صحيفة المثقف

رسالة مفتوحة الى المالكي: افعلها وعد قوياً

لم يترك الخصوم طريقة لم يستخدموها، ولاسبيلاً لم يسلكوه في سبيل اسقاطه، وسائل اعلام هائلة العدد والقدرات المالية مع الانتشار الواسع والقبول الاكثر اتساعاً، خطابات سياسية وحملات منظمة، حصار داخلي وخارجي خانق، عمليات ارهابية خطط لها ونفذت بدقة متناهية،  حشد مضاد وتخريب متعمد، لكن رغم ذلك صمد الرجل بل وخرج بكتلة نيابية كبيرة لايمكن تجاهلها في  المعادلة السياسية، كذلك نال العدد الأكبر من الاصوات خاصة في العاصمة بغداد، واذا حسبنا انه يسيطر بواسطة مجالس المحافظات على عشر محافظات من ضمنها العاصمة بغداد – التي تعادل عدديا اربع  أو خمس محافظات – يكون في الواقع (يمون) على 70 % من العراق، وبالتالي فهو يملك بتلك المعطيات،قدرة  الضغط على اية حكومة قادمة لا تشكل برئاسته .

تلك هي مفردات المشهد العراقي على الخارطة السياسية، لكن اداء المالكي بعد الانتخابات، بدا متوتراً وعرضة لمساومات ابتزازية  يكاد معها ان يفقد كل مصادر قوته ومابناه طوال سنوات حكمه العاصفة .

ماالذي يفعله المالكي اذا وصل الى كرسي رئاسة الوزراء مرة أخرى؟

السلاسل التي سيقيد بها ستمنعه من الحراك، والاشتراطات ستضعه تحت رحمة (المتحالفين) معه، وبالتالي ستكون حكومته مشلولة و(زعامته) تفقد زخمها بعد ان يدفع للفشل بظل وجود قوى متوثبة وجاهزة لتكون البديل  .

نقطة ضعف المالكي الذي جعلته (دريئة) تسدد عليها الرمايات من كل نوع وصوب، هي سعيه نحو ولاية ثانية – بشخصه ام بكتلته – لكن ماذا لو غير المالكي قواعد اللعبة وقلب الطاولة على الخصوم؟

لنضع المعطيات في ميزان الحساب – ونرسم السيناريو التالي:

1: يتفق المالكي مع لائحته على عقد مؤتمر صحفي يشرح فيه كل الحقائق والضغوط التي يتعرض لها .

2: يعلن بصراحة ان  مشروعه يستند على بلورة الهوية الوطنية العراقية وانتزاع القرار العراقي من المصادرة بواسطة دول الجوار والقوى الخارجية .

3: يشرح فيها عناوين المعطيات السياسية والتاريخية والاقتصادية والثقافية التي تحتم قيام الهوية الوطنية بعيدا عن الاصطفافات الطائفية التي باتت هي المعبر لكل من يريد شراً بالعراق .

4: يكشف فيها سعي القوى والمشاريع التي تسعى لعرقلة قيام العراق ويضرب امثلة حية على ذلك .

5: يخاطب الشعب العراقي مستنهضا روحه الوطنية ومشاعره المشتركة، ومن ثم يعلن انه سيكون في المعارضة وليتفضل الاخرون بتشكيل الحكومة.

 

ما المتوقع من خطاب كهذا؟

الاحراج الأول سيعيشه الائتلاف الوطني العراقي الذي سيجد صعوبة جمة في تحالفه مع العراقية وتسليمه بتشكيلها الحكومة ان كانت برئاسة علاوي او مرشح آخر، اذ سيعني ذلك تغيير خطير في المعادلة حسبما ارادت الانظمة العربية التي لم تخف نيتها في احداث ذلك التحول،  كذلك ستحدث حركة غاضبة بين جمهور الناخبين في الائتلاف الوطني .

أما التحالف الكردستاني، فسيوضع هو الاخر في موقف لايحسد عليه، ذلك لأن تحالفه مع العراقية سيحدث ارباكا حقيقياً في كل الخطاب السياسي للقوى الكردية منذ مرحلة السقوط 2003 حتى اليوم .

تلك هي باختصار المشاهد المتوقعة لما سيحدث بعد اعلان المالكي، وهو في كل حال سيكون اكثر قوة مع تجهزه للعودة الى رئاسة الحكومة حيث تشير القراءات الموضوعية الى فشل اية حكومة قادمة تشكلها (العراقية) وهو الأمر الذي تصرّ عليه وبالتالي تقطع الطريق امام الائتلاف في احتمالرئاسة  بوجود كتلة المالكي ضمن سياقات تشكيل الحكومة كما يجري الان .

لذا فإنه نداء مسند بكل مايمكن استخلاصه من الوقائع الحالية للعملية السياسية : افعلها ايها المالكي وستعود قويا وتتخلص بضربة واحدة من كل ما تتعرض له من ضغوطات وابتزاز لايقبله مثلك، ولن تكون الخاسر قطعا. 

 

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم