صحيفة المثقف

العراق الجديد... قلق التاريخ وعقدة القوة من قساوسة المالكي الى جدائل اليزابيث كتاب جديد للباحث د. علي السعدي

من يكتب عن الحدث بعد ان يعاصره ويكون مراقبا له وهناك من يكتب وهو كان قد شارك في صنعه أو مفاعيله وهذا النوع من الكتابات تغلب عليها طابع المذكرات، والتي تستدعي الكثير من الجدل والردود والتعليقات في معظم الاحيان وخاصة مايتعلق بتحليل بعض الأحداث وتقديم الاستنتاجات، او الحديث عن نوايا الاخرين وتصرفاتهم، فتغيب في احيان كثيرة الحقائق او تحرف ويلحقها التشويه من خلال الاخذ والردود.

صدرت الكثير من الكتب غطت الفترة مابين 2003/2009 وكانت في معظمها تسجيلا تقريريا للوقائع والاحداث والاقوال، ورغم تقريرية تلك الكتب الا انها افتقدت للحيادية وتبني وجهات نظر معينة مع او ضد ولم تحتفظ بمسافة واحدة اتجاه الاحداث او الشخصيات وكانت الكثير من تلك الاحداث والشخصيات محط اهتمام مبالغ فيه او تسفيه يحط من قيمتها.

فاللغة التي كتبت بها هي لغة الصحف اليومية التي تعتمد على اللحظة الراهنة ولا تتجاوزها الى اللحظة القادمة لان التجاوز يفترض التحليل الموضوعي والاستنتاج البعيد عن القناعات المسبقة التي تصادر  الاسباب والنتائج وتنزع احيانا الى مصادرة الحدث نفسه وكأنه لم يقع او انه في احسن الاحوال قد وقع ولا يستاهل كل هذا الاهتمام.

وتنوعت تلك الكتابات حسب توجهات كاتبيها بعد سيادة التقسيمات الاثنية والطائفية وقد اشتركت جميع طبقات المثقفين في هذه الكتابات من محامين واطباء وادباء وشعراء واكاديميين واعلاميين وكل ينطلق من تلك القناعات التي اصبحت معتقدات بالنسبة اليه ويحاول الان تمريرها الى القارئ.

يساهم الباحث العراقي الدكتور علي السعدي والمختص بالاجتماع السياسي بجهد مغاير عبر عدة كتب تجمع بين لغة الصحافة والتدوين التاريخي اضافة الى التحليل والاستنتاج سواءا عبر مقالاته في الصحف العراقية والعربية او عبر كتبه التي اصدرها مؤخرا، لدى الباحث مشروع يعمل عليه يتلخص ببساطة بالكتابة عما جرى من خلال اللقاء بالشخصيات الفاعلة في صنع الاحداث وهم احياء وليس الكتابة عن تلك المرحلة والشخصيات بعد انقضاء اجلهم ولا يستطيعون حينها الدفاع عن انفسهم او ان يكون لهم حق الرد عما يكتب عنهم.

قد تأخذ تلك الكتابات صفة اللقاءات الصحفية الا انها تختلف عنها في عمقها وغوصها بعيدا في التاريخ والجغرافية والسياسة والاقتصاد والثقافة وتقدم الكثير من المعلومات في تلك المجالات مما يعتبر تقاطعا حادا مع الكتابات الصحفية المعتادة.

وهي لا تعتمد على المنهج التاريخي المتعارف عليه بالتدوين (حدث - ولد - مات)، بل تطرح أسئلة من نوع آخر (لماذا حدث ما حدث وكيف حدث وما الذي سيحدث).

في تلك الكتابات نقرأ الكثير عن الماضي لكنه ليس الماضي الذي يصادر الحاضر او يتوقف عنده بل هو الماضي الذي يكشف الحاضر عبر تقديمه لا كثر من رؤية للأحداث والشخصيات.

في كتابه الجديد والمعنون (العراق الجديد.. قلق التاريخ وعقدة القوة/ من قساوسة المالكي الى جدائل اليزابيث)، ينطلق الباحث من مقولة بسيطة الصياغة معقدة الدلالة في معانيها هي (قدر العراق ان يكون قويا)، هذا القدر لازم العراقيين تاريخيا وجغرافيا وإنسانيا في جميع مراحل وجوده الممتدة عميقا عبر خمسة آلاف عام، ويحاول الباحث أن يتتبع المسارات التاريخية لقوة العراق القدرية تلك وضعفه أيضا وما يحدث في الحالتين عبر اللجوء الى الاستذكار التاريخي واستنطاق الأحداث والشواهد التي مر بها العراق منذ كان.

فالعراق هو البلد الوحيد في العالم الذي اقام اربع إمبراطوريات في تاريخه (الاكدية– الآشورية– البابلية– العباسية) وفي إحدى فتراته كان ما مجموعه 17 أميرا فارسيا يدفعون الجزية الى الحاكم الأكدي، ووصلت فتوحات العراقيين الى ممفيس المصرية... الى آخر الحوادث التي جعلت من العراق قوة مخيفة حتى بالنسبة لجيرانه الأقوياء.

حيث يصرح احد رؤساء تركيا (توركوت ازوال) قائلا: كيف يمكن لتركيا أن ترتاح ولها جار بهذه القوة.. او قول احدهم العراق (نمر يجب ان يحبس في قفص).

ويقسم الباحث كتابه الى ثمانية فصول حملت العناوين التالية:

 

2344-aliالفصل الأول: العراق ومحيطه قلق العلاقة وافق الاستقرار

 ويتناول فيه الخلفيات التاريخية لمواقف دول الجوار من العراق وصراع النفوذ في المنطقة معه ومحاولة النيل من حجم العراق وقوته ليبقى ضعيفا أمامها وهي التي لا تمتلك من مصادر القوة التي يمتلكها العراق لكي تكون منافسا له في نفوذه لو أراد النهوض بتجربته الوليدة.

 

الفصل الثاني: سلاح الكراهية

وهو استئناف للحديث عن كراهية العراق الجديد بوجهه الشيعي وكيف تحالف المال السعودي مع الفكر السلفي والتدريب السوري  لزعزعة الاوضاع المني وايصال العراق الى حرب اهلية مدمرة.

 

الفصل الثالث: العراق وعقدة القوة

يتحدث الباحث في هذا الفصل عن الحضور المصري في قصة إضعاف العراق من خلال الدعم المعروف الذي قدمه الرئيس المصري جمال عبد الناصر لإفشال تجربة عبد الكريم قاسم بعد العام 1958 والتخوف المصري بعد العام 2003 من ان يأخذ العراق مكانته كمنافس لمصر في المنطقة العربية..

 

الفصل الرابع: قساوسة المالكي ورؤوس هيدرا وجدائل اليزابث

في هذا الفصل قراءة لتجرية الحكومة الثالثة برئاسة نوري المالكي والتحديات التي واجهته وكيفية تعامله معها.

 

الفصل الخامس: المدن الحاضنة والمدن الحاضرة

في هذا الفصل يتحدث الباحث عن العراق بتقسيماته الاثنية والطائفية والمصالح المتقاطعة لهذه الفئات الاجتماعية والسياسية (الأكراد وحلم الانفصال– السنة والأحلام الضائعة– الشيعة والضغط الإيراني).

 

الفصل السادس: انهار القلق

ويتطرق فيه الى المسالة الطائفية في العراق مع المقارنة مع التجربة اللبنانية وخصوصا تجربة حزب الله.

 

الفصل السابع: الثنائيات المبدعة عبر التاريخ عظمة القيادة وعظمة الأدب

في هذا الفصل محاولة لتأسيس علاقة جديدة بين المثقف والسلطة في العراق بعد عهود من التبعية والتملق والنفاق وعدم الفاعلية الثقافية للنخب  العراقية..

 

الفصل الثامن: الإعلام العراقي واقع التحول والاستلاب

علاقة الإعلام بالسياسة والمجتمع بعد العام 2003 وطغيان المد الكبير من الصحف، والفضائيات على الساحة الإعلامية العراقية، وهو طغيان الكثرة العددية على حساب النوعية إلا من بعض التجارب القليلة.

 

الكتاب: العراق الجديد قلق التاريخ وعقدة القوة من قساوسة المالكي الى جدائل اليزابيث

الكاتب: علي السعدي

الناشر: العارف للمطبوعات

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1428 الثلاثاء 15/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم