أخبار ثقافية

شعراء وزوار قصر الباهية يلتقون في رياض الشعر

حلقة الشعراء.. برياض الشعر قصر الباهية

التقى الشعراء: سكينة حبيب الله وعبدالغني فنان ومصطفى الرادقي وعازف الكمان الفنان هشام التلمودي، عصر يوم الجمعة (27 ماي)، ببهو رياض الشعر (الرياض الكبير) بالمعلمة التاريخية الكونية قصر الباهية. حضر الشاعر اسماعيل زويريق متأبطا ديوانه "الواحة المهجورة"، ومعه الشاعران رضوان صابر بديوان "ذاكرة الياسمين" والشاعر يونس الحيول مبدع "تمارين لقياس الوحدة"، والى جانبهم الشاعر والناقد عبدالعزيز ساهر، جميعهم يحتفون بإصداراتهم الجديدة (2022)، ضمن منشورات دائرة الثقافة بالشارقة. في حديقة الشعر بقصر الباهية، وتحت ظلال أشجار الليمون، كانت الحركة دؤوبة بزوار هذه المعلمة التاريخية، هذا المحج المشهور لمغاربة وأجانب من مختلف الجنسيات.

بدأ الفنان المتألق هشام التلمودي، مفتتحا "حلقة الشعر والشعراء" بتقاسيم على آلة الكمان.. شيئا فشيئا يجتمع الرواد، وما يلبت أن يلتحق بهم أصدقاء ورواد دار الشعر بمراكش.. ضمن فقرة "الشعر في المآثر التاريخية"، وضمن استراتيجية الدار في أن يخرج الشعر الى الفضاءات العمومية.. أن يذهب لمحبيه ومريديه.. اختارت دار الشعر بمراكش، أن يلتقي الشعراء وزوار قصر الباهية.. هذا القصر الذي بني من أجل "عيون الباهية" .. من أجل الحب.. في أواخر القرن التاسع عشر.. استمر بناء هذا القصر ست سنوات، وحضر الى رياض الشعر ستة شعراء.. جاؤوا يقرؤون قصائدهم من أجل حب الشعر والكتابة والحياة.. 

مقام أول.. "بين ضفتين"

ما إن انتهى الفنان هشام التلمودي من عزفه، حتى بدأ الشعراء بعزف مقامهم الأول.. ثلاثة شعراء يقيمون "بين ضفتين": سكينة حبيب الله، وعبدالغني فنان ومصطفى الرادقي.. شعراء يجمعهم أفق موحد، حيث سفر الشعر بين جغرافيات شعرية كونية.. منهم من اختار الكتابة بلغات مختلفة، ومنهم من ترك قصائده تعبر بين ضفاف شعرية كونية، بل أحيانا منهم من اختار الإقامة بين ضفتين، إبداعا وترجمة.

قرأت الشاعرة والكاتبة، سكينة حبيب الله، من "بريدها الغير مقروء" قصائد من ديوانها الأخير "خطة بديلة".. قصائد تؤشر "أن تكون امرأة قادرة على صنع الكلمات والنصوص بدون حاجة لرتوش ولا مساحيق.. أن لا تتصنع وأنت تكتب عن حيوات شخوص، وعن عمق إنساني باذخ.."عن خطتها البديلة قرأت الشاعرة سكينة حبيب الله، بعضا مما استقته من ربع قرن من النظر..

جاء الشاعر عبدالغني فنان، وهو الشاعر الباحث في الشعر وفي الصورة.. ولع كبير بإرث عبدالكبير الخطيبي.. ونموذج خلاق لعبور وسفر بين ضفتين.. أطل علينا من نافذة دار لارماطو بفرنسا.. وارتحل باحثا عن بياضات آسيا جبار وعن الصمت المتأخر في تأويل الخطيبي (ما يسمه ب "الرجل القادم من المستقبل").. قرأ الشاعر عبدالغني فنان قصائده، باللغة الفرنسية وبعض ترجماته الى اللغة العربية، عنه.. وعن امرأة "تكسر المرآة".

وبين سفر النصوص وحالات الشاعر في عالم اليوم، جاء الشاعر مصطفى الرادقي من مدينة الصويرة، "منعزلا من كل شيء.. من عالم صغير وبسيط للغاية .. غير مرتب بالمرة "كما يليق بشاعر بوهيمي".. سفر بين الشعر والترجمة.. ومن خلالهما سفر مضاعف في اللغة.. من مدينة "يقرع فيها الصمت بالمطارق.. حيث خربشات الأبجدية تكتب على الجدران.."..

مقام ثان.. دواوين الشارقة-مراكش

احتفت فقرة "الديوان"، بتوقيعات جديدة لمنشورات دائرة الثقافة بالشارقة للشعراء المغاربة: يونس الحيول ورضوان صابر وإسماعيل زويريق، والذين تجمعوا بين أشجار حدائق قصر الباهية لتوقيع دواوينهم الصادرة هذه السنة عن منشورات الدائرة. ديوان "ذاكرة الياسمين" للشاعر رضوان صابر، "تمارين لقياس الوحدة" للشاعر يونس الحيول، و"الواحة المهجورة" للشاعر اسماعيل زويريق، هذا الأخير سهر على تقديمه الشاعر والناقد عبدالعزيز ساهر.

أشار الشاعر عبدالحق ميفراني، مدير دار الشعر بمراكش، الى أن ديوان الشاعر يونس الحيول، يستقصي الكثير من تفاصيل العزلة.. فمنذإصداره "الموت بكل خفة"، الديوان المتوج بجائزة بيت الشعر في المغرب عام 2010 واصل الشاعر ترويض الندم/2014، ثم دلف يبحث عن "رجل يقرأ طالعه"/2019. للشاعر يونس الحيول قدرة على شعرنة تلك التفاصيل الآسرة للكينونة، في وعي حثيث لاستغوار شعرية الانكسار والألم. قرأ الشاعر يونس الحيول "تمرينا واحدا من تمارينه كي نقيس وحدتنا هنا ونحن نلتئم في رياض الشعر بقصر الباهية".

فيما اختار الناقد عبدالعزيز ساهر أن يتحدث عن "أسلوبية التكرار" وأهميتها في ديوان "الواحة المهجورة للشاعر اسماعيل زويريق"، حيث وظيفة التكرار حجاجية.. وهو ما أسهم في تكثيف الصورة الشعرية المبنية على التسلسل المنطقي المحكم وانسجام الايقاع الداخلي مع الخارجي. الديوان، يعد حسب الناقد ساهر، ركيزة من الركائز التي تعتمد البلاغة العربية أسلوبا بديعا".

أما الشاعر رضوان صابر، فاقترح علينا ديوان "ذاكرة الياسمين"، أو أحلامه، في زمن صارت "القصائد مأوى"، واختار الشاعر القصيدة ملاذا أبديا للكتابة، في حرص واعي على استقصاء أسئلة القصيدة وأفق الشاعر. تجربة ومسار طويل، راكم خلاله الشاعر منجزا إبداعيا، يمثل بعضا من راهن القصيدة العمودية اليوم في المغرب. ظلت القصيدة مأوى يلجأ إليها الشاعر، كلما هدًه سؤال وقلق الوجود، وانجراحات الزمن وانكساراته. 

مقام أخير..

شعراء فقرة "الشعر في المآثر التاريخية" يجمعهم أفق موحد، إذ اختاروا أن يقيموا في القصيدة، حيث سفر الشعر بين عوالم شعرية حيث الحياة والكتابة والشعر.. اختتم اللقاء بفقرة توقيعات، وظل الفنان هشام التلمودي يكتب فهرس اللقاء، بعزف متفرد على ألة الكمان.. بين أشجار حديقة رياض الشعر بقصر الباهية.. هذا ما اقترحته دار الشعر بمراكش، ضمن برنامجها للموسم الخامس، الانتقال إلى لحظة تحول فعلي في تدبير برمجتها.

في فضاء تعود الزوار أن يزوروا أمكنة تراثية وتاريخية، ناطقة بحكايات منسية.. لكنها في فقرة الشعر في المآثر التاريخية، تحول الشعراء والزوار، وبدون الحاجة لكراسي ولا حدود، أن يلتئموا في حلقة الشعر.. ضمن فضاءات متعددة، والقادم أن يذهب الشعر إلى أمكنته الآثيرية.

في المثقف اليوم