صحيفة المثقف

مع كتاب يوسف سعده: الشعر الشعبي في العرس الفلسطيني / شاكر فريد حسن

وهو ثمرة وباكورة عطائه في الزجل والقصيدة العامية المحكية، ويشتمل على إبداعاته في هذا الحقل، التي جادت فيها قريحته، وهتف وتغنى فيها في  الأعراس، ونشر بعضاً منها في الصحف المحلية.

وعلى الغلاف الأخير يعرفنا يوسف سعده على نفسه قائلاً :

انا عربي اصلي فلسطيني

بميعار العالية جدودي دفيني

وشعاري زعتري وخبزي وزيتي

وطناً زارعو بقلبي وحنيني

يستهل يوسف سعده كتابه بكلمة لا بد منها موضحاً فيها أن " الشعر الشعبي كان وما زال لغة الناس في القرية ولغة الفلاح في حقله ولغة الراعي في مرعاه ولغة الأم لطفلها ولغة المحب لمن يحب" ويكشف حقيقة تأثره بالشاعرين الشعبيين المرحومين "ابو الأمين الريناوي" و"ابو السعود الاسدي ".

ثم ينتقل للحديث بإسهاب عن العرس العربي ومراحله وخطواته بدءاً بليلة الحناء ومروراً بحلاقة وزيانة العريس والزفة والطوفة وانتهاءً بالعرس الشعبي الجماعي . وبعد ذلك يقدم باقة فواحة العبير من الزجل والحداء الصافي العذب،بلغت أكثر من 1500 بيت من المثنى والمربع والمثمن والمعنى والميجنا والعتابا، في موضوعات مختلفة منها الوصف والغزل والمديح والحنين والشوق لملاعب الصبا والطفولة، والتغني بالارض والوطن والجليل والطبيعة الخضراء وباطلال "ميعار" والقرى المهدمة والمهجرة والدعوة للالتصاق بثرى الوطن الضاربة شروشه فيها، والتمسك بالقيم الاجتماعية والإنسانية وترسيخ المحبة والوئام والتآخي والوحدة والتصافي بين أبناء الشعب الواحد، فلنسمعه يردد برقة ولطافه:

هذا الزمن مضلش عدل في

قضينا العمر من دلفي عدلفي

يا غايب عن ثرى أوطانك عد الفي

على ارض المحبين الصحاب

***

ميعار فطوري في كل صبح دقه

وعندي في نظم لشعار دقه

على بوابك اذا دقيت دقه

مين لخلفو بيرد الجواب.

وفي الباب الثاني " بيت القصيدة" نجده يرثي كوكبة من رجالات الشعر والفن والأدب والاجتماع،منهم: توفيق الريناوي، وأبو السعود ألأسدي، والشيخ الجليل أمين طريف، وبطل الثورة العربية السورية ضد الاستعمار الفرنسي سلطان الأطرش، والشاعر المقاتل والقائد الوطني توفيق زياد، والشاب ايمن كامل سعده.

وفي مجمل قصائده نلمس التعبير الصادق والإحساس النبيل والعاطفة الجياشة الرقيقة وجمالية الصورة الشعرية والصدق الفني.

ونصوص هذا الكتاب تعبق بحب الوطن وبهموم الناس العاطفية والوجدانية والاجتماعية، وتتميز بالعفوية والبساطة والوضوح، بعيداً عن الصناعة اللغوية والطلاسم والرموز والغموض الذي نحفل فيه الكثير من كتابات شعراء هذا العصر. وهي تبين مقدرة يوسف سعده الكتابية واتقانه النسيج اللغوي المسكون بالخيال والصور المتحركة والشفافية،ومع ذلك هناك عدد من المقطوعات الهشة التي تحتاج الى اعادة نظر، اضافة الى بعض الشوائب التي لا يخلو منها الكتاب.

وفي الختام كلي أمل أن يواصل يوسف سعده عطاءه وتطوير وتجديد اساليبه وأدواته الفنية لكي يتبوأ مكانة لائقة على خريطة الشعر الشعبي وفي ادبنا وثقافتنا الوطنية، ويحفر اسمه عميقاً في أخاديد الوطن.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1464 الاربعاء 21/07/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم