صحيفة المثقف

الهاشمي رئيساً للجمهورية – لمَ لا؟

فرئيس الجمهورية هو رمز السيادة وحارس الدستور، ومع اعتبار ان الرئيس يمثل كذلك أحد مكونات العراق الرئيسة، يأخذ ذلك المنصب أهميته ومحوريته من الواقع ذاته وليس من الدستور بالضرورة كما هو موقع الرئيس في الهند مثلاً .

على هذا، فالسيد جلال الطالباني وعلى رغم اخلاقياته العالية وشخصيته المحببة ودماثته، الا انه لم ينجح كثيراً في أداء يجعل من الرئاسة رمزاً حيوياً، إذ بقي موزعاً بين متطلبات عراقيته التي يحتمّها موقعه الرئاسي، وطموحات قوميته في نزوعها نحو تأكيد خصوصيتها، وقد ظهر ذلك جلياً إبّان التوتر حول كركوك بين حكومتي المركز والإقليم وغيرها من القضايا المشابهة، أما القول بأن مصلحة الإقليم تتطلب وجود المام جلال في بغداد كي لايؤثر على حركة السيد مسعود البارزاني في الرئاسة هناك،فذلك قول لايبرر أن يبقى منصب الرئاسة العراقية للسيد الطالباني، لأن من شأن ذلك أن يجعل الموقع حقاً مكتسباً للكرد وهو مالم ينصّ عليه الدستور، كما في حال رئاسة الوزارة التي تكلف الكتلة النيابية الأكبر بتشكيلها حسب نصّ دستوري.

العراق اليوم في أزمة التكليف بين أحقية ( العراقية ) بإعتبارها الكتلة الفائزة، وتحالف الائتلافين باعتبارهما الكتلة الأكبر بعد انجاز اندماجهما، لكن ولما كانت المؤشرات تؤكد بما يشبه اليقين أن ( العراقية ) لن تتمكن من الحصول على منصب رئاسة الوزراء لعدم قدرتها على جمع العدد المطلوب (163) نائباً، لذا فالحسابات المنطقية تتطلب القبول بمنصب سيادي آخر ( رئاستي الجمهورية اوالبرلمان )، وبنظرة متفحصة ومتأنية، يمكن القول ان رئاسة البرلمان وعلى رغم أهميته كسلطة تشريعية تراقب عمل الحكومة وقد تستطيع اسقاطها بحجب الثقة عنها، الا ان رئيس البرلمان في التطبيق العملي، سيبقى مرتهناً للتحالفات والكتل داخل البرلمان وتالياً لن يستطيع تقديم الكثير لمن يمثل، في وقت يكون رئيس الجمهورية فيه أكثر قدرة على الحركة في المجالين الداخلي والخارجي على حدّ سواء، ولو كان طارق الهاشمي مثلاً، هو من يشغل موقع رئيس الجمهورية، فالاحتمال الأول الذي يمكن استنتاجه، ان وجوده - الهاشمي - سيمكنه من إقامة خطوط متينة مع المحيط العربي لما يتمتع به من علاقات مميزة ومقبولية من تلك الدول خاصة الاربع المحيطة : - سوريا – السعودية – الاردن – الكويت – إضافة الى مصر ودول الخليج ، ومع دينامية الهاشمي والكاريزما الشخصية التي يتمتع بها، فإن اشكالات كثيرة سيساهم في حلّها مع تلك الدول،قد يكون من أهم نواتجها وقف دعمها للعنف في العراق، وعليه يمكن توزيع الأدوار بين رئيس وزراء يتفرغ لتمكين الداخل، ورئيس جمهورية يتكفل في الخارج مع شراكة فعلية في الداخل، ولأن الهاشمي يمثل كتلة كبيرة وقوية، ومع الحيثيات المذكورة اعلاه، لذا سيجعل من منصب رئيس الجمهورية موقعاً فعالاً ومؤثراً كشريك في الحكم وليس مجرد منصب بروتوكولي كما يتوهم البعض .

وعلى ذلك فالمفاضلة بين جلال طالباني وطارق الهاشمي في موقعي رئاسة الجمهورية، ستميل من دون لبس لصالح الهاشمي، ذلك ما تتطلبه مصلحة العراق وهو مايدركه السياسيون ولاشك، وتؤكده الحسابات الموضوعية، اما إذا تغلبّت الأهواء والمصالح الشخصية، فذلك له شان آخر .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1411 السبت 22/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم