صحيفة المثقف

رسائل ليست من أرض المغفرة والرحمة .. صلوات / سناء الشعلان

في القدم والألم والرجولة والجمال والأسرار والمهمات العاجلة مخلوق لتكون مذبحاً لقلبي،فاقبلني قرباناً مادمت لا تستطيع أن تهبني حياة،وما أحلى الموت على أبوابك المقدّسة! فوحدي من دون نساء الأرض من تعرف كيف تعشقك.فكيف تراك ستمسك في يد واحدة صلاة وعبرة؟ثم لا تترك الصلاة تحرق العبرة،ولا العَبرة تطفيء الصّلاة؟! لابدّ أنّك تعرف الطّريقة،فأنت تعرف كلّ شيء إلاّ مقدار شوقي إليك،فالله من يعرف مقداره.

 

صلاة (2)

هذا العشق الخرافي كيف فعل بي ما فعل؟!!

كيف حوّلك إلى طائر فنييق في النّار ولا يحترق؟

وحوّلني إلى عنقاء ملعونة لا أليف لها،ولا ولد،ولا وطن،ولا زمن؟!!

إذن كنْ وطني؛لأخرج من أزمان الأساطير البائدة والخرافات،فأنا حقيقتكَ المطلقة في زمن النسبيات الكونية والوجودية!!

المآذن تصدح في الخارج بأن لا إله إلاّ الله،والفجر يرقص رقصته الأزليّة نحو الانبلاج،ومآذن قلبي الرّمليّة الصابئة تصدح بأن لا عشيق لي إلاّ أنت،وترتّل بصوت ريحيّ مزمجر: العشق خير ما في الحياة، العشق خير ما في الحياة،آمين،آمين،آمين.

 

صلاة (3)

إرثنا الإنسانيّ كلّه يصدح في دواخلنا،أنا وثنيّة تختلجّ نفسها بالصّنم،وأنتَ

مجوسي،لم تخمد النّار يوماً في نفسه.أنتَ وثني الذي أعبدُه،فهل أنا ناركَ التي تقدّسها؟

 

صلاة (4)

قد صار اسمك تميمتي وترنيمتي،أتلوه على  نفسي ما تيسّر من العشق،فبه أحيا وأنمو وأنام وأستيقظ وآكل وأشرب وأستحمّ وأمرض وأشفى وأنكسر وأنجبر.سأدخل الجنّة؛فأنا المسبّحة باسمك الأكبر ليل نهار.

ما أشبهك ياحبيبي بسؤال لم تُخلق له إجابة.أنتَ رجل الأسئلة الكبرى،وأنا امرأة الأسئلة الصّغرى،وبين بين ينام العشق مطمئناً ريّان شبعان دفآن لا يأبه بحاجتك ولا بانتظاري.

أنت تبحث عن إجابات لأسئلة السّلطة والنّجاح والجاه والقوة،فتجدها،وأنا لا أجد إجابات لأسئلة محرّمة على روحي الطّفلة ،مثل: متى عيد ميلادك؟ ماذا تحبّ من الأطعمة؟ما هو لونك المفضّل؟ ماموسيقاك المفضّلة؟ماهي أحلامك الصّغيرة؟ ماهي عاداتك؟ماذا تكره؟ماذا تحبّ؟ماطقوس استحمامك ؟ماذا تحبّ من الحيوانات؟ أيّ الشّعراء تحبّ؟أيّ الكتب قرأت؟  أيّ قصص العشق عشتَ؟ماهو عطرك المفضّل؟...وغيرها الكثير الكثير من الأسئلة الورديّة الصّغيرة الضّعيفة مقارنة بأسئلتك الكبيرة القوية.

 

صلاة (5)

أختزلُ كلّ المعلومات المجهولة عنك  في كلمة حبيبي،وأغلق كرّاسة العشق بعد أن أخطّ فيها كلمتي الأريجيّة،فتغفو الكرّاسة،ولا أغفو!!!

 

صلاة (6)

عرف قلبي زمنين لا غير: زمناً بائداً لا ملامح له قبلك،عندها كان القلب خرائب دون خرائط أو مسالك أو دروب أو نجوم يُهتدى بها،وزمناً بعدك،هو كلّ الأزمان حيث اتسع القلب إكراماً لمثواه فيه،ليصبح مدائن وقلاعاً وعواصم وسماوات وأرضين وأكوان ومجرّات.

لقد اتسع القلب بقوة جاذبيتك لأعشق كلّ من في الكون،وأُغرم بكلّ أفراد عائلتك وعشيرتك في  هذا الكون السّرابي،إذ عشقتهم الواحد تلو الآخر،عرفوا ذلك أم لم يعرفوا، إمعاناً في حبّك أنتَ.

 

صلاة (7)

تقول الأسطورة اليونانيّة القديمة إنّ الملك ميداس كان جشعاً إلى حد أنّ الآلهة عاقبته بأن جعلتَ كلّ شيء في حياته يتحوّل إلى ذهب فور لمسه له،وبذلك تحوّل حبّه العظيم للذهب  إلى سبب مفجع لشقائه،حتى ابنته الوحيدة التي كان مولعاً بها،تحوّلت إلى تمثال ذهبي لا حياة فيه بمجرد أن لمسها.

كنتُ أعتقد أنّ هذه الأسطورة سخيفة بمعنى ما إلى أن عشقتك،فأصبحتُ ميداسيّةً ملعونة بحبّك،كلّ شيء ألمسه في عالمي يتحوّل إلى صورة جميلة   لك،كلّ ما أسمعه يكون بآذانك ،كلّ ما يمرّ عبري يصبّ فيك،حتى جلّ نفسي هي لك.

 

صلاة (8)

هل هذا العشق المتغوّل المستبدّ الملحاح لعنة ؟أم عقاب؟ أم امتحان؟ أم فناء؟ أم نماء؟ أم فردوس؟ أم جحيم؟

لعلّه كلّ شيء يمكن أن يتخلّص في اسمك!!!

 

صلاة (9)

لماذا لا تجيدني يا حبيبي؟ لماذا لا تعرف كيف تسعدني؟ لماذا لا تملك حكمة الأشياء الصغيرة؟ لماذا لا توافي على الانتظار؟ ولا تقارب أمنية؟لماذا تختزلني في كلّ شيء؟

تدهشني سيرة الأشياء الصّغيرة،وأنت رجل لا يحبّ السّير ولا الأشياء الصّغيرة.

لو أنّك أجدتني لعرفتَ الحقيقة،ولغاب عنك وجه التمنّي!

 

صلاة (10)

مسجونةٌ أنا داخل الانتظار،ومنفيٌّ أنت خارج الانتظار.

لا مسجون يصالح سجناً، ولا منفيّاً يألف غربة!!

 

صلاة (11)

ذات لقاءٍ بك عشقتكَ،وذات عشقٍ لك تحولّتُ إلى مزولة آدميّة حرفتها أن تعدّ الأيام الماضية من عشقنا الفاني بحسرة،وأن تحصي الأيام القادمة من عشقنا التليد بأمل كسير.

 

صلاة (12)

لمّا كنت بعيداً ومسافراً في ردّتك الشّهيرة الظّالمة توقّعت أيّ قرار منك إلاّ أن تستطيع أن تخلع روحي منك وعنك.

في كلّ لحظة طبعت قبلة روح سرمدية على قلبك البعيد القريب،وكنتُ أجزم أنّ هذه القبلة تحطّ على قلبك ممهورة باسمي،فلك أن تهجرني أو تخلعني أو تحيلني إلى محاكم تفتيشٍ،ولكن القلوب لا تملك إلاّ أن تستقبل قُبل الكائنات العاشقة بكلّ تبجيل،فهذا القانون الأزليّ لقلوب.

 

صلاة (13)

كلّما اشتقت إلى أن أشمّك أكثر،اقتربتُ مني،وألصقتُ أنّفي بجسدي،وشممتكَ فيه،فهو يحفظك!

 

صلاة (14)

أتعرف يا رجل الورد أنّ الكتابة هي حقيقة وجودية كبيرة،لاشكّ أنّك تعرف ذلك ،ولكن ما لا تعرفه أنّ المرأة إن كتبتْ للرجل المعشوق،فإنّها تقوم عندئذٍ بحرفة لا تتناسب مع تكوينها الطّبيعي في علاقتها مع الرّجل،وهي حرفة البوح. ولكنّني على الرّغم من ذلك أبوح لك؛كي أحافظ على مسافة آمنة لي دون الجنون أو الانهيار أو الرّحيل

 

د.سناء الشعلان/ الأردن

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1485 الخميس 12/08/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم