صحيفة المثقف

باكراً كعادتي أغادر أسمال فراشي / عبد الرضا حمد جاسم

زقزقات قريبه وأخرى بعيده مع سعلات هنا وهناك من سطوح وغرف وطرقات ضيقه وأصوات مختلفة لكعوب مسرعه وشطحات لنعالات مختلفة النغمات باختلاف المواد التي صنعت منها ..بقايا إطارات سيارات أو بقايا جلود...صمت أغصان لم تقوى النسمات الفقيرة على تحريكها لتخرج من بين أوراقها الخضراء واليابسة بعض حفيف

عصافير لاهثة تبحث عن بقايا ما تركه متسكعي الليلة الماضية من بقايا أكل أو بصاق أو تفريغ بطون غالبها نعاس الكحول فأفرغت ما علق فيها من بقايا المقبلات والمطيبات.

لحظات تعيشها لوحدك في محيطك لأن السواد الأعم لايزال يغط في سبات تعلم عليه منذ نعومة أظفاره...يشق الصمت صوت هادر بعيد ينادي على المتسكعين أن إنهضوا فهناك ما هو أحسن من النوم أنها لحظة لقاء الرب..ورغم التكرار والترهيب والترغيب لاينهض إلا من نام باكراً ليوفر وجبة طعام لليوم التالي وهم قله لأن الغالبية ملئوا بطونهم خمراً.

يغيب الصوت حزيناً محرجاً لعدم الأستجابه فالنيام تعلموا إن الرب في كل مكان حتى حسبوه معهم في فراشهم فلا داعي لحرق الطعام رغم قلته لاحتمال عدم التعويض

يقترب سعال حاد..شهقات..دندنات..متوجهة نحو صرير أقفال لأبواب بعيده وقريبه

العم جابر سعاله متميز لأنه مصحوب بشخير وهو في طريقه إلى السوق كما في كل صباح ليأخذ مكانه يرتل بصوت شجي بعضٌ مما حفظ من آيات قرانيه لايبسمل عند ابتدائها ولا يصدق في ختامها...ينوح منذ جلوسه الأول حتى نهوضه الأول ليجد إن هناك بعض القطع المعدنية من العملة الوطنية لاتسد له رمق ولا تعوض مافقد من طاقه

ومع انسياب خيوط الشمس وتراكمها وكأ أللأيام السابقة من الأيام الدراسية.وصبيه يغيرون وقع الحياة بحركات وقهقهات وصيحات وسعلات وشطحات.

بغتة هاج كل شئ الأغصان ..الصبية..الطيور..أشعة الشمس لأنها شعرت عن بعد أن شئً في الأفق يقترب...أصوات تصوروها لكائنات مرعبه تخيلوها ديناصورات جائعة تتحرك بثقلها على أسفلت الشوارع

ديناصورات حديديه ماشيه وطائره بأحجام مختلفة تهدر بأصوات ورشقات ودوريات ودويات يتقافز منه أشبه رجال أثقلهم مايحملون من معدات الخوف من أسلحه وخوذات حديديه ودروع وعتاد لتساعدهم على الهروب من الحقيقة أما بالموت أو القتل أو الاستنجاد.

العم جابر لايعرف ما يجري..الأصوات غريبه و ألألحان غريبة خدشت سمعه فما عاد يعرف ما يرتل وبالذات عندما وصل إلى:

(إن ألله إذا أراد أن يهلك قرية أمر مترفيها أن أفسدوا.....) والعم جابر لم يميز طيلة حياته بين المترف وغيره ولم يشاهد مايميز بينهما..أيهما المترف..من يغرد ويزقزق ويشيع الفرح أو من يعربد ويدوي ويشيع الرعب

الأصوات تقترب..يشتد نعيقها وحركة ألطيور يشعر بها من حوله أنها الطيور التي كانت تشاركه الجاسه عندما يبسط الصفر طاس لتنقر ما يتساقط من بين أصابعه من حبات الرز وفتات الخبز لكنها اليوم يجدها هائجة تنقره في يديه وعقاله وتطن في إذنه وهولا يعرف ماتريد وماذا هذا الهيجان

وما هي إلى لحظه شعر نشئ حار وحاد يخترق عنقه ولم تقوى بعدها يديه إن تحدد مكان الأصابه أقترب المشهد من نهايته عرف ماأصاب الطيور من حوله..لقد كانت تحذره وعندما لم يستجيب تجمعت حوله لحمله ونقله إلى مكان آخر لأنها شعرت إن الخطر قادم لاكنها لم تتمكن حتى شخر شخرته الأخيرة وناحت الطيور وهي تشاهد بركة الدم طينت رث ملابسه وغيرت لون حبات الرز التي حاول أن يفتح يديه لتنقرها الطيور

دارت الطيور دورتها الأخيرة حوله لكن الديناصورات الحديدية وما تنفثه أفسده الأجواء وأصاب الطيور بالغثيان فركع بعضها أرضا وسكن الأخر على مابقيت من أغصان و ولى هارباً البعض لعله يخبر البعيد أن مصيبةً حلت وان زاير جابر لازال في مكانه مكوراً محتضناً عكازه وسفر طاسه وقد سرق أشباه الرجال تلك القطع المعدنية

قالت الطيور عن شوارع أسفلتيه وترابية مملؤه بالحفر التي أمتلأت ببقايا أجساد ومياه أسنه ودماء وأغصان تكسرت داست بعضها أقدام الأشرار ولأخر ظل متشبثاً بقشرته

طيور فقدت بعض ريشها وتكسرت أجنحة البعض وكتب وأقلام هنا وهناك ونسخه من جزء تبارك ظهرت من تحت

بسطال أحد الزوار الثقلاء وكف طفل تحمل كتاب عليه صورة الكعبة ملطخه بالدماء

 

عبد الرضا حمد جاسم/فرنسا

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1463 الثلاثاء 20/07/2010)

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم