صحيفة المثقف

الثورة البنفسجية خيبات سابقة ونجاحات لاحقة .. الانتخابات والذات الجمعية المذوَّتة

متباعدان في العمق! فاقتضت الاشارة! واذا حسمت هذه الاشكالية فانني سأضع نفسي امام مقلوب القاعدة الجدلية! كيف؟

 

مايسوغ لي قول ذلك هو ملاحظات دونتها عبر قراءاتي المكتبية ومعايناتي الميدانية! فكل شيء في بلادنا ممكن وكل شيء في بلادنا ممتنع! النقيض ونقيضه يتعايشان معا والفاتورة يدفعها الفقراء والكافة من الناس! والسبب كامن في ان الناس ونحن منهم الناس الذين عاشوا في حوض دجلة والفرات لم ينلوا قسطهم من تنمية الوعي الجمعي وتربيته! فكل شلّة حكمت العراقيين لعنت الشلة التي سبقتها الى الحكم! والخلف عادة يخرب انجازات السلف لاسباب عقدية او دينية او طائفية او عنصرية! بل سجل التاريخ قيام بعض الخلف بنبش قبوربعض السلف! واقول بعض لأحترز!! ونبش القبور ليس تعبيرا واقعيا وان كان كذلك ولكنه تعبير مجازي عن طبيعة الالغاء التي تطبَّعنا عليها!! واول ضحية لهذا الالغاء هو المضيء من تراث السلف قارن كارل يونغ (الشعوب مثل الأفراد تماما فهي تمرض من تلقاء نفسها او بالعدوى! ولابد من معالجة اي شعب مريض بطريقتين عاجلة علاجية وقابلة وقائية!! والعلاج بالوقاية اجدى من العلاج بالدواء..). إ . هــ جل حكام المنطقة الشرقأوسطية سفاكو دماء ومعتوهون ابتداء من جلجامش ملك اوروك الذي نتغنى بملحمته فقد كان يجلو في اوروك كل عروس قبل عريسها! مرورا بنبوخذ نصر وحمورابي .... الخ ولا يغرنك ان جلجامش بحث عن الخلود! وعرف فيما بعد ان الأهتمام باوروك وشعبها هو الخلود وليس خلود الفردانية والسلطة! ونبوخذنصر الذي يحمل لقب نبي (نبو) احرق بابل مرتين ليقضي على خصومه واحد خصومه اخوه شمش موكين! وسبى انبياء اسرائيل واوجعهم بحماقاته دون مسوغ! وحمورابي سن اول شريعة لقتل الإنسان وامتهان المرأة والعبد بحيث أي غفلة نحو السيد تقود المرأة او العبد للجلوس على خازوق ومع ذلك يفخر الذين لم يقرأوا هذه الشريعة بأنها اول قانون ويغفلون انها قانون نعم ولكنها اول قانون يكرس العبودية بأحقر اشكالها! والنعمان بن المنذر(من جنوب الجزيرة) كان مريضا بسفك الدماء ومعاشرة النساء وهو ليس اكثر من موظف أجير عند بلاط كسرى لحماية حدوده! شيخ مشيخة المناذرة قتل سامريه وندماءه ولاحق الشعراء والخطباء وشكك بزوجته وشقيقاته وقبلها وبعدها نكل بالناس وسود نهاراتهم! وكذلك الحال مع اولاد ماريا (وهم من جنوب الجزيرة ايضا) فهم حكام مشيخة الغساسنة في بصرى الشام وعملاء للروم!.

 

وفي العصر الأسلامي انتصر الفكر المرتد على الفكر الاصولي! وفق نظرية محاربة الاسلام بسيف الاسلام وهمِّش المسلمون الحقيقيون! بل همشوا وتمت تصفية العلماء منهم والمفكرين او جلدهم نظير ما حصل للأئمة الكبار جعفر بن محمد واحمد بن حنبل وابو حنيفة والشافعي والمالكي رضوان الله عنهم! وحتى هذه الساعة لايسلم الشريف الرفيع من اذى الوبيء الوضيع حتى لو دخل الاول بيته واغلقه خلفه!! فمتى وجد الشعب العراقي فرصته ليتذوق الديموقراطية ويتفقه في فصولها ويمارسها ويتمرس؟

 

الحديث طويل وطويل جدا! نحن مع فكرة الأنتخابات قلبا وقالبا لأنها التعبير الوحيد عن الديموقراطية! ولكن يارجال الدين ويامسؤولي الكيانات وممثلي الاثنيات اعطونا سانحة ديموقراطية وطنية صحية لمحاسبتكم بمحبة كمواطنين عراقيين فلستم مصونين غير مسؤولين! اعطونا سانحة لتبيان الخروقات بصدق تلك التي ارتكبتموها ربما دون قصد سيء! ويا كُلَّ المعنيين بملف الأنتخابات!نحن نقدر عاليا جهودكم واجتهادكم!! ولكن ما الذي اعددتموه لصناديق الأقتراع في الجانب التوعوي! وانتم غير قادرين على حماية وعودكم من فايروسات النكث! ويا حكامنا لستم مصغين لسوى صوت البندقية! ونحن نعذركم فمن ابتلاه الله بشقيق يقتل على الهوية من حقه ان يصغي جيدا بل ويشم البارود قبل الضغط على الزناد! ولكن ما يمنعكم عن ان تصغوا للقلم والفكر والنقد المسؤول؟!! وكيف والحال هذه نضمن ان الوعي الجمعي استعاد عافيته الوطنية! نحن نكتب ونحاسب وفاق احساسنا بالمسؤولية ولن تحكمنا كما نزعم رهبة منكم ولا رغبة فيكم! نسأل مالذي عملتموه لتقنعوا العراقيين ان المناصب تخضع للمروء ة ولاتخضع للمحاصصة والمحازبة والمحافظة؟!! ما الذي اعددتموه وكثير من العراقيين جوعى مرضى والبطالة المقنعة والعلنية تقابلها بطالة البطانة المدللة! اين متى كيف لماذا ؟! وهل قررتم ان تصوغوا المجتمع العراقي المتحضر وفق القوالب الحضارية المدنية التي تشعر العراقيين انهم جزء من العالم المتحضر وليسوا جزءا من العالم المتخلف المتدهور؟!!! برامج التثقيف والتوعية من يقودها ولمن!!! الصحف والفضائيات والوبسايتات من يدعمها ومن يلهمها ومن يروضها ديموقراطيا؟ وهل الإعلام عودة الى عهد الطبالين والزمارين الذين ينقلون توجيهات السلطان او الخليفة او الوالي!! الإعلام وهو المدخل لعلوم كثيرة لانه قائم على تحليل النص هل الاعلام كما يقال وكالة دون بواب ولا باب بحيث يكفي الشكل الحسن او المتحدث اللسن او القريب الفطن لكي يجرب البعض الحجامة برؤوس الفقراء وعوائل شهداء المقابر الجماعية! الأنتخابات مهمة ومقدسة لانها تتصل بمصيرنا نحن العراقيين ولكن ماذا كسبنا منها وماذا خسرنا؟ الثورة البنفسجية التي رقص لها كل العراقيين هل كانت سوى المحاصصة والمخاصصة والملاصصة ..؟؟ إن بقائمة موحدة، أو بقائمة مشتركة مع قوى سياسية عربية او اسلامية؟ على سبيل المثال؟ أي ماهي تأثيرات ذلك على حياة عراقيي الداخل وعراقيي الخارج؟ يقولون ان الشيعة يحكمون الوسط والجنوب والسنة يحكمون غرب العراق والكورد يحكمون الشمال! ولكن هل كان هؤلاء الحاكمون حريصين على توزيع الثروة والمناصب على الحزبي والمستقل معا؟ هل أزالوا الجسور بينهم وبين من يمثلونهم! لكي تلغى الفجوة وتلتصق ضفتا الحاكم والمحكوم؟! المبدأ من حق أي شعب ان ينسق مع أي شعب! وفي حدود الأنتخابات من حق اية كتلة مصاهرة اية كتلة وفق مصالح الكتلتين!! وعلى العرب في العراق الإنتباه الى اوجاع الشعب الكوردي وطموحاته! ويمكن من خلال المرحلة الحالية عقد بروتوكالات بين الكورد والعرب والشعوب الأخرى من اجل ايصال العراق الى شاطيء الأمان ويكون في وضع يؤهله لإصدار القوانين المصيرية! ليقل القائل انها احلام ويوتوبيا الجمهورية الفاضلة فقد بات القول في زمن العولمة مؤشرا مهما وسيان اتفقنا مع قول القائل ام اختلفنا! نحن تعبنا من الوعود والعهود التي يطلقها الحاكم قبل ان يجلس على كرسيه! وعذر المسؤول انه لايمتلك الوقت كي يرد على الهاتف او المقال او الايميل لانه مشغول بمصالح المواطنين وتقول له ان كنتم مشغولين بمصالح العراقيين فمن نحن؟ ومن هؤلاء المتوجعون والمنسيون والمهمشون ووارثو شهداء المقابر الجمعية! وكما ننقد الحاكم فالمحكوم يتحمل قسطا من النقد وبخاصة المثقفين! فالواحد منا يبكي على العراق والكفاءات والتهميش! يشكو من تبدد الثروات وفرض العمل واستشراء الرعب الارهابي! ولكن ما إن توجه له الدعوة الى العراق ويلتقي مسؤولا يسال عنه ويلتقط معه صورة تذكارية حتى يعود ليربك قناعاتنا فهو مثلا يكتب لنا من بغداد وقد خرج من الشيراتون بعد منتصف الليل فوجد شارع ابو نواس كما هو سمك مزكوف ورائحة العرق والجاجيك وصوت ام كلثوم والأمان موفور في كل ثانية! وتفاجأ ان بعضنا يكتب عن الحاكم بمحبة عجيبة غريبة فهو صمام الامان للعراق وان البدائل غير موجودة وان وان! فمتى يصدِّق الحاكم حكم المثقف وهو اذا ذم دمر واذا امتدح كذب! ان مشكلة المواطن العراقي ليست مشكلة فردية بحيث اذا تحسنت صلة المواطن سين صمت وكأن مشاكل المواطنين كلها قد حلت من خلال (بوسة) يرسلها بواس الى جبين فخامة الطالباني او فخامة المالكي او معالي البولاني فالبعض منا بدأ بكتابة مدائح استباقية متجاوزا عقودا من ثقافته ورصانته! ونحن لانعترض اذا تحدث المثقف عن رضاه بواحد من رموز الحكم ولكننا نعترض اذا عمم الرضا فكأنه ينطق عن شعب كامل! من حق كل منا ان يحب او يكره ولكن ليس من حقه الزعم بانه يمثل الكافة! وعودة الى الثورة البنفسجية واستطيع القول ان الثورة البنفسجية في دورتين خيبتنا وجعلتنا نشعر باننا مضحوك علينا وذلك لايمنع توقع الفرح والخير في الدورة الثالثة الجديدة بعد ان اتضحت الرؤيا وتفتت جثة المحاصصة ونتن ريحها وشتمها حتى من جاء بـ (كردت) منها!!وباتت القوائم مكشوفة الاسماء وباتت خبرة الجماهير رصيدا ننظر منه الخير! وحقا سنكرر قول ابسن ان صندوق الاقتراع لايكذب!

 

[email protected]

عبد الاله الصائغ

مشيغن المحروسة الثاني من مارس آذار 2010

 

 

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تذكر قبل ان تنتخب .. دور الشعب في تقرير مستقبل العراق 03 - 05/03/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم