صحيفة المثقف

في عيد اللومانتييه .. افتقدتكم / عبد الرضا حمد جاسم

.. التقت الأفكار والآمال والتطلعات ولم يتغيب إلى من كان معذور أو من كان مريضاً أو على سفرٍ

على نغمات يعرفونها أم لا يعرفون .. رقصوا .. غنوا .. شاركوا .. صفقوا .. هتفوا بالحق وأقسموا على الولاء للأنسان والتبرك في محراب الأنسانيه

قرِعَتْ الأجراس وصَدحت المآذن من خلال الدفوف والأبواق والأوتار والإيقاع وتعالت الصادحات من الأنغام والأصوات

أكلوا من كل الأصناف وتلاقت الأذواق والأطباق بمختلف ألطيبات من الأنفاس  .. شربوا معتقها وجديدها غاليها ورخيصها

اعتمرت الأرجل وانتعلت الرؤوس من كل الأنواع والمواد ..جلد .. خوص .. بلاستيك .. قماش .. ورق

ومنهم من كان حاسر الرجل وحافي الرأس وهم فخورين بذلك لأنه ليس المهم ما تلبس أو تأكل بل ما تمارس وتقول وتفعل وتؤمن

توسد الطيبين وهم كلهم طيبين الحصى والحشائش والتراب والإسفلت والتحفوا السماء والخيام والأحضان والرايات والأعلام

رفرفت عالياتٍ الأعلام بلا عداء أو أساءه أو استخفاف أو استصغار أو حرق .. رفعت صور لعظام

 ولافتات ورايات تحمل شعار وكلمات تذّكر بما فات وتنبه لما هو مقبلٌ آتٍ

سميت الشوارع بأسماء من مات بشرفٍ وإباء ولأجل شعبه وقيمه أفترش العراء والتحف السياط

توزعت الأبتسامات والسلامات والقهقهات والصيحات الرافضات والمصافحات الواثقات الصادقات

كان يوم حشر .. .فلا رئيس ولامرؤوس ..  ولا أمير ولاعبيد ولا سلاطين ولاخدم ولاغني ولا فقير ولا  جنسيات ولادين ولا ديانات

زالت الفوارق التي تسبب العداوات والبغضاء والصدامات وألغيت المعرقلات وكل مسببات الحروب

طارت حمامات السلام مع المنعشات من النسمات لترسم لوحات لأجواء ولحظات خلابة

لم يكن هناك حرام .. .ولكن الحرام الوحيد هو لأساءه والانتقاص من الأخر أو عدم قبول الأخر

لم يكّبِرْ أحد إلا للسلام ولم تقرع الأجراس إلا للمحبة ولم يسجد أحد الا للسلام والمحبة والالتقاء والتسامح

لم يقراء احد بصوت عالي ..بل كان همس محب مسموع تتناغم من الأنغام لتؤلف القلوب

تجمعت كل الألوان لتكّون لون الحب .. من أحب الأسود ومن أحب الأبيض ومن أحب الأحمر ومن أحب الأصفر فكان القاسم المشترك هو الحب والمحبة

اختفت أللغات واللهجات واللكنات  .. . لم يؤسأل عن الأنساب والأصلاب ..  فكان الإنسان وكانت الأنسانيه

تأبط الإنسان باختلاف الجنس ذراع الأخر بمحبه وصدق دون الحاجة لمعرفة الجنسية والهوية والدين والعشيرة .. تلاقت بصفاء العيون والآراء بوضوح والأهواء بانسجام فوسعت الجميع البطحاء البيداء

نامت الألأم على فراش الأحلام ليخفف من وطئتها على الرؤوس والصدور والأقدام .. رفرفت الأعلام وصدحت الأنغام وانعقد العزم على الوئام

رجعت الجموع على أرجل واثقة وقلوب طاهرة نقيه صوب مستقبل بدون أوجاع وأهات وآلام

في هذه المسيرة المليونية الخالية من اللطم والقامات والزنجيل والسواد والنفاق والخداع والضياع

افتقدت أشياء:

لم أجد بين الجموع زرادشت ولا بوذا .. .افتقدت الحروف السريانية وهن أمهات الحروف..أفتقدت دخان الزيت المشعول في عين سفني (الشيخان) ولم أجد من يغرس عمله معدنية في شجره شيخانيه

افتقدت ألطنبوره والربابة والعود والناي والمزمار والكمان

افتقدت الأزياء الكردية (كانت منفردة مغردة خارج السرب) والأزياء الفلكلورية الأشورية والكلدانيه والبابلية والسومرية

افتقدت إلهيوه وفرقة ألبصره والدبكات المنوعة بتنوع الورود العراقية وحتى الرقصات والأزياء الغجرية

افتقدت صورة غاندي وتوما توماس والسياب والجواهري وجواد سليم ومحمد غني حكمت ويوسف العاني وأغاجادور وناظم حكمت ومن أغنى المكتبات العربية من أعضاء المجلس العلمي العراقي من الكلدان والآشوريين والكرد والعرب

افتقدت ما يشير إلى المنارة الحدباء ودير القوش والملوية والنجف وكربلاء وطاق كسرى والكنائس ذات العمق التاريخي الشرقي والأديرة العتيقة الرائعة

افتقدت (ألكِبَه) الموصلية والراشي والدبس وكرزات الشمال الوحيدة التي لم تسمى بأسماء أماكنها ومدنها

لم يكن هناك لبن أربيل وكباب سليمانيه ولحم بعجين الجامعة وخبز ركَاكَ وخبز الحم وكبة برغل

افتقدت أسم دجله والفرات والزاب ونهر ديالى وحمرين ودربند والصدور وبرتقال ديالى والبرحي ونهر خوز الحلاوه وأبو الخصيب وبيت السياب الكئيب

افتقدت (بقه أشتعمل وشتقول) و(جا) السومريه و(يول يابه) و(العمارتليه) ..  افتقدت اللهجات والكلمات والنغمات ألأتيه من أعماق التاريخ

افتقدت أسماء المواقع اللكترونيه التي أعرف والتي لاأعرف فلا الحوار المتمدن ولا مجالس حمدان ولا المثقف ولا كتابات ولا أخبار ولا كرملش لك ولا سومريون ولا أنكيدوا ولا غيرها

كانت الأحتفاليه مليونيه كلها فرح ومشاعر أنسانيه ورجاء وإصرار من كل الأعمار فكان أصغر مشارك طفله عمرها ثمانية أشهر عراقيه كانت في خيمة طريق الشعب وأكبر مشارك كانوا بالمئات ممن تجاوزت أعمارهم الثمانين وكان المميزون هم أصحاب الاحتياجات الخاصة

عرضوا زيت الزيتون من كل مكان والعرق السوري واللبناني وافتقدت عرق بعشيقه وبحزاني ومانكَيش وعينكاوه وافتقدت الأحزاب الأسلاميه المنادية بقوافل الحرية ولا تساهم مع من يقفون معهم

فان كان ذلك من باب الحرام فالرجل محمد كان وسط المشركين والخمارين قبل دعوته.. وأن كان من عدم ألمشاركه مع ممارسي الحرام من وجهة نظرهم فأقول أنتم تعيشون مع خمسة أضعافكم من البشر من ملحدين وكافرين ومن على غير ديانتكم فأن لم تشاكوهم كيف تعيشون في محيطهم

نحن الذين هنا كنا بأمس الحاجة لكم يا من انتم بعيدين  .. تعالوا العام القادم  .. ايلول2011 على الأبواب فلا يفوتكم هذا العرس الإنساني

تعالوا بكتبكم ألمقدسه ومشروباتكم وموسيقاكم ورقصاتكم وأزيائكم لنتشرف بكم وترفعون رأسنا عالياً تتقدمكم طيبتكم وعراقيتكم نحن بالانتظار .. ..إلى اللقاء

 

عبد الرضا حمد جاسم

13/09/2010

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1516 الثلاثاء 14/09/2010)

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم