صحيفة المثقف

خاتون ..فتاة الجن

لم أتسلم رسالة منذ أمد بعيد، رسالة مكتوبة بخط رشيق،ومن طالبة - كانت -طالبتي يوما، كانت مراهقة، وكنت قد تجاوزت الثلاثين، اليوم هي قد تجاوزت الثلاثين .

نص الرسالة

أستاذي الكريم

 عجلات الزمن تديرها شياطين الصواعق، وتقودها آلهة غريبة نحو مجهول، ليست طفلة من تخاطبك الآن، وليست مراهقة، أنا أعي ما أقول، فلا تستغرب ما تسمع .

أنا أحبك، ولا تظن أن حبي هذا،حب أبوي أو أخوي، لا، بل حب أنثى لذكر، وعشق إمرأة لرجل، وما لا يهمني أنك متزوج، وتحب زوجك، ولا يهمني تقليد أو عرف، كذلك لا تهمني فسلجة أو بياض شعرك، أو تغضنات وجهك، الذي يهمني أنت، أخبرتني والدتي التي هي في سنك،أنك تصغر والدي الذي لم أره إذ عاجلته المنية وأنا في رحم أمي، قالت أمي: أنني أحبك كوني فاقدة الأب، وهذا ليس صحيحا، وقالت: لأنك لم تتزوجي، ورفضت الكثير، فلا تعرفين ما الحب، وهذا ليس صحيحا أيضا، والمشكلة أن أمي ما زالت تراني طفلة، ولأنها وغيرها، لا يستطيع ولوج قلبي، ولا التنفس من مساماتي، ولا قراءة ضميري، فلن يستطيعوا إدراك ماأنا عليه من شوق ، و من لوعة وصبابة، بلا خجل أو وجل ، أنا لا أرقد ليلة حتى اتقمص وجودك في سريري، وتحت غطاء واحد، تعجب امي إذ أعانق مخدة صلبة، لا تدري أنا أعانقها لأتذكر صلابة كفك التي ............ التي، ألا تذكر أستاذي كفك التي تسللت يوما إلي ، إلى ..............، إلى ................ وجهي وصفعتني لأنني تلفظت بكلمة نابية، وأجد أن أمي الأرملة لوتسنى لها مثلك لما ترددت لحظة واحدة في الزواج منه، وتوسل الدفء في أحضانه، ستقول إنه الحلال، ربما، وأنا لم أطلب منك حراما بما هو متعارف عليه،أنا ايضا أطلب الحلال، غير أني لا أحب أن يقال عني، لصة، سارقة، أو تأكل من إناء غيرها .

لا تفجأ، أيها الغائب عن العين، المتربع على عرش القلب .

أنتظر ردك

طالبتك المحبة

رسالة ثانية

استاذي الحبيب

طبعا لم ترد علي، كنت أتوقع هذا، لكني متأكدة انك قد تصفني بصغيرة أو حمقاء، بدليل أن بيننا الآف الأميال ومع ذلك فأنت لا تغيب عني .

أنا اليوم أريد أن أخبرك سرا، ربما، ستسخر مني، وتعد ّني مجنونة .

أنا يا حبيب لست من عالم البشر، أنا - خاتون - من عالم الجن،تقمصت صورة طالبتك، وعندما تتأكد من هذه الحقيقة، سأفصح لك عن سر ثان، لتتأكد أكثر من صدقي وحقيقتي، يمكنك أن تقابلني جسدا إلى جسد، ووجه الى وجه، عليك المجيء غدا لحديقتك المفضلة - إنديرا براشتا -، هناك سألتقيك .

الحديقة الجميلة هذه عند أطراف – نيو دلهي - أرتادها كل اسبوع، أختلي فيها سويعات للتأمل .

 جلست على مقعد خشبي يمكنني منه مشاهدة الداخلين والخارجين من الباب رقم واحد على الرغم من انزوائه، وانتظرت، لا أحد سوى متسولة تتشح بالسواد تتقدم نحوي،مدت يدها

حسنة من فضلك لمسكينة جائعة .

أخرجت – روبية – واحدة من جيبي، ما أن وضعتها في يدها تسللت مويجات غريبة الى خلاياي .ثم كشفت عن وجهها

طالبتي هي طالبتي بشحمها، ولحمها، ودمها، وابتسامتها الخفيفة مرتسمة لم تفارق شفتيها الطريتين .

غطت وجهها بسرعة، تملكني فزع يفوق فزعي حين أمطر رصاص الأنجاس جسدي الطاهريوما .

عادت وكشفت النقاب ، هنا.......، هنا، لم أستطع التحمل، موقف لا يحسد عليه، اختلط عالما البشروالجن .

رحت أختض، رجلاي تصطفقان، قالت: لاتفزع، ألم أقل لك لستُ من عالمكم ؟ كيف تريدني أن أكون، سأكون، هل من جميلة في ذهنك حتى لو كانت – افروديت - سأكون ، باية حلـّة، ووقت ما تشتهي، وكل ماتشتهي ، فاقبلني زوجا لك

حانت اللحظة التي أفضح لك عن السر الثاني الذي وعدتك به

الرسالة الأولى لم تكن من طالبتك، بل مني و طالبتك تحبك وأنا أرقبها منذ أحبتك وكنت أحاول إبعادها عنك، لأني أريدك لي ... لي وحدي وكنت أرقبك أينما ذهبت وحيثما حللت، ولو كنت قد ذهبت يوما الى دور البغاء لتبعتك

، والى الخمارات لتبعتك .

 الحمد لله اني جلست منزويا والا ّ لرأى الناس ارتعادي .

قالت تماسك سأذكرّك بشيء، أخرجت مفتاحا .

هو المفتاح الذي فقدته يوما، كان لخزانة سرّية عندما كنت أعمل في مؤسسة للطاقة الذرية، ويومها كأن الطامة الكبرى بدأت، كدت أفقد حياتي على الرغم من انه معلق بسلسلة في رقبتي . وجدت السلسلة في رقبتي والمفتاح منزوع عنها ولم يستطع أحد حينها تفسير ذلك .

 الذي سرقه منك، هو خاتون، أنا، حسبت انهم سيوقعون بك، وحينها لا تجد ملاذا إلا عندي في عالم الجان، وأعيش معك الدهر

قالت: حقا هي تحبك، لكن حبي يفوق حبها، عندما كنت تدرسها كنت ثالثتكما، ولا علم لكما، يوم صفعتها لم أفرح، تمنيت لو صفعتني أنا، تمنيت لو كفك لامست خدي ولوبصفعة .

سألتها: ماالذي ذكرّك بي ؟

وهل نسيتك حتى أتذكرك، إنما حدث أمر جلل، بلغ عمري سبعمائة ألف سنة، وبقوانين الجان وأعرافهم، لا يمكن أن أبقى بلا ذكر، عرض علي مجلس كهنتنا جنيا يصغرني ، أخبرت رئيس الكهنة عنك .

هم يرحبون بك في عالمنا، من حقي وأنا من أميرات الجان الزواج بإنسي، شريطة أن تكون ذريتنا جانا .

الحق لا أفكر بالزواج مطلقا، كما أني لا أملك لا طاقة جسدية ولا مال .

اما الطاقة هذا شأننا فلدينا أغرب وأعجب مما تصنعون وتفكرون، و اما المال فلا تشغل نفسك به .

قبيل عصر ذلك اليوم الذي عصرتني بة تلك الجنية اللعينة وردتني رسالة الكترونية نصها:

أضيف إلى حسابك عشرة آلاف دولار

رصيدك الحالي عشرة آلاف وثلثمائة دولار.

في اليوم الثاني ذهبت إلى – إنديرا براشتا –، وقبيل ولوجي الباب رقم واحد وصلتني رسالة إلكترونية:

حسابك الحالي ثلاثمئة دولار فقط .

 تقدم مني البواب ، وبيده مغلف .

رسالة ثالثة:

 من عالم الجان من أم خاتون:

لا تتعب نفسك لن ترى خاتون بعد اليوم

رفضت الزواج من جني يصغرها قليلا عمره تجاوز الأربعة ألاف عام، وخضعت لحكم مجلس كهنتنا

لقد حولوها الى جدار.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1308 الجمعة 05/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم