ملف: مستقبل الديمقراطية
ملف المثقف: هزيمة الإسلام السياسي أم هزيمة الديمقراطية؟
- التفاصيل
- كتب بواسطة: د. عبد الخالق حسين
• هل جاء حراك الربيع العربي شعبيا عفويا تلقائيا؛ أم أسهمت في صنعه وترويجه جهات عالمية تبغي إيصالنا إلى وضع قلق يقوده الصخب لكي تمرر علينا مشاريعها المعروفة باسم إعادة ترسيم خارطة الشرق الجديد؟
* أعتقد أن انتفاضات الربيع العربي كانت عفوية، وانفجارا شعبياً تلقائياً بعد معاناة طويلة من الاستبداد والفقر، وكانت متوقعة وطال انتظارها بسبب القمع والاضطهاد. ومن الظلم اعتبار هذه الانتفاضات "من صنع وترويج جهات عالمية تبغي إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد.."، أو مخطط سايكس- بيكو جديد كما يروج البعض. إن إيعاز هذه الانتفاضات إلى جهات أجنبية يعتبر إهانة لذكاء الشعوب العربية وإظهارها وكأنها دمى لا وعي لها تحركها قوى أجنبية كما تشاء، إضافة إلى منح الأنظمة الاستبدادية صفات وطنية وإظهارها الجماهير بالخيانة لأوطانها، يعني "حكام وطنيون وشعوب خانئة".
العرب بشر كغيرهم من القوميات في العالم، يرغبون في حياة حرة وكريمة، ويحلمون بأنظمة توفر لهم "الخبز والحرية والعدالة". والبشرية تمر اليوم بمرحلة العولمة بسبب التطور المذهل في تقنية الاتصالات والمواصلات بحيث صارت الدنيا قرية كونية صغيرة، ونعرف أن 70% من الشعوب العربية لا يتجاوزون الثلاثين من العمر، ومعظمهم من المتعلمين من حملة الشهادات، وبلا عمل، وهم يشاهدون على شاشات التلفزة والانترنت كيف تعيش الشعوب الغربية مستوى حياة لائقة بالكرامة البشرية، فلماذا يكونوا هم محرومين من هذه الحياة؟ لذلك عندما حانت الساعة بحدوث شرارة مثل قيام الشاب التونسي محمد بوعزيزي باشعال النار بنفسه احتجاجاً على سوء المعاملة، مست الشرارة براميل البارود في كل أنحاء تونس ووصلت إلى مصر وليبيا وغيرها. فما علاقة الجهات الأجنبية بحرق الشاب بوعزيزي مثلاً؟
أما كون الإسلاميين قاموا باختطاف هذه الانتفاضات وهم الذين استفادوا منها وانتصروا في الانتخابات، فلهذه الظاهرة أسباب موضوعية منها أن الحكومات العربية المستبدة اضطهدت الأحزاب العلمانية الديمقراطية وطاردت الانتليجنسيا العربية الليبرالية، وكان هناك نوع من التحالف غير المعلن بين القوى الإسلامية الظلامية والحكومات العربية المستبدة، تسمح لهم بالسيطرة الفكرية على الجماهير الفقيرة، ونشر المدارس الدينية، وجمعياتهم الخيرية بأموال البتردولار الدول الخليجية، لذلك نجحت القوى الإسلامية في كسب أصوات الجماهير الفقيرة، بينما معظم المصوتين العلمانيين قاطعوا الانتخابات. إذ كما قال الفيلسوف الإيرلندي، إدموند بيرك: "كلما يحتاجه الشر لينتصر هو أن يبقى الأخيار على التل". وقد ذكرنا في مقال سابق لنا: "فاز مرسي بنسبة أقل من 52% من الذين شاركوا في انتخابات، وإذا ما أخذنا في نظر الاعتبار أن نسبة المشاركين كانت في حدود 50% من الذين يحق لهم التصويت، لعرفنا أن الذين صوتوا لمرسي لا يزيد على 26% من الذين يحق لهم التصويت، أي أن نحو ثلاثة أرباع الشعب المصري لم يصوتوا له.."
أما موقف الغرب مما حدث في بلدان الربيعي العربي، فقد تصرف حسب ما فرضه الأمر الواقع، لا تستطيع أمريكا أن تقف ضد نتائج صناديق الاقتراع بحجة كونها ضد الإسلاميين، بل كل ما تحاول أمريكا وحلفائها عمله هو التكيف مع الأوضاع الجديدة في المنطقة وتجييرها لصالحها.
يقول مثل إنكليزي: "إذا أردت أن تعرف حقيقة الانسان امنحة سلطة". لذلك كان فوز الإسلاميين في الانتخابات خطوة جيدة لكشف حقيقتهم، لمنحهم الفرصة لوضع شعارهم (الإسلام هو الحل) على المحك، وإبطاله، وإثبات عجزهم عن حل مشاكل الشعب، وفضح إدعاءاتهم كونهم ديمقراطيين. ولذلك أعتقد أن صعود الإسلاميين السريع للسلطة كان مرحلة ضرورية لسقوطهم السريع أيضاً وبلا عودة.
وشكراً
عبدالخالق حسين
صحيفة المثقف
7-7-2013
للاطلاع على ورقة الملف والمحاور المقترحة:
المثقف تفتح ملف: هزيمة الإسلام السياسي أم هزيمة الديمقراطية؟
للاطلاع على مقالات الملف
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها.