صحيفة المثقف

والله وترفعون الراس

كان الإرهاب في ذروة قوته، عشرات السيارات المفخخة تنفجر كل يوم في المدن العراقية حاصدة المزيد من الارواح، وقد اصدرالارهابيون بيانات شديدة هددوا  فيها بقتل كل من يذهب الى صناديق الاقتراع  .

وعلى ذلك، رد الدكتور اللبناني ساخراً: اذا بلغت النسبة 15% تكون معجزة، فمن سيكون مستعدا للموت هكذا من اجل ان ينتخب،؟ نحن في لبنان اذا هطل المطر تنخفض النسبة فما بالك بمواجهة القتل؟

فرددت عليه باختصار : أنتم لاتعرفون العراق، وسترى بنفسك بعد أيام .

وما ان حدثت الانتخابات ورأى العالم جموع الناخبين وهي تصطحب اطفالها في تحد غريب للموت، فتخطت نسبة المشاركين حاجز 60%، حتى اتصل الدكتور قبيسي قائلا: أنا آسف، نحن حقاً لانعرف العراق .

يومها شّن طلال سلمان صاحب جريدة (السفير) اللبنانية، ومدير تحريرها ساطع نور الدين، هجومين عنيفين على الانتخابات العراقية، فاعتبر الاول: ان المنتصر الوحيد كان الامريكي، فيما تصدر عنوان مقالة الثاني كلمة (يا عيب الشوم) حيث اعتبر ان العراقيين قد خذلوا امتهم بالذهاب الى الانتخابات .

صبيحة اليوم الثامن من آذار 2010، خرج الاثنان وفي الصحيفة اللبنانية ذاتها (السفير) بمقالين مثيرين كانت نسبة التبدل فيهما كاملة دون غبش، فقد كتب الاستاذ سلمان افتتاحية اشاد بالانتخابات العراقية وطالب فيها من السياسيين اللبنانيين ان يتعلموا مما حصل في العراق، فيما اعتبر ساطع نور الدين ان العراقيين سجلوا مأثرة اثبتوا فيها انهم متميزون عن غيرهم من بلدان المنطقة.

كان الإرهاب ذاته قد وجه تهديدات شديدة بالقتل الى الذاهبين الى صناديق الاقتراع، لكن الارهاب وداعميه، لايريدون التعلم، فتناسوا انهم لم يستطيعوا اخافة العراقيين وهم اقوياء، فكيف وقد فقدوا اسنانهم واظافرهم ولم يبق منهم سوى شراذم مبعثرة هنا وهناك؟

كانت الصواريخ التي اطلقوها والعبوات التي فجروها في ساعات الصباح الأولى من اليوم الموعود، بمثابة استفزاز لجميع للعراقيين، فخرج حتى من كان مستنكفاً قبلها، ليصطحب اطفاله في مشهد متحد نقلته شاشات التلفزة في العالم كله واثار دهشة واعجاب شعوب الأرض .

ومع كل ذلك، لم يجد احد الطامحين بقيادة العراق، غضاضة في التشكيك بماجرى، واثارة الزوابع والغبار بوجه المنجز الذي حققه العراقيون، فكانت التناقض في تصريحاته واضحاً، تارة يحتفل انصاره بالفوز، وتارة ينعي نزاهة الانتخابات .

الى كم درس آخر يحتاج سياسيو المرحلة العراقية، ليتعلموا من شعبهم؟ ولماذا يتقافزون الى هذا النظام أو ذاك من اجل طلب العون؟ ولمذا يتجاهلون  تلك المناظر المفرحة لجموع شعبهم وهي تتحدى الارهاب؟ قليل من الاتزان وقليل من الشكيمة العراقية، سوف تكون نافعة، بل هي النافعة الوحيدة، فلماذا اعترف غيركم بما فعل شعبكم، فيما انتم تنكرون ؟ 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1340 الاربعاء 10/03/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم