ملف: مستقبل الديمقراطية
الاسلام السياسي لم يهزم بعد والديموقراطية لن تهزم قط والفكر الاسلامي متعدد والخاسر هو الشعب
- التفاصيل
- كتب بواسطة: ا. د. عبد الاله الصائغ
ملف المثقف (فشل الديموقراطية أم فشل الاسلام السياسي أم فشل الفكر الاسلامي؟)
الاسلام السياسي لم يهزم بعد فهو سليل تجربة طولها اربعة عشر قرنا، وكل الحروب التي دارت بين المسلمين ومهما كانت المسوغات فهي حروب بين السياسيين بغطاء ديني مهلهل، والمتأسلمين الذين ظهروا في العقدين الأخيرين وتطوروا بسرعة غير اعتيادية وجذبوا نحوهم الاضواء الاعلامية يمتلكون التاريخ الذي يخدم وجودهم الجغرافي ونزوعهم المتطرف، بل ووجدت الدول المتحضرة (الطموحة) في هؤلاء حصان طروادة تدخل به الامم المسيجة دون عناء تعثرت التجربة الاسلامية بعد موت النبي صلعم، موته المفاجيء،تعثرت حتى خلال عهد الخلفاء الراشدين حيث اغتيل ثلاثة خلفاء راشدين من اصل اربعة لمسوغات مختلفة تماما، وباستثناء خطابي ابي بكر الصديق وعلي بن ابي طالب فإن خطابي الخليفتين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان تسللا الى العهد الأموي وصبغاه بصبغة خاصة، خطاب الخليفة عمر بن الخطاب الشديد وخطاب الخليفة عثمان بن عفان المنفلت،واذا سقطت الدولة الاموية وصفيت رجالاتها وبيوتاتها بوحشية مؤلمة لم يشهد مثلها التاريخ، فإن الخطاب الأموي لم يصفَّ فاندلق الى الخطاب العباسي، فتهم الزندقة والشعوبية وأهل التسوية والارتداد كانت تتسرب من عهد سابق الى عهد لاحق بانسيابية مدهشة المكر،وكان الضحايا من العلماء والمفكرين والفقراء ... يتوارثون جلاديهم، الجد والوالد والابن والحفيد، واساليب القمع باسم الله هي هي، حتى قال احد ضحايا البيت العباسي ملخصا القول:
تالله ما فعلت أمية مثلما معشار ما فعلت بنو العباس
وحين سقط البيت العباسي على يد الغازي هولاكو 656 هـ سقط على ايدي كبار رجالات السلطة العباسية مثل ابي بكر ابن الخليفة المستعصم بالله، لم يجد مؤرخو الغفلة والنفخ في الرماد سببا لسقوط بغداد على ايدي المغول وتآمر بعض اعمدة البيت الحاكم مع المغول سوى عالم زاهد جليل قاده سوء حظه للسياسة المتجلببة فعمل رئيسا لوزراء الخليفة المستعصم فاتهموه بالخيانة لا لأنه خان حقا بل لأنه مخالف لرجال السلطة في قناعاتهم جغرافية ومذهبا وولاءً، قارن :
http://www.culturaldh.net/cul/news.php?action=view&id=875
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=12572
وتشرذم الكيان السلطوي على عدد من الدول في الشرق والغرب، دول عربسلامية ذليلة ضعيفة سفكت من الدماء الكثير الذي لايتناسب وحجمها ومباديء الاسلام الحنيف، اما الديموقراطية فهي لم تهزم ولن، والسبب اننا لم نتذوقها بعد ولم نرها ولم ترنا، فكيف تهزم قبل ولادتها، او زيارتها في الأقل،ويتبقى لدينا الفكر الاسلامي، فنعجب كيف تعدد الفكر الاسلامي حتى بات افكارا، بحيث ظن بعض المفكرين الكبار انه بات اسلامات مثل الصادق النيهوم الذي توصل الى ان الفكر الاسلامي واقع في الأسر واننا نعيش زمننا هذا لنشهد حروبا بين المسلمين ، ظاهرها الدين وباطنها السياسة، فثمة (اسلام ضد اسلام) ،اذن لم يهزم الحكام الملتحون بل المهزوم الحقيقي هو الشعب المسكين،
نعم نحن نقطف ثمارالعصبية والدموية في التاريخ العربسلامي المقيت بعد أن نضجت ثماره ، ثمار دراسته الشيطانية أو تدريسه من المدرسة الإبتدائية الى مراحل الدكتوراه، نقطف ثمار اطلاق يد المؤرخين الكذابين او الموتورين الممالئين للسلطة كل سلطة دون ان يكون للجماهير دخل في ذلك، وكما قيل (الحكام يزرعون الشوك والجماهير تحصده) المؤرخون المنافقون لكل سلطة، أي سلطة او الملتاثون بلوثة انا الحق المطلق وسواي الباطل المطلق، انا من حزب الله وحزب الله هم الفالحون وغيري من حزب الشيطان وحزب الشيطان هم الخاسرون، نقطف ثمار المجالس المتخمة بالفراغ و المنفتحة على اي منطيق بارع في الحديث وجاذبية المناورة، نحن نجني ثمار حكومات العائلة التي حكمتنا منذ فجر تاريخنا، نحن ضحايا بيوتات العائلة، او البيوتات المقدسة دون بيوتات الآخرين المدنسة، من القرن الاول الهجري حتى الساعة وحتى قيام الساعة،، فشيعة أهل البيت يرون دماءهم مهدورة ودماء المسلمين مغدورة لأن السلطة اغتصبت منهم وهم اولى من كل المسلمين دون استثناء لأن السيدة فاطمة الزهراء أم الأئمة عليها وعليهم السلام في خندقهم وتباركهم، العباسيون يرون قول الشيعة مخالفا لمنطق روح الدين وقيم العرب فشيعة بني العباس ينكرون على الشيعة الطالبيين دعواهم و المسوغات وفيرة، يزعمون ان ميراث الفاطميين غير شرعي فالسيدة فاطمة الزهراء امرأة (كذا) والعباس عم النبي ذكر، والذكر اولى من الانثى عند العروبيين وعند المسلمين،،فبيتهم اي بيت بني العباس اولى، تاريخنا العروسلامي وباء مكثف وثقافتنا الدينية دماء معلبة ماركتها طبعة متميزة قائمة على التاريخ، السُنة ملتزمون بسنة الرسول والصحابة وهؤلاء اقرب للاسلام والشيعة ملتزمون بالبيت النبوي ففي بيوتاتهم تنزلت سور الكتاب فهم الصق بالاسلام من غيرهم، دعبل الخزاعي توفي في العقد الثاني من القرن الثالث الهجري، يشير الى حق اهل البيت في ادارة البيت الاسلامي وظلم مناوئهم لهم:
مدارس آيات خلت من تلاوة ومنزل وحيٍ مقفرِ العرصات
حتى الجواهري الكبير في زمننا هذا حين خاطب الملك حسين (،، ) الجواهري العارف نافح عن حق ثقفه بالرضاعة عن اهل البيت :
يا ابن الذين تنزلت ببيوتهم سور الكتاب ورتلت ترتيلا
البيت العباسي كرس ان الاسلام نهض بهم، والعباسيون هم اهل بيت النبي دون سواهم (خطبة داود بن علي : الحمد لله شكرا شكرا شكرا الذي أهلك عدونا وأصار إلينا ميراثنا من نبينا محمد أيها الناس الان أقشعت حنادس الدنيا وانكشف غطاؤها وأشرقت أرضها وسماؤها وطلعت الشمس من مطلعها وبزغ القمر من مبزغه وأخذ القوس باريها وعاد السهم إلى النزعة ورجع الحق إلى نصابه في أهل بيت نبيكم أهل الرأفة والرحمة بكم والعطف عليكم)،، انتهى
بمرارة اقول ان العقلاء او الحكماء منا ومنهم بين قتيل وسجين وطريد، انت ايها المسلم ان لم توافق قرارات البيت الشيعي فأنت سني، وانت ايها المسلم ان لم تؤيد مواقف السنة فأنت شيعي، انت ايها المسلم ان لم تمش على خط الطباشير فأنت كافر ودمك مسفوك،، حتى العصر الحديث فطلاب الابتدائية وهم اطفال يُلَقَّنون الطائفية وشرعية قتل الآخر،، وعلى حد اطلاعي/ ففي تسعينات القرن العشرين في السعودية والمغرب كانت المناهج تحرض الاطفال على تكفير الشيعة لأنهم يقولون خان الأمين (كذا) وبعض الشيعة يرون السنة بعد موت النبي صلعم قد استأثروا بالحكم وحرفوا المنهج، لاتتعب نفسك ايها القاريء العزيز فليس ثمة من يصغي اليك ليحاورك بل ثمة فقط من يحذرك وإلا فيكفرك، الإرهاب كان ينافسنا على حليب الرضاعة ومهد الطفولة، لقد تعين على الحكماء تغيير الدلالات اللغوية والاصطلاحية، فالحرية تعني عندنا القمع والأمن هو القتل والإيمان العمى، وقس على ذلك،، .
اسئلة المثقف تطرح اشكاليات العقل العربي قبل الواقع العربي، تطرح الفكر التاريخي قبل الفعل الجغرافي، فكيف تتوفر مقالة واحدة على اجابات متعددة، غريب حقا ان يتكلم السياسيون المتأسلمون عن الديموقراطية الغربية وكأنها واحدة من منجزاتهم، وغريب ايضا ان يستغلوا هذه الديموقراطية ويبشروا بها وهذه افكار الاسلامويين وكتبهم فيما كتبوا وفيما خطبوا تحذر المسلمين من وباء الديموقراطية الغربية الكافرة الاباحية - كذا -، نحن داخلنا فرح ساذج ان الاسلاميين تعلموا الدرس واعترفوا بالواقع، ولكن الاسلام السياسي يمتلك خبرة الف وقرابة اربعة قرون سنة من تصفية الآخر وحكم الكافة وانتاج المسوغات، بعد ان ثقفوا الشارع بهرطقاتهم، الشارع الجاهل الجائغ العاري المشرد المريض، دعوا الى الديموقراطية بصراخ وصياح وعياط وشياط، وازالوا حكاما علمانيين سفلة قتلة مثل القذافي وبن علي ومبارك، وجاء الدور على بشارالأسد حاكم سوريا ومن والاه، ووضعوا الجماهير في طابور قبالة صندوق الاقتراع وفازوا بل هم موقنون بفوزهم، وحين فازوا غيروا قوانين الاحوال الشخصية وانظمة البنوك وهمشوا المرأة ومنعوا المنتديات الاجتماعية وفجروا نوادي الترفيه، وبلبلوا المناهج الدراسية ووسائل الاعلام كأنهم اعلنوها افغانستان جديدة، وحين ثار عليهم الذين انتخبوهم كفروهم ومثلوا بجثثهم وصرخوا نحن الشرعية نحن فزنا بصندوق الاقتراع، نحن حماة الديموقراطية، والسؤال متى هؤلاء يتعلمون ان الديموقراطية ليست صندوق اقتراع حسب الديموقراطية هي التي تجيء بعد صندوق الاقتراع، ان خطيئة هؤلاء هي انهم يقرأون النص بنظارات معتمة كاتمة الضوء، والموجز لمقالتنا هذه هو : لم يسقط الاسلام السياسي بعد، وربما لن يسقط فهم ثقفوا على ان تتقبل شعوبنا فكرة ان تقتل غيرك من اجل الدين ان يقتلك غيرك في سبيل الدين فالجنة مثواك واحضان العذراوات مأواك، سقطت ثقافتنا ولما يسقط الاسلام السياسي سقطت حضارتنا ولما يسقط الاسلام السياسي، واذا قلت لي سقط الاسلام السياسي في نظري ونظرك، عندها سأقول لك ومتى كان نظري ونظرك مأخوذاً بهما ؟ الديموقراطية لم تسقط عندنا لأنها لم تولد بعد، فأنواؤنا العروسلامية طاردة للضوء والعبق والجمال، بحيث طمع الاخوان المسلمون في حكم مصر الحضارة والحرية بلحى كثة وعيون حمر وظنوا ان الساحة ستخلوا لهم حتى ايقظتهم الجماهير المليونية وطردتهم عن البانوراما المصرية، وما جرى في مصر سيجري آجلا أو عاجلا على كل الدول العروسلامية .
عبد الاله الصائغ
صحيفة المثقف
9-7-2013
للاطلاع على ورقة الملف والمحاور المقترحة:
المثقف تفتح ملف: هزيمة الإسلام السياسي أم هزيمة الديمقراطية؟
للاطلاع على مقالات الملف
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها.