ملف: المثقف والانتخابات .. الدور والمسؤوليات
المثقف والوعي الانتخابي
- التفاصيل
- كتب بواسطة: ماجد الغرباوي
يتضح من خلال السياق التاريخي لنشأة المصطلح، وما يختزنه من دلالات، ان مفهوم المثقف يتكون من ثلاثة عناصر:
(معرفة، وعي، موقف) تتشابك فيما بينها لتصوغ شخصيته ولو بنسب متفاوتة، غير ان صدقيته تتوقف على عدم تخلف أحدها، والا سيكون اطلاقه مجازا. من هنا يعتبر موقف المثقف مسؤولية تاريخية نابعة من وعيه في ضوء تشخيصه للواقع وضروراته. وتتأكد هذه المسؤولية عندما تلتبس الحقيقة، ويتداخل الدنيوي بالديني، لا سيما في الازمات والظروف الاستثنائية، حيث يعلو صوت العنف، ويسود منطق القوة والمكر والخديعة، ولا ملاذ حينئذٍ للوعي الا كلمة يطلقها المثقف، يفتت بها رواسب التخلف، وما تراكم في لا وعي الناس من قيم ومفاهيم. فالنهوض الحضاري يتوقف على شروطه ومن أهمها وجود طبقة قد اكتملت مكوناتها الثقافية في المعرفة والوعي وقدرتها على اتخاذ موقف يعضد مسيرة النهوض، التي تبدأ مسارتها على مستوى الفرد في التخلي عن مفاهيمه القديمة ونظرته المتطرفه للآخر، وعلى مستوى المجتمع في الانحياز لخيار المجتمع المدني، ومفهوم المواطنة بدلا من مفهوم الطائفة والقبيلة والحزب والفئة.
فلا نبالغ حينما نقول ان المثقف رهان المجتمع المتحضر، ورهان المستقبل الواعد خاصة بالنسبة لبلدان عانت وما تزال من سيادة قيم العشيرة وحنينها لرجل الضرورة، وانصياعها لدكتاتورية الفرد والحزب الواحد، واستحواذ السياسي على قراراته المصيرية.
اما خلال الدعاية الانتخابية فالمسؤولية تختلف تماما، حيث تسعى جميع القوى لاستبعاد المثقف واقصائه عن دائرة التأثير الاعلامي ليحل محله خطاب سياسي، فما على المثقف الا مضاعفة جهده، لبيان الحقيقة، وترشيد الوعي. وليس المثقف عاجزا في ظل وسائل الاتصال الحديث التي تنوعت في ادائها، وباتت تغزو كل بيت، مع تعددها. بل يمكنه انجاز الكثير، وبامكانه ايصال صوته الى عمق المجتمع بجدارة.
ان ظروف العراق في ظل ازمات مستعصية، وبعد تجربة عشر سنوات، تفرض على المثقف مسؤليات أكبر، من اجل برلمان ناجح يأخذ على عاتقه انقاذ الوضع الذي غدا على حافة الانهيار، وربما الاقتتال الآهلي.
بات واضحا من خلال التجربة السابقة ماذا ينبغي ان ينتخب الفرد العراقي، الا ان ولاءاته الموزعة بين العشيرة والحزب، وانقياده لا شعوريا لرجل الدين والسياسة والقبيلة مهما كان وعيه ومستوى اداركه، اضافة للاساليب الملتوية التي تنتهجها الاحزاب المتنافسة في استقطاب الاصوات، وتزيف الوعي، كل ذلك جعل من الصعب تحقيق ما نصبو له في فوز برلمان مؤهل للمرحلة القادمة، ما لم يبادر المثقف من السيدات والسادة لتحمل مسؤولياتهم في توعية الناس وحثهم على انتخاب الأصلح، وعدم اليأس بسبب ما يحيط بالبلد من تحديات داخلية وخارجية خاصة الارهاب ووسائله القذرة في تقويض أمن الناس واستقرارهم. وينبغي ان لا تتوقف مسؤوليتنا على ترشيد الوعي بل تمتد لاستنهاض الهمم ودفع الناس باتجاه الانتخابات، والتخلص من اليأس والقنوط وحالة التراخي.
في هذا الظرف بالذات على المثقف ان يتخلى عن نرجسيته وفوقيته، والكف عن التنظيرات اللا عملية، وان يكون اكثر شعورا بالمسؤولية تجاه شعبه ووطنه، وان يشحذ اسلحته المعرفية لتقويم الوعي وترشيده بعد نقد الذات وتقويمها. وهذا ما نتوقعه من مثقفينا في الداخل والخارج، من العراق وخارج العراق، بل من العرب وكافة القوميات المتعايشة على ارضه.
ملف: المثقف والانتخابات .. الدور والمسؤوليات
من هذا المنطلق بادرت المثقف الى فتح ملف حول دور المثقف في الانتخابات، وماهي مسؤولياته تجاهها. وقد دعت نخبة من كتابها من السيدات والسادة، فكانت الاستجابة كبيرة، تناولت الانتخابات وضرورتها، والتحديات التي تواجها، كما تناولت المقالات ما يرتبط بالعملية السياسية ونجاحها واسباب تلكؤها من هشاشة الدستور، وضعف الأداء السياسي، والثغرات القانونية الكبيرة، والتحديات الموازية، سواء من قبل الاحزاب او القوى والدول الاقليمية.
لا يسعني الا ان اتقدم بجزيل الشكر لجيمع كتابنا وكاتباتنا ممن استجاب لدعوتنا وشارك في هذا الملف، متمنيا للجميع دوام الصحة والعافية، كي نواصل معا مشروعنا الثقافي – الحضاري.
وسيبقى الملف مفتوحا يستقبل مقالاتكم لمن يرغب في المشاركة فيه، مع خالص التقدير والاحترام
ماجد الغرباوي
رئيس التحرير
30-3-2014
..........................
عودة الى:
ملف: المثقف والانتخابات .. الدور والمسؤوليات
للاطلاع على:
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها.