية:

عامٌ مَضى مِن عُمْرِنا وَكَغَيْرِهِ

يَتَكَسَّرُ المَوْجُ الدَّفينُ بِبَحْرِهِ

 

وَيَداهُ نافِذَتانِ تَحْتَ نَسيجِنا

تَتَلَمَّسانِ اللّا مُباحَ بِصَدْرِهِ

 

وَصَباحُهُ الآتي بِلَوْنِ شُحوبِنا

يَرْوي احْتِضاراتِ الغُروبِ لِعَصْرِهِ

 

يُنْبي انْكِساراتِ الضِّياءِ بِمَوْتِها

وَيُعيدُ جُثْمانَ النَّهارِ لِقَبْرِهِ

الشَاعِرُ الجميل روحُا وشِّعرًا عمر السراي، اعتلى المنصة مُحلقًا بفضاءاتِ الجمال وهو يشدوا بنصه الموسوم بـ (نحن الشُعراء):

نحن الشعراء.. لا تاريخ لنا غير ما تمنحه النساء..

امرأةٌ تحبك جدا.. فتعلّمكَ الهروب منها..

امرأة تزدريكَ.. فتعلمكَ اللهاث وراءها..

امرأة تكون لكَ.. فتعلمكَ الانشغال عنها بقصيدة وطنية..

امرأة لا تكون لك.. فتعلمكَ الرحيل..

نحن الشعراء صنيعة النساء..

كُتب أسفل صدورنا.. صُنع في قلب أنثى

وفي قصِيدةِ (ولكنك البحر)، يعبر صاحب مجموعة (سادن الرفيف) الشَاعِر ذر الشاوي عن لهفةِ المحبين وأشواقهم، ومِنها:

أحدق فيك

أرى كلَّ تلك النجوم

لأنك رغم اقترابك مني

فأنت سمائي

فيا أفق الامنيات

تقدم

إليَّ

تقدم

ولا يعتريك الوجوم

أرى فيك ما خبأته

الشظايا

وما خبأته

التخوم

ويا  شاطئاً

رسمته المرايا

وراحت عليه

تعوم

الشَاعِر والروائي حسن الموسوي شارك في هذه الأصبوحة بقصِيدةٍ وسمها بـ (رحيل)، ومِنها اخترنا ما يأتي:

اراك في وجوه المتعبين

الذين اكلت خطواتهم

أرصفة العناء

اراك في شفتيك

وهي تتلذذ

بشراب لا أعرف اسمه

و انت تتحدثين معي بغنج

وداعك كان مؤلما

احتجت عليه الطرقات

وهي تنفض عن كاهليها

هموم الغرباء

الذين مروا بصمت

دون أن يدركوا

معنى الرحيل

الشَاعِر الجميل نبيل الشرع الذي صدح ذات مساء قائلًا: "أطالب رد شوق مستدام *** لعل الصوت يأتيني هديلا"، قرأ قصيدته التي حملت عنوان (ناي  في بيت المساكين)، ومِنها:

هنُا يدارُ نبياً جرحهُ وطنٌ

 

يشاركُ البيتَ وصفِ السعيِ والقبلِ

به يعود وشاحُ الأرضِ مشتعلا

من عزّةِ الجرحِ جرحُ الطفّ لم يَملِ

 

سبحانهُ وطنٌ، موالُ آلهةٍ

ربت بهِ السيفَ، حتى شهقةَ  العدلِ

 

لا رافدانِ، ولا لونٌ، ولا مرحٌ

بيتُ المساكينِ نايٌ  في أسى الدُولِ

صاحبُ مجموعة (مطر صاعد إلى السماء) الشَاعِر والروائي منذر عبد الحر الذي نسج صورة سيزيف العراقي، كان له حضورًا في هذه الجلسةِ الشِّعرية بقصيدةٍ جاءت بعنوان (سأكذب عليك!)، والتي نجتزئ مِنها ما يأتي:

خذيني...

نعم خذيني

فجراً اول أو غرساً خارج الكلام

تعبت من لغة

تسير معك

ولا تؤدي إليك

خذيني...

أقل من فأس

وأكثر من موسيقى

افتحي ذراعيك لقمري

ولتكن شمسي وداعاً

يخجل منك

أدمني وهمكِ فيَّ

كما أدمنتُ وهمي فيك

ولنتعانق...

فحاذري وهمينا

انتِ على مشارف قلبي

وأنا على لسان روحك

جملة....

أو قصيدة

الشَاعِرُ حسين المخزومي الذي جهد في اختيار مقاطع مِن قصائِدِ شُعراء العربيَّة وهو يشارك في إدارة الجلسة، نادى على زميله الشَاعِر الجميل رافد القريشي لإلقاء قصيدته الموسومة بـ (فتمثل لها عناقا سويا،،)، والتي كانت مسك الختام، ومنها اخترنا الأبيات الآتية:

الفَيتُها عندَ المسا

تبغي الهروبَ  لكلِّ محفلْ

 

راودتها عن قُبلةٍ

قالت فداكَ الروح فافعلْ

 

فأنا التي خُلقت لكي

تغفو هنا وَ هنا تُقبلْ

 

أنا بالعناقِ شغوفةٌ

فتعالَ يا خلّي تَدللْ

***

لطيف عبد سالم

 

 

 

3065 دليلة حياويدليلة حياوي: أساتذة أكاديميون ونقاد عراقيون وعرب يحلّقون عميقاً في أشجار سعد ياسين يوسف..

توّج صالون جنان أركانة متعدد اللغات جلسته المئة بالاحتفاء بالمنجز الشعري الجديد للشاعر العراقي سعد ياسين يوسف (الأشجار تحلّق عميقا) بمشاركة نخبة من النقاد الأكاديميين والمثقفين من العراق، فلسطين، المغرب، الجزائر، أمريكا، ألمانيا، كندا، نيوزلندا، بريطانيا والسويد .

وأفتتح الصالون جلسته التي أدارتها الشاعرة المغربية ورئيسة الصالون الأستاذة دليلة حياوي بالتعبير عن سعادتها لتضييف (شاعر الأشجار) هذا اللقب المستحق الذي سبقها في إطلاقة العديد من النقاد وقالت: إن رمز الشجرة عند الشاعر سعد ياسين يوسف وفي قاموسه هي الحياة ورديفة للوطن وللقيم النبيلة والحبيبة والأسرة وهي الأم الرؤوم التي تزدهي بألوانها شعراً وتتمايل لسعد حروفه انتشاءً، وتئن الأشجار إذا ما خالط صفاء روحه حزن أو ألم لتغدق عليه من أوراقها فيكتب الشعر ويحلّي العالم بحلي موشاة يجتبي منها كلّ مهتم ومتأملٍ لمأساة الوجود المعاني العميقة.

استعرضت بعدها مديرة الصالون محطات مضيئة من السيرة الإبداعية للشاعر وما حققه على الصعيد العراقي والعربي من خلال احتفاء المدن والعواصم العربية بمنجزة مشيرة إلى إدراج سيرته ومنجزه في الموسوعات العراقية والعربية والتي كانت آخرها في الصيف الماضي حيث أدرجت سيرته مرفقة بنماذج من أشعاره بين دفتي الموسوعة الرقمية الثالثة خلال 2021 لصالون جنان أركانة، وهي الموسوعة التي يصدرها الناشرون الإيطاليون وتهتم بالمنجز الإبداعي للشعراء من البوسنة والهرسك، مقدونيا، إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، شيلي، كندا، استراليا، سويسرا، المغرب وإيطاليا .

قدمت بعد ذلك أ. د. فطنة بن ضالي أستاذة الأدب العربي والبلاغة في جامعة القاضي عياض في مراكش قراءتها النقدية والتي قالت فيها : إن أول ما يسترعي انتباه القارئ لمجموعة "الأشجار تحلق عميقا" للشاعر العراقي الدكتور سعد ياسين يوسف هو هذا العنوان، ويليه النصّ المفتتح المقتبس من كتاب " شجرة الكون" لمحيي الدين بن عربي والذي جاء فيه " إني نظرت إلى الكون وتكوينه، وإلى المكنون وتكوينه، فرأيت الكون شجرة"، فهو عتبة أخرى مؤطرة للديوان بعد العنوان، ففيه - على حد تعبير د. صبري محمد خليل : " تشبيه يُرجع أصل الكون إلى شجرة كبرى أصلها حبة "كن الإلهية "، والتي نشأ عنها التعدد والاختلاف في الأغصان وفي الثمار ...فكذلك البشر متباينون في مراتبهم ودرجاتهم مختلفون، وأصل نورها من حبة كن قد لقحت كاف الكونية بلقاح حبة ( نحن خلقناكم )، فانعقد من ذلك البزر ثمرة (إنا كل شئ خلقناه بقدر) .

فالشجرة مبجلة وموقرة في جلّ الشرائع السماوية والمعتقدات حيث ترمز إلى التبرعم والاتحاد بين الإنسان والطبيعة، وما دام الرمز كما يُعرّفه النقاد : " يعني كل ما يمكن أن يحل محل شئ آخر للدلالة عليه، سواء تم ذلك عن طريق المطابقة التامة أو عن طريق الإيحاء، وذلك لوجود علاقة عرضية أو علاقة متعارف عليها بين الشيئين، فإن الشاعر استعمل "الأشجار" بكلّ حمولاتها التشبيهية و الإيحائية والرمزية للدلالة على الإنسان، ولذلك كانت "الأشجار الإنسان" بؤرة تعبير انتظام ديوان "الأشجار تحلق عميقا" ومن ثم فلكلِّ شاعر أسلوبه ولغته ينتقي ألفاظها وجملها ومعانيها وأدواتها، وهي رهينة في هذا الانتقاء بمعارفه ولغته الطبيعية وبتجربته الإبداعية ورحلته العاطفية، بين الحزن والفرح، أو غيرها. مما يعطي لشعره حرارة صدق التجربة التي تجعل المتلقي يحس نفس الإحساس . ذلك أن حرارة صدق التجربة الشعرية لا تنبع فقط من معالجتها لقضية يؤمن بها الشاعر ولكن تأتي أيضا من اختيار أدوات التعبير الملائمة، وصياغتها صياغة متميزة، تحقق للشاعر الرؤية الفنية والرؤيا الشعرية، التي يقول عنها غالي شكري:

" فرؤيا الشاعر ليست هي المحتوى السياسي أو المضمون الاجتماعي أو الدلالة الفكرية، إنها تنحت خصائصها من جماع التجربة الإنسانية التي يعيشها الشاعر في عالمنا المعاصر بتكوينه الثقافي والسيكولوجي والاجتماعي، وخبراته الجمالية في الخلق والتذوق، ومعدل تجاوبه ورفضه للمجتمع، وطبيعة العلاقة مع أسرار الكون ".

وشاعرنا الدكتور سعد ياسين يوسف شاعر حداثي بما تنم عنه تجربته الإبداعية؛ إذ جاءت قصائده متميزة بأسلوبها ومقوماتها الشعرية .2719 الاشجار تحلق عميقا سعيد ياسين

قدم بعد أ .د . محمد عبد الرضا شياع أستاذ الأدب المقارن وتحليل النصّ والمقيم في سان دييغو في كاليفورنيا رؤيته النقدية عن المجموعة مؤكداً أن الشاعر سعد ياسين يوسف ينشدهُ بلغة التراب الذي يبلهُ الماء، فيغدو لوحاً لا يغادر صمته إلا بعود استلَّ من قلب شجرة به يرسم الإنسان تشوفاته ورؤاه، وهو يبتعد عن الصور الساكنة في ابتناء دوال القصيدة المتحركة نحو أعماق الروح والأرض في آن، فالحلم شجرة أيضا بها يكتمل الإنسان وهو يؤدي طقوسه الساحرة .

وقال إنَّ عنوان ديوان الأشجار تحلق عميقا ً هو هوية الشاعر الشعرية والإنسانية .. بها نحقب عميقا فنعيد معاينة الإدراك ونحن نبحث عن قبس نوقد به نار إدراكنا لتراب الأرض الذي بذر فيه الشاعر سعد ياسين يوسف حبات أشجاره الشعرية لتنمو بين أيدينا دلالات لعلَّ الروح تركن إليها شعوراً بالسكينة التي تمنحه إيقاعات الكلام متنسمين في عطر أور عنوان القصيدة الأولى:

"من طينهِ الفراتِ

قُدَّ قلبُهُ، قارورةً من أور

... هذا الّذي هفا للضفّةِ الأخرى

بصدرهِ المسكونِ بالنُّورِ

أجنحةً ما صَدَّها انهمارُ نيرانِكَ

الّتي أضحى بها مسلةً،

زقورةً....."

نجدنا هنا في التربة التي غرس فيها أشجاره الأولى الشاعر أو العراق سيان ولا أخالها إلا شجرة الحروف التي خبأها ابن عربي في جلباب أشجار الله لينثرها العراقيون الأوائل كلمات مسمارية في ألواح الطين يلملم فيها الشاعر خيالنا المبعثر مرسوماً بضوء الدم وعيا بمأساة الوطن."

" كم من الدَّمِ

يلزمُ هذهِ الأرضَ

لتَغسِلَ عَتَمةَ الحزن ِ

عن وجهِها،

ظلامَ ألفِ عامٍ وعام...؟!!"

إنَّنا بإشجار سعد ياسين يوسف نحلّق عميقا ممسوسين بوجع الأرض واحتراقاتها، أليس في العمق تكمن الروح وصلواتنا التي كتبها الربّ المتعالي حيث في كلّ سجود نرتقي صوب سدرة المنتهى مؤكداً أنَّ الشجرة رافقت الأنسان منذ النطفة الأولى فكانت ظلاً له ثم معنى حياة .

وقدم الأستاذ الدكتور عبد العزيز أبايا (المغرب) قراءة نقدية جاء فيها: يعد الشاعر سعد ياسين يوسف قامة شعرية وفكرية غنية عن التعريف وأنَّ القراءة النقدية لهذا الشاعر المبدع تحتاج إلى وقت أطول وتأمل أعمق لفلسفته الإبداعية التي لا يمكن أن تكتمل إلا باكتمال نظرتي إلى مشروعه الإبداعي . وقال : بما أن ابن عربي منح الشجرة بعدها الكوني والوجودي فإن الشاعر سعد ياسين جعل الشجرة هي الوطن والحبيبة والعائلة والأرض وقيم الكرامة والحرية والحبّ مشدداً على أن العنوان يشكل الرؤية العميقة والتي من خلالها تتحدد الدلالات العميقة لأي نصّ مما يشكل عنصراً بنيوياً يمنح النصوص كينونتها التي تسهل الولوج إلى حضرة القصائد وليكون مفتاح المجموعة وبابها وهذا ما كان في الأشجار تحلّق عميقاً ..مشدداً على أن عنوان المجموعة يتمتع بطاقة توجيهية هائلة فهو يهيمن على النصّ ويوجهه فلسفياً وفكرياً لذالك فقد أنتجت العنونة معنى خاصاً بها حيث ظلت تنسج داخل المجموعة كماً كبيراً من المعاني والدلالات التي تتناسل اعتمادا على التوليد والتأويل سيّما وأن علاقة الشاعر مع الأشجار هي علاقة وجودية فبها يحيى وبها يكون وقد أحالها إلى كائنات أنسية مقدسة، وإذا نظرنا إلى فلسفة الشاعر إزاء الشجرة - باعتبارها أصل الحياة- وأنسنته لها كما في دواوينه السابقة نجده قد جعل منها صوراً ناطقة لمحكياتنا بآلامنا اليومية التي نحملها بين صدورنا، بانتكاساتنا، وبأفراحنا .

وقال مايميز لغة الشاعر نَفَسهُ العالي وثقافته الواسعه ويتجلى هذا في مجموعته الشعرية هذه مثلما يتميز بعمق شعره بمجمله الذي يتغلغل في عمق المتلقي ليخلق دهشة وصدمة ينتج عنها تحريك ذهن القاريء وتفاعله معه ليجد القارئ نفسه في مواجهة عصارة أفكار وفلسلفات ليترك كلّ ذلك طعماً خاصاً لدى المتلقي سيما وأن الشاعر سعد ياسين يوسف يجمع بين الشعر والفن والبحث الأكاديمي والنقد وكم هو جميل أن يجتمع كلّ ذلك في المبدع بنفس الوقت .

وأستطرد قائلا ً: تتنوع المفارقات وتتعدد في المجموعة من المفارقة اللفظية وإلى أعلاها وهي مفارقة المواقف ليشكل هذا المعطى الجمالي جمالية المفارقة وهي من أحلى لحظات استمتاع المتلقي حيث الدهشة والصدمة التي تستولي على القارئ أو المستمع من أول وهله، ولذلك أمكن القول:

سعد ياسين يوسفإنَّ الشاعر سعد ياسين يوسف شاعر مجرب وخبير بحبك المصائد التي تُفقد المتلقي توازنه ليصرعه من أول قصيدة .

وقال أ. د. فرحان الحربي أستاذ الأدب الحديث في جامعة بابل في مداخلته لقد شدتني نصوص المجموعة ودخلتُ في عوالمها لتدفعني لقراءة وتقصي موضوعة التشيؤو من معطى القراءة التكوينية . وأضاف في مداخلته لقد ربطت العنونة بعمق النصوص فوجدت لها ارتباطا بنص اعتبرته بؤرة المجموعة إلا وهو نصّ (أوراق من شجرة التحرير) التي أعتبرُها بؤرة المجموعة التي جرت فيما بعدها بمتوالية شعرية في عوالم استدعائية للنصوص .

إن قضية التحليق عميقاً لا ترتبط بالمفارقة اللغوية فحسب إنما تمثل رؤية تتعلق بقضية الشهادة التي تنتمي إلى عمق الأرض وهنا يأتي التداعي بعد الاستبدال ليعطي المعنى قيمتين في الوقت ذاته . فالموت الذي يعني تحليق الروح سماويا في عالم الملكوت وفي الوقت ذاته الموت المادي الأرضي للجسد وهذا ليس تحييداً للجسد وإنما تجسيد لانتماء الجسد إلى الأرض في ركنه المادي , ومن هنا نقرأ التحليق عميقا على أنه فعل الشهادة والارتباط بالأرض .

أما في قضية التشيؤ التي من الممكن أن تكون محوراً في دراسة المجموعة مستقبلا فالتشيؤ في نظري يشكل نمطاً خارجياً للأفعال يسمح بتغيير انتقالي للحوادث الإنسانية والاجتماعية ففكرة التشيؤ تهييء لفكرة الاضمحلال للطابع الشخصي بمقابل التعميم .

لقد وجدت مواطن عدة يتمثل بها هذا التشيؤ، فحينما (يُقدُّ القلب من قارورة) فهذا تشيؤ، وبعد ذلك (يضحي مسلة وزقورة) أذن هذا تشيؤ لكنه عند سعد ياسين ليس اضمحلالا بل هو انتماء . وثمة مقطع آخر في قصيدة أوراق من شجرة التحرير التي عددتها البؤرة يقول سعد ياسين يوسف : " لكلٍّ جنَّتُهُ قالها ذلكَ اللّصُّ "المسلفن" وهو يضعُ حباتِ العنبِ بفمِ خليلتهِ العاريةِ في حديقةِ بيتهِ ""

"المسلفن" كلمة تشير إلى التغليف وإخفاء ما لا يظهر من الخارج وتصدر بشكل مجاني فهذا اللص مسلفن أذن هو متشيء ...وهناك شاهد آخر من شعره في (شجرة التحليق) حينما قال: "

"رفيفُ الأجنحةِ الَّتي حملتْنا ما زالَ.....

يحملُ طيفَ الأغاني الَّتي توقفتْ

غداةَ أشعلَ الغزاةُ الحرائقَ

في حقولِ الرِّيشِ الممتدّةِ

فوقَ ذراعينا لتُنبتَ فوقَها

مرايا الدُّخَانِ ."

" هنا يصبح الإنسان والأحلام وخصوصا المواطن العراقي مجرد ريش يحرقه الغزاة وهذا تشيؤ يعكس قدرة ومكنة الشاعر المبدع سعد ياسين يوسف في بناء وإعادة تكوين صوره الشعرية وفق مفهوم التشيؤ.

وقال الأستاذ الدكتور أحمد حسون حمادي (ألمانيا): إنَّ مجموعة سعد ياسين يوسف تحلّق عميقا وعاليا في فضاءات الإبداع وهنا أقول ما قاله مالارميه : إنَّ الشعر لا يكتب بالأفكار بل بالكلمات وقبله قال الجاحظ المعاني مطروحة على الطريق يعرفها العربي والأعجمي والبدوي والقروي وإنما الشعر في إقامة الوزن وتخيير اللفظ وسهولة المخرج وصحة الطبع وكثرة الماء وجودة السبك وإنما الشعر صياغة وضرب من النسج وجنس من التصوير ..

اليوم وجدت في هذا الشعر كثرة من الماء بل خضرة تحلق في الماء وأشير إلى قضية مهمة فأنا أعتقد أن د . سعد ياسين يوسف في هذا الديوان الذي اعتبرهُ عملاً متكاملاً، ليس بقصائد محدده بل بكليته، لأن الديوان عبارة عن قصيدة واحدة كبيرة تعبّر عن شجرة العراق سيّما وأنَّ الشجن سمة بارزة في الشعر العراقي وهو الأساس في الشعرية العراقية بل هو الماء وهنا يتجسد هذا الشجن كما يتجسد كذلك حينما نقرأ للسياب، ويكفي أن تطلعوا على شجرة الأغاني في مجموعة سعد ياسين يوسف هذه لتعرفوا كيف أنَّ الشجن العراقي ممثلا بكامله في شجرة الأغاني وبالتالي نحن أمام عمل يزخر بكمية هائلة من الأبهار معرفيا وجماليا .

القضية الأخرى التي أشار لها د . أحمد حمادي، هي قضية الوطن حينما قال إن َّ العراق منذ سقوط بغداد على يد هولاكو تم مسح هويته حتى في زمن الهيمنة العثمانية كنا بلد المدن الثلاث، لم نكن عراقاً ..ولذا كانت مشكلة العراقيين استعادة الاسم مع نشوء الدولة العراقية ولذلك ظلت هذه القضية طاغية تجد الوطن نسغاً في جسد القصيدة. وحول تمركز قصائد الشاعر سعد ياسين يوسف حول رمز الشجرة قال:

إنَّ كلّ شاعر لابد أن يجد له في ظل تعدد الشعريات معادلاً موضوعياً أو ثيمة خاصة وحتى أهل الأنساق الخاصة يقولون إن َّ النسق هو المؤلف الأول ولكنَّ النسق لا يختار إلا المبدعين لذلك وجدنا سعد ياسين يوسف مبدعاً في هذه المنطقة وله بصمته الخاصة وحسه ونسقه فعندما نقرأ مجاميعه نجد هذه الشجرة تشتغل بطريقة ذكية ومختلفة وأن مجموعته فيها من عمق المعاني ما يتيح قراءات كثيرة تنفتح فيها على معان ودلالات عميقة بدءاً من العنوان الذي من الممكن أن يحيلنا إلى معاني كثيرة (الأشجار تحلّق عميقا) ذلك أن الذات العراقية مهجوسة بالماضي تبحث عنه لتكشف عن نفسها في ذلك الجذر ولذلك فهي تحلق في الأعماق .

وأختتم الدكتور أحمد حمادي مداخلته بالقول: لقد شهدنا اليوم إعجازاً ابداعياً في هذه المجموعة ,مباركاً للصالون والشاعر سعد ياسين يوسف هذا الإنجاز .

وهنأ أ. د. سعد التميمي أستاذ النقد الحديث في الجامعة المستنصرية الصالون والأساتذة الذين قدموا قراءاتهم النقدية الرائعة للمجموعة وقال: إنَّ النصّ الجميل يولّد نقداً جميلاً وقراءات مختلفة مؤكداً أنَّ أي شاعر إذا أوقف نفسه على ثيمة معينة فإنه سيحتاج إلى جهد مضاعف حتى لا يكرر نفسه ويشكل له ذلك تحدياً لكنَّ الدكتور الشاعر سعد ياسين يوسف الذي اختار في ستِ من مجاميعه الشعرية ثيمة الأشجار قد نجح في هذا التحدي الكبير لأنه خلق لنا معجما ً من هذه المجاميع بدلالات متعددة وكبيرة وهذا هو الشعر فالمفارقة والانزياحات تعطي الشاعر قوة تفجير المفردة بدلالات كبيرة .

وقدم الشاعر د . سعد ياسين يوسف قراءات لعدد من قصائد المجموعة تخللت القراءات النقدية فيما قدم الصالون قصيدة متلفزة بعنوان (سحر أحمر) وهي للشاعر المحتفى به كتبها عام 2011 عند زيارته لمراكش التي فجعت آنذاك بتفجير مقهى أرگانة من قبل قوى الإرهاب تغنى بها الشاعر بأصالة هذه المدينة وساحتها وطيبة أهلها معرباً عن تضامنه معهم .

 

كتبت دليلة حياوي (روما)

 

 

في لقاء فكريّ ضمّ نخبةً من الأدباء والمهتمين بالشؤون الثقافية في دبيّ، أهدت الكاتبة مروة كريدية أحدث إصداراتها الأدبية لروّاد الأعمال الإنسانية وللشباب العاملين من أجل غدٍ أفضل، حيث ألقت الضوء على قطوفٍ مختارة لمضامين القضايا التي تدور حولها تلك الأعمال. لا سيما  كتاب "حوارات وآفاق" ورواية " على دروب الصفاء" .

مروة كريديةوحول كتابها "حوارات وآفاق: سيرة فكرية بين محاور السياسة ومعابر الفن والأدب" أشارت إلى أنّه مجموعة نقاشات ومقالات تناولت فيها موضوعات شتّى، وتعكس تأملاتها حول الوجود والوطن والانسان والثورة، كما وقفت فيه مع أعلام العمل اللاعنفي في العصر الحديث كالمهاتما غاندي وبعض أعلام التصوف كإبن عربي والنفّري وجلال الدين الرومي. حيث قالت:"على الرغم من تنوع الموضوعات التي تتراوح بين المحاور الفكرية العامة والخبرة الروحية الخاصة، فإنّها تشترك في رسالة الحرية التي توقظ الوعي،  في مسعى لحضور انساني أكثر ايجابية في هذا الوجود "

كما تداول الحضور رواية  "على دروب الصفاء" الصادرة مؤخرًا، حيث تناولت فيها الكاتبة خفايا النفس البشرية والعلاقات الحميمة، بهدف مواجهة كافة المفاهيم الرسميّة السائدة التي اعتاد الناس عليها وتناقلوها عبر الأجيال على شكل يقينيات، وذلك من خلال الحبكة القصصية التي تكتنز حوارات فلسفية بين شخوصها كما تترك القارئ امام نهايات لأسئلة مفتوحة تعكس الرؤية الوجودية والمرامي الصوفية للكاتبة.

وردًّا عن سؤال حول الفرق بين كتبها الفكرية وعملها الروائي قالت: "مضمون رسالتي الانسانية واحد وإن اختلفت سبل التعبير، وبغض النظر عن نوع الكتابة سواء كانت شعرًا أم روايةً أو حتى مقالاً سياسيًّا، فإنّ الأهم هو البُعد الإنساني الذي ينبغي أن يرقى بالقارئ إلى تخوم معرفة قوامها المحبة، وانّنا كبشر نتشارك مصير هذا الكوكب الذي نحيا عليه وانه علينا ألا نغفل عمل الروح في ضوضاء الأحداث المتسارعة والمنفلتة في آن معًا في هذا العصر "  

3220 مروة كريديةكما أعربت الكاتبة عن عميق امتنانها لأصدقائها في الامارات وحبها لمدينة دبي حيث قالت:" ان كانت بيروت هي مهد طفولتي فإن دبي بالنسبة لي هي  مرابع شبابي، لقد عشت فيها قرابة 20 سنة حيث أمضيت اجمل أيام عمري وعملت في مؤسساتها الثقافية، وكامل عائلتي تقيم فيها منذ عقود، ولي فيها أوفى الأصدقاء، لقد واكبتُ تطور تلك المدينة  قبل مطلع الألفية، تلك الأعجوبة الحضارية الرائعة التي احتضنت ثقافات الأرض وكانت جوهرة عالمنا العربي وعلّمتنا ان لا مستحيل ان وجدت الإرادة الصادقة، واني أحرص دوما على ان امضي جزءًا من إجازتي هنا حيث التقي أهلي وقدامى الأصدقاء ."

وفي نهاية اللقاء الذي اقيم في دبي داون تاون، وقعت الكاتبة اصداراتها وأهدتها للحضور والمشاركين .

الجدير ذكره ان مروة كريدية هي كاتبَة لبنانيّة مقيمَة في الولايات المتّحدة الأميركية. تفرغت لدراسة  ظواهر العنف في المجتمعات وقد حازت على عديد من شهادات التقدير لجهودها، منها إدراج إسمها على نُصب التسامح في ولاية ألاباما الأمريكية، الذي يكرم المدافعين عن القيم الإنسانية والسلام ويشرف عليه مركز الحقوق المدافع عن الحريات ومكافحة العنصرية وخطابات الكراهية.  لها العديد من الإصدارات الفكرية منها: حوارات وآفاق، رهانات السلام، استراتيجيات الأمل في عصر العنف، عواصف النسيان،  لوامع من بقايا الذاكرة .

 

 

أقام قسم التربية الاسلامية في كلية التربية الأساسية بجامعة واسط يوم الأحد الموافق 12/12/2021 حلقة نقاشية عن (ألفاظ السماء والارض في شعر يحيى السماوي).3096 حلقة نقاشية حول السماوي

تضمنت الحلقة النقاشية التي قدمها المدرس المساعد فراس خضير الطابو عمل إحصاء عن ألفاظ السماء والأرض في دواوين الشاعر يحيى السماوي (قليلك لا كثيرهن، أطفئيني بنارك، نهر بثلاث ضفاف) وتحليل بعض النماذج الشعرية التي تحتوي على ألفاظ السماء والأرض في شعر السماوي التي تعدُّ مظهراً من مظاهر الطبيعة وتوضيح دلالة الألفاظ في كل نص بحيث أنّ الشاعر وظف الكثير من ألفاظ السماء توظيفا يتماشى مع الغرض وطبيعة الموضوع الذي يريد الشاعر الحديث عنه، وقد اعتمد عليها السماوي في شعره .3098 حلقة نقاشية حول السماوي

واستطاعت مفردات ألفاظ السماء المتنوعة أن تتحول إلى رموز سواء كلية على مستوى القصيدة أو جزئية على مستوى السياقات التركيبية، معبرة عن تجارب شعرية مختلفة. وكان لألفاظ السماء والارض الأثر الكبير والفاعل في دواوين الشاعر يحيى السماوي مما يدل على اهتمام الشاعر بالطبيعة ورسم لوحات فنية جميلة ملؤها الحياة والجمال. وتدخل الجانب النفسي في تصوير الطبيعة وذلك من خلال توظيف الفاظ السماء للتعبير عن خلجات النفس وإعطائها ثوباً آخر غير الذي عرفت عليه قاموسيا .3097 حلقة نقاشية حول السماوي

 أدار حلقة المناقشة أ. م. د. فالح عبد الله الشلاهي، وبحضور عدد من الأساتذة وطلبة الدراسات العليا .

يُذكر أن الباحث المدرس المساعد أ. فراس خضير الطابو على وشك مناقشة أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه والموسومة (الحقول الدلالية في شعر يحيى السماوي) في جامعة رازي كرمانشاه الإيرانية .

 

 

علي القاسميكلمة علي القاسمي في الندوة العلمية حول الترجمة وتعليم اللغات والتعدد اللغوي، التي أقامتها جامعة القاضي عياض بمراكش لتكريمه يومي 24و25 نوفمبر 2021. وهي الجامعة الخامسة التي بادرت لتكريمه.


 أصحاب المعالي والسعادة والفضيلة،

أبنائي وبناتي الطلبة الأعزاء.

شكراً جزيلاً لتشريفي وإسعادي بمشاركتكم وحضوركم الكريم في هذه الندوة العلمية الرائعة، في هذه المدينة العريقة الجميلة، أجمل مدن إفريقيا، بحسب دراسة سويسرية. والذي قد لا يعرفه بعض السويسريين أن أهل المغرب من أكثر الناس ثقافة، وكرماً، وحفاوة بالغريب. لقد درستُ في أعرق الجامعات العربية والغربية، وزرتُ معظم مدن العالم الكبرى، ووجدتُ سعادتي في المغرب العزيز.

إن موضوع السعادة هو أهمُّ موضوع في الدراسات الإنسانية في الوقت الحاضر، حتى أخذت دول العالم تؤسِّس وزارات خاصة بالسعادة، لأن السعادة منتهى الفكر الإنساني وغاية الأفعال البشرية.

والسعادة، لغةً، مشتقة من الفعل (سعدَ) ويمكن تعريفها بأنها حالة من الرضا يشعر بها الإنسان في أعماقه نتيجة الاستقرار النفسي والعاطفي الذي يحس به. والسعادة نقيض البؤس والحزن والشقاء، وذات علاقة بالحظ. فمن مشتقات الجذر (س ع د) كلمة (السعد) التي تدل على الحظ. فالإنسان السعيد هو إنسان محظوظ حقاً.

أما اصطلاحاً، فإن أحد فروع الفلسفة الكبرى يُطلق عليه اسم (فلسفة السعادة). ويضم هذا الفرع تلك الدراسات التي تتناول صورة الدولة أو المدينة المثالية التي تحقق سعادة مواطنيها. فتتناول ضرورة السلطة فيها، وغايتها، وطرائق عملها، وعلاقتها بالناس. ولعل افلاطون (427ـ347 ق.م.) وهو واسطة العقد في الفلسفة اليونانية القديمة، فهو تلميذ سقراط وأستاذ ارسطو، من أوائل الفلاسفة الذين تناولوا هذا الموضوع في كتابه الشهير " الجمهورية". فقد افلاطون (العدالة) وإعطاءَ كلِّ ذي حق حقه، أساس السعادة. بيدَ أن فصله الصارم بين طبقات المجتمع في كتابه: طبقة الفلاسفة أو القادة، وطبقة الجند، وطبقة الصنّاع، هو مما دعا الفيلسوف الإسلامي أبو نصر محمد الفارابي (ت 339هـ/حوالي 950م ) إلى تأليف كتابه " آراء أهل المدينة الفاضلة". فالفارابي يقرّر "احتياج الإنسان إلى الاجتماع والتعاون"، ويرى أن اجتماع الناس في مدينة يعود إلى إرادتهم واختيارهم. والمدينة في حاجة إلى سلطةٍ تنظم شؤون المجتمع وتحرص على توفير ما يلزم أفراده من أمن ومأكل وملبس وغيره. ورئيس السلطة في المدينة الفاضلة هو بمثابة القلب من البدن. ونبغي أن يتوفر على العِلم والمعرفة وجميع الصفات الخلقية المثلى، أو معظمها. وفي أوربا ألّف كثير من الفلاسفة كتباً من هذا النوع أُطلق عليها " يوتيبيا" أي مثالية لا يمكن تحقيقها في الواقع، مثل الفيلسوف الإنكليزي فرانسيس بيكون (1561 ــ 1626م) في كتابه " مدينة الأطلنطس الجديدة"، والفيلسوف الإيطالي توماسو كامبانيلا (1568ـ 1639م) في كتابه " مدينة الشمس" وغيرهم كثير.

ويختلف الفلاسفة في العصور المتعاقبة في مفهوم السعادة تعريفها وأنواعها، بسبب تباين منطلقاتهم الفكرية واختلاف منهجياتهم العلمية، فثمة سعادة شخصية وسعادة جماعية، ولكل جنس أنواع فهنالك سعادة فكرية وأخرى روحية وثالثة جسدية، وجميعها ترتبط بالخير والحق والجمال.

وقد حدَّد نبينا سيدنا محمد (ص) شروط السعادة بثلاثة: الأمن، والصحة، والكفاية المادية. فقال:

(مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا). وفي هذا الحديث الشريف تذكير بالآية الكريمة:

﴿فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مّن جوع وآمنهم من خوف﴾

هذه هي شروط السعادة. ولكن تحقيقها عملياً يتطلّب أن تتوافر في الفرد صفات يعمل هو على اكتسابها، كما يخبرنا علماء التحليل النفسي الحديث، فقد يعيش الفرد في بلد آمن وفي صحة جيدة وفي معيشة ميسرة، ومع ذلك لا يشعر بالرضا والسعادة. وفي طليعة الصفات الواجب توافرها في الفرد لتحقيق السعادة عملياً، التفكير الإيجابي الذي يتأتى في نظري من محبة المكان الذي يقيم فيه الإنسان، ومحبة الناس الذين يعيش بينهم، ومحبة العمل الذي يزاوله. فبالحب ينفعل الوجود. وهذا ما وفّره لي المغربُ العزيز بكل سخاء. فالبلدان على نوعين كما يخبرنا العلامة ابن خلدون في مقدمته الخالدة: بلدان جاذبة وبلدان طاردة. وأعتقد أن المغرب العزيز في مقدمة البلدان الجاذبة.

أما الحظُّ، فأنا أؤمن بالقضاء والقدر، وأعدّ قدري قدراً رحيماً رئيفاً بي، وأُحس في أعماقي بأنني ذو حظ كبير، وأنَّ قدري هو الذي أتى بي إلى المغرب العزيز. فعندما حصلتُ على الدكتوراه بتخصُّص في المعجمية والمصطلحية من جامعة تكساس في أوستن سنة 1972، عرض عليَّ استاذي المُشرِف الدكتور أرتشبولد أي هيل، رئيس الجمعية اللسانية الأمريكية ورأس المدرسة البنيوية في أمريكا آنذاك ترشيحي للعمل في جامعة كنساس في آركنسول. بيد أني كنتُ قد أُصبتُ بمرض نسمّيه " الحنين إلى الوطن" ويسمّيه الفرنسيون Mal du pays, ويسمّيه الإنكليز  Homesickness. وتسميته لديهما أدقّ لأنه عندما يشتد هذا المرض على الفرد، تصيبه الحمّى ويعاوده الغثيان والدوخة. ولهذا كتبتُ إلى الدكتورة سعاد خليل إسماعيل البستاني، وزيرة التعليم العالي (وهي خالة ابني حيدر وبينا مودة) عن رغبتي في العودة إلى وظيفتي السابقة في جامعة بغداد. فكتبت إليّ راجية ألّا أعود إلى بغداد، زلأن الحكم كان انقلابياً عسكرياً شمولياً، وهي تعرف بعض كتاباتي عنه. وعلم بوضعي زميلي وصديقي المغربي الدكتور عزيز عباسي، فاقترح عليّ أن أتقدم بطلبٍ للعمل في جامعة محمد الخامس التي كانت تعرّب الدراسات الإنسانية. ففعلت ومن حسني حظي قبلتني. ومنذ سنة 1972 ومنذ ذلك الحين إلى اليوم، أعيش قصة حب مع المغرب العزيز، مع احتفاظي بجنسيتي العراقية وحدها واعتزازي بها.

وقعتُ في حب المغرب من النظرة الأولى. فطبيعته جميلةٌ خلابة، سهلاً وصحراءَ، تطرزها سلاسل الجبال الشامخة الأبية من سلسلة جبال الريف شمالاً وسلسلة جبال الأطلس: الصغير، فالمتوسط، فالكبير الذي يطلّ على مدينتكم الفاتنة، مراكش، ولا تملُّ أعلى قمة فيه " توبقال" من التحديق في جمال هذه المدينة الآسر. والمغرب غني بالهضاب، والتلال، والوديان التي تسحرني أسماؤها: وادي أم الربيع، وادي أبي رقراق، وادي البهجة. والمدهش في وديان المغرب وأنهاره، أنها جميعاً تنبع من الأراضي المغربية، فلا خوف على المغرب العزيز من ندرة المياه وحروبها التي يتنبأُ بوقوعها قريباً علماء المستقبليات.

أما الشعب المغربي العظيم فيتوفر على صفات الكرم الأصيل، والطبع النبيل، ودماثة الخلق الجميل. وأود أن أضرب مثلاً واحداً على كرم المغاربة ذلكم هو إنشاؤهم دار البلارج (أي اللقالق) في مراكش. وكانت هذه الدار في الأصل مشفى لعلاج اللقالق، وتقع في مدينة مراكش العتيقة بين مسجد علي بن يوسف بن تاشفين ومدرسته.  ويقدّر المؤرخون أنها أُنشِئت في العهد المرابطي أو في العهد الموحّدي (أي خلال القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلاديين) أو في القرن الثامن عشر الميلادي.  وأرجح أن هذا المشفى أُنشئ في العهد المرابطي، لسببين: الأول أن الحي الذي يقع فيه كان قد أُنشئ برمّته في العهد المرابطي، كما أخبرتني الشاعرة الرائدة الأستاذة مليكة العاصمي المتخصّصة في التقاليد الاجتماعية لمدينة مراكش وتاريخها، والثاني أنه يوجد دار للبلارج في مدينة فاس بالقرب من ضريح مولاي إدريس الثاني، منذ ذلك العهد، كما يُرجَّح. وتعرَّضتْ دار البلارج في مراكش للإهمال في فترات متعددة. ثم اعتنى بها الأمير مولاي عبد السلام بن السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله (1710ـــ 1790) الذي يوصف بأنه عالم السلاطين وسلطان العلماء، وتسمى جامعة فاس اليوم باسمه الكريم " جامعة سيدي محمد بن عبد الله، وهو أول حاكم في العالم يعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1767. فاقتنى ابنه الأمير مولاي عبد السلام دار البلارج المهملة ورمّمها وجهزها وأوقفها (حبّسها) بوصفها مشفى للقالق.  وبعد مدة من الزمن، تسربت يد الإهمال والخراب إلى هذه المعلمة المعمارية.3022 علي القاسمي

وفي سنة 1998، أُعجبت المهندسة المعمارية السويسرية سوزان بيدرمان إليوت، بمعمار هذه الدار القديمة المهملة. وعندما عرفت أنها كانت مستشفى للقالق قبل قرون عديدة، أصابها العجب الشديد؛ لأن أوربا في ذلك الوقت البعيد لم تكن لديها مستشفى واحد للبشر، وكان المرضى يُعالجون بالسحر والشعوذة والضرب المبرّح لإخراج الأرواح الشريرة من أجسادهم طبقاً لزعم الكنيسة آنذاك، فما بالك باللقالق؟! فأنفقت هذه المهندسة المعمارية ملايين الدولارات على شراء الدار وتجديد رونقها، واستعادة شيئاً من جمالها الأصلي، وتحويلها إلى مركز ثقافي رائع. (وأحث ابنائي وبناتي الطلبة على زيارتها).

عندما أطلعتُ على موضوع مستشفى اللقالق، طرأ على ذهني سؤال أرقني عدّة ليالٍ، وهو لماذا اختار المغاربة إنشاء مستشفى للقالق، وليس للأبقار أو الأغنام أو الدجاج وهي كثيرة في بلادهم الجميلة؟؟؟!!!

طبعاً هنالك أجوبة محتملة كثيرة تنبع من الأساطير الشعبية المغربية عن اللقالق. (وهذه الأساطير تستحق أن تكون موضوعاً لرسالة جامعية). ولكن تلك الأجوبة لم تشفِ غليلي. وفي ذات ليلة، والليل يأتي بالفكِر والنصائح، كما يقول المثل الفرنسي La nuit porte conseil) )، اهتديتُ إلى الجواب الذي اطمأنت إليه نفسي، وهو أن الكرم في المفهوم العربي الإسلامي هو إكرام الغريب، وليس إكرامَ الأهل والقريب فهّذا الأخير واجبٌ وليس كرماً. وقد ورد ذلك في سورة الروم في القرآن الكريم:

﴿وآتِ ذا القربى حقَّهُ والمسكين وابن السبيل، ذلك خير للذين يريدون وجهَ الله وأولئكَ هم المفلحون﴾

واللقلق ليس من أهل البلاد بل يعيش عادة في أوربا، وفي فصل الشتاء عندما يشتد عليه البرد والثلوج والأعاصير فتشكّل خطراً على صحّته وحياته، يفرُّ لاجئاً إلى المغرب الدافئ، فينزل على المغاربة الكرام جاراً لشهور معدودة، وهذا يسمى بالهجرة الموسمية للطيور. فينظر المغاربة الكرام إليه بوصفه غريباً استجار بهم. فإذا وقع له حادثٌ وانكسرت إحدى ساقيه الطويلتين الرقيقتين، مثلاً، وجاء إلى المغاربة كسير الساق، هبوا إلى نجدته ومعالجته وتجبير ساقه في دار البلارج،، ليعود سالماً إلى بلاده. وهذه من شيم العصر الجاهلي التي أقرها الإسلام. يقول الشاعر الجاهلي السموأل مفتخراً:

تــُعـيّرُنا أنّــا قـــليــــــلٌ عديـدُنا ... فقلتُ لها: إنَّ الكرامَ قليلُ

وما ضرَّنَا أنّا قليلٌ، وجارُنا ... عزيزٌ، وجارُ الأكثرينَ ذليلُ

وقد ورد في القرآن الكريم: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَه ...﴾

إضافة إلى ذلك أن الحيوانات الأخرى التي ذكرنا من أبقار وأغنام ودجاج لها أهلها من الفلاحين الذي يمتلكون ثقافة بيطرية عريقة مورثة تمكّنهم من العناية بهذه الحيوانات ومعالجتها.

وبعد أن اطمأنت اللقالق إلى كرم المغاربة ودماثة أخلاقهم وحسن معاملتهم للغريب واعتيادت على طعامهم وطقسهم، أخذ بعضها يستقرُّ طوال حياته في مراكش وفاس والقنيطرة، ، وتخلى عن عادته وديدنه في الهجرة الموسمية منذ آلاف مؤلّفة من السنين، كما تدلّنا البحوث العلمية الأخيرة.

وأنا، يا تُرى، هل كنتُ واحداً من هذه اللقالق، جاء إلى المغرب كسير القلب، فاراً من حكم شمولي عسكري وما تلاه من حكم محاصصة طائفية فاسد، لاجئا إلى بلد الكرام. فأخذ المغاربة يكثرون من إغداق كرمهم الكبير علي، مثل هذه الندوة التي أعتز بها وأتشرف؟؟؟

وعلاوة على أخلاقهم الحميدة الرفيعة وكرمهم الحاتمي، يتصف المغاربة بعلوّ الهمة، وعزة النفس، وشدّة البأس؛ فهم لا يصبرون على ضيم، ولا يسكتون عن ظلم، ولا يقبلون بالذل. فللمغاربة شموخُ جبالهم، وجموحُ خيولهم، وشجاعةُ أسلافهم. شجاعةٌ لا تدانيها شجاعة عنتر بن شداد، وعزةُ نفسٍ لا تضاهيها عزّة نفسه، وهو القائل:

حكِّم سُيوفَكَ في رِقابِ العُذَّلِ ... وَإِذا نَزَلتَ بِدارِ ذُلٍّ فَاِرحَلِ

وَإِذا بُليتَ بِظالِمٍ كُن ظالِماً ... وَإِذا لَقيتَ ذَوي الجَهالَةِ فَاِجهَلي

وَإِذا الجَبانُ نَهاكَ يَومَ كَريهَةٍ ... خَوفاً عَلَيكَ مِنَ اِزدِحامِ الجَحفَلِ

فَاِعصِ مَقالَتَهُ وَلا تَحفِل بِه ... وَاِقدِم إِذا حَقَّ اللِقا في الأَوَّلِ

وَاِختَر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ... أَو مُت كَريماً تَحتَ ظِلِّ القَسطَلِ

(والقسطل، هو الغبار الكثيف الذي يُثار في ساحة المعركة من الخيول وغيرها)

 وأكتفي بضرب مثل واحد على شجاعة المغاربة النادرة، بمعركة " وادي اللبن" التي وقعت بين الجيش الإنكشاري للإمبراطورية العثمانية والجيش المغربي سنة 1558.

ولكي ندرك دلالات هذه المعركة يجب أن نطّلع على سياقها التاريخي والعسكري. فنقول إنها جرت في عهد السلطان العثماني العاشر سليمان القانوني الذي يُعدُّ من أعظم السلاطين العثمانيين، فقد بلغت الإمبراطورية العثمانية في عهده أوج عظمتها. تولّى الحكم في الخامسة والعشرين من عمره وحكم 46 عاماً (من سنة 1520 إلى سنة 1566 م) وتمكّن بدهائه وحزمه وإقدامه من توسيع حدود الإمبراطورية العثمانية في أوربا وآسيا وإفريقيا. ففي أوربا ضم إلى إمبراطوريته جزيرة رودس اليونانية، وفتح بلغراد، ودحر مملكة المجر بعد أن أباد جيشها المجري الأوربي المؤلف من مقاتلين وفرسان اوربيين يفوق عددهم مئتي ألف مقاتل بمباركة البابا نفسه، واصطدم مع النمسا وحاصر فينا، وحارب البرتغاليين في المحيط الهندي والخليج العربي. فهو قائد عسكري متمرس، وجيشه الإنكشاري هو نخبة الجيش العثماني أو حرس السلطان، الذي يُدرَّب أفراده منذ طفولتهم وأغلبُهم من الإيتام أو الأطفال الذين فُصلوا عن عوائلهم ويتعلمون، فنون القتال والحرب منذ نعومة أظفارهم، وأبوهم الروحي هو السلطان نفسه. وفي زمانه كانت الأساطيل العثمانية ومدفعيتها واسلحتها النارية هي الأقوى في العالم.

كان أبوه السلطان سليم الأول (حكم من 1512ــــ1520) هو الذي ضم الجزائر إلى الإمبراطورية العثمانية سنة 1515، وفي سنتي 1516 و1517 دخل الشام ومصر الموحَّدتين تحت حكم  السلطان المملوكي قانصوه الغوري. أما السلطان سليمان القانوني فقد استكمل ضم ليبيا وتونس، واكتفى بقيام الوطاسيين في فاس بالدعاء له في خطبة الجمعة وضرب النقود باسمه. ولكن عندما تولّى السلطان السعدي الثالث محمد الشيخ الحكم (من 1540ــــ1557م)، حقق انتصارات باهرة على البرتغاليين وأخرجهم من ّالثغور، وقضى  على حكم الوطاسيين في شمال المغرب لتوحيد البلاد. فأرسل إليه السلطان العثماني سليمان القانوني رسولاً يحمل خطاباً فيه أجمل التهاني له لانتصاره على الوطاسيين، ويدعوه بلطف إلى الدعاء للسلطان العثماني على منابر المغرب، وضربِ النقود باسمه. ولما طلب الرسول الجواب من السلطان المغربي، كان جوابه للرسول: " لا جواب لك عندي حتى أكون بمصر إن شاء الله وحينئذ أكتب لسلطان القوارب" كما يخبرنا المؤرِّخ أحمد الناصري في المجلد الخامس من كتابه "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصا".

وفي جواب السلطان المغربي تلميحان: الأول إلى نيته في تحرير البلدان العربية في شمال إفريقيا من الحكم العثماني، والثاني السخرية من السلطان العثماني الذي وصفه بسلطان القوارب أو سلطان الحوّاته (أي صائدي السمك) لكثرة اساطيله البحرية. وعندي أن السلطان المغربي على حق، فمن المؤسف أنّ العثمانيّين لم يعاملوا الشعوب العربية التي حكموها بروح الإخوَّة الإسلامية الإنسانية، بل باستعلاء المستعمرين واستغلال المستثمرين. كما يخبرنا المؤرّخ الجزائري سعد الله بلقاسم في كتابه " تاريخ الجزائر الثقافي من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر " بقوله:

" كان المفروض أن يطبِّق الحكام العثمانيون تعاليم الإسلام في الحكم، وأن يؤاخوا بينهم وبين السكان، وأن يشاوروهم في الأمر، وأن يفسحوا المجال أمامهم، وأن يختلطوا بهم ويخالطوهم، ولكنهم في الواقع أساءوا التصرف، كمعظم الحكّام عندئذ، فحكموا كفئة متميزة واحتكروا الحكم في أيديهم طيلةَ الفترة العثمانية، واستبدوا بالسلطة، واستذلوا السكان واستعلوا عليهم، وعاملوهم معاملة المنتصر للمهزوم".

ومن خبرتي الشخصية ومطالعاتي، وقفت على شيء كثير من هذا.  فعندما كنتُ أبحث، في دار الكتب المصرية بالقاهرة، عن مخطوطةٍ في علم المصطلح لتحقيقها، عنوانها " توالي المنح في أسماء ثمار النخل ورتبة البلح" لقاضي القضاة إمام المالكية في زمانه بدر الدين القرافي (1533ـ1601م)، لم أعثر عليها، على الرغم من مساعدة صديقي العالِم الدكتور محمود فهمي حجازي رئيس دار الكتب نفسها آنذاك ، الذي شرح لي أن السلطان العثماني سليم الاول أمرَ بعد دخوله مصر سنة 1517م ، بنقل جميع المخطوطات المصرية إلى الآستانة ما عدا كتب المذهب الحنفي، وهو المذهب الرسمي للإمبراطورية العثمانية، كما نقل جميع الحرفيين والمهنيين والعلماء المصريين إلى تركيا، ما أدى إلى انخفاض المستوى الثقافي في مصر وتدهورها وتقهقرها اقتصادياً واجتماعياً، فالثقافة أساس التقدم. وعندما عدتُ إلى المغرب العزيز، ساعدني الأخ العالِم الدكتور أحمد التوفيق الذي كان آنذاك محافظا للخزانة الوطنية بالرباط، على العثور على المخطوطة المذكورة، فحققتُها ونشرتُها في كتابي " التراث العربي الإسلامي : تساؤلات وتأملات".

وبعد أن تأكَّد السلطان العثماني سليمان القانوني من إباء السلطان المغربي محمد الشيخ ورفضه لأية سلطة أجنبية على المغرب العزيز، لجأ إلى أسلوب لا يليق بالشجعان الكرام، ذلكم هو التحايل لاغتيال السلطان المغربي. وعندما حصل ذلك، استلم الحكم السلطان السعدي الرابع عبد الله الغالب (حكم من 1557 ـ1574)، وهو ابن السلطان محمد الشيخ، وأثبت صحة مقولة " هذا الشبل من ذاك الأسد". إذ ظن السلطان العثماني سليمان القانوني أنه إذا عاجل السلطان الجديد في بداية حكمه، بحملة عسكرية كبيرة سيحقّق النصر عليه. وهكذا وجه أكبر حملة بحرية من الإنكشارية المشاة والفرسان، فنزلت بالجزائر والتحق بها الجيش العثماني هناك، وقادها العسكري المحنّك حسن بن خير الدين باشا حاكم تلمسان العثماني، ثم دخلت المغرب. فتصدى لها السلطان السعدي عبد الله الغالب، وقاد بنفسه جيشه الصغير، وسرعان ما التحقت به القبائل المغربية المعروفة بنخوتها وشهامتها، ووقعت المعركة خلال شهري مارس وأبريل من سنة 1558م بالقرب من وادي اللبن (في ولاية تاونات حاليا) شمال فاس، وعلى الرغم من أن المعركة غير متكافئة من حيث العدد والعُدّة، بل تميل كثيراً لصالح العثمانيين، فإن المغاربة حققوا نصرا مؤزَّرا باهراً مُبِينا، بفضل ثباتهم ونخوتهم وشدّة بأسهم وشجاعتهم التي لا تضاهى.  وتمكَّن السلطان الشاب عبد الله الغالب من إذلال أعظم سلاطين العثمانيين، السلطان سليمان القانوني الذي لاذ جيشه الجرّار بالفرار ووُصِم بهزيمة نكراء. ومنذ ذلك التاريخ لم يجرؤ السلاطين العثمانيون على محاولة فرض سيطرتهم، ولو الرمزية، على المغرب العزيز، خشيةً من هزيمة أخرى تنال من هيبة الإمبراطورية العثمانية. وهكذا شاعت مقولة " المغرب هو البلد العربي الوحيد الذي لم تحكمه الإمبراطورية العثمانية".

ولكون المغرب الدولة العربية الوحيدة التي لم تخضع للحكم العثماني، إلا خضوعاً جزئياً رمزياً لفترة قصيرة، مزايا كثيرة، أضرب منها واحدة تتعلق باللغة العربية. فالمغرب في مجال المصطلحات الإدارية، مثلاً، لا يعاني مشكلة الازدواجية المصطلحية، لا الازدواجية التاريخية ولا الآنية، فحافظَ على منظومة المصطلحات الإدارية العربية المستعملة منذ صدر الإسلام: الوالي، العامل، القايد، المقدم، المحتسب، ديوان المظالم، إلخ. ، على حين نجد أن مفاهيم هذه المصطلحات في بقية الدول العربية تعاني الازدواجيتين التاريخية والآنية. ففي الإدارتين العراقية والأردنية، مثلاً، نجد: المتصرف، والقائمقام، ومدير الناحية،والمختار ، إلخ.

وقد يتساءل السامع عن كيفية اتصاف المغاربة بشدة البأس والشجاعة الفائقة على الرغم من لطفهم ورقتهم ودماثة أخلاقهم، وهي صفات تكاد تكون متناقضة، و"النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان"، كما يقول الدرس المنطقي. نجد الجواب والتعليل في (فلسفة الأخلاق)، فثمة بابٌ يُسمّى بـ " تكامل الأخلاق". فالإنسان الشجاع، يتحلّى في الوقت نفسه بالكرم، والصدق، وعدم النفاق؛ لأن الإنسان الذي يجود بروحه الزكية من أجل كرامته ووطنه ـــ والجود بالنفس أقصى غاية الجود ـــ يهون عليه أن يجود بماله لمساعدة الفقراء والمحتاجين؛ ولا يكذب، ولا ينافق، فهو لا يخشى في الحق لومة لائم؛ وهو متواضعٌ في الوقت نفسه، لأن التواضع نتيجةُ الثقة بالنفس، وهكذا.

ومن دواعي سروري وبوعث بهجتي وسعادتي أن المغرب العزيز ذو ثقافةٍ عريقة، وحضارة تليدة، وتراث لامادّي كبير. ويتجلى ذلك في جميع ما تسمعه الأذن، وتراه العين، ويذوقه اللسان، ويشمه الأنف، وتحس به أصابع اليد؛ في الموسيقى وبقية الفنون الجميلة، وفي المهرجانات المتنوعة، وفي الهندسة المعمارية التي شاعت في الأندلس  وأوروبا ، وفي الأكل والشرب إذ يعد المطبخ المغربي من أرقى المطابخ العالمية المعدودة، وفي العطور، فكثير من دور العطور الفرنسية الشهيرة تعتمد مزارع الورود والأزهار المغربية مصدراً لها.

أما المعرفة فهي مبثوثة في جامعات المغرب العزيز التي تضمّ جامعة القرويين أقدم جامعة في العالم لا تزال مفتوحة، وفي خزائن كتبه، وزواياه، وبيوتاته العلمية، وصدور رجالاته الكرام. ولأن قدري رحيم بي حتى أني أشعر في أعماقي بأني محظوظٌ حقاً، فقد أُتيحت لي الفرصة الذهبية للتتلمذ على اثنين من علمائه الفطاحل؛ إذ لازمتُ العلامةَ الفقيه المحدّث المؤرّخ اللساني المعجمي المترجم الإعلامي الصحفي الأديب الروائي المتصوّف المرحوم عبد العزيز بنعبد الله، أربع سنوات، عندما كان مديراً لمكتب تنسيق التعريب بالرباط وكنتُ خبيراً فيه (1978 ــ 1982). ثم أخذت الكثير الكثير من العلامة المفكّر الأديب السياسي الدبلوماسي القانوني الإعلامي أحد قادة استقلال المغرب الوزير السفير المرحوم الدكتور عبد الهادي بوطالب الذي لازمته ما يقرب من عشر سنوات (1982ــــ 1991) في حِله وترحاله عندما كان مديراً عاما للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، وكنتُ مديراً فيها، ثم واصلتُ الجلوس بين يديه أسبوعياً بعد أن ترك العمل. وتعلّمتُ من هذين العلمين، رحمهما الله، ما لم أتعلَّمه في الجامعات التي ارتدتُها في الشرق والغرب.

لو كنتُ شاعراً لنظمتُ دُرر القصائد في المغرب العزيز، ولكني لستُ شاعراً مع الأسف. ولهذا أستعير بيتين من ديوان أبي الطيب المتنبي أشكر بهما المغرب:

مطرْتْ سَحابُ يديكَ رِيَّ جوانحي ... وحملتُ شكرَكَ، واصطناعُك حاملي

فمتى أقــومُ بشكرِ ما أوليتني! ... والقـــولُ فــيكَ عُـــلُـــوُ قَـــــــدْرِ القائلِ

***

فيما تبقّى لي من وقت، يطيب لي أن أعرِّج على الترجمة موضوع هذه الندوة، فأُنهى إلى كريم علمكم معلومةً عن آخر كتاب صدر في الموضوع، وهو بعنوان " الترجمة القانونية والدينية وتكنولوجيا الترجمة" لصديقي وأخي الدكتور عبد الرحمان السليمان، أستاذ الترجمة والتأثيل واللغات السامية في جامعة لوفان ببلجيكا. وقد اضطلع بنشر الكتاب مركز النشر العلمي في جامعة الملك عبد العزيز بجدة.  وكتب أ.د. عبد الرحمن السلمي مدير المركز تصديراً للكتاب قال فيه إن من الأولويات البحثية التي يحرص عليها المركز ما يتعلق منها بالترجمة ومجالاتها، وشكر فيه أ.د. صالح بن عياد الحجوري نائب المدير على عنايته بنشر هذا الكتاب بالذات.

كما كتب عالِم اللغة الدكتور أحمد الليثي تقديماً تناول فيه علاقة الترجمة باللغة والفكر والثقافة.

وتدلنا قائمة المحتويات على أن الكتاب في الأصل دراساتٌ متفرّقة تدور حول ثلاثة مواضيع متصلة ذاتياً ووظيفياً، هي: الترجمة والمصطلح والتأثيل. وفروعُ المعرفةِ كلُّها مترابطةٌ مثل أغصان شجرةٍ معمرةٍ، جذورها راسخة في التربة تبحث عن الحقيقة. ومن خبرتي الشخصية، أرى أنَّ الكتاب المكوّن من فصول، أُعِدّ كلُّ فصل منها بمثابة دراسة مستقلة في مناسبة من المناسبات، هو أمتن علمياً من الكتاب الذي تُعدّ فصوله مرّة واحدة. وقد لا تنطبق خبرتي الشخصية على جميع الكتب.

وتكمن أهمية هذا الكتاب في أهمّية مؤلِّفه السوري البلجيكي الجنسية، الدكتور عبد الرحمان السليمان، فهو أستاذ الترجمة المشارك في جامعة لوفان في بلجيكا، وأستاذ الترجمة الزائر في جامعتكم الموقرة، جامعة القاضي عياض، وأستاذ زائر في مدرسة فهد العليا بطنجة،  لكونه متمكّناً من الموضوعات التي يتناولها. ولا يقتصر إلمامه بنظريات الترجمة وتقنياتها فقط، فهو مترجم محترف مارس الترجمة عقوداً عديدة من السنين، إضافة إلى إلمامه بتكنولوجيا الترجمة. وفوق ذلك كله، هو عالِمُ تأثيلٍ للغة العربية يجيدُ عدداً من اللغات ذات الصلة يفوق عدد تلك اللغات التي يلمّ بها معاصره عالِم التأثيل الهندي ف. عبد الرحيم الذي حقق كتاب " المعرَّب من الكلام الأعجمي" لموهوب الجواليقي (المتوفي سنة 540 ه)، وصحَّح بعض أوهامه. فالدكتور السليمان درس اللغة الإغريقية القديمة والحديثة في جامعة أثينا، ثم درس اللغات الجزيرية (السامية) في جامعة الدولة في غاند في بلجيكا، وأنجز دكتوراه في الأدب العبري القديم في موضع " إشكاليات ترجمة غريب التوراة"، ودكتوراه أخرى في الترجمة في موضوع "وثائق الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية: قانون الأسرة المغربي أنموذجاً".

ويجيد الدكتور السليمان مجموعةً من اللغات الميتة أو القديمة (جميع اللغات السامية والحامية، والإغريقية واللاتينية، وطائفةً من اللغات الحية (الهولندية والإنكليزية واليونانية الحديثة والعبرية الحديثة)، ويلم إلماماً متوسطاً بالألمانية والفرنسية. وهذا يذكّرنا بالعدد الهائل من اللغات الذي كان يدرسه كبار المستشرقين الأوربيين، الذين انقرض نوعهم أو يكاد، فلم يعد في الغرب سوى مستعربين وليس مستشرقين، مع  الأسف.

وبفضل هذه المؤهّلات العلمية الرفيعة التي يزدان بها الدكتور السليمان، اختارته مؤسسة الموسوعة العالمية " دليل المصطلح"  Handbook of Terminolog  ليكون منسقاً ومديراً لعملية إصدار المجلد الثاني من مجلداتها الخمسة، المتعلّق بعلم المصطلح في العالم العربي، وهي عملية في غاية الصعوبة والتعقيد، أنجزها الدكتور السليمان بكفاءة عالية وساعده فيها  صديقه الدكتور الليثي. كما أن الدكتور السليمان كتب فصَلاً من فصول هذا الكتاب. ويسعدني أن أذكر أن اثنين من أساتذة هذه الجامعة الموقرة أسهما في تأليف هذا المجلد. فقد شارك الأخ الدكتور حسن درير مدير مختبر الترجمة وتكامل المعارف منسق هذه الندوة في إعداد فصلين من فصول هذا المجلد، أحدهما عن علم المصطلح في العالم العربي والأخر عن المصطلح الصوفي، وشارك الدكتور عبد الحميد زاهد في إعداد الفصل الأول من هذين الفصلين.  واضطلع الدكاترة السليمان وزاهد ودرير بترجمة المجلد كله إلى اللغة العربية. وهو عمل في منتهى الصعوبة بسبب كثرة المصطلحات التقنية، قديمها وحديثها، فيه.

ويتألف كتاب الدكتور السليمان، " الترجمة القانونية والدينية وتكنولوجيا الترجمة"، من سبع دراسات هي:

1) النظرية الغائية وتكافؤ السياق، وإشكاليات التكافؤ الوظيفي في الترجمة.

2) الترجمة الشفهية: تاريخها وأنواعها.

3) تكنولوجيا الترجمة: المترجمون والتحديات العصرية.

4) إشكاليات السطرجة العربية، الفيلم ( The Hangover) أنموذجاً.

5) أهمية التأثيل وعلم اللغة المقارن ودورهما في ضبط المفاهيم الاصطلاحية. مصطلح العلمانية عند طه عبد الرحمان.

6) رسالة بطليموس الغنوصي إلى فلورة المسيحية.

7) الدعاوى الحديثة حول العربية، دعوى كريستوف لوكسميوس أنموذجاً.

كنتُ أعتزم تقديم خلاصة لمحتويات هذه الفصول، ولكني عدلت عن ذلك لا لضيق الوقت فحسب، بل لأنني كذلك شعرتُ بأني أبخسكم حقكم وأشياءكم وأسيء إلى الكتاب نفسه. وأفضل شيء أن يطلع المهتم في الموضوع على الكتاب مباشرة. ومما ييسر ذلك أن الدكتور السليمان مؤلّف الكتاب، بوصفه أستاذاً زائرا في جامعتكم الموقرة سيأتي للتدريس فيها في الشهر القادم، وهو لا يتردد في تزويد من يحتاج إلى الكتاب بنسخة رقمية منه.

وختاماً يشرفني أن أتوجه بالشكر مرة أخرى لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة القاضي عياض، عميداً وأساتذة وإداريين وطلاباً، على تكرمهم بتنظيم هذه الندوة العلمية الرائعة التي تعلمتُ منها الكثير. وأود أن أشكر شخصياً صديقي وأخي الدكتور حسن درير، منسق هذا الندوة، وجميع الذين تفضلوا بالحضور، والمشاركين ببحوثهم وأخص بالذكر منهم أولئك الذين تكرموا بكتابة بحوثهم ودراساتهم عن بعض أعمالي وهم: الأستاذة إيمان بنعربية، والأستاذ مصطفى شقيب، والدكتور يوسف مساهل، والدكتورة فتيحة غلام، والأستاذ عبد الكبير العلواني، والأستاذة أسماء سهيل، والدكتور طلال قطبي، والدكتورة ماري إيفيلين لوبودر، والدكتور عبد الرحمان السليمان، والدكتور حسن ضرير.

والسلام عليكم.

 

علي القاسمي

 

 

 

في بلاد السواد الشهيرة ببساتينها الخضراء استأثر على مدى عقود حفنة من الحكام الجائرين، استباحوا ارض الرافدين وإرثها الحضاري، العلمي والفكري والأدبي والثقافي ، وأساءوا للمجتمعات العراقية وثقافاتها الملتصقة بارض بلادهم المعروفة بإسم بلاد الفصول الأربعة المزدهرة. لكن طيفا واسعا من بنات وابناء هذه المجتمعات، لازال تواقا لرفع شأن وطنه وسمعته رغم تعرضه لمعاناة عدة عرضت حياته للخطر والهجرة الى عوالم اخرى في أقاصي المعمورة.. من هؤلاء الشباب المواطنة الالمانية من أصول عراقية ريم العبلي. الذي كان جدها مناضلا وطنيا اعدمه قادة انقلاب 8 شباط 1963، وعنده بدأ مسلسل " دراما السياسات الدموية" للاسئثار بالسلطة وانتاج الحروب والقتل والدمار ومازال الى يومنا هذا.

بعد ان نكثت الانتخابات عن كاهلها بهرجة الاحتفالات بعد صدور النتائج، ومن ثم توقيع اتفاق تشكيل حكومة الوحدة الجديدة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب اللبراليين الاحرار وحزب الخضر، وإناطة رئاسة الوزراء بالحزب الاشتراكي. أعلن "المستشار" الالماني الجديد Olaf Scholz "أولاف شولتس" عن تعيين الألمانية من اصول عراقية ريم العبلي في منصب وزيرة الدولة لشؤون الهجرة واللاجئين في ألمانيا. 

3183 وزيرة عراقيةولدت ريم العبلي في موسكو لأبوين عراقيين. في عام 1996 جاءت مع عائلتها وهي طفلة صغيرة إلى ولاية مكلنبورغ فوربومرن  Mecklenburg-Vorpommernكلاجئين. درست العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة وبعد التخرج عملت، في معهد الشرق الألماني وسلطات الهجرة في مكلنبورغ. منذ كانون الثاني 2020، شغلت منصب مسؤول التكامل الحكومي للاندماج في وزارة الشؤون الاجتماعية في مقاطعة مكلنبورغ فوربومرن. 

في الانتخابات الفيدرالية في سبتمبر، فازت ريم البالغة من العمر 31 عاما بالانتخابات المباشرة لدائرتها الانتخابية في شفيرين وستجلس في البوندستاغ عن شفيرين وويست مكلنبورغ، وتنتقل الى مكتب المستشارية الاتحادية كوزير دولة للاندماج عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني.. تقول العبلي: بصفتي امرأة شابة لها تاريخ في الهجرة، أن اكافح لاختراق المحظورات بثلاث طرق ـ وتقصد، القانونية والانسانية والمجتمعية. في الوقت نفسه، تعد هذه علامة جيدة على أنها تستطيع الآن أن تمثل جيلا جديدا من السياسيين في البوندستاغ.

لقد فازت ريم العبلي بنحو تسع نقاط مئوية على خصمها من الاتحاد الديمقراطي المسيحي ديتريش مونشتات، الذي سبق له الفوز بالدائرة ثلاث مرات متتالية. "لقد كنت مرتبكة تماما" ـ ولم أكن لأظن "أن الأمر سيكون بهذه الوضوح" قالت بعد فترة وجيزة من الانتخابات في مقابلة مع احدى الصحف.. لم تنتمي العبلي للحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ فترة طويلة.بعد أن تم ترشيحها لانتخابات البوندستاغ، انضمت إلى الحزب في بداية العام 2021، لكنها كانت دائما قريبة جدا من الديمقراطية ـ الاجتماعية.. 

تقول: "بالنظر إلى الماضي، كنت أرغب في أن أكون مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي لفترة أطول من الوقت، لكن ببساطة لم يكن لدي إمكانية الوصول إليه. هذا ما أريد أن يآخذ بعين الاعتبار. وقالت "علينا أن نصبح أكثر جاذبية للشباب والأشخاص الذين لديهم تاريخ مهاجر". ويجب على الحزب الاشتراكي الديمقراطي تبسيط القضية وتجنيد الأعضاء بنشاط للوصول الى هذا الهدف. 

والجدير بالذكر أن المهندس المدني الالماني من اصول عراقية من مواليد مدينة زاخو، قاسم طاهر صالح، هو الآخر فاز بمقعد في البرلمان الألماني عن قائمة حزب الخضر. ومن القضايا التي تشكل محور اهتماماته السياسية هي الهجرة واللجوء والاندماج، كذلك مشاكل العنصرية واليمين المتطرف ومكافحة الفاشية.. 

في معرض حديثه للاجابة على سؤال: ما الأشياء التي يرغب تحقيقها في البوندستاغ؟ يقول قاسم طاهر: (سأعمل من أجل إجراءات لجوء سريعة وعادلة. هذا لا يتطلب تغييرا قانونيا فحسب، بل يتطلب أيضا رقمنة الإدارة العامة. من أجل حق لجوء فعال في البقاء، يحتاج اللاجئون إلى اليقين القانوني وفهم الهياكل اللازمة من أجل تعلم اللغة. اللغة هي الوصول إلى كل شيء. ويجب البدء بدورات الاندماج في اليوم الأول، بغض النظر عن احتمال الحصول على الإقامة أم لا.. أنا أكافح أيضا من أجل عدالة مناخية متعددة الأبعاد. لا يمكن أن تكون هناك عدالة مناخية إلا إذا فكرنا فيها بطريقة مناهضة للعنصرية ومن زاويا اجتماعية وسياسية. أولئك الذين تضرروا بشدة من أزمة المناخ هم الأقل مساهمة. لذا يجب أن إبعاد العدالة المناخية عن الصراعات الدولية والسياسية. هذا ما سأعمل من أجله في البوندستاغ).

لا وزيرة الدولة ريم العبلي هي الوحيدة التي لها تاريخ في الهجرة، ولا قاسم طاهر صالح. انما الجديد في هذه الانتخابات وصول مجموعة من الشباب الأكثر تنوعا في تاريخ المانيا الى المنظومة البرلمانية الجديدة. أعتقد أن هذا رائع حقا، وانها لحظة ساخنة في حياة المجتمع الالماني عندما يقدم لدقائق جميع الوافدين الجدد انفسهم في البرلمان الاتحادي "البوندستاغ".

 

عصام الياسري

 

3001 سعد ياسينسعد ياسين يوسف يوقع مجموعته السابعة في عمّان

شهدت قاعة المكتبة الوطنية في العاصمة الأردنية عمّان حفل توقيع الشاعر العراقي سعد ياسين يوسف لمجموعته الشعرية السابعة (الأشجار تحلّق عميقاً) والتي صدرت مؤخراً في دمشق وسط حضور رائع للأدباء والمثقفين الأردنيين والعراقيين .

وأستهل الحفل بكلمة لرئيس البيت العربي الثقافي الأستاذ صالح الجعافرة الذي أشاد من خلالها بالثقافة العراقية ورموزها العظام معبراً عن تشرفه واعتزازه بإقامة هذا الحفل لشاعر عراقي مهم شهدت له الساحات الثقافية العراقية والعربية .

قدمت بعد ذلك نائبة رئيسة البيت المبدعة قمر النابلسي  والتي أدارت الجلسة كلمة أعربت فيها عن سعادتها لتقديم وإدارة الحفل والذي سبقه حفل مماثل قبل ثلاث سنوات حيث تم الاحتفاء بالشاعر سعد ياسين يوسف في بيت الشعر بيت حبيب الزيودي الذي يعلو المسرح الروماني وسط عمّان لمناسبة صدور مجموعته السادسة (أشجار لاهثة في العراء)

وأستعرضت النابلسي خلال الجلسة ملامح من السيرة الإبداعية للشاعر المحتفى به مشيرة إلى أبرز محطات إبداعه الشعري والمدن العربية والأجنبية التي احتفت به والجوائز التي حصل عليها والاتحادات والمؤسسات التي احتفت به وبمنجزه والتي من بينها جامعة بغداد واليونسكو من خلال منصة بغداد مشيرة إلى أفكاره وطروحاته في مجالات كتابة قصيدة النثر، والمرأة والحب، والغربة، والأسئلة التي تلح على الإنسان .3002 سعد ياسين

قرأ بعد ذلك الشاعر المحتفى به نصاً بعنوان (من ألواح الحلم) والذي تناول حضارة العراق في سومر وأكد وجاء فيه:

(ممسكونَ بالمجرَّةِ

منذُ أنْ توسّدَ القرنفلُ

ألواحَ البدءِ راسما ً سُلالةَ الضّوءِ،

ملامحَ الغبطةِ الغامضةِ في الطِّينِ

وهو يراقصُ نيرانَ البشارةِ

قبلَ انبثاقِ زهرةِ الشَّمسِ

وكلَّما اقتربنا

من الإمساكِ بحلمِنا الضَّائعِ

فرَّ هارباً....

نركضُ خلفَهُ  بيدينِ مفتوحتينِ

وعينينِ مغمضتينِ

وما أنْ نُمسكَ أطرافَهُ

حتى يتمزقَ

كقميصِ نبيٍ دكّتهُ

شمسُ الأمنيّاتِ..!!!)

قدم بعدها الناقد الأردني الأستاذ عبدالله جداية قراءة نقدية عن المجموعة بعنوان (ثنائية الطين في مجموعة الأشجار تحلّق عميقاً للشاعر سعد ياسين يوسف) استهلها بالتأكيد إننا نلتقي في هذه الأمسية لنحتفي بقامة عربية، قامة شعرية أخلصت للقصيدة،بنكهة ٍ خاصة ألا وهو الشاعر الدكتور سعد ياسين يوسف .

وقال إنَّ عنونة الديوان لم تأتِ صدفة بل وفق معنى خاص وعميق لتقدم لنا منظومة شعرية خاصة بالشاعر سعد ياسين يوسف تسلّم فيه كلّ قصيدة زمامها للقصيدة التي تليها وكلّ قصيدة من قصائد المجموعة هي جزء من منظومة محكمة ببناء متقن للنصّ الشعري ومن يقرأ هذه المجموعة بتسلسل من النصّ الأول إلى الأخير سيجدها تتحدث عن ثنائية الطين والوطن في مواجة التحديات التي واجهت شعبه .3003 سعد ياسين

إنَّ الشاعر تعامل مع نصوصة بذكاء إنطلاقاً من البعد الفكري والذي مال فيه ميلاً فلسفياً معتمداً الانزياح والتقديم والتأخير في الجمل الشعرية  ومن يقرأ الديوان ببعد رئيوي وفلسفي سيصل إلى رؤية فكرية عالقة في ضمير الشاعر الذي استطاع أن يصوغها في حلة ٍ جميلة لم يلو ِ فيها عنق الشعر من اجل الفكرة ولا الفكرة من أجل الشعر بل جاءت متساوقة ً من البداية حتى آخر قصائد المجموعة .

وتساءل جداية لماذا قدم الشاعر لديوانه بمقولة ابن عربي (إني نظرت إلى الكون وتكوينه وإلى المكنون وتكوينه فرأيت الكون شجرة) ولماذا لم يقدمه بمقوله للمعري وابن سينا مثلاً، مجيبا أنَّ ابن عربي صاحب رؤية فلسفية وكونية ومن يقرأ هذا النص بتدبر يصل إلى جميع المعاني والدلالات الفكرية والفلسفية التي تضمنتها مجموعة الشاعر سعد ياسين يوسف عبر هذا المفتاح الذي وضعه الشاعر بين أيدينا .

وتحدث الناقد عن المجموعة عبر ثلاثة مفاهيم هي الرسوخ والذات والكون مشيرا إلى مجموعة العلاقات والروابط التي تجمع بينهما .

وأكد أنّ دراسة ديوان "الأشجار تحلق عميقا"، تحتاج إلى عناية للوصول إلى المتخيل عند الشاعر، وما تصورَهُ اثناء كتابة القصيدة، وكيف تعالق الخلق على الأرض، مع الخلق في السماء، فالطفل المرتعش في مطلع قصيدته (أقول هو وأبكي)، مؤشر أول لانفصال الطفل عن أمه، وانفصال آدم وحواء عن الجنة، وعلى عكس ذلك، فهو يؤكد التصاق الشاعر بطينه وأرضه، وقد يشير الالتصاق والانفصال، إلى الذات العميقة حيث تحلّق الأشجارفي مساحات مختلفة من ديوانه، كما يفتتح ديوانه بالطين والوطن، فهذا الرسوخ عملي ورمزي، عملي لاستمرار الحياة، ورمزي للشهادة على طين الأرض، ومحتوى الوطن الذي تنبت فيه الأشجار.

قدم بعدها الشاعر نماذج من نصوصه وسط إصغاء الجمور ورغبته بالمزيد جرت بعدها مراسم منح الشاعر درع البيت العربي الثقافي كما كرم البيت الناقد عبد الرحيم جداية ومديرة الجلسة قمر النابلسي بشهادتين تقديريتين

وقع بعدها الشاعر نسخاً من المجموعة لتوزيعها بين الحاضرين .

وتناولت موضوعات المجموعة الصَّادرة عن دار أمل الجديدة في دمشق همّ الإنسان العراقي وتطلعه للحياة الحرة الكريمة إنطلاقاً من حضارته والقيم السَّماويّة والإنسانيّة التي آمن بها، ومواجهته للصعوبات والحروب والظّروف الحياتية القاهرة التي أثقلت كاهله كما تضمنت موضوعاتها رؤية الشَّاعر الفلسفيّة إزاء الأسئلة الكونيّة التي تواجهه ومنها الحياة والموت والحبّ والفراق والغربة والنّشوء، معتمدا الصّور الفنية في بناء نصوصّه والمفارقة والإدهاش، فيما تؤكد عنونة المجموعة على ضرورة أن يعمّق الإنسان جذوره في الأرض ليحلّق في فضاءات العطاء الإنساني، فلا تحليق بلا ترصين الرّوح والقيم النّبيلة .

 

قحطان جاسم جواد - عمان 

 

 

شهدت مدينة الموصل، بعد تحريرها في نهاية العام سبعة عشر، العديد من المبادرات لخروج من ركام الدمار ولعنة الحروب،وكان لمثقفيها وشبابها الواعي مبادرة "رصيف الكتب"، الذي يعد رصيفاً ثقافياً يحتض الثقافة والمثقفين، الذي يطل على أرصفة جامعة الموصل في منطقة المجموعة الثقافية.

لهذا الرصيف دلالات كثيرة فهو المسحة الرقيقة على جبين الثقافة في الموصل، تدلت عبره معانٍ لخصت بأنه المتنفس الحر في مدينة اختنقت يوماً بزحام الظلام.

وتراه بروين حميد، كاتبة وصحفية إنه ملتقى المحبين للثقافة من كبار الأدباء والشعراء وعشاق الكتب، واجهة مشرفة لمدينة وجامعة كانت مكتبتها المركزية إحدى اكبر مكتبات العالم تترجم إصرار الإنسان الموصلي على العودة والنهوض بمفردات الوجود من جديد وتأكيد هويته وجذره الحضاري الممتد لآلاف السنين.

وتجزم إن الرصيف أصبح إضافة مثلى لجوانب مميزة تعرف بها مدينة الموصل تجتمع فبها الأصالة والثقافة والزوايا المضيئة واللحمة المجتمعية القافزة على طنين التفرق، حق للموصل الفخر بهذا الرصيف الذي تلاقت فيه أرواح تعبق بالتطلع والاستزادة.

ويعده إسلام المشهداني، كاتب وباحث، أنه منذ تأسيسه كان البودقة الفكرية لمثقفي الموصل حيث أثمرت الجهود التطوعية للشباب عن ولادة جيل محب للكتب، فضلا عن إعادة تجمع نخب المدينة الذين تفرقوا منذ اربع سنوات ليجمع هذا الرصيف المتواضع أجيال الماضي و الحاضر في آن واحد.

ويرجح إنه من المتأمل في تاريخ مدينة الموصل الثقافي يلاحظ انها مرت بالعديد من النكبات لكنها نهضت من بين الركام مستعيدة عافيتها من جديد في وقت قياسي.

ويشيد مثنى النهار، اعلامي،بالرصيف ويقول أنه استطاع أن يحتضن الكتّاب ورواد الثقافة لعدم وجود مكان مثل ماكان في السابق الشارع النجفي في الجانب الغربي من الموصل و ان رصيف الكتب لم يكن فقط سوقا للكتب انما كان صالون ثقافي يشهد الكثير من الفعاليات الثقافية اسبوعيا.

تعتبره فرح العساف، شاعرة، أنه مجمع حر للشخوص ومكان لعرض الكتب والأعمال اليدوية اي انه باب رزق للناس، يشجع اليافعين عبر التجمعات لأنهم يميلون إلى إيجاد مكان لقضاء الوقت.

إن بداياته كانت ناجحة لأنه انطلق بروح التعاون الجمعي وحقق للمدينة ظاهرة ثقافية جديدة لم تكن موجودة وخاصة وقف العمليات العسكرية،هكذا قاله المؤرخ والكاتب "مسير ذنون الحاصود" عن بدايات الرصيف.

فيما ينفرد لأمر لاحظه هو أنه عندما دخلت احدى المنظمات وأجرت مسابقة وأصبحت المادة ضمن هذا العمل التطوعي اختلف القائمون على تأسيسه لان المال يفرق ولا يجمع ، فبعد حادثة التكريم خارج العراق انفض عقد الرصيف وأصبح الرصيف مجرد حضور واصطفاف لأخذ صور السيلفي وامور أخرى ليست لها بالثقافة، وغابت عنه الغاية التي تأسس من أجلها .

 

تقرير: عـمـر الـصـالـح

 

 

ضياء نافعأعلنت لجنة جائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي – الروسي اسم الفائز بالجائزة لهذا العام (2021)، وهو "فيكتور فيكتوروفيتش باسوفاليوك" (1940 -1999)، وكيل وزير الخارجية الروسية سابقا، وآخرسفير للاتحاد السوفيتي واول سفير لروسيا الاتحادية في العراق، ومؤلف كتاب – (سماء بغداد القرمزية)، الصادر بالروسية في موسكو عام 2010، والذي ترجمه د. فالح الحمراني الى العربية وصدر في بيروت عام 2017 .

 تمّ تسليم جائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي الروسي يوم الخامس من شهر تشرين أول / اكتوبر 2021 الى ابنته السيدة يلينا فيكتورفنا باسوفاليوك في سفارة جمهورية العراق بموسكو من قبل السيد سفير العراق في روسيا الاتحادية الدكتور عبد الرحمن الحسيني، والذي ألقى كلمة في بداية الحفل، وقال فيها، ان جائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي الروسي أصبحت واحدة من الظواهر البارزة في مسيرة العلاقات العراقية الروسية، وأشاد بمؤسسيها وجهودهم الدائمة من أجل استمرارها، وتوقف قليلا عند اسماء الحائزين على هذه الجائزة في السنوات السابقة، وهم بوغدانوف وكيل وزير الخارجية الروسية، ومكسيموف سفير روسيا في بغداد و العذاري سفير العراق في موسكو، وديوكوف المدير التنفيذي لشركة (غاز بروم نفط) الروسية، وتكلّم بعدئذ عن شخصية الحائز على هذه الجائزة لهذا العام وهو فيكتور باسوفاليوك، وأشاد بدوره الكبير ومكانته المتميّزة في تعزيز العلاقات العراقية الروسية في كافة المجالات، وتحدث عن كتابه (سماء بغداد القرمزية) باعتباره وثيقة مهمة ومتميّزة في مسيرة العلاقات العراقية الروسية، والتي ابتدأت قبل أكثر من خمس وسبعين سنة، وتوقف عند اهمية هذه العلاقات بالنسبة للبلدين .  

 جرى بعدئذ منح المدالية الذهبية للسيدة يلينا باسوفاليوك وسط تصفيق الحاضرين، ثم تم تسليمها الشهادة الخاصة بتلك الجائزة من قبلي، باعتباري رئيس مجلس ادارة دار نوّار ومؤسس الجائزة، وقد تحدّثت عن معرفتي الشخصية بوالدها في بغداد، واعلنت عن سعادتي بتوحيد اسمي باسوفاليوك ونوّار في مسيرة العلاقات العراقية الروسية وتعزيزها، فهما يمتلكان صلة عضوية ومباشرة بهذه العلاقات .

 تحدّثت بعد ذلك السيدة باسوفاليوك عن انطباعاتها حول هذا التكريم، الذي حظى به والدها، وردود فعل عائلتها على هذا العمل، الذي قالت عنه، انه كان (..مفاجأة سارّة جدا لكل عائلتها ..)، وقالت، ان هذ الجائزة تجسّد وفاء العراقيين تجاه عمل والدها بشأن تعزيز العلاقات العراقية الروسية، وتوقفت عند ذكرياتها عندما كانت تعيش في بغداد مع والدها آنذاك، وكيف كانوا يعشقون بغداد، وقالت انها (...لازالت تتذكر طعم الخبز العراقي اللذيذ ..) وطيبة العراقيين وضيافتهم، ثم توقفت عند سيرة حياة والدها، وعن دراسته المعمقة للغة العربية وعشقه الكبير لها، وكيف انه بدأ عمله في مجال الترجمة من الروسية الى العربية وبالعكس، وأصبح نجما ساطعا في عمله، وترجم مباحثات القادة السوفيت مع القادة العرب وهو في هذا العمر اليافع، وتحدثت كذلك عن بقاء ثلاثة سفراء فقط في بغداد اثناء القصف الامريكي، وهم السفير الروسي والكوبي والفلسطيني . لقد كانت كلمة السيدة باسوفاليوك شفهية وحميمية جدا واستخدمت اللغة العربية في بعض المقاطع، وقالت في نهاية كلمتها وهي تمسك بالمدالية – (..ما أجمل النخلة، رمز العراق، وما أجمل شجرة البتولا، رمز روسيا، على هذه المدالية !..) وشعرنا جميعا، ان هذه الكلمات صادقة وحقيقية و تخرج من القلب مباشرة .

تكلم في نهاية الحفل الدكتور فالح الحمراني، مترجم كتاب سماء بغداد القرمزية، وأشار الى عمق افكار الكتاب، والتي عكست عواطف المؤلف تجاه بلدنا وصدق كتاباته حول كل ما شاهده هناك ، وأشاد د. الحمراني بجائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي الروسي ومؤسسة دار نوار، التي اقترحت اقامتها والاستمرار بتنفيذها طوال كل السنوات الماضية، وقال في الختام ، ان هذه الجائزة – (.. تعدّ ظاهرة فريدة ولا مثيل لها في اطار علاقات البلدان العربية كافة مع روسيا ..) . 

 

أ. د. ضياء نافع

 

عقد في بغداد وللفترة بين 24-25 كانون أول/ديسمبر 2021 مؤتمر اللغة العربية الدولي الأفتراضي الثاني، أحتفاءا باليوم العالمي للغة الضاد، والذي أقرّته منظمة اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) ليكون يوم 18 من شهر كانون أول من كل عام. وقد تضمن برنامج المؤتمر والذي بثت جلساته من بغداد على قناة خاصة عبر الأنترنت، عدة محاضرات ومداخلات مهمة تناولت محاور مختلفة تخص علوم اللغات واللسانيات، مع التركيز على اللغة العربية...النشأة والتاريخ، والتحديات المعاصرة...وقد شارك في المؤتمر عدد من خيرة أساتذة اللغة العربية في العراق والوطن العربي.. وتم أفتتاح المؤتمر برعاية رئيس المجمع العلمي العراقي الأستاذ الدكتور الشاعر محمد حسين آل ياسين، والذي عبر بكلمة مختصرة له عن قلقه بشأن حال اللغة العربية في زماننا هذا، شاكرا المشاركين في المؤتمر على بحوثهم، والتي تناولت موضوعات عديدة منها: العربية: هوية وتراث وعدة تواصل حضاري للأستاذ المتمرس د. صاحب أبو جناح، والهوية الروحية للغة العربية للدكتور حسن منديل العكيلي. أما الدكتورة الناقدة والأديبة العراقية المعروفة نادية هناوي سعدون فقد تناولت موضوع المساعي اللغوية في العراق: مصطفى جواد مثالا.

وفي جلسة ثانية من جلسات المؤتمر العالمي للغة العربية تحدث د. طارق عبد عون الجنابي عن العربية في التعليم والأعلام، كما تحدث الأستاذ وجيه فانوس من الجامعة اللبنانية عن العربية بين فاعلية اللسان وواقع اللغة. وعن لمع في سير بعض أعلام العربية في ليبيا تحدث د. عبد السلام سعود من مجمع اللغة العربية الليبي.. وقد ترأس الجلسة هذه د. تركي العتيبي من قطر.

أما في اليوم الثاني من المؤتمر فقد حاضر د. عبد الحميد مدكور الأمين العام لأتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية والأمين العام لمجمع اللغة العربية في القاهرة، حيث فصّل في موضوعة المعجم التاريخي للغة العربية...وحول عبقرية اللغة العربية في توظيف النظم خدمة للعلوم والتقنية، حاضر الأستاذ الدكتور صالح بلعيد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية في الجزائر...أما الدكتور سمير شريف عضو مجمع اللغة العربية الأردني فقد كانت محاضرته حول المفاهيم العلمية في تعليم العربية وتعلمها لغة ثانية..من التأسيس الى المهارة. وفي محور خاص بالتحديات التي تواجه لغة الضاد، تحدث الدكتور سعيد المحنة من كلية التربية للعلوم الأنسانية في العراق عن العربية في ميدان العلم، كما تحدث الأستاذ الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح من مصر العربية عن هوية العربية وجدلية الثبات والتغير، كما حاضر الدكتور أمحمد فرج علي الخزعلي من ليبيا عن سعة العربية في مواكبة التعريب والترجمة.

اللغة العربية.. الواقع والتحديات

عامر هشام الصفاروعودة لمحاضرة الدكتور صاحب أبو جناح في الجلسة الأولى من جلسات هذا المؤتمر المهم فقد ذكر فيها أن الثقافة هي محور مهم في التنمية البشرية، كما أن اللغة مركز مهم في الثقافة... وأذا كانت السيادة الأقتصادية رمزا مهما من رموز السيادة السياسية، فأن هذه السيادة مستحيلة دون السيادة اللغوية، فاللغة هي أساس النشاط الثقافي الحضاري، فهي أم المرجعيات في تشييد المعمار الحضاري والصرح الثقافي. وأضاف المحاضر أن لا تأسيس لمنظومة معرفية دون منظومة لغوية متجذرة في المجتمع. وحذر الدكتور صاحب أبو جناح من أن هناك حملة مسعورة تتربص بالعربية، وخاصة في حقل التربية والتعليم من أدناها لأعلاها، تنفذها جهات حكومية وأهلية .. شرقا وغربا.

أما الدكتورة نادية هناوي فقد تطرقت الى المساعي اللغوية في العراق، وفصلّت في نموذج الراحل العلامة اللغوي مصطفى جواد، والذي عمل مع آخرين على أشاعة الفصيح والصحيح في العربية بين الناس. فقد عمل مصطفى جواد على تبسيط العربية وتحديثها مع كبار اللغويين في العراق ومنهم : أبو الثناء الآلوسي، الأب أنستاس ماري الكرملي، محمد بهجت الأثري، مهدي المخزومي، عبد الحميد العلوجي والشيخ جلال الحنفي والراحل الأديب الموسوعي زهير أحمد القيسي والأديب الشاعر محمد حسين آل ياسين.... وأضافت الدكتورة المحاضرة قائلة أن مصطفى جواد (1904-1969) قد أثرى العربية بكتبه ومؤلفاته، وهو لم يكن بالتالي يرتكن الى الجاهز من التصاريف مثلا بل هو شديد التمعن والتمحيص فيما قاله اللغويون، أضافة الى أنه كان قد تمكن من تطوير أستعمالات لغوية بعينها، كما أجتهد في النحو والبلاغة، وبحث في علم المعاني ودمجه بعلم النحو. والراحل مصطفى جواد –تضيف الدكتورة المحاضرة- كان من دعاة تسهيل النحو، فهو الذي نشر بحثه المهم عام 1943 في مجلة عالم الغد والذي جاء بعنوان "قل ولا تقل".. كما ألّف في المباحث اللغوية في العراق.. وترجم معجما في العلوم الطبيعية، رافضا التحجر في اللغة. وفي ختام محاضرتها أشارت الدكتورة هناوي الى أن جهود عالم لغوي واحد في أواسط القرن الماضي،  قد فاقت ما قامت به مؤسسات رسمية طيلة السنوات الستين الماضية... فنشاط رجل واحد أكثر من نشاط مجمع كامل.. كما ذكرت ذلك محقة الدكتورة المحاضرة في الجلسة الأولى من جلسات مؤتمر اللغة العربية العالمي الأفتراضي الثاني.

وهنا لابد من ملاحظات حول المؤتمر:

1- لقد تضمن المؤتمر دراسات وبحوث مهمة لم يتح للحضور مناقشتها وتوجيه أسئلة للمحاضرين حولها، خاصة وأن عدد المحاضرات الكبير لم يتح فرصة الزمن لمداخلات ضيوف المؤتمر...وهي الفرصة المهمة للمجمع العلمي العراقي ما دام المؤتمر أفتراضيا، ليتحقق التفاعل مع جمهور الحاضرين في أنحاء العالم المختلفة.

2- كان من الأفضل للمؤتمر والباحثين المشاركين أن تسجل وقائعه، وتسجل المحاضرات الملقاة فيه بالفيديو، ليتم بثها على قناة اليوتيوب الخاصة بالمجمع العلمي العراقي أن كانت هناك مثل هذه القناة. فهذا الأمر بحد ذاته سيساهم في نشر المحاضرات، مما يحقق هدفا مهما من أهداف أنعقاد المؤتمر.. فالتقنيات الحديثة يجب أن تكون في خدمة لغتنا العربية ومؤتمراتها.

3- كان من الضروري أتاحة الفرصة للعلماء المتخصصين بالعلوم الصرفة وعلوم الطب للمشاركة الفعالة بأعمال هذا المؤتمر، والإفادة من وجهة نظرهم في كيفية التعامل لغويا مع المصطلح العلمي ضمن أطار الثورة الصناعية الرابعة، والعولمة العلمية، وفي ظل مصطلحات وباء الكورونا العالمي... فالهدف من مؤتمرات اللغة العربية يجب أن يكون دائما أيجاد أفضل الطرق لأغناء هذه اللغة... ولن يتحقق ذلك دون أن تكون اللغة حية تعبر عن حاضرنا بمشاكله وتحدياته وتطلعاته  كما يجب أن تكون... مما يزيد في الثقة أيضا بأمكانية مواجهتها لتحديات المستقبل.

4- أتمنى أن يبادر المجمع العلمي العراقي وهو المبادر أصلا الى عقد مؤتمر العربية، في الدعوة لعقد مؤتمرات لغوية متخصصة، بناءا على محاور المؤتمر الدولي الأفتراضي الأخير وما تم طرحه من أفكار، وما تناوله الأساتذة المحاضرين من موضوعات، لابد للمجمع من أن يركز عليها لأهميتها في حاضر ومستقبل العرب ولغتهم.

5- لعل المجمع العلمي العراقي ومن خلال أصداراته، سيصدر ملحقا علميا لغويا بنصوص محاضرات مؤتمره العالمي للغة العربية الثاني هذا، ويتمكن من توزيعه ونشره على الملأ، بل ونشره ألكترونيا حتى تعم الفائدة.

 

عامر هشام الصفار

 

 

 

فيصل عبدالوهابأقامت كلية التربية الأساسية في جامعة دهوك مؤتمرها العلمي الدولي الثاني بالتعاون مع مؤسسة الذكوات للثقافة والفكر والفنون تحت شعار "قراءات معرفية في العلوم الإنسانية والاجتماعية" في 14-15 أيلول 2021. وقد افتتح المؤتمر بكلمة باللغة الإنكليزية ألقاها أ. د. داود سلمان الأتروشي رئيس الجامعة رحب فيها بالضيوف من داخل العراق وخارجه وأكد فيها على أهمية أن يتناول الباحثون موضوعات النقد الاجتماعي والتحديات العالمية، كما أكد على العلاقة التفاعلية بين الجامعة والمجتمع وأن لا تكون البحوث من أجل الترقية الأكاديمية فقط. ثم ألقى د. وسام المطيري رئيس مؤسسة الذكوات ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر كلمة قال فيها أن مؤسسة الذكوات تتبنى مشاريع جديدة للارتقاء بها عالميا، وتسعى المؤسسة كذلك لإيجاد طرائق تفكير جديدة لبناء انسان متجدد ومخطط واع. وقال أن عدد البحوث المقبولة في هذا المؤتمر قد بلغ 84 بحثا من العراق والاردن وفلسطين ولبنان والجزائر.

وكان البحث الأول في الجلسة الافتتاحية بعنوان "دور الضبط الإداري في زمن جائحة كورونا كوفيد-19" للأستاذ الدكتور عبدالله خلف الرقاد تناول فيه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الأردنية في مكافحة الوباء ومنها فرض حالة الطوارئ وفق المادة 124 من الدستور الأردني. وأكد في سياق محاضرته غلى أهمية الحفاظ على التوازن بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع. 

أما البحث الثاني فكان بعنوان " المثقف وقدرته على إحداث الوعي" للأستاذ الدكتور باقر الكرباسي ود. إيمان حمزة حيث قال الباحث أن المثقف المرتبط بالسلطة لا يحدث التغيير أما المثقف الذي لا يرتبط بالسلطة هو الذي يحدث التغيير. وتناول الباحث مفهومي الدولة المدنية والدولة في الإسلام وبين الفارق بينهما بأن الدولة المدنية تحترم الأديان والرأي الآخر بينما الدولة في الإسلام لا تعترف بذلك حسب رأيه. كما أشاد بالمرحلة التنويرية وعصر النهضة العربية وأعلامها كجمال الدين الأفغاني وعبد الرحمن الكواكبي وكتابه "طبائع الاستبداد" وشكيب أرسلان وطه حسين وعلي عبد الرازق وكتابه "الإسلام وأصول الحكم". وفي معرض رده على تساؤلات الباحثين أجاب المحاضر أن الإسلاميين قد أخفقوا بتكوين دولتهم لأنهم لم يحترموا الرأي الآخر. وقد انتقد أحد الباحثين التعميم في لغة المحاضر وقال إن الإسلام مدني في جوهره ونحن نعتز بمبادئه ولكننا نروم تطبيق هذه المبادئ بشكل صحيح.2845 مؤتمر علمي

وتناول د. أياد كامل الزيباري من جامعة زاخو موضوع الديمقراطية والشورى وعلاقتهما بالمعارضة السياسية حيث قال أن آلية النظام السياسي محل خلاف بين النظامين الإسلامي والغربي أو بين الأنظمة الإسلامية نفسها. والشورى أحد أهم ركائز الدولة في الإسلام كما ان الديمقراطية أفضل ما توصل إليه العقل البشري في الحقل السياسي. والشورى في الإسلام معناها المشاركة في صناعة القرار. وقد كان للشورى مكانة هامة في عصر النبوة حيث أسهمت في صناعة القرار في معركتي أجد والخندق وفي صلح الحديبية أيضا. واشار الباحث إلى أن الإسلام ليس مؤسسة أوتوقراطية ولا ثيوقراطية. والمعارضة روح الديمقراطية كما أن المعارضة الصحيحة التي لا تقوم على أساس الشتم ضرورة قائمة. وقد وردت المعارضة في القرآن الكريم ولكن بصيغ أخرى كالنزاع والجدال والشجار أي أن هناك رأيا آخر.

ثم قدم د. عبادي الزيادي بحثه المعنون "صور انزياح بيانية في عهد الإمام علي (ع) إلى الأشتر النخعي – دراسة دلالية". وقد اعترض د. عبد الإله العرداوي على العنوان وقال ينبغي الفصل بين الدراسات اللغوية والبلاغية ولا يجوز الخلط بينهما. وعلق د. كاظم عبدالله بالقول أنه يفترض أن تكون الدراسة نصية وليست بلاغية لأن النص أمر إداري وليس فيه صور بلاغية كثيرة. فيما علق د. أياد الزيباري بالقول أنه على الرغم من كون النص أمرا إداريا فإننا نجده بلاغيا.

أما أ. د. كاظم عبدالله فقد قدم بحثه المعنون "تماسك النص بالإحالة في التشبيه التمثيلي في القرآن الكريم" حيث فسر لنا المصطلحات الأربعة الواردة في هذا العنوان وهي التماسك والنص والإحالة والتشبيه التمثيلي. وقال أن التماسك بعناه العام يقابله cohesion باللغة الانكليزية و coherence بمعناه الخاص هو التماسك المعنوي. والإحالة معناها إحالة عنصر إلى عنصر سابق أو لاحق يعود إلى مرجع خارج النص. وقسم الباحث الإحالة إلى ثلاثة أنواع: إحالة نصية داخل النص وإحالة مقامية خارج النص وإحالة بعدية يعود الضمير فيها إلى لاحق. وقال أن أكثر النحاة لا يعتقدون بأن صيغة الضمير يعود إلى لاحق موجودة في القرآن الكريم ولكنها موجودة في الحقيقة وقد استعمل العرب هذه الصيغة في خطابهم. والتشبيه تمثيل وكل تشبيه تمثيل وليس كل تمثيل تشبيه على حد قول عبد القادر الجرجاني. والتشبيه تمثيل أي ما كان وجه الشبه يحتمل التأويل سواء كان مفردا أو مركبا. ويقول السكاكي أن التشبيه يكون تمثيلا بشرط أن يكون وجه الشبه ذهنيا، أما الخطيب القزويني فيشترط أن يكون وجه الشبه مركبا سواء كان ذهنيا أو حسيا. وقد طبق الباحث التشبيه التمثيلي في القرآن الكريم وطبق عليه النظريات الغربية.

وفي اليوم التالي أقيمت عدة جلسات منها الجلسة التي تناولت محاور الأدب والتربية الفنية واللسانيات. وقُدم أول بحثين باللغة الكردية تم تطعيمهما باللغة العربية الأول للباحثتين ديمن عبدالله ودلمان قطاس وكان عن طرائق تدريس اللغة الكردية. والبحث المشترك الثاني لوارين دلشاد وهلبين محمد بعنوان "دور المرأة في المجتمع والأدبيات، رواية الهروب من الدقائق الصفراء". ثم قدم أ. د. حمدي حميد يوسف بحثه باللغة الانكليزية وطعمه باللغة العربية وكان بعنوان "قصيدة غابريال دانتي روزيتي : عبء نينوى" حيث يتناول البحث قصيدة الشاعر الرومانسي روزيتي عن تمثال الثور المجنح الآشوري وسرقته ليرقد في المتحف البريطاني. وينتقد الشاعر السلطات الاستعمارية لتواطئها في سرقة الآثار، كما أن المتحدث في القصيدة يتصور أن هذا التمثال سيُعبد من قبل الأوروبيين ويتخذونه جزءا من تراثهم وهذا لم يحصل بالطبع حيث حافظت انكلترا على هذه التماثيل التي سرقتها وأصبحت جزءا من التراث العالمي.

ومن البحوث المميزة التي لاقت استحسانا من الحضور لأنها جمعت بين فني الإلقاء والغناء بحث أ. د. ناصر هاشم بدن من كلية الفنون الجميلة في جامعة البصرة وكان بعنوان "الهوية الوطنية في ألحان طالب القره غولي" حيث يقول الباحث نغني للوطن عندما يكون بخير وسلام وعندما يتعرض للهجمات المعادية وكذلك عندما يعاني المبدع من آلام الغربة بعيدا عن وطنه. وقد كتب الملحن طالب القره غولي كلمات أغانيه ولحنها عندما كان مغتربا. وردد الباحث كلمات أغنية في هذا المجال "راجعين .. الدنيا غربة بلا وطن والناس غربة بلا أهل والديره غربة بلا ولف". كذلك ردد الباحث كلمات أغنية "حاسبينك" وعدها نشيد الجمال العراقي وأغنية "هذا آنه وهذاك إنته". وقد صفق جمهور الحاضرين للفنان المبدع ناصر هاشم بحرارة وطلبوا منه المزيد.

أما الباحثة د. نادية غضبان من المجمع العلمي العراقي فقد ألقت بحثها المعنون "خطاب الأزمة: الذاكرة والاستعارة العابرة للثقافة، الأوبئة نموذجا" حيث تحدثت عن أزمة كوفيد-19 وكيف تناولتها الخطابات الدينية والسياسية والأدبية. يتناول البحث إضافة للنصوص الدينية نصين الأول لابن حجر العسقلاني بعنوان "بذل الماعون في فضل الطاعون" و "حديث عيسى بن هشام" لمحمد المويلحي. وقد صدرت مطبوعات كثيرة في الشعر والقصة والرواية والمسرحية تتناول موضوع الساعة وهو أزمة كورونا وانعكاساتها في خضم الأزمة وما يمكن أن نتوقعه بعد انتهائها.

ثم قرأت د. جوان المفتي رئيس قسم اللغة العربية في كلية التربية-جامعة دهوك توصيات المؤتمر والتي جاء فيها: الحفاظ على إقامة مثل هذه المؤتمرات والعمل على تشجيع البحوث العلمية ذات الصلة بالمجتمع وحوار الحضارات وتشجيع دراسات الأدب المقارن وتعليم اللغتين العربية والكردية لغير الناطقين بهما. كما أوصى المؤتمر بالحث على إجراء البحوث المشتركة عالميا والتشديد على استخدام التكنولوجيا وإدخال اللغات الأجنبية والتركيز على المعلم والمتعلم وتقديم الجديد في طرائق التدريس ودعم المكتبات. كما أوصى بالتوسع في المؤسسات الرياضية ودعمها وتخصيص صندوق لدعم الطاقة المتجددة والبيئة. كذلك الاهتمام بمبدأ الشفافية في خدمة البيع والدفع الالكتروني. وفي ختام المؤتمر وُزعت الدروع وأوسمة الابداع وشهادات التقدير على المشاركين في المؤتمر.

 

أ. د. فيصل عبد الوهاب حيدر

 

 

2690 التمر الالكترونيإن ثورة الإنترنت والاتصالات منحتنا الفوائد الكثيرة والكبيرة وأصبحت ضرورة ملحة في حياتنا اليومية، إلا إن هذه الفوائد الإيجابية لابد أن تقابلها أمور سلبية منها التنمر الإلكتروني.

المجتمع والنظرة القاتلة

يقول "نشأت مازن" ينظر المجتمع إلى الاشخاص المتنمر اليهم بنظرة الخذلان والاحتقار منهم على انهم ارتكبو جريمة كبرى في المجتمع وان المتنمر عليه هو المسبب الاول للحدث بنظرتهم وهو صاحب الذنب الاعظم لكن في الحقيقة هم المظلومين بسبب افعال تنمرية ضدهم.

وباختصار هذه النظرة هي نظرة سلبية بحق المتنمر عليه تحطم حياته ونفسه وحتى في مستقبله.

أما "اسماء علي " تقول عندما أرى شخص في الانترنت وادخل الى التعليقات واراها سلبية فهناك حدين

اما انجر مع القطيع واتنمر او لا انجر معهم،

فأذا انجريت مع القطيع فهذا يدل على عدم وعي.

وتواصل قولها "إذا لم انجر فهذا يدل على وعي ومع هذا فسوف ابحث عنه فربما اجده انسان بسيط وجيد وطيب عكس ما يراه الناس ،

فربما اغلب التعليقات السلبية هي للفت الانتباة والشهرة ولاضحاك الآخرين وتكون خالية من الإنسانية فالتنمر على الشخص المقابل مؤذي لانه ليس باختياره فقد يكون تنمر على تشوه خلق او على أسلوب غير مقصود او عفوية غير مدركة".

التنمر وضعف الشخصية

2691 التمر الالكترونيفيما يصفه "شاهرالجبوري " التنمر هو سلوك عدواني متكرر يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً جسديا أو نفسيا يتميز التنمر بتصرف فردي بطرق معينة من أجل اكتساب السلطة على حساب شخص آخر، يمكن أن ينظر المجتمع إلى المتنمر من خلال التصرفات التي تعد تنمرا مثل التنابز بالألقاب، أو الإساءات اللفظية أو المكتوبة، أو الاستبعاد من النشاطات، أو من المناسبات الاجتماعية، أو الإساءة الجسدية، أو الإكراه.

ويتابع يمكن أن يتصرف المتنمرين بهذه الطريقة كي يُنظر إليهم على أنهم محبوبون أو أقوياء أو قد يتم هذا من أجل لفت الانتباه ويمكن أن يقوموا بالتنمر بدافع الغيرة أو لأنهم تعرضوا لمثل هذه الأفعال من قبل.

الأبحاث والدراسات

تشير الأبحاث والدراسات إلى أن ما يصل إلى 7 من كل 10 شباب قد تعرضوا للإساءة عبر الإنترنت في مرحلة ما،وغالباً ما يعامل مصطلح "التنمر الإلكتروني" كظاهرة متميزة، ولكنه امتداد للتنمر الذي يعتبر مشكلة قديمة. فالتنمر يعود إلى النزعات الاجتماعية الخفية للأحكام المسبقة والتمييز، وغالباً ما يؤثر على الأشخاص الذين يتمتعون بخصائص محمية كالعرق والدين والحياة الجنسية والهوية الجنسانية والإعاقة، أكثر من غيرهم.

الإعلام وخلق المشكلة

2692 التمر الالكترونيقد يوضح المفاهيم هكذا يرى الاعلامي مثنى النهار "ان الاعلام يساهم من خلال توضيح بعض المفاهيم عند المجتمع المتعلقة بالتمييز لانه التنمر اصلا مبني على التمييز لذلك خطاب الاعلام الذي يدعو للمساواة يحد من ظاهرة التنمر..و بالتالي تعتمد على انسانية الشخص وليس ثقافته"، فيما يقتصر الدكتور عبدالله الحياني، رئيس قسم الإعلام في جامعة

اجابته الدكتور عبدالله الحياني" احيانا هو طرف فيه" فيما يكون الإعلام أداة في خلق التنمر او محكافته.

قد يكون صراعا أو حافزا لدى المبدعين

فيما يعرج سالم الحمداني، وكاتب وناقد " بالاعتقاد أن العالم الإفتراضي والقفزة الرقمية قد أذابت كل الحدود بين المبدع والمتلقي، وأصبحت المادة الإبداعية تصل طازجة للقارئ  مباشرة وتلامس واقعه الآني بحذافيره ،  وبذلك حققت طفرة نوعية في مجال ما يطلق عليه بالصدمة الإبداعية بتعبير (هانز ياوس) عبر التلاقح المباشر وانتاج الأفكار التي تتعدى النسق النصي بالتفاعل مع السياقات المعاشة.

ويضيف إن التنمر بطبيعة الحال يكاد  يكون وجها من وجوه النقد وإن كان يفتقر الى المنهجية العلمية ، ولكنه رأي معتبر في نهاية المطاف .

فيما ينفرد محمد تحسين ، شاعر واعلامي اعتقد بعض الأحيان التنمر يكون حافز لأنه يخلق صراع من أجل أن يثبت للجميع انه قادر على فعل المستحيلات.

العقوبات والقانون

2693 التمر الالكترونيلا يوجد قانون دقيق يعاقب "التنمر الإلكتروني" وان اغلب قوانين العقوبات لا يتماشى مع التطور التكنولوجي والمعلوماتي"، فيما يفيد الحقوقي" ليث الجبوري"إن المادة (434) من قانون العقوبات السب، بأنه "رمي الغير بما يخدش شرفه أو اعتباره أو يجرح شعوره وإن لم يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة.

واضاف ان التشهير أو القذف في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 في مواده (433) و(434) و(438) و(363)، وحدد عقوبتها بالحبس من مدة سنة إلى خمس سنوات كحد أقصى للعقوبة.

ثقافة المستخدم والبيئة

تطرح  "بروين حميد " كاتبة وصحفية حلولا منها إختيار المواضيع الهادفة التي تتماشى مع ثقافات المجتمع اي مع مستوياتهم وبيئاتهم وحتى عاداتهم وتقاليدهم بشكل لايبعث على الترفع  والاستعلاء او الانتقاد اللاذع بل هناك الكثير من الحكمة التي يتحتم ان يتحلى بها المرسل لئلا يكون عرضة للتنمر.

اما "أسامة الحمداني" مدون إلكتروني لكي لا نجعل أنفسنا محل للخسرية يعطينا اهم النصائح، يقول علينا أن نختار منشوراتنا بعناية ودقة سواء صورية او فديوية او كتابية حتى لانجبر احد يتنمر علينا  ونكون اكثر عرضة للخسرية والانتقاد

واكد على ضرورة عمل حملات توعية وإرشاد من خلال الإنترنت او الميدان وتعريف التنمر وخطره على الفرد مافيه من أذى نفسي وجسدي.

 

تحقيق: عــمر الصـالـح

 

أعلنت وزارة العدل الأمريكية، يوم الثلاثاء الماضي، أنها صادرت رقيماً طينياً  باسم " حلم جلجامش"، وهو قطعة نادرة من ملحمة جلجامش، من شركة "هوبي لوبي " التي تملك محلات لبيع  التحفيات والقطع الفنية في أوكلوهوما. وتولّت هذه الشركة عرض الرقيم الطيني في "متحف الإنجيل". وقد أقرَّ قاضٍ فيدراليٌّ في نيويورك مصادرة الرقيم.

2670 الرقيم

واضطلعت سلطة تطبيق القانون، بمصادرة الرقيم الطيني من المتحف سنة 2019. ويبلغ حجم هذا الرقيم 6x 5 بوصات تقريباً، وهو مكتوب باللغة الأكدية، ويقدر عمره بـ 3600 سنة (الأصل السومري لملحمة جلجامش مفقود؛ ولكن عُثر على قطع كثيرة منها مترجمة إلى بعض اللغات الجزيرية ومنها اللغة الأكدية ( البابلية والآشورية).

وقد تم إدخال هذا الرقيم إلى الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة سنة 2003، بصورة غير مشروعة.  ثم تم بيعه في عدة دول أخرى، باستخدام أوراق منشأ مزورة، قبل أن تبيعه، سنة 2014، دار مزاد علني للتحفيات في لندن  لشركة "هوبي لوبي" بمبلغ  1.6 مليون دولار، وتولى أحد موظفي تلك الدار نقل الرقيم بالطائرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتسليمه للشركة. ( ولم تفصح وكالات الأنباء والصحف البريطانية والأمريكية عن اسم الدار اللندنية التي تبيع التحفيات بالمزاد العلني).

2671 متحف الانجيل واشنطن

وزعم مساعد المدعي العام، كينيث بولايت الصغير: " إن مصادرة الرقيم الطيني يبيّن التزام الوزارة الدائم بتخليص السوق الفني الأمريكي من الملكيات الثقافية المهرَّبة عن طريق وضع اليد عليها ومصادرتها، تحقيقاً للعدالة."

وتقول الصحف الأمريكية أن صاحب شركة " هوبي لوبي" معروف منذ سنة 2017  بمتاجرته بالتحف الأثرية التي نُهبت من العراق بعد دخول الجيش الأمريكي فيه سنة 2003.

وهكذا لم يكتفِ بعض أفراد الجيش الأمريكي وبعض حكّام العراق الجدد بسرقة أموال الشعب العراقي وتحويلها إلى البنوك الغربية، بل نهبوا كذلك ثرواته الثقافية والأثرية ونقلوها إلى الدول الغربية، كما كان يفعل الحكّام الذين سبقوهم.*

2672 هوبي لوبي

ملحق:

واصلتُ بحثي سباحة حرة في بحار الشابكة، فوجدتُ الصورة المرفقة باسم كريستي (دار بيع تحفيات بالمزاد العلني) وفيها ترجمة إنجليزية لرقيم حلم جلجامش:

التحمت نجوم السماوات معاً، وسقط من السماء جلمود صخري.

رفعته ولكنه كان ثقيلاً جداً بالنسبة إليّ،

دفعته ولكنني لم أستطع تحريكه.

تجمَّعت حولي كلُّ مدينة أور:

الرجل  الفتى لم يكن قادراً على زحزحته.

وضعتُ يدي على جبيني،

وهم جميعاً احتضنوني.

فرفعتُ الجلمود، وحملتُه إليك.

 

علي القاسمي

..........................

*   ترجمة بتصرف وتلخيص من الصحف التالية الصادرة يوم 26/7/ 2021  وما بعده:

-https://news.artnet.com/art-world/government-forfeiture-hobby-lobby-gilgamesh-tablet-1993303

-  https://www.bbc.com/news/world-us-canada-57992957

https://www.independent.co.uk/news/world/americas/epic-of-gilgamesh-hobby-lobby-b1891782.html

https://www.cnbc.com/2021/07/27/hobby-lobbys-gilgamesh-tablet-has-been-forfeited-to-the-us-.html

 

 

تجسيداً لتوجيهات دائرة العلاقات العامة  ـ وزارة الثقافة والآثار والسياحة العراقية، بإقامة مهرجان سنوي بعنوان (مهرجان يحيى السماوي للشعراء الشباب) في مسقط رأس الشاعر ـ أُقيمت عصر يوم السبت الموافق 31/7/2021 في البيت الثقافي في السماوة الدورة السنوية الأولى للمهرجان بمشاركة نخبة من الشعراء الشباب

2680 مهرجان السماوة

بإشراف الشاعر والناقد أ. عيال الظالمي

2681 مهرجان السماوة

وعرافة وتنسيق الروائي والإعلامي أ. عامر موسى الشيخ

2682 مهرجان السماوة

وبحضور جمع من الأدباء والفنانين والمثقفين ومحبي الشعر.

2683 مهرجان السماوة

بدأ المهرجان بتلاوة من القرآن الكريم

2684 مهرجان السماوة

أعقبتها كلمة دائرة العلاقات العامة  ألقاها مدير البيت الثقافي في السماوة أ. ياسين الفضلي،

2685 مهرجان السماوة

وكلمة الشاعر يحيى السماوي قُرئتْ بالإنابة عنه لتعذّر  قدومه من أستراليا.

2686 مهرجان السماوة

ثم قدّمتْ ثلاث  تلميذات موهوبات قراءات من شعر يحيى السماوي،

2687 مهرجان السماوة

أعقبتها قراءات نخبة من الشعراء الشباب المشاركين .

2688 مهرجان السماوة

وفي ختام المهرجان تم تقديم الدروع وشهادات التقدير للشعراء المشاركين وعدد من الإعلاميين،

2689 مهرجان السماوة

وقد حظي المهرجان بتغطية إعلامية  من قِبل قنوات العراقية والبغدادية والمربد والغدير والعهد والنجباء غيرها .

 

 

2647 جنفر كراوت 4جنيفر كراوت فنانة أمريكية، اعتنقت الإسلام وعشقت المغرب. غنت بالعربية والأمازيغية، ورتلت القرآن الكريم مثل كبار القراء المسلمين. لها حضور متميز في الساحة الفنية العربية والأمازيغية، بفضل تمرسها الغنائي وذكائها الإبداعي، ما أهلها لأن تصبح فنانة عابرة للثقافات، وهمزة وصل بين العالمين الغربي والعربي الإسلامي.

إبداع بصيغة الجمع

رأت هذه الفنانة النور، يوم 21 ماي 1990، في وسط فني بمدينة بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تعتبر أمها سوزان مونتغمري كاتبة كلمات وعازفة بيانو، وأبوها داريل كراوت عازف كمان. بدأت دراسة الموسيقى في سن الخامسة، حيث انتظمت بمدرسة لونغي للموسيقى بمدينة كامبريدج، غير بعيد عن مسقط رأسها، لتنتقل، بعد ذلك، لمتابعة دراستها، في هذا المجال، بجامعة ماكغيل بكندا. وفور انتهائها من دراستها الجامعية، نصحها أبواها بالالتحاق بالأوبرا، لكن فضلت الإنصات لميولاتها الشخصية والفنية، ونحتت لها طريقا في مسلك الطرب العربي.

وخلال رحلتها إلى المغرب سنة 2012، شغفت بالثقافة والموسيقى العربية والأمازيغية، ما حدا بها لتعلم لغتي هاتين الثقافتين اللتين تعيشان في تلاقح وانسجام تامين، في هذا البلد، منذ آلاف السنين. وأثناء هذه الرحلة، التي تشكل منعطفا تاريخيا في حياتها، وفي إحدى جولاتها بساحة جامع الفنا بمراكش، تعرفت هذه الفنانة على الشاب سعيد الزاتي، أحد منشطي حلقة الفولكلور الأمازيغي، فأعجبت به، نظرا لطيبوبته وعفويته، علاوة على كونه من أترابها، فتوطدت علاقتهما لتتوج بإشهار إسلامها سنة 2013. وفي السنة الموالية، تم الزواج بينهما، وكانت ثمرة هذه الزيجة طفلة، ازدادت سنة 2015، واختارت لها أمها من الأسماء اسم "قمر"، تيمنا بسورة القمر من القرآن الكريم، التي كانت تربطها بها علاقة وثيقة، إذ كانت تقرأها وترتلها أثناء فترة حملها.

2647 جنفر كراوت 1

وبخصوص ساحة جامع الفنا، مهد هذا اللقاء الأسطوري، تقول جنيفر: "وجدت في هذه الساحة الشهيرة مكانا لتقديم عروضي الفنية والغنائية، إلى جانب الحكواتيين وفناني الساحة"، مضيفة "واصلت، على هذا الحال، مدة سنة، ولم يكن الغرض من ذلك الحصول على المال، وإنما كانت محاولة لتمثل تجربة هؤلاء الناس الذين يقدمون ألوانا مختلفة من فنون الترفيه"، وبذلك، كانت تمارس هذه الفنانة نوعا من التجريب الفني والغنائي، الذي ما فتئ أن تطور ليصبح تمرسا وتملكا إبداعيا كان له أثر إيجابي، في مجال التثاقف والتلاقح الحضاري بين الشعوب.

الطريق نحو النجومية

بعد اعتناقها للإسلام، تسمت جنيفر باسم "شاهيناز"، هذا الاسم الباذخ ذو الأصول الفارسية، الذي يعني ملكة الدلال، وهو بذلك اسم على مسمى، فهذه الفنانة هي سيدة للرقي الفني، تتميز بنباهة إبداعية خارقة، وقدرة كبيرة على تمثل موسيقى وأداء أغاني الشعوب المغايرة، بمختلف أطيافها وتمظهراتها، من كلاسيكية وعصرية وشعبية، إضافة إلى روحية. وفي هذا السياق، تقول هذه المطربة الأمريكية: "أعتقد أنني أملك نوعا من الذكاء الموسيقي، وهي موهبة تطورت عبر السنين، بفضل الاجتهاد في الغناء باللغة العربية".

2647 جنفر كراوت 2

وقد لمع اسم جنيفر، من خلال تأهلها، سنة 2013، إلى الدور النهائي في برنامج المواهب "أرابز كوت تالنت" (للعرب مواهب)، الذي تبثه قناة "إم بي سي"، والذي أدت فيه أغنية "بعيد عنك" لكوكب الشرق أم كلثوم. وفي السنة الموالية، سطع نجمها، أيضا، في حلقات برنامج "شكلك مش غريب"، الذي تنتجه ذات القناة، عبر تقليد أداء مجموعة من المطربات العربيات، بدءا بماجدة الرومي في أغنيتها "اعتزلت الغرام"، وأسمهان عبر أغنيتها "يا حبيبي تعالى"، ومرورا بأحلام في أغنيتها  "تدري ليش ازعل عليك"، وشيرين عبد الوهاب، من خلال أغنيتها "آه يا ليل"، وانتهاء بشادية، من خلال أغنيتها "مخاصمني بقاله مدة"، وميادة الحناوي في أغنيتها "أنا بعشقك".

بعد مشاركتها المتميزة في هاتين المحطتين الفنيتين المفصليتين، فتح الباب على مصراعيه، وأصبحت الطريق معبدة لهذه الفنانة نحو النجومية، حيث شاركت في العديد من البرامج والمهرجانات والحفلات الموسيقية بالمغرب ولبنان، والإمارات العربية المتحدة وتونس، والكويت وقطر وكندا، إضافة إلى بلدها الأم الولايات المتحدة الأمريكية.

ويتميز الريبيرتوار الغنائي لهذه الفنانة بالغنى والتنوع، ذلك أنها غنت لرموز الطرب العربي، مثل   أم كلثوم وأسمهان وشادية، علاوة على ليلى مراد، كما غنت لمطربين مغاربة عصريين وشعبيين، نذكر من بينهم: بهيجة إدريس ونعيمة سميح والمعطي بنقاسم وإسماعيل أحمد، إضافة إلى حميد الزاهر. ولم تكتف هذه المغنية المبدعة بهذا الحد، بل تجاوزته لاكتشاف عوالم موسيقية وفنية أخرى، حيث صدحت بالموال اللبناني، وأدت مقطوعات غنائية متميزة تمتح من معين التراث الأمازيغي والكناوي، علاوة على فن الراي.

الشيخ والمريدة

نستعير، مع بعض التحوير، عنوان كتاب الباحث والأنثروبولوجي المغربي عبد الله حمودي لتوصيف طريقة ترتيل جنيفر للقرآن الكريم. فيعتبر الشيخ محمد صديق المنشاوي الملقب بالقارئ الباكي، صاحب الصوت الشجي، هو نموذجها وشيخها المفضل، في هذا المجال، بحيث تقلده في طريقة تلاوته، وفي أسلوب اتباعه للمقامات التي كان يلتزم بها، إضافة إلى صدق الأحاسيس النابعة من القلب.

2647 جنفر كراوت 3

وبهذا الخصوص، تقول فادية المنشاوي، ابنة الشيخ الراحل، التي استمعت لهذه الفنانة وهي تقلد أبيها: "صوت جنيفر في تلاوة القرآن جميل ومقبول، خاصة وأنها غير عربية ولا تتقن اللغة العربية"، موضحة أن هذه الفنانة "بذلت مجهودا كبيرا لتصل إلى هذا المستوى"، ومشيرة "أنها، هذه أول مرة، تستمع فيها إلى امرأة أجنبية تحاول تقليد الشيخ المنشاوي، وسعدت بذلك".

وسيرا على نهج كوكبة من المطربين الكبار، مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، وسيد مكاوي وسيد درويش، ومحمد عبده وتامر حسني، وحسين الجسمي ولطفي بوشناق، إضافة إلى علي الحجار، زاوجت هذه الفنانة بين الغناء وترتيل سور أو آيات بينات من الذكر الحكيم.

ولها، في هذا الإطار، تراتيل شجية نالت إعجاب المهتمين والمتتبعين من مختلف بقاع العالم الإسلامي. وقد همت هذه التراتيل عدة سور قرآنية، نذكر من بينها: الفاتحة والقمر والبقرة، علاوة على الفرقان.

وعن سبب ترتيلها للقرآن الكريم، قالت هذه المغنية الأمريكية: "عندما أصبحت مهتمة بالموسيقى العربية، لأول مرة، نصحني أستاذي أن أبدأ الاستماع إلى القرآن، ليساعدني على الانغماس في جميع الفروق الدقيقة للغناء العربي، وذلك لأن الكثير من مطربي الطرب العظماء لهم جذور في تلاوة القرآن"، مضيفة "أحاول تعلم القرآن وتمثله في حياتي، فالإسلام هو المعرفة والخبرة المجتمعية، فأنا دائمة الاستماع للشيخ المنشاوي، وأتلو القرآن وراءه لأتعلم أصول هذا الكتاب المقدس وأحكام تجويده".

همزة وصل بين ثقافتين

2647 جنفر كراوت 5من خلال هذا التراكم الغنائي المكثف والنوعي، تعتبر جنيفر همزة وصل بين الثقافتين الغربية والعربية الإسلامية، كما تعد سفيرة فوق العادة للمغرب في مختلف المحافل الفنية التي تشارك فيها، عبر العالم، حيث تسوق صورة جميلة ومشرقة عن هذا البلد المعروف بالإيثار والتسامح، وكرم الضيافة وجمال الطبيعة، علاوة على عراقة التاريخ، وغنى وتنوع الموروث الثقافي والفني.

وعن علاقتها بالمغرب، تقول هذه الفنانة: "في المغرب اعتنقت الإسلام، وهناك تعلمت اللغة العربية، قضيت فترة مهمة من حياتي هناك، وهو مكان يحظى بمكانة خاصة في قلبي"، مبرزة أن "الناس هناك كرماء، ويستضيفونني دون انتظار مقابل، كنت ألمس في وجوههم شيئا غريبا، نورا لم أكن أفهمه أول الأمر".

ورغم انفصال هذه الموسيقية الأمريكية عن زوجها المغربي، حديثا، وعيشها بفيرمونت بالولايات المتحدة الأمريكية، رفقة ابنتها، فإنها، من حين لآخر، تزور المغرب، موطنها الثاني، وخصوصا مدينة مراكش للاستجمام وقضاء لحظات فنية ممتعة.

إن هذه الفنانة تعرف ماذا تفعل، وإلى أين تسير، فهي مواطنة للعالم، منفتحة على الآخر، ومنسجمة مع الذات، تبحث عن التميز وتخلق الحدث. أوليس هي التي أعلنت ، ذات مرة، على جدار صفحتها الشخصية بالعالم الأزرق: "لا تنظر إلى أين تذهب، ولكن، بالأحرى، اذهب إلى حيث تنظر" !

 

عبد الرزاق القاروني - باحث وصحفي مغربي

 

سارة فؤادشهدت الغردقة بمحافظة البحر الأحمر تناغم الفن التشكيلي والموسيقى مع الذوق الرفيع من خلال معارض أوستراكا للفن التشكيلي "معرض الغردقة الدولي للفنون" وذلك في النصف الأخير من يونيو الجاري، حيث انطلقت الدورة الرابعة بمشاركة حوالي ٥٠ فنان تشكيلي من ١٥ دولة حول العالم، ويجري حالياً ختام تلك الفعاليات بمنطقة الداو آرت بروموناد وجاليري أوستراكا الفني بالممشى السياحي، وأبرز برامجها معرض الدكتور عبد السلام عيد " في رحاب الخيال" الذي تم افتتاحه في ٢٥ يونيو.

وعبر اوستراكا دار حوار الفنان التشكيلي الدكتور "عبد السلام عيد" رائد التصوير الجداري، وأحد أهم التشكيليين في العالم العربي..

س: مسيرتك الطويلة في الفن التشكيلي ما بين النحت والتصوير والعمارة والتصوير الجداري؛ كيف بدأت؟

ج: أؤمن بالبدايات التي تمهد الطريق الطويلة، مازلت أتذكر شغفي لاكتشاف الفنون منذ فجر الطفولة ؛ منذ ذاك الوقت المبكر وقد أدركت عشقي للألوان والرسوم والتشكيلات في المدرسة الابتدائية وحتى الثانوية، ثم قررت الالتحاق بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية، وتخرجت منها عام ١٩٦٩ م، وبالكلية من حسن حظي تتلمذتُ على يد عمالقة كبار مثل الفنان التشكيلي "سيف وانلي" ؛ والفنان النحات "محمود موسى"، وعميد الكلية في ذلك الوقت الدكتور الفنان "أحمد عثمان" ورائد تيار الواقعية الاشتراكية الفنان "محمد عويس" والدكتور النحات "أحمد عبد الوهاب" والدكتور "كامل مصطفى" أحد رواد الحركة الفنية في الجيل الثاني بمصر، وأتذكر أن عدد طلاب الفنون كان محدوداً في تلك الأونة ولم نتجاوز عدد ستة أفراد في قسم التصوير، أما الأساتذة فأغلبهم درس الفن في إيطاليا وإسبانيا وبالتالي كانوا حريصين على نقل ثقافة حوض الأبيض المتوسط وتمريرها لنا عبر الدراسة الأكاديمية.

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 1

س: شاركتَ في العديد من المعارض ومثلتَ مصر في الداخل والخارج مثل مشاركتك في المهرجان الدولي للتصوير بمدينة (كان) بفرنسا وحصدت الجوائز المصرية والدولية ؛ حدثني عن أبرز التجارب المشابهة، وتقديرك الذاتي لها.

ج: من الصعب سرد جميع المناسبات الفنية التي شاركت بها سواء داخل مصر أو خارجها في دول عربية أو أوروبية على تقديري لها جميعها، ولكن مما لا يبرح ذاكرتي بلا شك لأهميته ؛ مشاركتي بتصوير جدارية هائلة بارتفاع ٢٣ متر تقريباً تحت مسمى"حلم المدينة الفاضلة" و خلف تساؤل يجمع الفنانين المشاركين يدفع كل فنان منا للتعبير عن حلمه الذاتي بالمدينة المثالية، وكما يقولون" كلٌ أدلى بدلوه" فانعكست حضارته وثقافته واتجاهاته الفنية. كان ذلك الحدث الفني في الأصل يختص بأعمال ميدانية لمدينة "ليون" بفرنسا والذي استقبلته الحركة الفنية الفرنسية باستحسان في متحف "طوني غارنييه"أول متحف للتصوير الجداري في العالم؛ والجداريات تمت دعوة ستة فنانين إليها من دول مختلفة مثل أمريكا وإيطاليا والهند وساحل العاج ومصر وتطوف قصص لا تنتهي حول هذا الحدث، أرادوا حينها أن يخلقوا تشكيل من الرؤى الفنية احتفاءاً بأعمال "غارنييه" والذي يعد شخصية مؤثرة اجتماعياً ومعمارياً في مدينة ليون، وما زالت تلك الأعمال موجودة في منطقة تسمى "مدينة الإبداع" بفرنسا مع أعمال الفنانين المشاركين وبعض أعمال أخرى لفرنسيين، كلما عدت بالزمن إلى ذكريات ذلك العمل الفني تحديداً أدركت أن الفن بلا حدود، عليه أن يتجاوز بوتقة ذاتية الفرد وثقافته وموطن رأسه وصولاً إلى انصهار العالم والرؤى والفلسفات.

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 3

س: أي مدرسة فنية تجذب انتباهك وتتبناها في أعمالك ؟

ج: من وجهة نظري كل المدارس الفنية، بل وكل أنواع الفنون تعبر عن الإنسان وتعكس وحدته مع اللغة سواء كانت لغة مسموعة أو مقروءة أو بصرية مثل اللوحة؛ و المسرح ؛ و السينما ؛ والموسيقى ؛والأدب ؛ والشعر كلها تأخذ بيد الإنسان ليترجم عوالم قد تكون متجمدة من حوله وليس بيده أن يدركها، الفن هو اليد الحانية التي تمسك بأصابع الذات وترشدها إلى شيء غامض يصعب إدراكه بالطرق العادية ربما.

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 4

س: ما رأيك.. هل يتأثر الفن بالمرض والعزلة، كما يتأثر كل شيء في الحياة العادية؟

ج: كل الأمور تلهم الفنان حتى المرض والعزلة إلا في حالة واحدة.. إذا فقدنا نحن أنفسنا التعريف لدور الفن وكيف نتذوقه وأقصد بحديثي ذلك كل الفنون التي تفض الحواجز بين الشعوب وبعضها وبين الناس على اختلافها وليس الفن التشكيلي وحده، فالمؤلف الموسيقي على سبيل المثال يخرج بالعمل من خلفية تتحدث عن ثقافته وذائقتة الجمالية وشعوره وتجارب الفرح والألم التي خاضها، كل هذا الخليط الحي يجسد لحن المؤلف وشخصيته، فالفنون حين تمتزج مع الحياة فإنها تثريها، أما المتلقي فعليه استيعاب هذه الخلفية للفنان وقضاياه ؛ أن يتداخل مع العمل الفني؛ يتفاعل مع الشعور به ليدرك رسالة العمل، أو ليدرك كيف أتت الألوان أو النغمات . هناك شيء اسمه "الهوس الفني" وهو كل جمال يتجاذب خاطر الفنان، وقد يكون هذا الجمال عادياً لكنه ملهماً بالنسبة إلى فنان بعينه. على سبيل المثال "بيتهوفن" الذى عانى الصمم وطافت حياته حول أذنه وتطرق بالموسيقى إلى أبعاد إنسانية جديدة آنذاك، فكان أول من أدخل السخرية إلي السيمفونية، وموسيقاه كأنها تقرع الطبول والمطارق كما لم يحدث سابقاً بسيمفونيته "ضربات القدر" بيتهوفن وجد الجمال في هذا الفراغ الفسيح بأذنه، ولدينا أيضاً "سيد درويش" كان يطرب إلى إيقاع قد يسمعه من الشارع ولا يقعد حتى يخلق من الإيقاع لحناَ وأغنية. فالفنان تلهمه الطرائف والشوارع والحياة وحتى الكآبة ذاتها.

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 5

س: اخترت منطقة أوستراكا للمشاركة بمعرضك البديع. كيف تصفها كمُلتقى للفنانين؟

ج: الغردقة مدينة ملهمة؛ بالطبع بها بحرها الخلاب والأسماء الملونة وبها رواج بالكرنفالات الفنية ؛ تجذب الدول من كل أنحاء العالم، ومنطقة أوستراكا على وجه الخصوص تقع بين كم من الفنادق المركزية في المدينة وهذا ما يميزها، وبالتالي التقيت بفنانين من دول مختلفة، نتبادل الأرقام والعناوين كجسور أقوى لصداقات تجمعنا ونسترسل في أحاديث لا تنتهي حول الفن ونتبادل الرؤى.

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 2

والتقينا أيضاً الفنان التشكيلي "محمد حميدة" مؤسس شركة "أوستراكا للفنون" وتساءلنا حول فكرة تأسيس الشركة فإلى نص الحوار:

س: من يكون "محمد حميدة"؟

ج: اشتغلت جميع أنواع الفنون، فأنا فنان تشكيلي تخرجت من كلية التربية النوعية قسم التربية الفنية جامعة القاهرة، ومارست النحت والرسم والتصوير، ثم أقمت معارضي بمصر والسعودية والخليج.

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 6

س: كيف اختمرت لديك فكرة تأسيس "أوستراكا للفنون" ؟

ج: "أوستراكا" نسبة إلى كلمة فرعونية قديمة وتعني "اسكتش" كان المصري القديم ينحت أو يرسم" كروكي" على شقفة فخارية تسمى" أوستراكا " ومنها كان استعارة الاسم، أما الفكرة فتولدت بدافع تجميع مختلف الأفكار الفنية بين أعداد الفنانين التشكيليين في مختلف أنحاء العالم. جميع الفنانين يؤكدون على ضرورة التلاقي الفكري لإثراء توجهاتهم الفنية ومزج الحضارات المختلفة، جدير بالذكر أن التشكيليين حول العالم تجمعهم صداقات واتصالات ودية وهم بحاجة إليها دائماً عبر وسائل التواصل الإجتماعي. اكتشفت الضرورة الملحة لإيجاد هذا الملتقى الفني الثقافي عبر أوستراكا والتي تساعد السوشيال ميديا أحياناً في نشر فعالياتها فتنتقل على مدى واسع وتصبح مسموعة ومرئية خارج مصر.

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 7

س: وكم معرض دولي أطلقته "أوستراكا للفنون"منذ تأسيسها؟

ج: كثير من الفعاليات أطلقناها منذ تأسيس الشركة في ٢٠٠٧ بما يتجاوز العد والإحصاء؛ ولكن على سبيل الدقة ما يقارب ٤٠ حدث فني دولي وحوالي ٢٠ معرض في الغردقة وشرم الشيخ والقاهرة ومعظم مدن مصر السياحية وخارج مصر باستانبول ومدن تركيا وباريس.

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 8

س: متى بدأت مسيرة التعاون بين الداو للتنمية وأوستراكا في إطار خدمة السياحة والقوة الناعمة؟

ج: بدأنا في العام ٢٠١٨ تصميم أهم ممشى سياحي في مصر تم إنجازه على الإطلاق برعاية الداو للتنمية التي تحملت التكاليف وبتنفيذ شركة أوستراكا الداعمة للجانب الإبداعي والفني، وهذا الممشى يضم ٣٥ تمثال لفنانين من دول العالم وبازارات للوحات والمشغولات الفنية، كلها أعمال أصلية مصنوعة باليد، والمعرض اليوم يضم لوحات متباينة المدارس الفنية والاتجاهات والأساليب، ما بين أعمال ترتكز على الطبيعية والتجريدية والمودرن آرت، وتم الاتفاق مع المهندس "باسل سامي سعد" صاحب المنشأة التابعة للداو لتوفير مساحة داعمة للفنون وتنظيم الفعاليات بتلك المنطقة. ما يميز الغردقة هو اختلافها عن بقية المدن السياحية مثل دهب وشرم الشيخ كونها مدينة متكاملة مفعمة بالحياة. تجدها مدينة سياحية صناعية وتجارية وبها دفء الحياة الاجتماعية.

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 9

س: حدثني عن آليات الإعلان والتسويق لتلك المعارض الدولية.

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 10ج: نظمنا لتلك الفعاليات عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي على الاغلب، والعلاقات الشخصية مع الأصدقاء بالأوساط الفنية لطالما ساعدتنا كثيراً، بالطبع نحرص على تقديم الملفات إلى الجهات المعنية ونتحرى الحصول على الموافقة من المحافظة و الأجهزة الأمنية على تلك المشاريع. كما أننا نتحرى الإجراءات الإحترازية ونحن على مشارف التعافي من الجائحة

س: ما رأيك في مستقبل السياحة الفنية؟

2606 أوستراكا للفنون التشكيلية 11أتمنى تكريس الجهود للعمل على جذب الانتباه للسياحة الفنية لأنها بالفعل تعد عاملاً محركاً للسياحة في مصر وتجذب الأنظار وتمثل الحضارة والثقافة، وذلك من خلال المؤتمرات والفعاليات الفنية وليكن تحت إشراف وزارة السياحة والثقافة وبالتعاون بينهما.

 

تحقيق: سارة فؤاد شرارة - مصر

 

 

أعلن في العاصمة الدانماركية كوبنهاغن يوم الأحد المصادف 9 آيار 2021 عن تأسيس أول متحف عراقي للفنون في أوروبا بإسم (متحف إحسان أدهم للفنون) وذلك بالتزامن مع حلول الذكرى السنوية الأولى لرحيل الفنان العراقي الرائد إحسان أدهم (1934-2020) شيخ الخطاطين العراقيين، المدير الأول للأوركسترا السمفونية الوطنية العراقية وأحد مُرسي أسس الفن العراقي الحديث. 2435 معرض 1

وجاء في بيان التأسيس الذي نشر على صفحة الرائد الأدهم في موقع التواصل الإجتماعي الفيسبوك:

"لقد شكل غياب الفنان الرائد الكبير إحسان أدهم في مثل هذا اليوم من العام الماضي خسارة كبيرة لا تعوض للساحة الثقافية والفنية العراقية لدوره التأسيسي والريادي على صعيد فن الخط العربي والموسيقى الكلاسيكية والحركة التشكيلية عبر مدرسته الفنية (اللون والحرف والموسيقى) التي وصفها بأنها "بوصلة مسيرة حياته الفنية" التي دامت لأكثر من 86 عاماً من العطاء المتواصل في إثراء الفن العراقي الحديث".

2435 معرض 2

ويضيف البيان نقلاً عن نجل الفقيد مؤسس المتحف، الفنان التشكيلي المهندس مصطفى الأدهم:

"إن قرابة تسعة عقود من العطاء والابداع عراقياً ودولياً للفنان الراحل إحسان أدهم اثمرت عن مجموعة فنية غنية وأرشيف فني نادر ومكتبة تخصصية قيمة كان لابد من حفظها وصيانتها وعرضها، فكان لزاماً علينا حمل الأمانة والاضطلاع بهذه المسؤولية لضمان استمرارية الرسالة الفنية للرائد الكبير، وتخليداً لذكراه قررنا تأسيس مؤسسة تقوم بهذه المهمة الثقافية تحمل إسم (متحف إحسان أدهم للفنون) تتخذ من العاصمة الدانماركية مقراً لها". 2435 معرض 5

أما عن أهداف المتحف فيشير البيان:

- العمل على توثيق ونشر أعمال الفنان الرائد إحسان أدهم والتعاون مع المهتمين والمختصين لإجراء الأبحاث والتوثيق والنشر.

- الإسهام في أحياء أصول وقواعد وجماليات فن الخط العربي.

- المساهمة بالتعريف بالفن العراقي الحديث دوليا".

وبالنسبة لنهج المتحف، يضيف العضو المؤسس الفنان التشكيلي العراقي - الدانماركي، مهدي كوفاني:

"أن متحف إحسان أدهم للفنون مؤسسة تهتم بالثقافة والفنون، تسعى لتكون نقطة إلتقاء بين الثقافات، وهو ما يحق الهدف الإنساني الأسمى للراحل الكبير إحسان أدهم".

يختم بيان التأسيس بالإشارة إلى أن المتحف "يتبنى خطة منفتحة للتعاون مع الشخصيات والمؤسسات ذات العلاقة لتحقيق أهدافه ضمن إطار عمل احترافي متكامل".

من جانبه علق الفنان والناقد العراقي علي النجار على بيان التأسيس قائلاً:

"مباركة جهودكم، وشكراً لكل من ساهم في هذا الملف وفي إنشاء المتحف لتدوم الذكرى وليبقى الإنجاز شاد على شخصية إحسان أدهم وذكرى لحياة فنية متميزة يستحقها ونستحقها".

وأضاف الفنان والكتاب يحيى الشيخ معلقاً: "انجاز عظيم يليق بالفنان إحسان أدهم، أتمنى لكم المزيد من النجاح".

2435 معرض 4

ولد الفنان الرائد إحسان أدهم عام 1934 وتخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1963 وأتم دراساته العليا في المعهد العالي للموسيقى والفنون المسرحية في مدينة شتوتغارت الألمانية عام 1968 ودرس أصول وقواعد فن الخط العربي لدى الخطاط التركي الشهير ماجد الزهدي بين عامي 1954-1959.

عمل الراحل إحسان أدهم أستاذاً متمرساً للموسيقى الكلاسيكية والخط العربي في أكاديمية الفنون الجميلة/جامعة بغداد، معهد الفنون الجميلة ومعهد الفنون التطبيقية إلى جانب عمله كمحكم دولي للمسابقة العالمية لفن الخط العربي في مركز الأبحاث للتأريخ والثقافة والفنون الإسلامية (ارسيكا) التابع لرابطة المؤتمر الإسلامي في اسطنبول، تركيا، إضافة إلى تحكيمه في مهرجان بغداد الدولي لفن الخط العربي والزخرفة.

2435 معرض 3ساهم الفنان الراحل إحسان أدهم في تأسيس العديد من المؤسسات الثقافية العراقية منها:

رابطة الأدباء والفنانين العراقيين في بغداد عام 1951، الأوركسترا السمفونية الوطنية العراقية عام 1959، جماعة سومر لموسيقى الحجرة عام 1966، جماعة الفن العراقي المعاصر، جمعية الخطاطين العراقيين - المقر العام في بغداد عام 1974 ومهرجان بغداد الدولي لفن الخط العربي والزخرفة عام 1986. كما استمرت مسيرته دولياً فساهم في الدانمارك في تأسيس جماعة (داكابو) الفنية ورباعي (سيبا) الفني ومجلس الفن التشكيلي في محافظة فايلي الدانماركية، إضافة إلى بصمته في مؤسسة ثقافة بلا حدود في ألمانيا.

أقام الراحل 19 معرضاً فردياً في العراق والعالم كان أولها في كاليري الواسطي ببغداد عام 1966 وآخرها على صالة اللويت كيركي في الدانمارك عام 2012 إضافة إلى 25 مشاركة جماعية كان أولها في المعرض الأول لقسم الخط العربي في معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1956 وآخرها في مهرجان أيام آخن الدولية للسلام في ألمانيا. وتتواجد أعماله الفنية ضمن مقتنيات العديد من المتاحف والمؤسسات والثقافية والفنية حول العالم.

 

المهندس مصطفى الأدهم

كوبنهاغن، الدانمارك

 

 

علجية عيشالأوروبي والعربي الإسلامي الحديث

- هكذا أرسى المجمع الفاتيكاني ثقافة الحوار مع الإسلام لمواجهة الإسلاموفوبيا.

- الأنسنة هي الوجه الآخر للعلمنة.

- المشترك الإنساني تتقاسمه ثقافات متعددة لإعادة الإنسجام للإنسان والإنسانية وتجاوز الأزمات


قال باحثون في الفكر الديني أن العصر اليوم هو عصر انتصار القيم الإنسانية وما حققته من نتائج توصل إليها العقل البشري بعد تحرره من الكنيسة الكاثولوكية واللاهوت الديني، وأن إحداث مقاربة بين التنويريين في الغرب ودعاة التنوير في الشرق متوقف على الوقوف على خصوصية الفكر الأوروبي والفكر الإسلامي، من وجهة نظر الباحثين فإن مجال الأنسنة يتجاوز المرحلة السابقة التي قام بها الشرق الإسلامي الذي كان متفوقا على حضارات غيره في مرحلة الفتح الإسلامي، كما أن التعايش السلمي بين الأديان لاسيما بين الإسلام والمسيحية وبخاصة الكاثولوكية، فهي مرتبطة أساسا بالحوار بين الأديان والحضارات والثقافات، خاصة وأن العلاقات الحالية بين المسلمين والمسيحيين تشكل نموذجا في إرساء القيم الإنسانية

هل تكفي قيم الأنسنة وحدها في بناء مجتمعات بشرية يسودها العدل والمساواة والإحترام بعد 16 سنة من إرساء هذه القيم؟، وهل يعود ذلك إلى خصوصية الوضع الفكري والمراحل التي عرفت بعصر التنوير؟ والتحولات التي شهدها الإنسان الذي كانت له الجرأة في نقد النص الديني؟ تلك أسئلة طرحها باحثون في الفكر الديني ومختصون في مقارنة الأديان وعلوم الشريعة من الجزائر ومن دولة قطر للرد عليها في مؤتمر دولي حول مفهوم "المشترك الإنساني في الفكر الإصلاحي الديني الأوروببي والعربي الإسلامي في العصر الحديث" نظمته جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بشرق الجزائر عن طريق تقنيات التحاضر عن بعد، والذي جاء متأخرا بسنة كاملة، حيث كان من المفنرض تنظيمه قبل ظهور الوباء، لكنه شهد غياب كبير للطلبة والباحثين لاسيما المختصين في مجال مقارنة الأديان، فكانت قاعة المحاضرات عبد الحميد ابن باديس فارغة تماما فلا يتعدى عدد الحضور أصابع اليد كما يقال، رغم أن المؤتمر جاء في الوقت الذي تحتفل فيه الجزائر بذكرى وفاة رائد الإصلاح الديني في الجزائر العلاّمة عبد الحميد ابن باديس مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي واجهت حركة الإستشراق ودعت إلى التجديد الذي يرتبط بمفهوم الإصلاح reformation، وقد سلط باحثون من الجزائر ومن دولة قطر في هذا المؤتمر الدولي الضوء على إشكالية "المشترك الإنساني في الفكر الإصلاحي الديني الأوروبي والعربي الإسلامي في العصر الحديث".

المؤتمر يهدف إلى فهم الإصلاح الديني من جهة عقدية وقيمة الإصلاح من خلال التجربة الأوروبية والإسلامية، لاسيما وأن المشترك الإنساني تتقاسمه ثقافات متعددة من أجل إعادة الإنسجام للإنسان والإنسانية وإظهار مدى قدرة الإصلاح الديني على تجاوز الأزمات العالمية التي تزداد اليوم تعقيدا بسبب الصراعات الدينية فيما يسمى بـ: "الإسلاموفوبيا"، وبات الأمر يلح على الدعوة إلى حوار الأديان والثقافات، كما ركز المحاضرون على إشكاليات أخرى مترابطة ومعقدة تحتاج إلى فك رموزها على غرار "حركة الأنسنة" التي هي بيدغوجية جديدة مبنية على التمرّن والتنوير السياسي وتحتاج إلى مناظرات دينية من خلال العودة مباشرة إلى الكتاب المقدس ( الإنجيل) ومقارنتها بما جاء في القرآن الكريم، فالأنسنة عرفها الحداثيون بأنها الوجه الآخر للعلمنة، وقد أشارت العديد من النظريات الأوروبية والعربية إلى أن الأنسنة تتمحور حول الإنسان لتحديد الهوية الإنسانية، تبقى مسألة المصطلحات فهي لا تزال دون تمحيص علمي فكانت عائقا كبيرا في تقريب الرؤى لفهم العلاقة بين الأنا والآخر وإمكانية العيش معا في إطار التعايش السلمي مع الإحتفاظ بخصوصية كلّ منهما.

في هذا السياق أرادت حركة الأنسنة في العالم الأوروبي أن تبعث نفسا جديدا في المسيحية الكاثولوكية وإقامة مقاربات بين النزعة الإنسانية، كان المنطلق كهنوتيا قام به المفكر الغربي راسموس مختص في الفكر النقدي، لكن سرعان ما تم التخلي عنه من أجل الإنخراط في الحياة الإنسية، فكانت هناك مراجعات للعهد الجديد وترجمته وتفسيره، وقد وقف دارسوا الكتاب المقدس ( العهد الجديد) ومنهم راسموس على نصوص غير معقولة، قدمها للكهنة، هذا الأخير اعتمد على منهج الوثنيين الذين اعتبرهم أكثر مسيحية من المسيحيين أنفسهم، وإن كان راسموس قد جعل النزعة الإنسية كمنهج و قاعدة دون الخروج عن الكنيسة، فمحمد إقبال وقف على وضع الأمة الإسلامية وعوامل التحضر في العالم الأوروبي، فعمل على تجديد الفكر الديني من خلال المنهج الرشدي من أجل التعقل فقال بخلود العقل الفعال، كانت هذه مقارنة للفكر النقدي بين راسموس ومحمد إقبال، قدمها محاضرون، حيث ركز الإثنان على علاقة الإنسان بالدين من أجل إعلاء قيمة الإنسان، ذلك باستخدام المنهج العقلي والنقدي لكل المضامين المعرفية والتعامل معهما بقداسة.

أما فكرة التعايش السلمي بين الأديان لاسيما بين الإسلام والمسيحية وبخاصة الكاثولوكية، حسب الدكتور عبد القادر بخوش باحث في الفكر الديني من جامعة قطر في ورقة قدمها عن طريق تقنيات التحاضر عن بعد فهي مرتبطة أساسا بالحوار بين الأديان والحضارات والثقافات، وقال ان العلاقات الحالية بين المسلمين والمسيحيين تشكل نموذجا في إرساء القيم الإنسانية بدليل أن البابا فرانسيس في سنة 2013 دافع عن روحانية الإسلام وقيمه وفي روما استقبل عدد كبير من المهاجرين المسلمين الغير شرغيين ة كانت له مواقف مشرفة في حواره مع الأزهر في إطار مبادرة " حُبُّ الله"، عكس مواقف البابا السابق الذي وصف افسلام على أنه دين عنف وتطرف وأنه دين لا يمجد العقل.

المجمع الفاتيكاني الثاني دعا إلى ثقافة الحوار مع الإسلام لمواجهة الإسلاموفوبيا

و بما أن المسيحية تعتبر من مقومات الفكر الغربي فقد أشار الباحثون إلى انقسام المسيحيين إلى تيارات، وركزا في دراساتهم على التيار الكاثوليكي، لكنهم لم يتطرقوا إلى انقسام المسلمين إلى تيارات، أو بالأحرى أغفلوا هذا الجانب في مداخلاتهم ( أي الإسلام السُنِّي والإسلام الشّيعي) في ظل استمرار الصراع بين السنة والشيعة، وهذا من أجل توحيد المشترك الديني بينهم وإعطاء للإسلام الصبغة العالمية، كل هذه المسائل تحتاج إلى دراسة المشترك بكل أبعاده الدينية والفلسفية، الأخلاقية والسياسية، الذين شاركوا في المؤتمر الدولي تطرقوا إلى دور المُجَمَّع الفاتيكاني الثاني المعاصر وما صدر عنه من قرارات في الفترة بين 1962 و1965 والتي تعتبر حسبهم فصل جديد للمسيحية، حيث أدخل المجمع أديان أخرى كالإسلام واليهودية واختصر مسائل عديدة أهمها الدعوة إلى حوار مسيحي إسلامي والتعايش مع المسلمين، أي أنه أصبح لاهوتا جديدا، إلا أن نظرة الغرب للإسلام ظلت تعكس ما يقول به المجمع الفاتيكاني، لأن ظهور الإسلام عند الغرب كان تحديا تاريخيا لمواجهة الديانة المسيحي.

الفكرة التي اثارت اهتمام الباحثين هي دور الإستشراق الذي كانت تحركه الكنيسة الكاثولوكية، حتى أحدث مؤتمر المجمع الفاتيكاني الثاني المنعقد في 1962، تغيرا كبيرا على كل المستويات، كانت لبعض المفكرين اليسوعيين والبابوات أطروحات إيجابية من الإسلام وبالخصوص البابا بولس السادس، هكذا أرسى المجمع الفاتيكاني ثقافة الحوار مع الإسلام من أجل نبذ فكرة الإسلاموفوبيا، وخالف ما جاءت به قرارات المجمع المسكوني الثاني الذي اتبع نظام الرهبان وابتعد عن المسيحية الصحيحة، خاصة وأن العصر اليوم وهو عصر انتصار القيم الإنسانية وما حققته من نتائج توصل إليها العقل البشري بعد تحرره من الكنيسة الكاثولوكية واللاهوت الديني مثلما اشار إلي ذلك الدكتور محمد أوجرتني الذي قال أن إحداث مقاربة بين التنويريين في الغرب ودعاة التنوير في الشرق متوقف على الوقوف على خصوصية الفكر الأوروبي والفكر الإسلامي، من وجهة نظر الباحثين فإن مجال الأنسنة يتجاوز المرحلة السابقة التي قام بها الشرق الإسلامي الذي كان متفوقا على حضارات غيره في مرحلة الفتح الإسلامي.

ما يلاحظ أن المحاضرين أهملوا جانبا مهما من النظريات التي تأسست في هذا الشان، خاصة ما يسمى بـ: الإنتروبولوجيا الدينية، التي تحدث عنها كثبر من المفكرين على غرار المفكر الجزائري محمد أركون الذي كانت له أطروحات ونظريات حول الإصلاح الديني، الذي كثر استعماله وتوظيفه من طرف رواد النهضة الأوروبية الحديثة ومن قبل زعماء الإصلاح والتجديد في العالم العربي والإسلامي الحديث، فقد كانت لمحمد أركون نظرة خاصة لما يسمى بـ: "الإنتروبولوجية الدينية"، كما تكلم عن العلاقة بين تطبيق الدين الإسلامي تطبيقا صحيحا وتقليده، على غرار ما حدث في التقليدين اليهودي والمسيحي، وصولا إلى غاية "علمنة" المجتمع الإسلامي وتنويره، فمحمد أركون كان له منهجا خاصا في تطبيق النص القرآني وهو منهج كان قد طبق على النصوص المسيحية، ويتلخص في إخضاع القرآن للدراسة النقدية التاريخية المقارنة، والتأمل الفلسفي لمعنى النصوص، ودعا إلى إخضاع النصوص القرآنية إلى النقد من وجهة نظر تاريخية، فمن جهة أراد بذلك أن ينتقد الأطروحات الاستشراقية للعقل اللاهوتي عند أهل الكتاب، ومن جهة أخرى أراد أن يفسح المجال أمام الحداثة والأنوار، بمعنى أنه يحرص على التمييز بين المُفَكِّر فيه وبين اللا مُفِّكِر فيه وما لا يمكن التفكير فيه داخل النسق الإسلامي، وهذا لمعرفة إن كان الدين ثابت أو متغير.

تبقى إشكالية العلاقة بين الإسلام والمسيحية من وجهة الباحثين من القضايا الحساسة جدا، لاسيما في هذه المرحلة بالذات، مرحلة يتكالب فيها البعض على الإسلام والتحولات السياسية التي تمر بها المنطقة العربية، تلعب فيها النزاعات دورا هاما، تظهر فيها مصطلحات ومفاهيم جديدة تحتاج إلى أكثر تبسيط مثل: ( المواطنة، الحداثة، التحرر الفكري والديني، الأنسنة، الدمقرطة، العرقومية، العردينية، العلمنة، الإسلاموفوبيا، وغيرها من المصطلحات، كمصطلح "الأسلمة" islamization، والذي يقابله مصطلح التنصير والتهويد، في ظل تطور الفلسفات والسياسات، وهي طبعا بالنسبة للبعض مسألة معقدة وشائكة لأسباب عدة، بسبب ظهور مصطلحات جديدة كالعربنة، وإن كانت هذه المصطلحات هي ثمرة تلاقح أفكار نخبة من العلماء ورجال الدين والمختصين في العلوم والإنتروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس وحتى الطب، فإن الصراع القائم بين التقليديين والحداثيين مستمر، والدور الذي لعبه المستشرقون في نقل أفكارهم وترجمتها، خاصة وأن لفظ أسلمة كما يقول بعض الباحثين من الألفاظ التي شاعت في الدراسات الغربية وكتابات المستشرقين، أي تَحْويل الفكر من منهجٍ ما إلى منهجٍ آخر قائم على الإقرار بشرائع الدين الإسلامي، تضاف إليها مختلف النظريات التي نشأت منذ عصور، ما أراده المؤتمرون هو تنبيه "النخبة" من السقوط فريسة الأفكار السطحية التي يطرحها قليلي العلم والفكر.

 

علجية عيش

 

 

2375 مهرجان 2جائزة أحسن فيلم لـ "الرجل الذي باع ظهره" وجائزة الجمهور تذهب لـ "حظر تجوّل"

أُختُتمت فعّاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان مالمو للسينما العربية التي استمرت للفترة من 6- 11 أبريل/ نيسان 2021. وقد استضافت مكتبة مالمو المركزية حفل الاختتام الذي تم فيه إعلان جوائز المسابقات الرسمية حيث نال فيلم "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية جائزة أحسن فيلم، فيما أُسندت جائزة الجمهور التي تمنحها بلدية مالمو بقيمة 25 ألف كرون سويدي لفيلم "حظر تجول" للمخرج المصري أمير رمسيس وقد قدمتها رئيسة اللجنة الثقافية في مدينة مالمو السيدة فريدا ترولمير.

"الهدية" يخطف جائزة أحسن فيلم قصير

تضمّن مهرجان هذا العام مسابقتيّ الأفلام القصيرة والطويلة التي تضم أفلامًا روائية ووثائقية. وقد ارتأت لجنة تحكيم الأفلام القصيرة التي تألفت من خمسة سينمائيين ونقّاد وهم: المخرجة والمنتجة اللبنانية مانو نمّور، والمخرجة والمنتجة المصرية ماجي أنور، والناقد الجزائري فيصل شيباني، والناقد البحريني طارق البحار، والممثل الإماراتي منصور الفيلي أن ينوّهوا بفيلمين قصيرين ويمنحوا شهادة تقدير لكل فيلم وهما "الست" للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني، وفيلم "توك توك" للمخرج المصري محمد خضر. أما جائزة أحسن فيلم قصير وقيمتها 15 ألف كرون سويدي فقد ذهبت لفيلم "الهديّة" للمخرجة الفلسطينية فرح النابلسي.

2375 مهرجان 1

أمّا في مسابقة الأفلام الطويلة فقد ارتأت لجنة التحكيم المؤلفة من خمسة سينمائيين وهم: المخرجة الفلسطينية نجوى نجار، والممثلة والمخرجة السعودية فاطمة البنوي، والباحثة السينمائية المغربية ليلى شرادي، والإعلامية اللبنانية ريّا أبي راشد، وكاتب السيناريو المصري تامر حبيب أن يمنحوا جائزة أحسن سيناريو للسينارست والمخرج التونسي غازي الزغباني عن فيلم "الهِربة" The Dilemma، فيما أسندت جائزة أحسن ممثل لسليم ضو عن دوره في فيلم "غزة مونامور" للمخرجَين الفلسطينيين عرب وطرزان ناصر. أما جائزة أحسن ممثلة فكانت من نصيب نعيمة لمشاركي عن دورها في فيلم "خريف التفاح" للمخرج المغربي محمد مُفتكر . فيما ذهبت جائزة أحسن إخراج للسعودي عبد العزيز الشلاحي عن فيلمه المعنون "حدّ الطار". أما  جائزة لجنة التحكيم الخاصة وقيمتها 15 ألف كرون سويدي، فقد مُنحت لفيلم "جزائرهم" للمخرجة الفرنسية من أصول جزائرية فلسطينية لينا سويلم. بينما أُسندت جائزة أحسن فيلم، وقيمتها 20 ألف كرون سويدي لفيلم "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية. أما جائزة الجمهور التي تمنحها بلدية مالمو بقيمة 25 ألف كرون سويدي، فقد ذهبت لفيلم "حظر تجوّل" للمخرج المصري أمير رمسيس.

نجاح المهرجان رغم صيغته الإليكترونية

لابد من الإشارة إلى أنّ الدورة الحادية عشرة لهذا المهرجان قد تمّت إليكترونيًا وبنجاح تام حيث شاهدنا أفلام المسابقتين القصيرة والطويلة بواقع 12 فيلمًا طويلاً، و17 فيلمًا قصيرًا، و 3 أفلام طويلة في برنامج الليالي العربية. وقد اُختتم المهرجان في مكتبة مالمو المركزية في تمام الساعة مساء من يوم 11 أبريل حيث تمّ عرض فيديو يتضمن أهم المحطات في الدورة، ثم تلتهُ كلمة ترحيبية من قبل السيد تربيون نيلسون، رئيس مكتبة المدينة، وأعقبتهُ السيدة ماغنوس لونديرغويست، رئيس اللجنة الثقافية لمقاطعة سكونة بكلمة أخرى، ثم جاء دور محمد قبلاوي، مؤسس ورئيس المهرجان حيث ألقى كلمة وافية لخّص فيها وقائع الدورة وتحدياتها في ظل جائحة كورونا، ثم وجّه تحية للراحل محمد قدورة، أحد المشاركين في تأسيس المهرجان، وتمّ عرض فيديو تحية لذكراه العطرة، وثناء لجهوده التي قدّمها لمهرجان مالمو.

ثلاثة أفلام أخرى تستحق الإشادة والتنويه

2372 فيلم 0على الرغم من أهمية فيلم "الهدية" لفرح النابلسي والدور الجميل والمعبِّر للفنان صالح بكري وهو يجسّد معاناة الفلسطينيين في المعابر الإسرائيلية إلاّ أنّ هناك ثلاثة أفلام لا تقل أهمية عن هذا الفيلم أو الفيلمين المنوّه بهما وهما "الست" لسوزانا ميرغني و "توك توك" لمحمد خضر، وهذه الأفلام تباعًا هي "الحمّام" للمخرجة التونسية أنيسة داود، و "عايشة" لزكرياء نوري، و "سهرة مع ليلى" لهيا الغانم. ففيلم "الحمّام" يعالج قضية الاعتداء الجنسي على الأطفال أو ما يسمى بزنا المحارم وهي ثيمة نفسية واجتماعية وأخلاقية خطيرة تعاني منها المجتمعات العربية وتستحق المزيد من التأمل والفحص والدراسة. كما أن فيلم "عايشة" لزكرياء نوري يتمحور على فكرة بيع الجسد التي لمسناها في اللحظات الأخيرة من الفيلم حينما نزلت عائشة إلى الشارع لتلتقي سائق الشاحنة وتذهب معه، ومع صديقه لاحقًا، إلى مكان ما لكي تعود محمّلة بالطعام الذي تسد به رمق الوالدة المريضة. أمّا الفيلم الثالث فهو "سهرة مع ليلى"، هذه الفنانة والملحنة الكويتية التي أبدعت أجمل الأغاني الخليجية وعلى رأسها أغنية "وشعلامك بالأسمرانية" التي أصبحت علامة فارقة في التراث الغنائي الخليجي.

وفيما يتعلق بجوائز الأفلام الطويلة فقد ذهبت لمستحقيها فعلاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن فيلم "الرجل الذي باع ظهره" لكوثر بن هنية قد حصد العديد من الجوائز في مهرجانيّ فينيسيا والجونة وترشح في خاتمة المطاف للأوسكار عن جدارة. أما فيلم "حظر تجول" لأمير رمسيس فهو يستحق جائزة الجمهور، وسبق للنجمة السينمائية إلهام شاهين أن نالت عن دورها فيه جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام لكن أعضاء لجان التحكيم في معظم المهرجانات يتناسون الدور المهم الذي لعبته الفنانة أمينة خليل وتألقت فيه طوال مدة الفيلم.

أفلام سعودية جريئة تناقش ثيمات حسّاسة

تسجّل السينما السعودية على قلّة إنتاجها طفرة في فيلميها الجريئين "حدّ الطار" للمخرج عبدالعزيز الشلاحي الذي يناقش قضيتي "الطقّاقة" و "السيّاف" والنظرة الدونية لمن يمتهن الرقص والغناء. وفيلم "أربعون عامًا وليلة" للمخرج محمد الهليل الذي يتناول مسألة الزواج السريّ، والتفكّك الأسري، وطبيعة العلاقات الشائكة، والموروثات الدينية التي ترجّح كفة الرجل على المرأة.

2361 مهرجان 9

نخلص إلى القول بأن مهرجان مالمو للسينما العربية قد نجح هذا العام أسوة بالأعوام السابقة ولعله يزداد تألقًا كلما استقطب عددًا مهمًا من الأفلام الإشكالية الجريئة التي قد لا تجد طريقها إلى الشاشات العربية بسبب حساسية الثيمات والموضوعات التي تعالجها. ولابد من الإشادة بطاقم العمل التنظيمي والإعلامي لهذا المهرجان وهم يواصلون عملهم الدؤوب من أجل إظهار المهرجان بهذه الحُلة الجميلة الناصعة التي تخطف الألباب.

 

عدنان حسين أحمد

 

 

عدنان حسين احمدخاص بالمثقف: حَفَلَ اليوم الثاني من الدورة الحادية عشرة لمهرجان مالمو للسينما العربية بعرض فيلمين طويلين وهما "نحن من هناك" للمخرج اللبناني وسام طانيوس، وفيلم "قِلتلّك خَلَص" للمخرج اللبناني إيلي خليفة، كما عُرضت خمسة أفلام قصيرة سنتوقف عندها جميعًا وهي  "حاجز" للمخرجة اللبنانية داليا نمليش، و"الحمّام" للمخرجة التونسية أنيسة داود، و"الحجاب الأسود" للمخرجة القطرية الجوهرة آل ثاني، و"توك توك" للمخرج المصري  محمد خضر، و"الهديّة" للمخرجة الفلسطينية فرح النابلسي.

2367 مالمو 1

تعود بنا داليا نمليش إلى انتفاضة 17 أكتوبر 2019 التي راج فيها شعار "كِلّن يعني كِلّن" الذي يعرّي الفساد، وهيمنة الأحزاب المليشياوية التي اختطفت البلاد، وهيمنت على ثرواته ووظائفه وتركت شرائح واسعة من المجتمع اللبناني تزداد فقرًا ومشقةً وعناءً. المتظاهرون يردِّدون بصوتٍ عالٍ "الشعب يريد إسقاط النظام" ويهتفون بالأغاني الوطنية لكن ثيمة الفيلم الرئيسة تتضح حينما نعرف أنّ المتظاهرَين فرح "باسكال سينيوري"، وأنتوني "أحمد حمادي شاسين متحابان وتربطهما علاقة عاطفية دفعت بالحبيب أنتوني للقدوم من باريس لزيارة جدته المريضة والمشاركة في الانتفاضة التي صادف انطلاقتها في ذلك اليوم.

2367 مالمو 2

ما يميز هذا الفيلم هو سلاسته العاطفية حيث تتيح لنا المخرجة بضعة مشاهد من القُبل والاحتضان بين العاشقَين. وما إن تنتهي أمور التظاهرة على خير ويغادران المكان حتى يفاجئهما "حاجز" على الطريق ليعقّد الأمور التي كانت منسابة قبل قليل. فثمة شخصان من أحد المليشيات اللبنانية المتنفِّذة يُصادران حق الناس في التنقّل والعبور في شوارع بيروت وهما رياض "جوليان فرحات" وسامر "محمد ياسين"، إضافة إلى كلب ضخم يُدعى "جوكر". تنخفض النبرة المرتفعة لفرح أمام انفعالات رياض وسامر وأسئلتهما المتلاحقة عن هوية الضحيتين وعملهما، ففرح معروفة على اليوتيوب، أمّا صديقها ذو اللكنة الأجنبية فهو يقيم في فرنسا لكنه يحمل جوازًا لبنانيا الأمر الذي يثير شكوك سامر ويجعله يعتقد بأنه عميل لإسرائيل، فيتضاعف التدقيق حيث يفتش سامر في هاتفه النقال، كما يفتش السيارة وما فيها من حقائب بطريقة مُذلة فيها الكثير من التشفي والاستصغار وحينما يصل العنصران إلى قناعة ما يتصل سامر لاسلكيًا بجهته المليشياوية ويخبرها بجملة مفهومة في فضائنا العربي:"باعثيلكم ضيفين؛ بنت وشاب، اهتموا فيهم"، وقد يأخذ الاهتمام أشكالاً متعددة للتعذيب، والإهانة المتعمدة لكرامة الإنسان العربي في ظل الأنظمة المليشياوية الخارجة عن القانون.

2367 مالمو 3

تحرّش جنسي بدون مشاهد خادشة للحياء

يُعد فيلم "بانو" أو "الحمّام" للمخرجة التونسية أنيسة داود من أكثر أفلام المسابقة رهافة، فالثيمة التي تعالجها في الفيلم هي التحرش الجنسي بالأطفال لكن رهانها الفني الصعب كان قائمًا على عدم تقديم مَشاهد جارحة للحياء، وقد نجحت في هذا الرهان حقًا عندما لامست الموضوع بشكل مجازي، وبجمل لمّاحة قصيرة كانت تفي بالغرض المطلوب. فلقد تعرّض الأب عماد "محمد داهش" في طفولته للاعتداء الجنسي على يد عمّه، وظلّت هذه التجربة القاسية تعيش معه طوال السنوات المنصرمة، وبات يخاف على ابنه من أقرب الناس إليه لئلا يمر هو الآخر بنفس التجربة، ويُصبح ضحية لها. قال عماد بأنه لا يحب هذه الصور الموجودة في منزل شقيقته ولكنه كان يعني صورة عمه التي يكرهها، وحينما ذهب مع ابنه إلى السوق بغية شراء السمك أراد البائع أن يلمس ابنه كنوع من الترحاب برؤية الطفل لكن الأب سحبه بسرعة وكأنه يخشى عليه حتى من مجرد المداعبة العادية التي يقوم يها أي شخص من العائلة أو من حلقة الأصدقاء المقرّبين. أما قصة الفيلم التي كتبتها أنيسة فهي تروي قصة زوج غادرت زوجته في بضعة أيام عمل وتركت له فرصة الاعتناء بولده الصغير هادي فكان يأخذه إلى المقهى تارة، وإلى البحر تارة أخرى، وبين هذه وتلك يذهب إلى بيت شقيقته ويمضي عندها بعض الوقت لكن هاجس الخوف ظل يلازمه ولن يفارقه أبدًا.

2367 مالمو 4

يتمحور فيلم "الحجاب الأسود" للمخرجة القطرية الجوهرة آل ثاني على شخصية ريم، وهي شابة عراقية من الموصل تهرب من منزلها في منتصف الليل بعد إجبارها على الزواج من أحد عناصر داعش الإجرامية. ويساعدها في عملية الهروب سائق تاكسي يُدعى أحمد لكنّ شخصًا داعشيًا يلاحقه ويسأله عن ريم التي تجلس في المقعد الخلفي فيدّعي أنها زوجته وقد جلبها توًا من بيت والدها ولكنه نسي الأوراق الرسمية التي تثبت أنها زوجته. وعلى الرغم من أن التدخين محرّم في العقيدة الداعشية إلاّ أنّ أحمدًا يقدّم له سيجارة فيشكره الداعشي ويتركه يمضي لحال سبيله ويحذّره من أن يراه مرة ثانية وإلاّ سوف تكون العواقب وخيمة. يأخذها أحمد إلى بيت أهلها القديم فتجده مدمرًا ومهجورًا، وهذا يعني أنّ العائلة قد هربت إلى صحراء الموصل ويقرر إيصالها إلى هناك وحينما يتعب من قيادة السيارة يأخذ غفوة فتخبره ريم بأنها تستطيع أن تقود السيارة لكن اثنين من الدواعش يلحقان بهما في قلب الصحراء وتراودهما الشكوك بأنه يخبئ شيئًا ما عنهما فيطلق أحدهما النار عليه ويرديه قتيلاً، ثم يسكب البنزين على السيارة ويوقد فيها النار لكن ريم كانت قد تسللت من جوف السيارة واختبئت خلف إطار ضخم جوار بيت طيني. يغادر الداعشيان المكان فتتجه ريم إلى حافلة لاحت في الطريق تضم مجموعة من النساء الملفعات بالسواد لكنّ وجوههن المكشوفة شجّعها على إزالة النقاب عن وجهها الذي ارتسمت على معالمه إشراقة ابتسامة توحي بالخلاص من المناخ الداعشي الذي جثم على صدرها وقتًا ليس بالقصير.

2367 مالمو 5

سائقة توك توك تعمل في بيئة رجالية

يرصد المخرج المصري محمد خضر في فيلمه "توك توك" حياة عائلة مصرية متواضعة تتألف من الأب محروس "أشرف مهدي" الذي لم يكمل تعليمه الدراسي، ويرتزق من أي عمل يُكلّف به وهو جالس في المقهى الشعبي في الحيّ، فمن الممكن أن يكون حمّالاً أو نقاشًا أو مساعدًا لعصابات تهريب البشر. أما زوجته ولاء "إلهام وجدي" التي ستتمحور حولها القصة فهي ربة بيت تدرّس طفليها كلما وجدت متسعًا من الوقت، كما تستقبل والدتها المريضة، وتساعد شقيقها الأكبر عمر الذي يعاني من الشلل بعد إصابته في حادث التوك توك الذي أوشك أن يودي بحياته. يغادر  محروس البلاد بطريقة غير قانونية ويحلم بالوصول إلى إيطاليا لأنه تعرّف على فتاة إيطالية تعهدت باستقباله، وتأمين مستقبل أفضل له بعد أن يصل إلى جزيرة كريت في اليونان، ثم يتجه بعدها إلى إيطاليا. غير أن الرياح قد تجري بما لا تشتهي السفن حيث يغرق الزروق المطاطي في جزيرة كريت ويموت كل من عليه. تفرح ولاء بهذا الخبر لأنّ محروسًا طلّقها، وتتشفى بموته، وتقرر أن تعمل سائقة للتوك توك رغم كل المصاعب الجمّة التي يمكن أن تواجهها امرأة تعمل في بيئة رجالية حيث تتعرض للانتقاد، والسخرية، والتجريح لكنها تشق طريق حياتها بنجاح وأخذت تسدد الكمبيالات التي فرضها الحاج فتحي شهريًا لكن شخصًا دنيئًا اسمه السيد كان يقف لها بالمرصاد، إذ حاول أن يستميلها لكنها كانت تشعر بطمعه في عربة التوك توك وحينما تزجره غير مرة يقرر الانتقام منها وهي لا تملك شيئًا أثمن من هذا التوك توك الذي بدأ يدّر عليها دخلاً شهريًا جيدًا. وذات ليلة يوقد "السيد" النار في عربتها الصغيرة ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها أهالي الحي إلاّ أن التوك توك قد خرج من الخدمة وصار لزامًا على ولاء أن تسدد بقية الكمبيالات المترتبة عليها وهي لا تمتلك مصاغًا ذهبيًا مُدخرًا أو أي مصدر للدخل. نقرأ على الشاشة بعد انتهاء الفيلم "بأن عدد الغارمات في سجون مصر قد بلغ أكثر من 30.000 غارمة، وأن بعض الجمعيات الخيرية تعمل على جمع التبرعات لسداد غراماتهنّ ولكن للأسف فإن عدد الغارمات هو أكبر بكثير من حجم التبرعات".

2367 مالمو 6

لا يستطيع المُشاهد إلاّ أن يشعر باللوعة والأسى المصحوب بالقرف من الإجراءات الأمنية المشدّدة، والإهانات المتعمدة للمواطنين الفلسطينيين وهم يجتازون المعابر الحدودية التي تفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين يوميًا. وقصة فيلم "الهديّة" للمخرجة الفلسطينية فرح النابلسي تتمحور على رغبة الزوج يوسف "صالح بكري" في شراء ثلاجة جديدة لزوجته لمناسبة عيد زواجهما، فثلاجتها القديمة معطوبة وينفتح بابها من تلقاء نفسه. كما ترافقه ابنته الصغيرة ياسمين في تلك الرحلة إلى أحد مدن الضفة الغربية. عند المعبر ترى المئات من الفلسطينيين وهم يمرون في مسارات مؤطرة بالحديد والأسلاك الشائكة، ويتعرضون إلى اسئلة غريبة، وإهانات مقصودة، بينما يمرّ الإسرائيليون بسلاسة واسترخاء، وبعد التفتيش المُذل يسمح ليوسف وابنته بالعبور لكن ياسمين ستبلل نفسها من الذعر الذي أصابها وهي ترى بأم عينيها الطريقة المهينة التي يتعاملون فيها مع أبيها. وحينما يصلان إلى أحد المولات يقتنيان كل ما يلزم للمناسبة، ويجلبان الهدية معهم بسيارة المحل لكن السلطات الأمنية تمنعهم من الدخول فيضطر الأب لدفع الثلاجة بعربة ترولي وحينما يصل إلى المعبر تبدأ الأسئلة التافهة والمستفزة التي أفقدت يوسف أعصابه وأوشكوا أن يطلقوا عليه النار. وفي سورة غضب الوالد كانت البنت ياسمين قد دفعت العربة بهدوء من بوابة المعبر الرسمية فتبعها الوالد باسترخاء وهو يمشي خلف هذه الهدية التي سحقت أعصابه لكنها سوف تزرع الفرحة في نفس زوجته التي أحبها من الأعماق، وكرّس حياته لها ولابنتهما ياسمين أو الأميرة الصغيرة التي يعتبرها أحلى طفلة في فلسطين.

2367 مالمو 7

خاص بالمثقف

عدنان حسين أحمد

 

 

2361 مهرجان 3أفلام جريئة، وثيمات حسّاسة تخترق المستور، وتفضح القضايا المسكوت عنها

تنطلق في السادس من أبريل / نيسان الجاري 2021 فعّاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان مالمو للسينما  العربية وتستمر لغاية الحادي عشر منه. يتضمن برنامج المهرجان مسابقة الأفلام الروائية والوثائقية التي تشتمل على 12 فيلمًا طويلاً، ومسابقة الأفلام الروائية القصيرة التي تضم 17 فيلمًا. أما برنامج الليالي العربية فيتضمن 3 أفلام، وهناك 9 أفلام قصيرة في برنامج تنظمه السينما العربية في السويد (ACIS) بالتعاون مع Red Star Films. تتألف لجنة تحكيم الأفلام الطويلة "روائية ووثائقية" من باقة متميزة من النساء العربيات المبدعات وهنّ على  التوالي: المخرجة والمنتجة الفلسطينية نجوى نجّار، والممثلة والمخرجة السعودية فاطمة البانوي، والباحثة السينمائية المغربية ليلى الشردي، والإعلامية اللبنانية المتوهجة ريّا أبي راشد. سنكتفي في هذا المقال بتغطية ثيمات مسابقة الأفلام الطويلة والقصيرة على أمل أن نغطي بقية المسابقات في ريبورتاج قادم. يُفتتح المهرجان بفيلم "الرجل الذي باع جلده" للمخرجة التونسية كوثر بن هنيّة، وقد حصد هذا فيلم شهرة واسعة في عدد من المهرجانات السينمائية العربية والأجنبية مثل مهرجانيّ فينيسيا والجونة. وفي الآتي قراءة سريعة لثيمات وموضوعات الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة التي تتنافس على جوائز مهرجان مالمو للسينما العربية.

2361 مهرجان 1

سؤال الوطن والقدرة على التكيّف والاندماج

يرصد المخرج اللبناني وسام طانيوس في فيلمه الوثائقي "نحن من هناك" قصة شقيقين مختلفَين في الشخصية والبناء الفكري. فجميل نجار نشيط ومليء بالحيوية يقتفي أثر والده، وحينما تغرق سورية في مستنقع الحرب يقرّر القيام برحلة غير شرعية إلى السويد. أمّا ميلاد فهو عازف بوق حالم يريد البقاء في دمشق لكنه لا يستطيع أن يصمد أكثر فيقرر، هو الآخر، المغادرة إلى برلين. ويقوم ابن عمهما وسام بتصوير رحلتهما على مدى أكثر من خمس سنوات مستعيدًا ذكريات الطفولة وملاعب الصبا، ويثير في أعماقهما سؤال الوطن، وقدرتهما على التكيّف في البلد المضيّف لهما رغم الفوارق الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والنفسية. تنتقل كاميرا المصور في عدة بلدان تبدأ بدمشق، وتمرّ ببيروت، وأثينا، وبرلين وتنتهي بستوكهولم.

بينما تدور قصة الفيلم الروائي "تحت الخرسانة" للمخرج اللبناني روي عريضة في عام 2015 حول شاب يبلغ من العمر 32 عامًا يعمل كمندوب مبيعات لكنه سرعان ما يشعر بالملل من وظيفته الرتيبة بينما ترزح بيروت تحت وطأة السيارات المفخخة التي تنفجر هنا وهناك، فيقرر أن يبحث عن مَخرج، ولم يجد أمامه سوى رغبة شديدة في تحطيم الرقم القياسي العالمي للغوص. تخرّج روي عريضة في جامعة لافيميس بباريس وأنجز عدة أفلام وثائقية وقصيرة من بينها "بعدنا".

فيما تنهمك المخرجة الفرنسية لينا سويلم المنحدرة من أصول جزائرية- فلسطينية بفيلمها الوثائقي "جزائرهم" الذي يتمحور حول جدّيها مبروك وعائشة اللذين قررا الانفصال بعد 62 سنة من الزواج والعيش المشترك حيث قدِما إلى مدينة "تيير" الفرنسية في وسط فرنسا، وعاشا حياة المهاجرين بما لها وما عليها، وأخيرًا قررا الانفصال والتأمل في رحلة المنفى الطويلة من دون أن تنسى الحفيدة استعادة الزمان والمكان الجزائريين.

يأخذنا المخرج  السعودي عبد العزيز الشلاحي في فيلمه الروائي "حد الطار" أو "دفّ القصاص"إلى قصة خيالية مركبّة، فالحدّ يعني تنفيذ الحكم، والطار يعني الطبل، وعلى المُشاهد أن يضع هذه المفارقة نصب عينيه وهو يرى "شامة" التي تسكن في حي فقير في الرياض، وتجد نفسها في مأزق فتضطر إلى الغناء في الأعراس لمساعدة والدتها على جمع الديّة لتفادي زواج غير مرغوب فيه. يؤكد الشلاحي بأن هذه القصة حقيقية وقد حدثت في منطقة قريبة من محل سكناه وقد رأى بطليّ القصة، السياف والمطربة، على أرض الواقع، وتَمثّل قصتهما من كثب. بلغ رصيد الشلاحي ستة أفلام نذكر منها "عطوى"، "كمان"، و"المغادرون".

تتناول المخرجة المغربية أسماء المدير في فيلمها الوثائقي "في زاوية أمي" صورة قديمة لبطاقة بريدية عثرت عليها مصادفة بين أغراض والدتها فقررت أن تُحيي هذه القصة الرائعة، وتبعث فيها الحياة. فالزاوية هي القرية التي تقع شمال المغرب غادرتها الوالدة حين كانت طفلة ولم تعد إليها أبدًا. غير أن أسماء هي التي قررت الذهاب إلى تلك القرية النائية، والشروع في البحث عن ماضي والدتها وتاريخها الشخصي مهما كان صغيرًا. تُرى، ما الذي سيحدث لأسماء لو أن والدتها لم تغادر القرية، وكيف ستكون حياتها، وهل ستنغمس في قضايا التحرر والهجرة والانفتاح على العالم الخارجي، وملامسة الحريات الشخصية والعامة شأنها شأن أي امرأة متحررة تعيش على وجه البسيطة. أنجزت أسماء المدير عددًا من الأفلام المهمة من بينها "ألوان الصمت" و"الرصاصة الأخيرة".

2361 مهرجان 2

فيلم الافتتاح.. الرجل الذي باع جلده

تتابع المخرجة التونسية كوثر بن هنيّة الشاب "سام علي" الذي فرّ من سورية بسبب الحرب المشتعلة هناك وتوجّه إلى لبنان حالمًا بالسفر إلى أوروبا كي يلتحق بحبيبته "عبير" ويتزوجا هناك. يرتاد في بيروت معارض الفن التشكيلي ويتلقّى عرضًا غير متوقع، إذ يطلب منه فنان أوروبي معاصر أن يشتري ظهره، ويعرضه للجمهور كقطعة فنية حيّة بعد أن يرسم جواز سفره على ظهره. ترى، هل يمكن أن يكون هذا العرض الغريب تذكرة حقيقية إلى الحرية؟ أم أنّ بيع "الجلد" سيطعن كبرياء أي مواطن سوري ويثير حفيظته؟ رُشح هذا الفيلم إلى الأوسكار وتبدو حظوظه في الفوز كبيرة حتى الآن. أنجزت كوثر عددًا من الأفلام الجريئة والمهمة من بينها "الأئمة يذهبون إلى المدرسة"، "على كف عفريت"، و"بطّيخ الشيخ".

يركِّز المخرج التونسي حمزة العوني في فيلمه الوثائقي "المدسطنسي" الذي يعني "المُستبعَد" أو "المنفي" على حياة "محرز" لمدة 12 سنة يبدأها بعام 2005، ومحرز هذا شاب مدمن على المقامرة في سباق الخيل، لكنه في المقابل موهوب في مجاليّ الرقص والمسرح. يرصد العوني هذه الشخصية التونسية المسكونة بالتناقضات، فهو يجمع بين الإرادة والطموح، واليأس والإحباط. وعلى الرغم من الصعوبات الجمّة التي يواجهها كالسجن أو التشرّد في أوروبا، والحب المحظور الذي يمارسه إلاّ أنه يلهث وراء شغفه الفنيّ. سبق للعوني أن أنجز "جمل بروطة" ، و"الحقيقة بالأبيض والأسود".

يحوّل المخرج التونسي غازي الزغباني مسرحية "الهربة" 2018 إلى فيلم سينمائي يحمل الاسم ذاته بعد أن أدخل عليه بعض التعديلات الطفيفة مُحافظًا على ثيمة المسرحية وشخصياتها. تتمحور قصة الفيلم على شاب محافظ تُطارده الشرطة التونسية عبر أزقة أسواق تونس القديمة فيجد نفسه مضطرًا للاختباء في  غرفة عاهرة في بيت للدعارة بالمدينة، ويلتمس مساعدتها على الرغم من الخلاف الكبير بين معتقداته الأخلاقية وطريقتها لكسب النقود، ويزداد الأمر تعقيدًا حين تستقبل المومس زبونًا عاديًا لا يحمل أفكارًا آيدلوجية محددة.

ليس غريبًا على المخرجَين طرزان وعرب ناصر أن يقدّما فيلمًا دراميًا رومانسيًا فغالبية قصصهما تلامس قضايا المواطن الفلسطيني البسيط. فعيسي، صياد السمك، الذي يبلغ من العمر 65 عامًا يقع في حُب سهام الخياطة ويحاول أن ينفِّس عن مشاعره العاطفية المكبوتة لكنه يعثر في شباك صيده على تمثال أبولو فتطالب "حماس" بوضع يدها على هذا التمثال.

2361 مهرجان 4

أفلام جريئة تعالج ثيمات محظورة

يضعنا المخرج المصري أمير رمسيس في فيلمه الروائي "حظر تجوّل" أما شخصيتين متنافرتين وهما فاتن التي خرجت من السجن بعد 20 عامًا من ارتكابها جريمة قتل زوجها لأنه اعتدى على ابنتها الصغيرة ليلى وسلبها أعز ما تملك. والثانية هي ليلى التي تظن أن الأم مجرمة قتلت والدها لسبب ما قد لا يستحق القتل فتنفر منها ولا تستطيع أن تتحملها لمدة ليلة واحدة فقط بسبب حظر التجوال الذي سيُرفع غدًا صباحًا. فتحاكمها من جديد إلى أن تأخذ الأحداث منحىً آخر وتعود المياه إلى مجاريها. عُرض هذا الفيلم في مهرجان القاهرة الدولي سنة 2020 وحصلت فيه الفنانة إلهام شاهين جائزة أفضل ممثلة. أنجز أمير رمسيس عددًا من الأفلام الروائية والوثائقية من بينها "خانة اليك"، "بتوقيت القاهرة"، "عن يهود مصر"، "ورقة شفرة" و "آخر الدنيا".

من محاسن المهرجانات العربية في أوروبا أنها لا تجد حرجًا في عرض أي فيلم يتناول الحب المحظور، أو زنا المحارم أو المثلية أو السحاقية وما إلى ذلك. وفيلم المخرج المغربي محمد مُفتكر "خريف التفاح" يتناول مثل هذه الثيمة. فسليمان، صبي صغير لم يعرف أمه التي اختفت في ظروف غامضة عندما كان عمره سنة واحدة لا غير. ينكره والده لاعتقاده بأنه ثمرة علاقة سفاح القربى فيقرر سليمان التحقق من هذه الحكاية فتختلط الحقيقة بالخيال. أنجز مُفتكر عدة أفلام قصيرة وطويلة منها "ظل الموت"، "رقصة الجنين"، "بُراق" و "محطة الملائكة".

يؤسطر المخرج الفلسطيني أمين نايفة قصة فيلمه الروائي "200 متر" من خلال شخصية مصطفى الذي يقطن في الضفة الغربية ويرفض الحصول على الجنسية الإسرائيلية لأنه من عرب 48، ويتحمل بالمقابل أعباء رحلة شاقة وطويلة يوميًا نحو الحاجز الحدودي الإسرائيلي حيث تقطن عائلته في الجانب الآخر. ورغم أن المسافة لا تتجاوز 200 متر إلاّ أنها تتحول إلى رحلة ملحمية تصل إلى 200 كيلومتر يتحملها يوميًا على مضض. أخرج نايفة قبل هذا الفيلم شريطين قصيرين وهما "زمن معلّق" و"العبور".

2361 مهرجان 5

مسابقة الأفلام القصيرة

أمّا مسابقة الأفلام القصيرة التي تمثل ثماني دول عربية وهي مصر والسودان وفلسطين والأردن ولبنان وقطر والكويت والمغرب فقد 17 فيلمًا قصيرًا بواقع 15 فيلم روائي وفيلمين وثائقيين. كما تألفت لجنة تحكيم من المخرج والمنتج اللبناني مانون نمور، والمخرجة والمنتجة المصرية ماجي أنور، والناقد السينمائي الجزائري فيصل الشيباني، والناقد السينمائي البحريني طارق البحار، والممثل الإماراتي منصور الفيلي.

2361 مهرجان 6

انتقاد القيم البرجوازية المغربية

يستكشف المخرج المغربي محمد عواد في فيلمه "برج الصمت" شخصية مراد، الشاب المغربي الذي يعيش في عزلة مطبقة في مزرعة والديه  لكن أسرته تُدرك أن عواقب الماضي تفوق التخيّل. وأكثر من ذلك فإن الفيلم ينتقد القيم البرجوازية المغربية، ويتقصّى العنف والتهديد الخفي للأصولية في المغرب وفي أماكن أخرى من العالم. سبق للمخرج محمد عواد أن أنجز فيلم "من الواد لهيه" عام 2011 وفاز بجائزة النجمة الذهبية لأفضل فيلم مغربي قصير ضمن مسابقة "سينما المدارس" في الدورة الحادية عشرة لمهرجان مراكش السينمائي الدولي.

يتكئ الفيلم الوثائقي المعنون "الأشرطة بدأت تتحلل" للمخرجة اللبنانية ريدة فنيش على فكرة ميتاسردية مفادها أن ريدة ترِث المتعلقات الشخصية لعمها الذي يتوفى في عام 2017 حيث تكتشف شرائط كاسيت مهجورة سجلتها عائلتها خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990). وهذا يقودها إلى تصوير رحلته "المأساوية"  من خلال الصور القائمة على الملاحظة ومقاطع الصوت المتحللة. تنهمك ريدة حاليًا في العمل على إنجاز فيلمها الثاني "مظهر خلل".

يشارك المخرج المصري شريف البنداري بفيلم "الأحد الساعة الخامسة" الذي يتمحور حول هديل، وهي امرأة في الثلاثينيات من عمرها تعيش في القاهرة وتشهد نقطة تحوّل في حياتها حينما تقوم بتجربة أداء لفيلم مع مخرج مصري معروف. يزواج المخرج في هذا الشريط بين تقنيتي الفيلم الروائي والوثائقي. أنجز البنداري قبل هذا الفيلم ستة أفلام من بينها "صباح الفل"، "في الطريق لوسط البلد"، "حار جاف صيفًا" إضافة إلى فيلمه الروائي الطويل الأول "علي معزة وابراهيم".

يتناول المخرج المصري علاء سامح ثيمة الحُب من زاوية أخرى في فيلم "أخشى أن أنسى وجهك" فبعد انفصالة لمدة 82 يومًا يسافر آدم في طريق وعرة ليجمع شمله بمن يحب، مهما كلّف الأمر. أنجز علاء فيلمًا قصيرًا يحمل عنوان "خمسة عشر"، كما عمل مخرج مساعد في عدد من الأفلام الروائية.

2361 مهرجان 7

مواجهة أوهام الشهرة

يلتقط المُخرجان الأردنيان الشابان غيث وليث العدوان ثيمة طريفة تتمحور كاتب أردني يُدعى نجيب في أواخر الخمسينات من عمره يعتقد واهمًا بأنه أشهر كاتب عربي على الإطلاق. يعتمد نجيب في قراراته على ابنه نور البالغ من العمر 11 عامًا، ولكنه بعد إطلاق حفل الكتاب الذي لم يرقَ إلى مستوى توقعاته العالية جدًا يضطر إلى مواجهة أوهامه التي عانى منها طوال فترة الشهرة الزائفة التي رسمها في ذهنه الحالم.

تنتقي المُخرجة السودانية سوزانا ميرغني قضية الزواج المدبّر، وترصد من خلاله قصة نفيسة البالغة من العمر 15 عامًا والمعجبة بالشاب بابكر لكن والديها رتّبا زواجها من نادر، وهو رجل أعمال شاب يعيش في الخارج. تتواجد في البيت سيدة قوية هي جدة نفسية لديها من الخبرة والخطط ما يفوق تصورات العائلة برمتها عن مستقبل نفيسة، لكن السؤال الأهم هو: هل تستطيع نفيسة أن تختار بنفسها بعيدًا عن كل المؤثرات الأسرية المعروفة في القرى السودانية التي تعتاش على الزراعة؟ أنجزت سوزانا فيلمين هما "كارافان" و "أحلام هند".

يستمد المخرج المصري ساندرو كنعان قصة فيلمه "الخد الآخر" من هجوم شرس يقوم به كلب الجيران على ابنة نشأت الذي يشعر بالحزن حينما يسمع بأنّ ابنته هي التي حرّضت الكلب على هذا الهجوم. ثم يدخل في مواجهة مع زوجته السابقة وتأخذ الأمور منحىً آخر.

تأخذنا المخرجة التونسية ميرفت مديني كمون في فيلمها Star Dust "سحر" حيث يصبح التواصل مع الأرواح ممكنًا في المستقبل القريب بفضل التكنولوجيا المتطورة. وثمة رجل حزين يرغب في الاتصال بزوجته الراحلة لكن اجتماعًا غامضًا سوف يغيّر كل شيء. أنجزت الدكتورة ميرفت عددًا من الأفلام القصيرة، وفاز فيلمها القصير "نجمة" بجائزة في مهرجان مومباي السينمائي.

تعود بنا المخرجة الكويتية هيّا الغانم في فيلمها الوثائقي القصير إلى أبرز المحطات في حياة الفنانة ليلى عبدالعزيز وقصتها الحقيقية، فهي رائدة الموسيقى في الخليج العربي وأحد مكونات تاريخ الكويت الفني، وقد سطع نجمها في ستينات القرن الماضي ومايزال صداها يرنُّ في الأسماع وخاصة أغنية "وشعلامك بالإسمرانية ولو / لا إله إلا إالله تسمح النية ولو / يا من سلبته من الصغر قلبي / قلبي صويب اليوم ارحم شوية ولو".

2361 مهرجان 8

معانقة الحب الحقيقي

أكثر من فيلم يذكِّرنا بالطبقة البرجوازية في عالمنا العربي حيث تصحبنا المخرجة اللبنانية دانا عبدالصمد في فيلم "أميجدالا" إلى منزل فريد وأمل، هذه العائلة الراقية التي تعيش حياة مخملية لكن نوبات فقدان الذاكرة تأخذ من فريد مأخذًا كبيرًا، فيفقد الإحساس بالواقع، ويهيم في عالمه الخاص بعيدًا عن القيود المجتمعية الصارمة بحيث بدأ يرقص في الأماكن العامة. ترى، ماذا ستختار السيدة أمل، هل تعانق حبها الحقيقي والبرئ أم تتراجع بسبب الخوف من اشتراطات المجتمع المُترف؟

ينطوي فيلم "عائشة" للمخرج المغربي زكريا نوري على بصيص أمل حتى وإن كان ضعيفًا. فعائشة تسكن في منزل تقليدي في ضواحي المدينة وتحيا حياة رتيبة رغم يفاعتها المتفجرة، فهي تقوم بكل الأعمال المنزلية، وترعى والدتها المسنة لكنها تغادر المنزل كل مساء إلى الشارع وتظل منتظرة عبور سائق الشاحنة.

يصحبنا المخرج السوداني هاشم حسن في فيلمه القصير "حفنة من التمور" إلى الطبيعة حيث ينعم صبي صغير بطفولة شاعرية في قرية محصورة بين الصحراء والنيل لكن هذا العالم الجميل سرعان ما يتقوّض عندما يعرف الحقيقة الكامنة وراء ثروة عائلته والموت الحتمي لمزارع معين.

يرصد المخرج المصري محمد خضر في فيلمه المعنون "توك توك" ظاهرة عمل غير مألوفة بالنسة للنساء في المجتمع المصري. فولاء التي يتخلى عنها زوجها ويهرب من البلاد بطريقة غير قانونية لم تجد بُدًا من العمل كسائقة لسيارة التوك توك الصغيرة التي يهيمن على قيادتها الذكور فتتعرض ولاء للسخرية والمضايقة والرفض الاجتماعي لكنها تُصرُّ على القتال كي لا تغرق في الديون.

تتجسّد اللوعة في فيلم "الهدية" للمخرجة الفلسطينية فرح النابلسي فهي ترصد في هذا الفيلم ثيمة مرهفة تتمحور على يوسف الذي ينطلق هو وابنته الصغيرة لشراء هدية لزوجته في ذكرى زواجهما لكن الطريق إلى السوق ليست مريحة فثمة جنود، وعساكر، ونقاط تفتيش تعترض هذه الرحلة الإنسانية وتجعلنا نتساءل: هل يستطيع هذا الزوج أن يقتني هديته المُرتقبة أم يعود خالي الوفاض؟ أنجزت فرح عددًا من الأفلام القصيرة من بينها "اليوم أخذوا ابني" وعُرض في مهرجان أدمنتون السينمائي الدولي.

تتناول المخرجة القطرية آج آل ثاني في فيلمها القصير "الحجاب الأسود" قصة ريم، وهي شابة عراقية من الموصل تهرب من منزلها في منتصف الليل بعد إجبارها على الزواج من أحد عناصر داعش الإجرامية. ويساعدها سائق تاكسي في عملية الهروب من الموصل والعثور على أسرتها من جديد. أنجزت آج آل ثاني قبل هذا الشريط فيلم يحمل عنوان "قشطة".

2361 مهرجان 9

تحاول الفنانة التونسية أنيسة داوود في فيلمها "الحمّام" أن ترصد مسألة رعاية الأطفال من زاوية معكوسة حيث يجد عماد نفسه وحيدًا لأول مرة بعد رحلة زوجته للعمل وسيكون مضطرًا لرعاية ابنه هادي ذي السنوات الخمس لبضعة أيام. غير أنّ هذه الفرصة النادرة في حياة الأسرة ستكشف في عماد جانبًا مظلمًا مرتبطًا بسر من الطراز الثقيل. جدير ذكره أن أنيسة ممثلة عصامية جريئة جسّدت العديد من الأدوار. و "الحمّام" هو فيلمها الثاني  بعد شريط "أفضل يوم على الإطلاق".

يتتبّع فيلم "الحاجز" للمخرجة اللبنانية داليا نمليش قصة الناشطة اللبنانية فرح وصديقها الفرنسي اللبناني أنطوني اللذين يتمّ إيقافهما عند حاجز على الطريق الذي يسيطر عليه مسلحان من المليشيات ويبحثان عن سبب لخلق مشكلة مع فرح. عُرض هذا الفيلم في مهرجان الجونة بدورته الرابعة.

 

عدنان حسين أحمد

 

 

 

رنا خالد"التعليم عن بعد" هو مفهوم متداول بين أصحاب الشأن منذ مدة وليس غريبا على الاسرة التعليمية بكافة مراحلها، ففي أواخر سبعينيات القرن المنصرم بدأت بعض الجامعات الأمريكيّة والأوروبيّة العمل به حيث كانت ترسل الموادّ التعليميّة المختلفة على شكل كتب أو شرائط فيديو أو شرائط تسجيل للطلاب عبر البريد، وبعد ذلك يرسل الطالب بدوره الواجبات المفروضة عليه بنفس الطريقة، وفي النهاية كان لا بدّ من حضور الطالب بنفسه إلى مقر الجامعة ليقدم الامتحان النهائي ويتسنى له بعدها نيل شهادة التخرج، ثمّ تطورت طرق التواصل لتصبح عبر قنوات الكابل والقنوات التلفزيونية في أواخر الثمانينيات، ثمّ ظهرت شبكة الإنترنت في أوائل التسعينيات فكانت وسيلة جيدة ومناسبةً للاعتماد عليها في هذا النوع من التعليم.

اذن، فان للتعليم عن بعد تاريخ عريق، وقد استفاد منه المجتمع كثيرا في الظروف الطارئة، لكن هذا النهج التربوي له تحديات عديدة.. أبرزها معاناة العوائل في تلقي التعليم بهذه الطريقة، وقد التفتنا الى هذه الجزئية التي تمثل موضوعًا شغل فكر الكثير من العوائل العربية وغيرها، فالتعليم عن بعد مشكلة من مجموعة مشاكل جاءت بعد انتشار فيروس كورونا عبر العالم، تأثرت به العديد من فئات المجتمع، غير ان الفئة الأكثر تضررا كان الطلبة وخاصة الأطفال في سنواتهم الدراسية الأولى كونهم، بأمس الحاجة الى المدرسة وهي المكان الأمثل للتعليم، وفي ضوء ذلك أجرينا حوارا مهما، يوم الخميس 11/ اذار / 2021 عبر رابط الزوم مع مجموعة من الأمهات، استضفنا فيه الكاتبة التونسية والباحثة في مجال الارشاد التربوي أ. اشراف بن مراد تحت عنوان (الأمهات وتحديات التعليم عن بعد).

 ما بعد كورونا

وبين سلبيات الموضوع وإيجابياته والتحديات التي يواجهها العالم عموما والعالم العربي خصوصا، سألنا أ. اشراف عن جانب مهم:

** ما هي تحديات وصعوبات التعلم عن بعد التي تتعرض لها العائلة بعد ازمة كورونا؟

2364 حوار 1ـــ هذا الموضوع ذكرني في رسالة الماجستير التي حصلت عليها، وتناولت فيها الجامعة الافتراضية فكانت تحت عنوان (تمثلات المجتمع الطلابي التونسي للجامعة الافتراضية) حيث فتحت لي بابا لفهم عملية التعلم عن بعد بكل ما تحتويه من خلفيات نفسية وأبستمولوجيا (دراسة فلسفة المعرفة). توصلت الى نتيجة علمية ان الطلبة الجامعيين كانوا يرفضون التعلم عن بعد لحبهم للحياة الجامعية، فكيف للأطفال وتعلقهم بالمدرسة واجوائها الخاصة حيث اخذت تصوراتهم لأني لم أجد شيئا على ارض الواقع.. واليوم نرجع الى نفس الموضوع الكثير من الدول كانت تدعي تطورها بهذا النظام، لكن وبعد جائحة كورونا ينطبق المثل القائل (ذاب الثلج وبان المرج) والصعوبات التي تواجه العوائل ككل هو توسع المشكلة في الدول العربية تحديدا وفي النظام التعليمي يعود الى ان بعض الدول العربية وحتى غير عربية ومنذ عدة أعوام تعيش صراعات وحروب داخلية وخارجية وفساد عام واجهت صعوبة أكبر لضعف البنى التحتية المتعلقة بتكنلوجيا الاتصال لديها. ورغم التطور التكنلوجي الحاصل في العالم لم تتم الاستفادة منه. حيث اليوم مرة على انتشار فيروس (كوفيد – 19) أكثر من سنة ولا تزال بعض الدول تعاني من تخلف واضح في تعامل مع البرامج الحديثة لخدمة الطلبة في المدارس مع ضعف مهارات المعلم في استخدامها.

** هل أصبح التعليم عن بعد عبئا على العائلة وواجب إضافي من واجباتها اليومية؟

ـــ بصراحة نعم وخاصة على الام في عملها تبقى بقلق على سير دراسة أبنائها وربما يتصلون بها لأخبارها عن بعض المشاكل التي تواجههم وهذا يقلل من مردودها الوظيفي وأيضا يضعف نفسيتها، خاصة وان ازمة كورونا لازالت مستمرة وهذا يشكل ضغوطات كثيرة إضافية. وهناك للطلبة حتى قبل كورونا مشاكل وخاصة مع الطالب الضعيف الذي كان يعتمد على مساعدة الاهل.

** نصيحة للام لتعزيز الجانب النفسي

ـــ لا تهتم دوما بالعلامات العالية وتنسى جوانب مهمة، منها ان يتعلم ابنها عمل الواجب بنفسه وكتابة درسه بنفسه حتى وان لم يكن خطه جميل، تعليمه ان يتحمل حل مشكلات التي تواجهه اثناء الدرس بنفسه، لان الام أيضا لديها عملها. عليها ان لا تتوتر في وقت الامتحانات وتتحول من حالتها الهادئة الى حالة العصبية لذلك ينقل الى ابنها ويقلقه، وهنا نحتاج من المعلم أيضا تغيير طريقة إعطاء الدرس في مثل هذه الظروف الصعبة وبعض المدارس لاحظنا استعداده السريع باتخاذ الخطوات الناجحة بإيصال المادة الدراسية.

هذا جانب وهناك جانب البيت والذي يتعمد بصورة كبيرة على الام والتي واجهتها انا شخصيا كعمل جو مدرسي يساعد الطالب على الشعور بالمدرسة وكذلك تركهم يتعلمون بوحدهم دون التجمهر قربهم، وان يستوعب الاهل قبل ابنهم طريقة الدراسة الجديدة، أحيانا نسمع ونشاهد تدخل من جانب الاسرة بالطريقة والمعلومة التي يعطيها المعلم وهذا يدل على ان العائلة العربية لم تستوعب تعلم أبنائها بهذه الشكل بعد. واضيف هناك اختلاف بين اسرة وأخرى ودولة وأخرى وحتى بين الدول العربية نفسها والغربية أيضا يوجد تفاوت.

2364 حوار 2إيجابيات التعليم عن بعد

وعن هذا الجانب كان هناك مداخلة للسيدة سوزان المناصرة وهي اردنية، تعمل مسؤولة مصادر التعلم (امينة مكتبة) في قطر حيث تحدثت عن تجربة التعليم عن بعد، فقالت ان فيها العديد من الإيجابيات منها زمانية وأخرى مكانية وأيضا مادية، وتعتقد ان التعلم عن بعد سوف يستمر حتى بعد زوال فيروس كورونا، لأنه كانت تستخدمه دول عديدة في البحوث والدراسات الاكاديمية وهو يوفر الوقت والمال ويعطي فرص للتطور وازدياد المعلومات. لكن مع تقدم الوسائل يجب تحديث المناهج لتكون بالمستوى هذا التفاعل عبر أدوات التكنلوجيا الحديثة.

الطالب والمدرسة

2364 حوار 3اما الأستاذ زياد القيسي وهو ناشط اجتماعي وتربوي ومهتم بشؤون الطفل واليتيم، فقال ان المشكلة تكمن في الازدواجية بالمكان والتي أصبحت واحدة من معاناة الطالب وبالأخص صغير السن ومن أثقل هموم عائلته داخل (مدرسة البيت) إذا جاز التعبير، وبنفس الوقت أمست تحدٍ كبير للكادر التعليمي الذي يتولى الاشراف على تدريسه. فالطالب وجد نفسه برغبة أو بدونها يدرس ويلعب ويمارس روتين حياته أغلب أيام الأسبوع بنفس المكان الذي يعيش فيه، لذلك وجد صعوبة في الفصل بين أجواء المدرسة العلمية والعملية بأوقاتها المحددة من جانب وبين جو البيت الأسري من جانب آخر، مع حصول تعديل في الأمر وهو تحول أخوته الصغار الى زملاء في الصف وبدون رغبةٍ من جميع الأطراف بكل تأكيد.

أما أفراد الأسرة وخاصةً الأم فالازدواجية التي تعاني منها في التعامل مع تلاميذها الجدد، تكمن في شدتها في معاملتهم ومراقبتهم وتوجيههم أثناء الحصص ومن ثم العودة الى رقتها المعهودة مع أول وجبة طعام تعدها لهم بعد انتهاء وقت الدراسة، وهذا ما يولد ضغط نفسي وصعوبة في مسك عجلة قيادة الطفل وتدويرها كما يجب لتسلك طريقًا آمنًا في كل حين، وأحيانًا قد تخرج الأمور عن السيطرة عندما يتعامل أحد أفراد الأسرة بطبيعته البشرية الفطرية بعيدًا عن ضبط مقاييس الأعصاب وخصوصًا الوالدين.

أما الازدواجية التي تحصل بالنسبة للكوادر التعليمية، فبالإضافة الى إعطائهم للدروس بطريقة غير تقليدية ( عن بعد ) فقد أصبحوا يقضون طيلة ساعات يومهم مع الطلبة سواء بشكل مباشر من خلال الدرس أو من خلال التحضيرات لهم بقية ساعات اليوم، مع تولد ضغوطات أخرى في العمل كمراقبتهم من قبل الأهل خلال الدروس عبر الكاميرا ومحاولة فرض شخصية المعلم إزاء تحركات الطلبة وهم في داخل بيوتهم وكذلك توزيع ساعات الحصص بين زملاء المهنة وتخصيص فترات الاستراحة والتنسيق مع الإدارة بهذا الخصوص، آخذين بنظر الاعتبار انهم أيضًا أولياء أمور لأولادهم الطلبة وبنفس أوقات الدروس وكان الله في عون الجميع .

في الختام

وكما ذكرنا في البداية، ان التعليم عن بعد ليس بالأمر الجديد فهو موجود وتستخدمه دول عديدة لكنا وجدنا هناك أهمية للخوض بموضوعه لأعمار الأطفال من 6 – 10 تقريبا كون المدرسة تشكل عندهم جزءا مهما من حياتهم العامة والخاصة، حيث يشعر التلاميذ أنها بيتهم الثاني الذي يتعلمون فيه ويقيمون الكثير من الصداقات ويكسبون العديد من المهارات، وهي تمنحهم التربية والتعليم بذات الوقت ويتعلمون فيها السلوكيات الأساسية وتنضج في عقولهم مفاهيم صحيحة عن الصداقة والمحبة والتعاون والعطاء والإخلاص والصدق.

 

رنا خالد

 

 

2321 سيرجي جورجيفيتشمقدمة للصحيفة الثقافية الروسية:

(ليتراتورنايا غازيتا)

ترجمة: عادل حبه


بحلول آب وكانون الأول عام 2021، تحل الذكرى الثلاثون لإعلان لجنة الدولة للطوارئ الحكومية واتفاقيات بيلوفيجسكايا عن تفكك الإتحاد السوفييتي. ومن المؤمل أن تظهر دراسات اجتماعية جديدة حول هذا الموضوع، علماً أن الصورة العامة غدت واضحة حيث يفتقد المواطنون الاتحاد السوفيتي ويتفقون مع فلاديمير بوتين الذي اعتبر انهيار اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية يمثابة كارثة جيوسياسية رئيسية في القرن العشرين.

في عام 2016، نشر مركز استطلاع الرأي العام الروسي معلومات تفيد بأنه بمناسبة مرور 25 عاماً على الاستفتاء الذي جرى في السابع عشر من آذار عام 1991، إوعبر 64٪ من الروس بكلمة "نعم" بشأن ضرورة الحفاظ على الاتحاد السوفيتي، (في جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية كانت النسبة 71٪).

وفي عام 2018، سجل مركز ليفادا زيادة في الحنين إلى الاتحاد حيث أعرب  66٪ عن أسفهم للانهيار، الذي كان أعلى مؤشر خلال 10 سنوات من استطلاعات الرأي حول هذا الموضوع. ويحري تتبنى فكرة أن الاتحاد السوفييتي "كان من الممكن الحفاظ عليه" من قبل عدد أكبر من المشاركين: 60٪ مقابل 52٪ على التوالي.

وفي الوقت نفسه، تم الإعلان عن مؤشر مهم للغاية في مسح أجراه مركز استطلاع الرأي العام الروسي لعام 2016، ردا على السؤال السري "على من يقع اللوم"، حيث وزع الروس المسؤولية عن الانهيار على النحو التالي: غورباتشوف – 36٪، يلتسين – 13٪ ، الولايات المتحدة والغرب – 2٪ ، "لا أحد يلام" – 1٪ ، ومما يثير أكثر من الاهتمام هو أن 40٪ من المشاركين في الاستفتاء أعربوا عن صعوبة الرد على هذا السؤال.

ومع ذلك ، في روسيا وخارج حدودها، ربما هناك المزيد من "أولئك الذين يجدون صعوبة في الرد على هذا السؤال". وعلى هذا الموضوع خصصت صحيفة ليتراتورنيا غازيتا عموداً جديداً في الصحيفة بمناسبة  مرور ثلاثين سنة على انهيار الاتحاد السوفييتي، حيث ستنشر مواد نقاشية حول أسباب انهياره ووجهات نظر شهود عيان. وتولى سيرجي جورجيفيتش قره ميرزا مهمة البدء بهذه الحلقة النقاشية بالعنوان التالي:

لم يبدأ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1985، بل قبل ثلاثين عاماً من هذا التاريخ

يورد الفليسوف وعالم الاجتماع الإسباني خوزيه اورتيغا غاسيت المقولة التالية:"بالنسبة للتاريخ، لا تعني الحياة السماح لنفسك بالعيش كما يحلو لك، فالعيش يعني بجدية الانخراط بوعي في الحياة، وكأنه مهنتك. لذلك من الضروري أن يهتم جيلنا بوعي كامل بمستقبل الأمة بشكل منسجم". وعند الحديث عن انهيار الاتحاد السوفيتي، يمكن للمرء أن يستعين بالعبارة البسيطة التالية: لقد أصبحت البيريسترويكا عملية خاصة بالحرب الباردة تهدف إلى تمزيق أواصر الشعب". ولكن إذا كانت العودة الى الماضي مشروطة بالنظر إلى المستقبل، فإن هذه الصيغة لا تعتبر كافية.

وعلاوة على ذلك، فإن الاتحاد الروسي بإعتباره نوع من أنواع الدولة القومية فهو على شاكلة الاتحاد السوفيتي السابق، ولكنه بحجم أصغر فقط. هذا يعني أننا مهتمون بشكل حيوي ليس فقط بفهم فلسفة وتقنية التفكك التي كتب عنها الكثير، بما في ذلك من قبل كاتب هذه السطور، ولكن أيضاً في تحديد الأسباب العميقة الحقيقية للأزمة. فلم يتم إضمحلال الإتحاد السوفييتي في عام 1985، بل حتى في عام 1955. لذا، فعند تناول الماضي، سنبدأ  في الواقع ، في إنعكاسه على الحاضر والمستقبل.

تمر روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي بأزمة منذ ثلاثين عاماً، ولم ينتج العديد من علماء الاجتماع ولو مؤلف واحد من شأنه أن يشرح بوضوح للناس ما حدث وإلى أين تتجه البلاد. تعيش المعرفة العلمية وتنمو فقط في المجتمع، لكنها لم تكن موجودة في التسعينيات، ولم يتم إحياؤها في حد ذاتها. لذا أصبح الجيش حشداً منزوع السلاح وفقد فعاليته القتالية.

التصنيع

نحن لم نتعلم من أي درس من دروس الماضي ، بما في ذلك عدم دراسة الغرب بشكل صحيح. وهذه واحدة من الصفحات المفقودة. ويشير ك. بولاني في كتابه الصادر عام 1944 بعنوان "التحول العظيم" عن عملية تشكيل الرأسمالية في الغرب قائلاً:"لقد استحوذ الإيمان بالتقدم العفوي على وعي الجماهير، وإستنارت الأكثرية بالتعصب الطائفي الديني وانخرطت في إصلاح غير محدد وغير منظم للمجتمع. وكان تأثير هذه العمليات على حياة الشعوب فظيعاً لدرجة أنها تفوق أي وصف. في الواقع، كان من الممكن للمجتمع البشري أن يهلك لو لم تُضعف التدابير الوقائية المضادة عمل آلية التدمير الذاتي هذه ".

2322 الاتحاد السوفيتي 1

في عام 1989، اندلعت احتجاجات عمال مناجم دونباس وتشكلت عندها البيئة المناهضة للسوفييت في هذه البيئة أيضًا. لا تتوقف الغريزة الطبقية ولا الفطرة السليمة تقف عند حد أزاء التقهقر والفقر والحرب

لقد حدثت نفس العمليات في بلدنا، ولكن مع بعض التأخير. ولم تلاحظ السلطات ولا الشعب كيف كانت الغيوم تتجمع. وكيف تتحرك صوبنا من جهة الغرب.

لذا فقد تسبب التقدم والتصنيع صدمة في المجتمع. دعونا نوضح الفكرة باقتباس آخر  على لسان مؤرخ الطب النفسي إل سيسه:

"لم تكن أمراض الشيزوفرينيه موجودة على الإطلاق، على الأقل بأعداد كبيرة، حتى أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر. وبالتالي، يجب أن يكون ظهورها مرتبطاً بفترة مكثفة بشكل استثنائي من التغييرات في اتجاه التصنيع في أوروبا، في فترة إعادة هيكلة عميقة لطريقة الحياة الإجتماعية التقليدية ، والتراجع أمام أشكال تنظيم اجتماعي أكثر تفرداً وانقساماً ".

وكان على جميع البلدان، وبدرجات متفاوتة، أن تمر "بتغييرات في اتجاه التصنيع". وأصبحت أزمة التصنيع أساساً مشتركاً، بغض النظر عن التشكيلات الاجتماعية. ولكن في الاتحاد السوفياتي، لم تر السلطات ولا الشعب ولا علماء الاجتماع هذه العملية بالغة الأهمية، والتي أثارت انقساماً ضمنياً في المجتمع. ومع ذلك، أصبح هذا الانقسام الضمني عاملاً حاسماً في أزمة النظام السوفييتي.

من الضروري التفكير في هذا العامل الأساسي الذي لم ينتبه إليه مجتمعنا في عقد الخمسينيات وما زال لا يعار الإنتباه إليه.

وفي هذا الصدد، من الضروري الاهتمام بالمفاهيم التي طرحها عالم الاجتماع الفرنسي إي. دوركهايم في نهاية القرن التاسع عشر حول التضامن الميكانيكي والتضامن العضوي. التضامن الميكانيكي هو سمة من سمات المجتمع التقليدي ما قبل الصناعي، إنه مجتمع قائم على الأسرة، وهو عبارة عن خضوع صارم للجماعة، إنه تماسك قوي قائم على القيم المشتركة والضمير الجماعي. أما التضامن العضوي فهو نتيجة التصنيع، إنه التنوع في الآراء والدوافع والوظائف، إنه تكامل المجتمع على أساس التبعية المتبادلة المرتبطة بتقسيم العمل.

بحلول نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، بقيت علائم التضامن الميكانيكي فقط في الريف والجيش. وعلى العموم، شرع المجتمع السوفييتي بتصفية التضامن الميكانيكي، آخر تضامن متماسك للمجتمع. ونحن لم نر ما يحدث، ولم ندركه.

عملية الاضمحلال

في عام 1956، كنت أتلقى الدراسة في جامعة موسكو ، وإليكم ما حدث: فقد أعلن طلاب إحدى كليات العلوم الإنسانية مقاطعة المقصف، لم تعجبهم النقانق. وصل سكرتير لجنة الحزب وبدأ بالحديث: طريقتكم عديمة الجدوى، هناك طرق أخرى. اعتصم الطلاب بالقرب من المقصف ولم يسمحوا لأي شخص بالاقتراب منه. وجرت محاولات لإقناعهم، وإرهابهم، وتقديم الوعود.. ولكنهم علقوا الشعار التالي: "إذا كنت لا تريد أن تأكل مثل الماشية، فعليك المشاركة بدعم المقاطعة!" وتوجهنا إلى كليات أخرى لتحريكها. اعتبرت أن فكرتهم التي صدمتني بأنها غبية، تمت صياغتة شعار آخر على النحو التالي: "سنهز هضاب لينين". لم يفهم المحتجون حتى لماذا أدى مقاطعة البعض للبوفيه إلى هروب كل قيادة جامعة موسكو. وقام رئيس الجامعة الأكاديمي أ. بتروفسكي والأساتذة القدامى وحتى الطهاة بتحذيرهم، ولكن كل ذلك مر بدون جدوى.

نعم، كان رئيس الجامعة في حيرة من أمره. الأطفال المدللون يتمردون على أسرهم! وقال رئيس الجامعة في اجتماع لجنة الحزب: "بعد كل شيء ، كان كل شيء على ما يرام معنا، وفجأة حصل الإضراب!"، كما تحدث عن أشياء اعتاد الحديث عنها، على سبيل المثال، عن الدروس العملية في المختبرات.. وفقد أعصابه وقال: "فجأة - إضراب! لا أعلم ماذا سيحدث غدا! إنه لمشهد مخيف! لا نعرف البيئة التي نجد أنفسنا فيها الآن .. إنها تخيفني! ".

2322 الاتحاد السوفيتي 2

في عام 1955. في الصفوف لمنظمة للمتظاهرين ، لم يكن الانقسام في المجتمع واضحاً بعد

أخبر الأساتذة الطلاب بطريقة بسيطة: المقاطعة تعد تحد سياسي. ولكن لم يفهم طلاب العلوم الإنسانية أساتذتهم. ولم يفهموا الإختلاف بين أساليب "المجتمع -الأسرة" عن أساليب "المجتمع - السوق". إن هؤلاء الأشخاص بالتحديد، الذين لم يفهموا مثل هذه الأشياء، أصبحوا في المستقبل النخبة الإنسانية في مجتمعنا. في الواقع، لقد قتلوا المجتمع، ولم يعرفوا ماذا كانوا يفعلون. لهذا السبب كان رئيس جامعة موسكو الحكومية خائفاً - لقد رأى في ذلك نهاية العالم.

تدريجياً، ظهرت مجموعات غريبة من الطلاب والأساتذة، حيث بدأت معاداة السوفييت الغريبة علينا بالظهور، على الرغم من أنه النادر أن يسمع المرء حججاً حول عدم قابلية النظام الذي يحكم الدولة، وكان هناك أيضاً من تحدث عن الحاجة إلى القيام بثورة، وسماهم أحد الطلبة بـ "ثورة الشيوعيين الأماجد". في المختبر مساءً، تباجل الطلاب الحديث وتناقشوا - ولكن هل كان من الممكن التعامل مع التصريحات الخطيرة بدرجة مناسبة من الإنتقاد، ففي النهاية، كان هؤلاء هم رفاقنا الطيبون ... إنهم عائلتنا!.

والآن، بالعودة إلى حكاية النقانق عام 1956 - والصورة لا ترجع حتى إلى عام 1991، ولكن اقرب الينا من عام 1993: في منطقة سفيردلوفسك جرى تبني دستور جمهورية الأورال. وحدث الشيء نفسه في منطقة فولغوغراد. وأعلن أحد "المشرفين على البيريسترويكا" ل. باتكين :"من هو الذي يقدم الصيغة المصممة لروسيا موحدة وغير قابلة للتجزئة؟..... إلى الجماهير الأمية؟ .. أحثكم على التوصل إلى حلول تستند إلى حقيقة أنه الآن ، في موجة آب ، لدينا فرصة تاريخية كبيرة لإصلاح روسيا حقاً . دعونا نهز هضاب لينين!".

قبل فترة سبقت البيريسترويكا، وقبل انهيار الاتحاد السوفيتي  وحتى عام 1993، دخلنا في دهليز مختلف. وبدأ البعض في التفكير وهم فقط تحت أنقاض البلاد، وفي سراديب الموتى.

التضامن

أدت التغييرات العميقة في طريقة الحياة، وهيكلة المجتمع، والثقافة حتماً إلى الانتقال من التضامن الميكانيكي (المجتمعي) إلى التضامن العضوي جراء التصنيع  وتقسيم العمل الجديد والتطور السريع في الصناعة والتعليم، وظهور العديد من المهن التي جعلت المجتمع في وضع متنوع وغير متجانس.

ويمثل الانتقال من التضامن الميكانيكي إلى التضامن العضوي، كضرب من التحضر، ووجه صدمة شديدة. وهذا ما أدى إلى تفاقم الأزمة الثقافية في المجتمع السوفياتي. لقد أصبحت الحرب الوطنية العظمى علامة فارقة في تطور المجتمع السوفيتي. وأفضت الطاقة المتراكمة في الحرب إلى الإبداع والبناء والتنمية – وتسارع عملية التحضر. وإحتظنت المدن الجديدة جيل شباب ما بعد الحرب، ورزقوا بالأطفال.

إننا نتذكر الآن مصدر نمو المشروع السوفيتي، وما هو أساسه؟ إنه نشأ من رؤية الفلاحين. وكانت هذه الرؤية متأصلة إلى حد كبير في "أطفال الحرب"، الذين تذكروا مآسي الحرب والحرمان. لكن أطفال "أطفال الحرب" أصبحوا مراهقين وشباب في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي ولم يعرفوا الحرب ولا الكوارث الاجتماعية الجماعية، ولكن السلطات واصلت، كما هو الحال في عقد الخمسينيات، استمرت في الحديث معهم بلغة " شعبوية "،" بشيوعية الفلاحين "... لكن ببساطة لم يفهم شباب السبعينيات والثمانينيات هذه اللغة، وبمرور الوقت بدأوا في السخرية منها.

كانت الاشتراكية التي بناها البلاشفة مع الشعب فعالة كمشروع للناس المنكوبين. لكن هذا المشروع لم يلب احتياجات مجتمع مزدهر، مجتمع عانى بالفعل ولكن نسى المشاكل التي أصبحت من الماضي. في الاتحاد السوفياتي، لم تكن الدولة مستعدة لموجهة هذه الأزمة في المجتمع السوفيتي. ومن سوء الحظ، لم تتعامل العلوم الاجتماعية والإنسانية في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية مع هذه المهمة. وصحيح أن العلم لم يستطيع التعامل معها حتى في روسيا الحديثة. في كتابه حول تقسيم العمل الاجتماعي، أشار دوركهايم إلى أن تغيير نوع معين من المجتمع إلى نمط آخر، والانتقال من التضامن الميكانيكي إلى التضامن العضوي، ترافقه حتماً أزمة أخلاقية عميقة:

"في فترة زمنية وجيزة، حدثت تغيرات عميقة في بنية مجتمعاتنا ؛ فقد تحررت  حرروا أنفسهم من النموذج القطاعي بسرعة وبمقاييس لم يشهدها التاريخ من قبل. لذلك ، ولذا فإن الأخلاق المتناسبة مه هذا النموج شهدت تراجعاً، لكن النمط الآخر لم يتطور بالسرعة الكافية لملء الفراغ الذي خلفته الأخلاق القديمة في أذهاننا. واهتز إيماننا؛ وفقدت التقاليد هيمنتها، وتحرر الإجتهاد الفردي من الاجتهاد الجمعي ... وبدا وكأن الحياة الجديدة قد تفجرت للتو، كانت تنفجر، ولم تكن قادرة بعد على تنظيم نفسها بالكامل. وعلاوة على ذلك، لم تتمكن بعد من تنظيم نفسها بطريقة تلبي الحاجة للعدالة التي استحوذت على أفئدتنا. إذا كان الأمر على هذا النحو، فإن علاج الشر لا يكمن في أي حال من الأحوال في السعي لإحياء التقاليد والعادات بأي ثمن، والتي لا تستجيب للظروف الاجتماعية الجارية، إذ يمكنها فقط أن تعيش حياة مصطنعة ومظهرية. ما نحتاجه هو إنهاء الشذوذ، وإيجاد وسيلة لجعل الأعضاء التي لا تزال تتصادم في حركات غير منظمة تتعاون بانسجام، وتحقق المزيد من العدالة في علاقاتها، وإضعاف مصدر الشر بشكل متزايد، إضافة إلى أنواع متفاوتة من عدم المساواة الخارجية ... وبإختصار، فإن واجبنا الأساسي في الوقت الحاضر هو خلق أخلاق لأنفسنا ".

لذا ، "أوقفوا الشذوذ" - أي التخلي عن عزل الشخصية عن المجتمع، وعن الإحباط ، وعن عدم تنظيم القواعد والمؤسسات.

بالنسبة للعديد من الناس، كان النظام السوفيتي ملكاً لهم، ولكن في الحياة الجديدة في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، أصبح هذا مجرد أسطورة. لم يستطع السوفييت والشيوعيون المخلصون فهم المنظومة السياسية للبيريسترويكا، حيث وجدوا أنفسهم مقيدين بمفاهيم وهياكل عفا عليها الزمن. من الواضح أنه لم يكن لدى أحد تقريباً معرفة حديثة بالعمليات الاجتماعية، ونتيجة لذلك، تبين أن الغالبية عاجزة في ميدان السياسة، سواء من اليسار أو اليمين، أو من الباحثين في العلوم الاجتماعية.

يمكننا القول أنه خلال 15 عاماً من الهزيمة المستمرة للبلاد، كنا، نحن المجتمع، متسترون بضباب كثيف من الجهل. كما أدى هذا الضباب إلى فقدان البصيرة لدى "الشعب البسيط" والعمال  والعاملين في الحزب والأيديولوجيين، أولئك الذين يقع على عاتقهم ضمن واجبهم التواصل المباشرة مع الناس وشرح جوهر تلك اللحظة التاريخية.

2322 الاتحاد السوفيتي 3

طلاب جامعة موسكو يتوجهون إلى الفصول الدراسية عام 1955

في إطار برنامج البحث الدولي "بارومتر الديمقراطيات الجديدة" الذي عقد في آب عام 1996، نُشر تقرير قائدي المشروع R. Rose و K. Harpfer. وتوصلا إلى الاستنتاجات التالية: "في الجمهوريات السوفيتية السابقة، لا أحد يقدم عملياً تقييمات إيجابية لكل النظام الاقتصادي السوفييتي ، وتم إعطاء تقييمات غير إيجابية للنظام الاقتصادي السوفيتي: في روسيا 72٪ ، في بيلاروسيا 88٪ ، في أوكرانيا 90٪."

وهكذا فعل منطق الاضمحلال مفعوله.

الاقتصاد السياسي

لقد تم إعداد أول كتاب مدرسي عن الاقتصاد السياسي للاشتراكية بعد عشرين عاماً من المناقشات حوله؛ أي في عام 1954 فقط! ففي خلال أكثر من ثلاثين عاماً، ظل الاقتصاديون يتجادلون حول "خلافاتهم" حول مضمون الكتاب، وحول تجريدات الآخرين. ولم يلاحظ الأكاديمي ك. أوستروفيتيانوف نفسه، مؤلف الكتاب المدرسي ، هذا الأمر!

في عام 1938 ألفوا نموذجاً للكتاب المدرسي "الاقتصاد السياسي"، وفي عام 1940 تم تأليف نموذجان آخران. وأجّل ستالين النشر قدر استطاعته، وتمت مناقشة الكتاب المدرسي في اجتماعات مع ستالين في عامي 1941 و 1951. (هو نفسه عمل عليها لعدة سنوات). في عام 1941 علق ستالين معلقاً: "إذا بحثتم عن إجابات لجميع أسئلتكم من ماركس، فسوف تضيعون. علينا أن نعمل مع رؤوسنا بأنفسنا، ولا ننخرط في اقتباسات متوترة. لم يستطع ماركس أن يتنبأ بالاشتراكية بكل مضمونها، ولكن يوجد الآن معمل يسمى الاتحاد السوفيتي. لذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار كل تجاربنا الثرية وأن نفهمها نظرياً ".

2322 الاتحاد السوفيتي 4

عقد الخمسينيات، الشعب السوفيتي كان بحمل وجهة نظر "شيوعية الفلاحين"

في عام 1951 جرى نقاش بين الاقتصاديين، وأدلى ستالين بتعليقاته. في عام 1952 التقى بمجموعة من الاقتصاديين، ولكنه توفي في عام 1953. وفي عام 1954 فقط، أي بعد 18 عاماً من إعلان الحزب انتصار الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، تم نشر كتاب "الاقتصاد السياسي للإشتراكية". وبدأ تفسير اقتصاد اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية تدريجياً في مقولات الماركسية (بتعبير أدق ، في مقولات الرأسمالية) ، وأخذت النظرية تبتعد أكثر فأكثر عن الممارسة، وكان ذلك بداية لمرض خطير أصاب الاتحاد السوفياتي.

دعونا نتذكر أن زعيم الحزب الشيوعي الإيطالي أ. غرامشي ، في مقالته "ثورة ضد رأس المال" (1918) ، عبر عن فكرة مهمة حول الثورة الروسية: "هذه ثورة ضد" رأسمال" كارل ماركس. ففي روسيا، أضحى كتاب ماركس رأس المال كتاباً للبرجوازية وليس للبروليتاريا ".

في القرن الحادي والعشرين، نُشر الكتاب المدرسي "الاقتصاد السياسي" الذي طال إنتظاره في الهند ، وفي الصين ، حيث تابعوا عن كثب المناقشة في الاتحاد السوفياتي حول الاقتصاد السياسي للاشتراكية. وعلقت مقدمة الطبعة الهندية: "كانت هذه الكتب مهمة في شرح الاقتصاد السياسي للرأسمالية، لكنها لم تتحدث عن الأساس الاقتصادي للاشتراكية ... بين عامي 1953 و 1955 ، حدثت تغييرات جذرية في في اقتصاد الاتحاد السوفياتي بروح من الليبرالية الجديدة".

كان لدينا نماذج مختلفة: الاقتصاد السياسي لرأسمالية ماركس، وفي إطار علم الوجود، هناك الاقتصاد السياسي للينين - علم الصيرورة. وعلى هذا الأساس الأيديولوجي، حاولت النخبة الروسية الانتقال من واقع الاتحاد السوفياتي إلى الرأسمالية العالمية. ومن هنا استمر فعل منطق الإضمحلال.

عشنا بعد عام 1955 حالة من القصور الذاتي، ولم يكن أحد في الاتحاد السوفياتي على الإطلاق يتخيل أنه في غضون 30 عاماً، نتيجة البيريسترويكا ، أصبح الجنرال السوفيتي دوداييف والشاعر يانداربييف وعالم المياه باساييف منظمي دولة شبه إرهابية!

يتذكر الجيل الأكبر سناً الإضطرابات التي إقترنت بالبيريسترويكا: قتل الأتراك المسخاتيين في وادي فرغانة، والمذابح في سومگئيت، والحرب في ناغورنو قره باخ مع مذبحة اللاجئين ، والحرب الأهلية في طاجيكستان. وفي يونيو 1992  أصدر زعيم مولدوفا، سنيغور، أمراً بشن هجوم صاروخي على الاحتفالات المدرسية مما أودى بحياة ستمائة قتيل وتشريد 160 ألف لاجئ.

وبعد الأحداث الدموية التالية، وصلت إلى أسماعنا عبارات محيرة من قبل من يطلق عليهم عادة النخبة: "نحن لا نعرف المجتمع الذي نعيش فيه". أو: "كنا في الواقع فاقدو البصيرة نُقاد من قبل مرشدين مكفوفين".

كتب عالم اجتماع الثقافة ل. لونين في عام 1995: "أدى موت الثقافة السوفيتية إلى تفكك صورة العالم التي كانت قد تشكلت لعقود، الأمر الذي لا يمكن إلا أن يؤدي إلى ارتباك هائل وفقدان الهوية على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة، وكذلك على مستوى المجتمع ككل ".

وقدأعلنت مديرة مركز سيربسكي للطب النفسي الجنائي  وزيرة الصحة السابقة في الاتحاد الروسي ت. ديميترييفا في أحد المؤتمرات عام 2005:" أن مستوى الاضطرابات النفسية قد زاد 11.5 مرة منذ بداية التسعينيات. وإن معدلات الوفيات والمرضى المصابين بالاضطرابات النفسية آخذة في الازدياد، وعلى وجه الخصوص، فإن 80 ٪ من السكتة الدماغية في البلاد حدثت على خلفية الاكتئاب. كل هذه علامات على مرض روحي خطير". وأستطردت دميترييفا: "على مدى العقد الماضي، زاد عدد المواطنين الروس الذين يعانون من اضطرابات نفسية بنسبة 40٪، وفي كل عشر سنوات يزداد عدد أطفال المدارس الذين يعانون من اضطرابات نفسية بنسبة 10-15٪، و بين المراهقين الروس يصل هذا الرقم إلى 70-80٪ ".

وأشار ت. ديميترييفا في مؤتمر "الطب النفسي الاجتماعي للمستقبل" المنعقد في عام 2008: إلى أنه"من الممكن أن يؤدي الوضع الحالي بالتأكيد، بالإقتران مع الأزمة المالية، إلى زيادة عدد الفقراء، وقد تنشأ حلقة مفرغة عندما يتعمق الفقر وعدم إمكانية توفير الرعاية الصحية مما يؤدي إلى تدهور منظومة الرعاية الصحية، بما في ذلك الصحة العقلية. ولذا يجب أن تبدأ جميع مرافق الخدمات النفسية منذ اليوم العمل بجدية بالغة لدعم الحالة النفسية للسكان ".

إن ضغوط نفسية واجتماعية وثقافية جديدة: كالإرهاب الدولي، والموجة العبثية من العنف في أوكرانيا من شأنها أن تعمق من الأوضاع السلبية. ونحن على علم بأن الناس الذين عاشوا الكوارث وتعرضوا لصدمة ثقافية قوية يقعون في دهليز الشذوذ. ولا يختلف الشذوذ الذي اقترن بأزمة التصنيع في القرن التاسع عشر عن شذوذ روسيا الحديثة. وفي مظاهر الأزمة الراهنة، يمكن للمرء أن يخمن مشاكل كل من الاتحاد السوفيتي وروسيا في فترة التسعينيات.

إننا نعلم أيضاً أن الانهيار في الحرب يحدث في لحظة إنعدام التوازن المستقر، حيث يمكن تحريكه بلمسة إصبع. وفي مثل هذه اللحظات، لا تلعب الشروط المسبقة الدور الحاسم ، ولكن فعل "مشعلي الحرائق"، وهم مجموعات اجتماعية صغيرة ولكنها نشطة تقوم بدور "الفتيل".

 

..................

* لجنة الدولة لحالة الطوارئ في الاتحاد السوفياتي،هي سلطة معلنة ذاتياً في الاتحاد السوفياتي كانت موجودة في الفترة من 18 إلى 21 أغسطس 1991. وضمت عددا من كبار المسؤولين في الحكومة السوفيتية. عارض أعضاء لجنة الطوارئ التابعة للدولة سياسة البيريسترويكا التي انتهجها رئيس اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية إم إس جورباتشوف ، وكذلك وقفت ضد التوقيع على معاهدة اتحاد جديدة وتحويل الاتحاد السوفياتي إلى اتحاد كونفدرالي لدول ذات سيادة ، والذي لم يتجاوز 9 من أصل 15 جمهوريات اتحادية يعتزم دخولها. كان المعارضون الرئيسيون للمشروع هم من أنصار رئيس جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفياتية يلتسين .

 

محمد نوحيالتحولات المجتمعية، والمسارات المعرفية

نظمت المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير بشراكة مع مختبر القيم والمجتمع والتنمية التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر المؤتمر الدولي الأول حول "الثورة الرقمية، التحولات المجتمعية، والمسارات المعرفية" عبر تقنية التناظر عن بعد وذلك أيام 25-26-27 مارس 2021. ولأهمية الموضوع وراهنيته، فقد لاقى تجاوبا كبيرا تمثل في مشاركة 92 متدخلا من 13 دولة من القارات الخمس هي المغرب، وأستراليا، وقطر، والسعودية، وسلطنة عمان، والبرتغال، والأردن، والجزائر، والولايات المتحدة الأمريكية، وتونس، والعراق، وفلسطين، وفرنسا.

وقد شكل المؤتمر مناسبة أكاديمية مميزة لتبادل المعارف وتلاقح الأفكار حول النماذج النظرية، والمنهجيات المبتكرة، والتطبيقات الجديدة للتحول الرقمي.كما كان منصة للتفاعل حول التطورات الهائلة في هذا المجال وتقديم مناقشات بناءة حول الفرص المتعددة لأبعاد الثورة الرقمية، وتحدياتها الآنية والمستقبلية، وانعكاسات تكنولوجيا المعلومات الرقمية على كل جانب من جوانب الحياة البشرية.فالثورة الرقمية شكلت طفرة علمية غير مسبوقة في تاريخ البشرية امتدت انعكاساتها بشكل سريع إلى كل مناحي الحياة المعاصرة. وكمظهر من مظاهر التطور التكنولوجي المطرد والتدفق المعلوماتي اللامتناهي، فإن هذه الثورة الرقمية قد فتحت في الآن ذاته إمكانيات غنية وواعدة، وفرضت إعادة تحديد معمقة لدلالات ومآلات الوجود الإنساني والكوني على حد سواء. وإذا كانت قاطرة التطور الرقمي قد رسمت آفاقا علمية متجددة، ونجحت في صياغة أنماط جديدة من الوجود الزمكاني، والهوياتي، والتكنولوجي المعقد، فإنها في الوقت ذاته قد هزت القناعات العميقة للأفراد ومسلماتهم المتجذرة حول المعرفة، والمجتمع، والسياسة، والاقتصاد، والاتصال، والصناعة، والتربية، والتعليم، والأسرة، والثقافة، والفنون، الخ... بطرق لم يكن من الممكن تصورها أو استيعابها من قبل. ونظرا لتداخل العلوم وتشابكها وتكاملها، كان لابد من تجاوز النظرة التقنية المحدودة، ومعالجة الموضوع من زوايا علمية مختلفة، ومقاربات أكاديمية شتى، ومشارب فكرية متعددة تشمل العلوم الإنسانية، والقانونية والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وغيرها من أجل شمولية الطرح ووضوح الرؤية حول بنيات وآليات التعامل مع الثورة الرقمية المعقدة. فبعد حفل الافتتاح الذي تميز بحضور رئيس جامعة ابن زهر والوفد المرافق له، ومدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية، وممثل مختبر القيم والمجتمع والتنمية، تم افتتاح المحور الأول المعنون ب"الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته" بمداخلة مميزة للمتحدث الرئيسي البروفيسور َArlindo Oliveira رئيس معهد هندسة النظم والحاسوب، والمتخصص في التعلم الآلي والمعلوماتية الحيوية، وتصميم الدوائر الرقمية، وعضو معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات IEEE تحت عنوان «Artificial Intelligence: Applications, Implications, Speculations» (الذكاء الصناعي، التطبيقات، التداعيات، والتكهنات) حيث ركز فيها على آخر كتاباته العقل الرقمي: كيف يعيد العلم تعريف الإنسانية (The Digital Mind: How Science Is Redefining Humanity)

فقد أكد في مداخلته على أن التطورات المتسارعة في العلوم والتكنولوجيا وخصوصا في مجال الذكاء الاصطناعي قد تقود حتما إلى ظهور عقول رقمية بحتة -آلات ذكية تساوي أو تفوق قوة العقل البشري. فالتطورات التكنولوجية والعلمية سهلت عملية اكتشاف القوانين التي تتحكم في سلوك المجالات الكهرومغناطيسية إلى تطوير أجهزة الكمبيوتر وفق الانتقاء الطبيعي للخوارزمية النهائية، وتطور علم الوراثة والجهاز العصبي المركزي، ويصف الدور الذي لعبه التصوير الحاسوبي في فهم وصياغة الدماغ لصياغة سؤال مركزي لا مفر منه: هل الدماغ البشري هو النظام الوحيد الذي يمكنه استضافة العقل؟ وإذا ظهرت العقول الرقمية – وهي في طور الظهور-فما هي الآثار الاجتماعية والقانونية والأخلاقية المترتبة عن ذلك؟ هل ستكون العقول الرقمية شريكة للبشر أم منافسة لهم؟

بعد ذلك، وارتباطا بنفس المحور الأول حول "الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، انطلقت الفقرة الثانية بمشاركة أزيد من 17 مداخلة بالإنجليزية، والفرنسية، والعربية ركزت على مواضيع البيانات الضخمة (Big Data) وأنترنيت الأشياء  (Internet of Things)  والتصوير الرقمي في المجال الطبي والفلاحي، والخوارزمية الاحترافية وتحليل البيانات (Data Mining) والبلوك تشين (Block Chain) والأنظمة المندمجة (Embedded Systems) وعلاقتها بالتنمية المستدامة والتحديات التي تطرحها.  وبعد ذلك، كانت هناك مداخلة حوارية مميزة مع المتحدث الرئيسي الثاني من كاليفورنيا بالولايات المتحدة الامريكية الاكاديمي والصحفي والمقاول البارز Andrew Keen تحت عنوان:  «Epistemological Trajectories of the Digital Revolution»  (المسارات المعرفية للثورة الرقمية) كانت عبارة عن رحلة علمية شيقة عبر كتاباته المتعددة منها عبادة الهواة (Cult of the Amateur)  ،الأنترنيت ليست هي الحل(The  Internet  is not the Answer)  والدوار الرقمي (Digital Vertigo) وكيفية إصلاح المستقبل (How to Fix the Future) حيث شدد على ضرورة انتقاد التبشير الجديد والحماسة المفرطة للسيطرة الرقمية معتبرا أن ثورة وسائل التواصل الاجتماعي تشكل أكبر تحول ثقافي مؤلم للبشرية منذ الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، و مؤكدا على ضرورة الوعي والتمكن من التقنيات الرقمية لكيلا تبقى البشرية على هامش التطور التقني المتسارع يوما بعد يوم.

وفي اليوم الثاني من فعاليات المؤتمر، تم التركيز على مداخلة البروفسور والأكاديمي والفيلسوف الأسترالي نيكولاس أغار Nicholas Agarالمعنونة ب "من أجل إيجاد أماكن للبشر في الاقتصاد الرقمي" (Finding Places for Humans in the Digital Economy) أكد من خلالها بأن التطورات في الذكاء الاصطناعي مكّنت أجهزة الكمبيوتر من تولي ليس فقط المهام الروتينية ولكن أيضًا نوع "العمل الذهني" الذي اعتمد سابقًا على الذكاء البشري، مما يشكل تهديدا للقدرات البشرية. والحل في نظره يكمن في اقتصاد اجتماعي رقمي هجين  (hybrid social-digital economy)يعتمد على مبدئي الكفاءة والإنسانية، حيث يقوم الناس بالوظائف التي تهم المشاعر وتتولى الآلات العمل المكثف الخاص بالبيانات. لكن سيتعين على البشر الإصرار على إثبات أهميتهم في العصر الرقمي.

بعد ذلك، تم الانتقال إلى المحور الثاني للمؤتمر والمعنون ب " العلوم الإنسانية الرقمية والتعليم عن بعد" حيث تناول المتدخلون الأربعة والعشرون في صلب هذا المحور الإشكاليات المرتبطة بتلقي الأدب في العصر الرقمي، والثورة الرقمية وسؤال الأخلاق، وإشكالية الحداثة، وكفايات التعليم الرقمي، واليقظة الرقمية وانعكاساتها على الممارسات التربوية، ومعيقات التعليم عن بعد، والتجديد الرقمي التربوي في التعليم العالي، وتطبيقات تكنولوجيات الإعلام والاتصال في الممارسات البيداغوجية، وفوضى الفتاوى المجهولة المرجعيات في العالم الافتراضي، وغيرها. وقد تخللت هذا اليوم وفي نفس المحور مداخلة فريدة من الأكاديمية الأمريكية البروفيسورة روبيكا ريزامRoopika Risam  تحت عنوان “Building New Digital Worlds: The Stakes of Postcolonial Digital Humanities”  (بناء عوالم رقمية جديدة: رهانات العلوم الإنسانية الرقمية لما بعد الاستعمار). ففي مداخلتها القيمة، أكدت ريزام على أن العلوم الإنسانية الرقمية لدراسات ما بعد الاستعمار تشكل حقولا جديدة تتدخل في إنتاج المعرفة في العصر الرقمي قد تساعد في تطوير المحفوظات الرقمية وإمكانيات الأرشيف الرقمي لما بعد الاستعمار.

أما اليوم الأخير من المؤتمر، فقد شهد تناول المحور الثالث "الاقتصاد الرقمي والمدن الذكية"(Digital Economy and Smart Cities) بالتزامن مع المحور الرابع "وسائل الإعلام، المجتمعات الافتراضية، السياسة، والأمن السيبيراني" (Mass Media, Virtual Communities, Politics, and CyberSecurity) . فالأول ركزت مداخلاته السبعة والعشرون حول الثورة الرقمية وأهميتها في الخصخصة والاقتصاد، والمقاولة الرقمية، وأثر الإفصاح الإلكتروني على موثوقية المعلومات المحاسبية في القوائم المالية، وميكانيزمات التخطيط العمراني في الانتقال للمدن الرقمية الذكية، وإمكانيات تحول المتاحف إلى العالم الافتراضي، والتكنولوجيات الجديدة للتسويق الرقمي والتجارة الدولية، ومشاريع رقمنة الشركات، واقتصاديات المعلومات المترابطة، الخ...، أما المحور الأخير، فقد تناولت مداخلاته العشرون مواضيع مهمة مثل دور الإعلام في التحول الرقمي، وسوسيولوجية الخطاب الصحفي، وتغيرات وسائل الإعلام في العصر الرقمي، والدبلوماسية الرقمية، والمواطنة الرقمية، وشبكات التواصل الاجتماعي، والقانون وتحديات تكنولوجيا المعلومات، وواقع ممارسة الخصوصية الرقمية، والجريمة الالكترونية، والأمن المعلوماتي العربي، وغيرها من المواضيع.

وإذ شكل المؤتمر الدولي حول "الثورة الرقمية، التحولات المجتمعية، والمسارات المعرفية" فرصة علمية للأكاديميين، والمختصين، والباحثين، والمهنيين لتدارس إمكانات، وتداعيات، وانعكاسات الثورة الرقمية على مختلف الصعد، فإن الجلسة الختامية كانت محطة رئيسية للمشاركين قدموا من خلالها توصيات مهمة للمستقبل بعد النجاح الباهر الذي عرفه المؤتمر سواء من الناحية التنظيمية، أو التقنية، أو اللوجستيكية، أو من الناحية النوعية للمقاربات والمقامات الوازنة للمشاركين.يشار إلى أن المؤتمر كان مقررا أن ينظم حضوريا، إلا أن الظروف الصحية التي فرضتها جائحة كورونا حالت دون ذلك.

 

د. محمد نوحي

رئيس المؤتمر

 

 

الفيلم العراقي "هناك أجمل"  يحصد الجائزة الكبرى للمهرجان وجائزة أفضل مُخرج

انتهت فعاليات الدورة السادسة لمهرجان وجدة الدولي لفيلم الهواة التي استمرت للفترة من 23 ولغاية 27 ديسمبر 2020. وقد ضمّت المسابقة الرسمية 12 فيلمًا قصيرًا. تألفت لجنة التحكيم من خمسة أعضاء من العاملين في الوسط السينمائي والنقدي والتوثيقي وهم: المغربي عبد الإله زبراط رئيسًا للجنة، وعضوية الممثل الفلسطيني حسين نخلة، والناقد العراقي نديم العبدالله، المقيم في المملكة المتحدة، ومدير الكاستينغ المغربي سعيد منيولي، والإعلامية الجزائرية وردة زرقين. وقد ارتأت لجنة التحكيم التي شاهدت الأفلام المتنافسة كلها أن تنوّه بفيلمين وهما: "بأيدينا" من الجزائر، والثاني هو فيلم "القفص" من المغرب الذي خصّت فيه الطفلين الواعدين ندى حيّون وأيوب العلمي وذلك لأدائهما الجيّد في هذا الفيلمالذي أنجزته المخرجة المغربية فاطمة زيطان.

2119 مهرجان وجدة 1

جائزة التصوير

أُسنِدت جائزة التصوير إلى المُصورَين محمود سلامة وعامر أبو حسين  عن فيلم "توشيرت أرض الجذب" ورغم نبرته الوثائقية التي تحمل بين طياتها تلك اللمسة السياحية والمعرفية الترويجية إلا أن جمالية التصوير، وزوايا الكاميرا، ووضوح المَشاهد، ورؤية المُصورَين أعطت مصداقية للحجر والبشر في هذا الفيلم الذي يأسر الألباب.

جائزة السيناريو

مَنحت اللجنة جائزة السيناريو إلى حسن معناني عن فكرة فلم  "كوكو كوكو" من المغرب. يتصف هذا الفيلم ببساطة الفكرة وصدقها، وتسامي بُعدها الفلسفي العميق الذي يتمثّل بمصير الإنسان ودوره،  وأوان نهايته على هذه الأرض عبر نموذج الدجاجة ذات الرقبة الزرقاء، ونظرات عينيها الزائغتين بانتظار  مصيرها القادم مع خطوات الجزار التي تقترب منها كل يوم.

2119 مهرجان وجدة 3

جائزة أفضل ممثلة

خطفت المملثلة التونسية زينب هنشيري جائزة أفضل ممثلة  عن دورها في فيلم "توقيع" للمخرجة التونسية سيرين رحومي. وقد نجحت هنشيري عبر أدائها وتقاطيع الألم المرتسمة على وجهها في أن تجسّد تلك الصرخة التي تعتمر في قلوب أجيال عديدة من شباب تونس والمنطقة العربية مما يعانوه بسبب الإجراءات البيروقراطية في بحثهم عن حياة أفضل ومسعاهم للحصول على العمل أو الترقية الوظيفية ،وكيف يمكن لتوقيع أحدهم أن يحوّل حياتك إلى جحيم يومي لا يُطاق؟

جائزة أفضل ممثل

أمّا جائزة أفضل ممثل أو "جائزة التشخيص" فقد ذهبت إلى الممثل المغربي أحمد أشكار عن فيلم "تباين"، وقد نجح أشكار منذ اللحظات الأولى  في أن يحرّر المُشاهد من لعب دور المراقب لادائه  التمثيلي، بل تمكّن الممثل بادائه العفوي أن يصحبنا برفقته عبر رحلته التصويرية وكاميرته التي يحملها معه وهو يلتقط تلك الصور للوجوه الإنسانية العديدة محاولاً، ومحاولين معه، أن نعرف ما تتركه تلك العدسة من أثر في حياة ووجوه الآخرين. باختصار شديد، أن تكون ممثلاً جيدًا يعني أن تكون صادقًا وتجعلني رفيق رحلتك.

2119 مهرجان وجدة 2

جائزة المهرجان الكُبرى

فيما أُسنِدت جائزة أفضل مخرج للعراقي حسنين الهاني عن فيلم "هناك أجمل" وهو الفيلم نفسه الذي فاز فاز بجائزة أفضل فيلم، وهي الجائزة الكبرى في المهرجان. يُصنّف هذا الفيلم بالتحريك أو " الأنيميشن"   وهو باكورة أعماله الفنية لهذا النوع من الأفلام، وقد أجمعَ أعضاء لجنة التحكيم على أن هذا الفيلم يمثل وثيقة سينمائية راقية تتجاوز بمراحل أفلام الهواة  وتقترب من كونها وثيقة سينمائية احترافية بامتياز، وقدّم من خلالها المخرج حسنين الهاني، ومعه طاقمه الفني، حبكة سينمائية متقنة انتقلت بالمُشاهِد من المحلي إلى الكوني، وحلّقت بأفكار المتلقي نحو فضاءات شاهقة، ولامستْ أسئلة الحياة والموت، ومعنى أن نحيا بسلام على هذه الارض بعيدًا عن القتل الوحشي ، والموت المرعب وتداعياتهما المخيفة. ولعل هذا الفيلم الذي تمّت صناعته في وقت الحجر الصحي الذي سبّبه وباء كورونا هو استجابة فنية وإنسانية  لإحساس المبدع بضرورة طرح الأسئلة الكبرى التي تداهم البشرية في هذه الظروف العصيبة التي تؤرقنا جميعًا.

 

نديم العبدالله

 

عبد النبي ذاكر2020 - 2021

دورة قاسم وَهْب

يمني وسوري وإماراتي وأردني ولبناني ومصرية وأربعة مغاربة، يفوزون بجوائز ابن بطوطة لأدب الرحلة في دورتها 19 لسنة 2020-2021، والتي يمنحها سنويا "المركز العربي للأدب الجغرافي- ارتياد الآفاق"  في أبو ظبي ولندن، برعاية الشاعر محمد أحمد السويدي وإشراف مدير عام المركز الشاعر نوري الجراح.

وتتكون هذه الجوائز من: جائزة الرحلة المحققة، جائزة الدراسات، جائزة الرحلة المترجمة، جائزة الرحلة المعاصرة (سندباد الجديد)، جائزة اليوميات.

وكانت جائزة ابن بطوطة قد تأسست في العام 2000، وتمنح سنوياً لأفضل الأعمال المحققة والمكتوبة  في أدب الرحلة، وجاءت انسجاماً مع طموحات "دارة السويدي الثقافية" بأبو ظبي، في إحياء الاهتمام العربي بالأدب الجغرافي، وبذلك استحقت نيل جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الثالثة عشرة لسنة 2019، بحكم أنها قاطرة المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ "ارتياد الآفاق" في فرع "النشر والتقنيات الثقافية"، وبفضلها استطاعت المنشورات الرحلية أن تتجاوز عتبة الثلاثمائة عنوان. 

جاءت الأسماء الفائزة بجوائز ابن بطوطة، كالآتي:

الباحث د. محمد عبده مسعد عياش (اليمن) الكاتب إبراهيم الجبين (سوريا)، الباحث سلطان العميمي (الإمارات)، الباحث د. بوسيف واسطي (المغرب)، الباحث د. محمد المسعودي (المغرب)، د. ربيع عوادي (المغرب)، الباحث والمترجم د. عبد الكريم جرادات (الأردن)، الباحث والمترجم د. محمد عبد الغني (المغرب)، الشاعر والباحث د. شربل داغر (لبنان)، الروائية منصورة عز الدين (مصر).

وقد تشكلت لجنة التحكيم من الأساتذة: د. الطائع الحداوي، د. خلدون الشمعة، د. عبد الرحمن بسيسو، د. أحمد برقاوي، الأستاذ عواد علي (أعضاء)، الأستاذ مفيد نجم (منسقا).

بلغ عدد المخطوطات المشاركة هذا العام 56 مخطوطاً جاءت من 10 بلدان عربية، توزعت على الرحلة المعاصرة، والمخطوطات المحقّقة، واليوميات، والرحلة المترجمة. وقد نُزِعَتْ أسماءُ المشاركين من المخطوطات قبل تسليمها لأعضاء لجنة التحكيم لدواعي السريّة وسلامة الأداء. وجرت تصفية أولى تم بموجبها استبعاد الأعمال التي لم تستجب للشروط العلمية المنصوص عنها بالنسبة إلى التحقيق، والدراسة، أو ما غاب عنه المستوى بالنسبة إلى الجائزة التي تمنحها الدارة للأعمال المعاصرة. وفي التصفية الثانية بلغ عدد المخطوطات 22 مخطوطة. وفي التصفية النهائية، جاءت النتائج على النحو التالي:

2114 ابن بطوطةالأعمال الفائزة

1 ـ جائزة الرحلة المحققة:

- حديقة النظر وبهجة الفكر في عجائب السفر (سيرة الحبَشة)، للحسن بن أحـمد بن صلاح اليوسفي الحيمي (1018- 1071هـ)/ (القرن 17م)،  حققها وقدم لها: د. محمد عبده مسعد عياش (اليمن).

- الرحلة الأوروبية من دمشق إلى روما، باریس، میونیخ، فیینا، بلغراد، بودابست، صوفیا، إستانبول 1911-1912، لفخري البارودي، حققها وقدم لها: إبراهيم الجبين (سوريا).

- الرحلة الشابورية من ميناء دُبي إلى أبو ظبي 1936، لزين العابدين بن حسن باقر، حققها وقدم لها: سلطان العميمي (الإمارات).

2 ـ جائزة الدراسات:

- الرحلةُ نَسَقُ أنساقٍ مقاربات تاريخانية وإبستيمولوجية، د. بوسيف واسطي (المغرب).

- صورة مصر في كتابات الرحالة المغاربة، د. ربيع عوادي (المغرب).

- الرحلة ما بعد الكولونيالية في الأدب العربي المعاصر،  د. محمد المسعودي (المغرب).

3 ـ جائزة الرحلة المترجمة:

- هدايةُ السبيل وكفايةُ الدليل من إيران إلى روسيا وتركيا ومصر والحجاز والشام، لمراد ميرزا "حسام السّلطنة" (1818-1883)، ترجمها عن الفارسية وقدم لها: د. عبد الكريم جرادات (الأردن)

- خيول الريح المدهشة على دراجة هوائية من القسطنطينية إلى بكين 1894، توماس غاسكل آلن الابن، ووليم لويس ساكليبن، ترجمها وقدم لها: محمد عبد الغني (المغرب).

4 ـ جائزة الرحلة المعاصرة (سندباد الجديد):

- خطوات في شنغهاي في معنى المسافة عبر مدن صينية، لـمنصورة عز الدين (مصر).

5 ـ جائزة اليوميات:

- الخروج من العائلة، لـشربل داغر (لبنان).

وكالعادة، ستصدر هذه الأعمال الفائزة عن "دار السويدي" في سلاسل "ارتياد الآفاق" للرحلة المحققة والرحلة المعاصرة "سندباد الجديد" والرحلة المترجمة واليوميات، وذلك بالتعاون مع "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت. أما الرحلة المترجمة والأعمال المنوَّه بها من قبل لجنة الجائزة من يوميات ورحلات فتنشر بالتعاون مع "دار المتوسط" في ميلانو. ومن المنتظر أن يقام حفل توزيع الجوائز في شهر مايو/إيار المقبل، وسوف يرافق توزيع الجوائز ندوة حول أدب الرحلة والأعمال الفائزة يشارك فيهما إلى جانب الفائزين وأعضاء لجنة التحكيم نخبة من الدارسين.

أعمال المركز والأعمال المنوّه بها من لجنة التحكيم

تبنت الجائزة هذا العام نشر أعمال حازت على تنويه لجنة التحكيم، وأخرى من خارج المسابقة تبنى المركز نشرها، لأساتذة من المغرب وتونس وسوريا والعراق والسودان ومصر، وهم:

قاسم وهب (سوريا)، د. عبد السلام الجعماطي (المغرب)، د. عبد النبي ذاكر (المغرب)، شوقي برنوصي (تونس)، حسّان الحَديثي (العراق)، الصدّيق حاج أحمد (السودان)، نورهان علام (مصر)، د. بوشعيب الساوري (المغرب).

- الرحلة السورية في الحرب العمومية  1916، للقس بطرس خويري، حققها وقدم لها: قاسم وهب (سوريا)

- شعرية الرحلة، لبوسيف واسطي، ترجمة وتقديم: عبد النبي ذاكر (المغرب).

- أوديسة ابن بطوطة، لدَيْفيد وينز، ترجمة وتقديم:  عبد النبي ذاكر (المغرب)

- الإستشراق الإسكندنافي من خلال يوميات أسير سويدي وقنصل دنماركي في المغرب1754-1768، د. عبد السلام الجعماطي (المغرب).

- رحلة غَرَقي واستعبادي مع وصف الصحاري من السنغال إلى المغرب 1784م، لبّْيار رايمون دو بْريسونْ، ترجمة وتقديم: بوشعيب الساوري (المغرب).

- رصيف دي غاما الأخير، لـشوقي برنوصي (تونس).

- الطريقُ إلى القمر تشريق وتغريب، لـحسّان الحَديثي (العراق).

- في بلاد السافانا النيجر – مالي – السودان، للصدّيق حاج أحمد (السودان).

- في جزر المهراجا، لنورهان علام (مصر).

- أن تكون في هافانا رحلة إلى كوبا، لـخالد عبد الحليم العبسي (اليمن).

عن هذه الدورة المتميزة رغم ظروفها الاستثنائية، يقول صديقنا الشاعر نوري الجراح مدير عام "المركز العربي للأدب الجغرافي" والمشرف على الجائزة، بأنه قد جرى التحضير لها في ظل أجواء عربية وعالمية غير مسبوقة ألزمت البشر بالخضوع القسري لتغييرات كبيرة في نمط العيش وطرائق التواصل، انتقل معها العمل من المكاتب إلى البيت في ظل حالة من التباعد لم يسبق للبشر أن اختبروها في العصر الحديث. ومع ذلك، تميزت الأعمال المتسابقة هذا العام بوفرة المخطوطات التي تنتمي إلى فرع الدراسات وتعدد مستوياتها وموضوعاتها ومناهجها، إلى جانب اتساع نطاق الأعمال التي تنتمي إلى الرحلة المحقَّقة، وهو ما حضَّ لجنة التحكيم على اختيار أكثر من عمل في هذين الفرعين لنيل الجائزة. إلى جانب التنويه بأهمية عدد من المخطوطات التي تنتمي إلى غير فرع من فروع الجائزة لم يسعفها الحظ بالفوز، ولكنها تستحق النشر والتنويه بقيمتها، فأوصت اللجنة بإدراجها في عداد منشورات الجائزة. كما نوه الشاعر الجراح بالقيمة الاستثنائية لأولى الدراسات التي حازت على الجائزة هذا العام تحت عنوان: الرحلةُ نَسَقُ أنساقٍ- مقاربات تاريخانية وإبستيمولوجية للباحث المغربي د. بوسيف واسطي واعتبرها عملا بحثيا ضخما، وغير مسبوق. وكذلك بالترجمة الرائعة التي قدمها د. عبد الكريم جرادات لرحلة هدايةُ السبيل وكفايةُ الدليل، التي وضعها في الفارسية مراد ميرزا "حسام السلطنة" (1818-1883م)، فهي واحدة من أهم رحلات الحج التي وضعت في العصر القاجاري ولها مسار طويل عابر لثلاث قارات. وأشار إلى فرادة أعمال التحقيق هذا العام، بدءاً بمخطوطة: حديقة النظر وبهجة الفكر في عجائب السفر، المشهورة بـسيرة الحبشة للحسن بن أحـمد بن صلاح اليوسفي الحيمي (1018- 1071هـ)/(القرن 17م)، وحققها اليمني د. محمد عبده مسعد عياش، مروراً بالتحقيق القيم الذي قام به الكاتب الروائي والباحث إبراهيم الجبين المتمثل في الرحلة الأوروبية، وهو عمل يستعيد الشخصية النهضوية السورية البارزة والزعيم الدمشقي فخري البارودي في رحلته من دمشق فباريس ثم ميونيخ وصوفيا وإستانبول (1911-1912م)، وصولاً إلى الرحلة الشابورية، ثالث النصوص المحققة الفائزة، وهو عبارة عن تحقيق لنص رحلي شعري وضعه الشاعر الكويتي زين العابدين بن حسن باقر يؤرخ فيه لرحلة قام بها من عربستان إلى أبو ظبي سنة 1936م. ويكشف النص والدراسة عن وقائع وأحداث مهمة تنتمي إلى ما قبل قيام دولة الاتحاد. وإلى جانب هذه الأعمال هناك دراستان هامّتان، واحدة تتناول مصر في القرن التاسع عشر من خلال نصوص الرحالة المغاربة إلى مصر، والثانية تدرس الرحلة العربية المعاصرة من منظور ما بعد كولونيالي. وأخيراً وقائع رحلة إلى شانغهاي بقلم كاتبة وإعلامية من مصر، ويوميات شاعر وأديب لبناني يطوف على جملة واسعة من القضايا والتحولات التي عصفت بالحياة العربية عبر سيرة الذات.

وبدوره اعتبر الشاعر محمد أحمد السويدي، راعي الجائزة و"المركز العربي للأدب الجغرافي-ارتياد الآفاق"، "أن هذه الدورة كانت استثنائية بكل ما للكلمة من معنى، لكونها تأتي في سنة ألزمت الرحالة بيوتهم، وحالت بينهم وبين خوض الأسفار. لكنها، في الوقت نفسه، كانت سنة للمطالعة والبحث، علما أن "المركز العربي للأدب الجغرافي" قدم في الوقت نفسه لقراء أدب الرحلة عددا من الأعمال التي يتزامن نشرها مع منشورات الجائزة لهذا العام، وذلك بمناسبة مرور 21 عاما على تأسيس مشروع "ارتياد الآفاق" ويتطابق عددياً ويتزامن مع دخولنا العام 2021. وهكذا فإن الجائزة عبرت هذا العام، كما في أعوامها السابقة عن استمرارها في الكشف عن الجديد في باب اليوميات والرحلة المعاصرة، لتضيف الأقلام الفائزة إلى كوكبة الرحالة المعاصرين مغامرين جدداً، وإلى أدباء هذا اللون الأدبي الممتع أسماء جديدة".

 

ووجَّه السويدي التحية للفائزين وللمنوه بأعمالهم، وأشاد بجهود أعضاء لجنة التحكيم الذين أنجزوا عملا رائعاً في ظل ظروف بالغة الصعوبة، جرى فيها التواصل عن بعد. ونوَّه بفكرة إطلاق اسم الأديب والباحث الراحل قاسم وهب على هذه الدورة لما كان للصديق العزيز، الذي غادر عالمنا في العام الماضي، من دور بارز في رفد الجائزة والمشروع منذ بدايته، بالأعمال القيمة في أدب الرحلة بحثاً وتحقيقاً، فضلاً عن مشاركته في نشاطات المركز وندواته الكبرى، خصوصاً تلك التي جرت استضافتها في المغرب والجزائر والكويت والسودان وقطر والبحرين وأبو ظبي، واستضافت معها احتفالات الجائزة. ورأى السويدي أنه إذا كان خير ما نحيي به الكاتب هو إخراج جهده الأدبي والفكري إلى النور، فإن من المنتظر أن يظهر إلى جانب الأعمال الفائزة والأعمال المنوه بها والكتب التي أنجزها المركز هذا العام، تحقيق ودراسة تحت عنوان: الحرب السورية في الحرب العمومية 1926م، لبطرس خويري، وهي من بين أواخر إنجازات الراحل قاسم وهب.

بعد أيام تدخل السنة الجديدة، وبحلولها يدخل المركز وجائزته العشرية الثالثة على تأسيسهما وقد أنضاف هذا العام إلى خزانة الرحلة العربية بفعل هذا النشاط 15 كتابا جديداً بين دراسة وتحقيق وإبداع وترجمة، ليتجاوز الثلاثمائة كتاب عدد المؤلفات التي أنجزت خلال السنوات العشرين المنصرمة، وهو ما يجعلنا نعتز بالدور الريادي ذي الطابع الإحيائي الذي لعبه المركز وجائزته في إحياء أدب الرحلة وتكريسه بوصفه حقلا أدبيا مستقلا إن على المستوى الإبداعي أو على مستوى الدراسات الأكاديمية التي تصدت لهذا الجنس الأدبي العربي العريق.

وجاء في بيان الجائزة أن عدداً من الأعمال المتسابقة وصل بعد إقفال باب قبول الطلبات وقد أحيلت هذه الأعمال على الدورة القادمة، وأن باب قبول الطلبات للجائزة في دورة العام 2021- 2022 يعتبر مفتوحاً منذ إعلان هذا البيان.

 

د. عبـد النبـي ذاكــر

عضو الهيئة التنفيذية للمركز العربي للأدب الجغرافي

ارتياد الآفاق

أبو ظبي ـ لندن

 

 

عزالدين عناية"منشورات الجمل" أنموذج للسّطو

أربع سنوات قضّيتها في إعداد رسالة الدكتوراه في جامعة الزيتونة في تونس في حقل دراسات الأديان، وذلك أواخر الألفية المنقضية. حاولت خلالها أن أصوغ رؤية تحليلية نقدية لكلّ ما دوّنه العرب في النصف الثاني من القرن العشرين حول اليهودية واليهود. دفعتُ بالنص إلى المسمى خالد المعالي صاحب مؤسسة "منشورات الجمل" كعرض أوّلي بغرض النشر، فما راعني إلا أن وجدت البحث مطبوعا منشورا دون تصحيح، ودون تنقيح، ودون مراجعة، والأدهى دون تعاقد بيني وبينه.. مرّ على نشر كتاب "الاستهواد العربي.. في مقاربة التراث العبري" زهاء الخمس عشرة سنة، طالبت خلالها صاحب منشورات الجمل بأبسط حقوق التعاقد التي تنظّم علاقة الكاتب بالناشر فلا مجيب!!. الكتاب يباع ويُطبع منذ ذلك العهد (2006)، ولم يدفع لي درهما واحدا، ولم يرعوِ عن غيّه، ولم يقر بذنبه.. راسلته أكثر من مرة، لا يردّ ولا يكترث.

2091 عزالدين عنايةإنني أدعو إلى تضامن سائر المتضرّرين، من كتّاب وشعراء ومترجمين من سطو وانتهاكات أمثال خالد المعالي.. فيا كتّاب العربية اتّحدوا.. كما انّني أهيب بـ "اتحاد الناشرين العرب" لتقريع أمثال هؤلا المخاتلين وتأنيبهم، حتى لا تحوّله زمرة المتربّصين إلى اتحاد لقطّاع الطرق وإلى تجمّع للنصّابين. كما أهيب بكافة مديري معارض الكتاب، الحريصين على الثقافة العربية وعلى كرامة المبدعين، ألا يسمحوا لمن يسطو على حقوق الناس، ويسرق الجهود، بالمشاركة، ليستكرش ويزداد تخمة.. إن الكاتب العربي مستضعَف فلا تزيدوا من ضعفه.. ومهان فلا تفاقموا هوانه..

أدعو السيد خالد المعالي أن يعتذر علنًا عمّا اقترف من سطو وإجرام وانتهاك بحقّي، وبحقّ الكتّاب الذين تعاملوا معه بأمانة وصدق.. حتى لا يُقتَل الكتّاب في بلدي..

 

عزالدين عناية

(كاتب تونسي مقيم في إيطاليا)

 

الصفحة 2 من 4

في المثقف اليوم