صحيفة المثقف

القادم على غير مثال / عبد الله بدر المالكي

وإن شئت فقل بسبب الشقاق الحاصل بينهم والذي ترد مقدماته إلى عدم معرفة الحقائق أو الميل عنها لأجل اثبات الطرق التي ألفوها على حساب كتاب الله تعالى، ولهذا أشار تعالى إلى هؤلاء بقوله: (كما أنزلنا على المقتسمين***الذين جعلوا القرآن عضين) الحجر 90-91.

 

ولهذا التقسيم عدة أسباب مردها إلى اختلاف العلماء الفعلي الذي لا تصلح به حججهم أمام كتاب الله تعالى، إضافة إلى عدم العدول عن الآراء التي يظهر الدليل على خلاف المراد منها حتى صار هذا النهج أشبه بالمدرسة التقليدية التي تجمعها روابط العصبية والمذهبية، التي يريد أصحابها الارتقاء بمعتقداتهم على تأويلات باطلة يجعلونها على رأس الباعث الحقيقي الذي ترتفع به مذاهبهم الخاصة من الجهة التي ينظرون إليها، ومن جهة أخرى يظهر للمقابل أن القرآن هو الأداة المبينة لحجية تلك المذاهب والاتجاهات.

 

ومن هنا ظهر الاختلاف الذي تسبب في ايجاد الفلسفة القرآنية وما لحق بها من علوم غير شرعية كانت السبب في وضع مناهج التفسير في غير موضعها، ولو عاد هؤلاء إلى العلوم الشرعية لوجدوا ما يفي بالغرض المطلوب دون الدخول في الطرق المتشعبة التي لا يمكن احصائها في هذه المقدمة، علماً أن هذه الطرق قد فقدت الفائدة التي ترجى منها، حتى كانت هي السبب وراء تفرق الافكار التي دأب المتلقي على الاطمئنان لها مما جعله يفقد الدليل القطعي، بسبب تلك الاتجاهات المختلفة حتى صار همه الأول اثبات مذهبه عن طريق من يظن أنه ينتسب إليه من العلماء والفلاسفة الذين تترتب على منهجيتهم أكثر من مصلحة لا يمكن للمتلقي الذي لا يألف أجواء العلم أن يصل إليها. وكما هو ظاهر فإن هذا الاتجاه قد مر عليه أكثر من ألف وأربعمائة سنة دون ظهور المنقذ الحقيقي الذي يأخذ بأيدي العامة من الناس إلى السير في الطريق الصحيح إلا من رحم.

 

من بعد هذه المقدمة.. أقول إن العنوان الذي وضعته للمقال هو عنوان كتاب التفسير الذي سأبدأ به إن شاء الله تعالى من الآن، وهذا المقال الذي بين يديك هو المدخل إلى الكتاب.

 

اسم الكتاب: القادم على غير مثال.

الهدف منه: تفسير القرآن الكريم بطريقة يفهمها الجميع، وسيكون التفسير من أول القرآن، أي من سورة فاتحة الكتاب إلى آخر القرآن أي إلى السورة التي ينتهي فيها القرآن الكريم وهي سورة الناس.

فإن قيل: ما هي المهام التي تقع على القارئ جراء هذا التفسير؟ أقول: على المتلقي قراءة المقال الذي بين يديه فقط دون النظر إلى الأجزاء الأخرى للتفسير بتعبير آخر: أنت قد تقرأ مقالاً معيناً يختص بمعالجة قضية ما أو يبين سراً من أسرار القرآن الكريم، دون الارتباط في التسلسل المقرر للكتاب، وذلك لعدة أسباب:

أولها: أن لا نلزم أنفسنا بمتابعة السلسلة التفسيرية وذلك لعدم تفرغنا الكامل لهذا الأمر حيث يحصل انقطاع بين فترة وأخرى كما هو الحال في مقالاتنا السابقة.

وثانيها: أن لا نلزم المتلقي بمتابعة السلسلة التفسيرية لأن هذا يحتاج إلى سنين عديدة وقد يكون أشبه بالمحال على من يريد الاطلاع على الكتاب باعتبار أن الكتاب ينشر على شكل مقالات ولا يمكن أن يكون بين يدي القارئ في كل وقت.

وثالثها: تخلل السلسلة التفسيرية مقالات أخرى كالتي نشرناها سابقاً.

فإن قيل: ما هي الأسباب التي أدت إلى هذه الفكرة؟ أقول: هناك عدة أسباب:

أولها: إن تفسير القرآن الكريم من أهم الأشياء المحببة لدي وقد دأبت على هذا النهج طيلة حياتي وعلى مراحل مختلفة يتحكم فيها العمر والزمان والمكان.

وثانيها: لو أن كل إنسان قام بتفسير القرآن الكريم فهذا لا يؤثر لأن القرآن لا يخلق على كثرة الرد.

وثالثها: إن التفسير الذي أريد أن أضعه بين يدي المتلقي لا يمكن أن يكون قد اطلع على مثيله في كتب التفسير الأخرى لذا أطلقت عليه.. القادم على غير مثال.

ورابعها: انشغال العلماء بالسياسة وأمور الحياة الأخرى مما يجعل أوقاتهم لا تفي بالغرض المطلوب لتأليف كتاب في التفسير يتناسب مع جميع المستويات في هذا الزمن الصعب.

وخامسها: تقاعس العلماء غير العاملين وانفضاضهم إلى فلسفة الدنيا الفانية وهذا أحد الأسباب المهمة التي تجعل العبء يقع على عاتق من يجد في نفسه القدرة للقيام بهذا العمل.

وسادسها: انصراف البعض إلى تأليف الكتب التي لا طائل منها ولا تخدم الانسانية فضلاً عن خدمة الدين.

وسابعها: اهتمام القسم الآخر بما يسمى بـ (التفسير الموضوعي) الذي ظن البعض أنه البديل عن التفسير وهذا من الأخطاء الشائعة حيث أنه لا يفي بالغرض الذي نزل القرآن من أجله.

نبذة عن منهجنا في التفسير:

يتناول تفسيرنا جميع الآيات القرآنية بطريقة حديثة تتصل بواقع الحياة المعاصرة دون النظر إلى الأحداث التأريخية (إلا على سبيل الاعتبار) أو الاهتمامات التي اعتاد المفسرون عليها والمتمثلة باظهار المذاهب بصورتها الحسنة حسب اعتقادهم وهذا النهج لا يتم إلا على الطريقة الجائرة التي يجب أن نباعد بينها وبين القرآن الكريم، علمأ أن المذاهب والاتجاهات هي التي ترتفع بالقرآن الكريم لا أن القرآن يرتفع بها، ولهذا فقد عدلنا عن النزاع المعتاد لدى الكثير من المفسرين، وهذا هو الصواب في اظهار كتاب الله تعالى بوجهه الحقيقي.

 

فإن قيل: اسم الكتاب.. القادم على غير مثال: والقادم يعني الذي سيأتي، فكيف إذا أتى الكتاب وصار قديماً؟ أقول: نفس الاسم يصلح عند قدم الكتاب وذلك لأن القادم من مقلوبات القديم ومن هنا يظهر الفرق.

فإن قيل: ماذا تعني في.. على غير مثال؟ أقول: أي لا يمكن أن نجعله على طريقة كتب التفسير التقليدية التي دأب المفسرون عليها.

 

عبدالله بدر اسكندر المالكي

[email protected]

 

 

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم