صحيفة المثقف

إذا كان الخنزير حراماً (3) الصـلاة / عبد الرضا حمد جاسم

 فضحكت وقلت له نعم فقال أنا موافق ولكن لي سؤال قلت تفضل قال كيف لك أن تنقل ماكان بكل تلك الدقة وأنت لم تسجل ذلك لا بجهاز ولا بالورق فقلت له ألأمانه تستدعي ذلك ولازال لنا ذاكره جيده نوعما وقلت... هل كانت دقيقه؟ وهل لك اعتراض على شيء؟ قال لا فقد كنت موفق ثم

قال اليوم ماهو محور النقاش...قلت اليوم أنت من يبدءا.. وتسأل.. وسأجيب كما عهدتني...قال لقد فزت ...قلت كيف ...قال كنت أفكر أن أختبرك هل تقبل أن أوجهه لك الأسئلة التي أريد ولكنك سبقتني وأود أن أقول شيء أنني مع ما عرفته من أرائك وملاحظاتك المفيدة والمقبولة لكنني استفدت فائدة أخرى ألا وهي الحديث باللغة العربية لأنه كما تعرف هنا الحديث بها حتى بين العرب قليل وبلغه مخلوطة بين الفرنسية واللهجات المغاربيه وهذه اللقاأت كانت مفيدة...هل كنت أتكلم بشكل جيد؟ قلت له كنت مهذباً متكلماً حريصاً

قال أريد أن أسالك وبشكل مباشر ...لماذا لا تصلي؟

قلت سؤال رائع وقد طرحت بعضاً منه فيما كتبت سابقاً واليوم سأشرح لك بالتفصيل الممل عن ذلك فأرجوا المعذرة مقدماً

بدأت أصلي وأنا في التاسعة من عمري وهو نفس الوقت تقريباً الذي بدأت به الشعور بالمحيط الذي أعيش فيه سياسياً من خلال مشاركه بدون وعي في مسيرة العمال في عيد العمال العالمي عام1951

لقد كان والدي يصطحبني معه إلى جامع (أبن سيد راضي) الذي يصلي فيه.. وكان المؤذن فيه رجل كريم العين ذو صوت شجي أسمه (عرودي) وأنا كما عرفتم من جنوب العراق وبعد إطلاعك على الحوار المنشور عرفت أسمي ذو الرمزية أوفيه دلاله شيعيه وهي الطائفة الغالبة الأسلاميه في جنوب العراق وبالمناسبة نظمت على أسمي ما اعتبرته قصيده نشرها موقع الحوار بعنوان أسمي

كان والدي رجل أمي وعامل بسيط (فراش) ولا يعرف من الإسلام غير الصوم والصلاة ويؤديها بنفس السياق أي لايعرف غير سورة الحمد وقل هوا لله أحد

ووالدتي (ملاية) كانت تعلم الأولاد والبنات القراءة على طريقة الكتاتيب وفق (ألف لام زبر أل..حين ميم زبر حم..الحم..دال باش دو ألحمد) وكانت قارئه حسينيه في عاشوراء حيث تقام المآتم على ضحايا كربلاء في عاشوراء الذين نحِروا عام60هجريه اي قبل أكثر من 1400عام وهم آل نبي المسلمين محمد

وكنت أسألها من قتلهم كانت تقول (بني آميه).. وأسأل هل هم مسلمين؟ كانت تقول نعم..مما زاد في حيرتي كيف بمسلم ينتهك حرمة آل نبيه ويقتل أبنائهم ويسبي كما تقول الروايات بنات بيت نبيهم.

وكان خالي رجل عامل بسيط (فراش) لكنه يصلي في جامع غير الجامع الذي يصلي به والدي وهو جامع(أبن شيخ عباس)(لاحظ أن موضوع الوراثة واضح في الجامعين)

كانت تسكن أمام سكننا عائله كريمه من بيت السعدون(شذ منهم المجرم غازي سيف) لاحظت أن كبيرهم الحاج حمد يصلي في جامع ثالث ولا يقيمون مراسم عزاء أو مأتم في عاشوراء وعند الاستفسار تبين لي أنهم من فرقه أخرى من الإسلام...أثار ذلك شيء من العجب عندي!!!!

كنت أشعر وأنا مع والدي في الصلاة أن الجميع على شاكلة والدي وعندما استفسرت عن ذلك كان جواب والدي (السيد يعرف كل شيء وهومن يصلي بنا ونحن نعمل بمثل ما يؤدي)

بدأت أشك في شيء لا اعرفه وأتضايق من مراسم الصلاة التي تبدءا بتقبيل يد السيد وتنتهي كذلك فبدأت أتكاسل وأتهرب بلعب(الطوبه) وتعمد الغياب عن البيت وقت خروج والدي للصلاة وكنت أدفع ثمن ذلك من الضرب المبرح حيث كان والدي قاسي جداً ويعرفه في ذلك من يعرفه

ثم كانت مواكب العزاء في عاشوراء وما كان يجري فيها من أمور خارجه عن المعقول والمقبول وكذلك الدين(لطم..قامات..زنجيل..تشابيه يؤديها حثالة القوم في الغالب) تسيل فيها دماء وصيحات(يا ليتنا كنا معكم لنفوز فوزاً عظيما) لا اعرف هذه الأمنيه مع من والفوز بمن وبماذا؟

هذا الصراع كان يترافق مع صراع أخر يجري واضحاً في مدينتي مدينة الحب والثقافة والتاريخ والفنون والسياسة ويمكن القول بانه لا تضاهيها في ذلك مدينه في العالم ففيها كتب أول حرف ومنها خرج أبو الأنبياء كما يسمون ومنها انتشرت القوانين والموسيقى هي المدينة الوحيدة منذ أكثر من 7000 عام ولحد اليوم شعارها القيثارة منها أنطلق اللحن والشعر وأهلها أول من لحنوا الكلام وغنوه مدينه عاش فيها (فهد) مؤسس الحزب الشيوعي العراقي ومنها أنطلق الحزب وولد فيها أول أمين سر لحزب البعث وفيها قيادات القوميين العرب ونشط فيها حزب الدعوة وانطلقت منها أول الثورات ضد الظلم وعاش فيها الناس بمختلف الأديان والطوائف بكل حب وود فكان لكل من أبنائها صديق وزميل ورفيق من الصابئة والمسيح واليهود ومن التنظيمات السياسية المختلفة

طبعاً كان صاحبي يستوقفني في محطات كثيرة مستفسرا عن معاني ما أطرح من قبيل (صابئة وملايه وقامات وزنجيل وغيرها وكنت أجيبه وأعود وكان يستغرب لما يسمع ويعيد الاستفسار وكنت أشرح حتى بالإشارات عندما تعجز الكلمات)

قاطعني قائلاً لقد انطلقت في الكلام وشعرت أنك تتألم كثيراً عندما تتكلم ولمعت عيناك في مواقف كثيرة ولكنني كنت مستأنس بما أسمع لأول مره في حياتي عن مثل هذه الأمور

قلت له لقد قلت لك أولاً من أني سأتكلم بصراحة وإسهاب...قال كنت كذلك ولكن ....ماذا تريد من كل ذلك؟قلت أريد أن أوضح لك التالي وان تكون بخلفيه تؤهلك لفهم ماأريد أن أقول...قال تفضل...قلت هل تستطيع أن تقنعني بالعودة للصلاة؟...قال سأحاول...قلت له كما قلت لمن سبقك...قال ماذا؟ قلت عندما تبدءا تصور نفسك النبي محمد في صدر الرسالة وآنا قريشي مشرك أمي فلا تذكر لي نصوص من القران أو ألسنه لأنها وقت ذك لم تكن أو لم تكتمل

قال هذا شرط صعب ولو انه صحيح لكنني غير متمكن من ذلك قلت له حاول وأجتهد و أظنك عرفتني بعد هذه اللقاأت..قال صحيح ولكن كيف لي أن أتمكن منك...قلت له كيف تمكن محمد وقت ذك هل تظن أن من استجاب لدعوته كان بتأثير ما قراء عليه أومآ تلي عليه

قال حسننا اعتقد أنك ستهداء وترتاح لو تخلصت من هذه الشكوك...قلت هل وجدتني مخبولاً أومعتوهاً أو فيّ مس...قال بأدبٍ جم المعذرة لم أقصد ذلك (أنت تعقل المهبول) ولكن ماذا تريدني أن أقول وأنت جردتني مما املك ومما هيئته لك

قلت هل طلبي غير واقعي؟..قال جداً واقعي ولكنك فاجأتني وسحبت البساط من تحت قدمي ... ثم قال ولكن أتوقع أنك لو تصلي ستشعر بالاطمئنان والراحة...وستعرف الحلال من الحرام والإحساس بالآخرين والتضامن والتعاون والرحمة بين البشر والإخلاص والصدق والجيرة والإخلاص في العمل....

جاوبت....ألم تجد في كل ما قلته هو نهج اجتماعي تطرحه كل الأديان والأحزاب السياسية التي مع كل ما تشترك في طرحه تراها تتقاتل وتتنافس لحد الحروب فيما بينها حتى طوائف نفس الدين..ألم تسمع أوسمعت عما جرى ويجري في أيرلندا والحواجز الفاصلة بين أتباع الدين الواحد ألم تسمع عما يجري في العراق والحواجز بين المسلمين أنفسهم

ألم تسمع عن الحروب حد الأباده التي جرت وتجري بين أتباع وأحفاد إبراهيم الخليل ألم تسمع وتعيش الحروب والتمييز بين أبناء آدم أبو البشرية كما يقولون

كيف أطمئن ويرتاح بالي وآنا أجد الفاسقين هم ولاة أمر المسلمين يخزنون المال ويمنعون الطعام ويحتقرون أمهم التي حملتهم تسعا وصرخت من آلام الطلق وأرضعتهم وكبرتهم

كيف أرتاح وأرى من يثير الفتن ويحرض على القتل والتفجير وقتل الأبرياء ليقول أن ذلك من صلاتي وصيامي

كيف أرتاح وآنا أجد من يقدس العذراء مريم والسيد المسيح ويعتبر أتباعهم ومحبيهم كفره يحل عرضهم ومالهم وأنفسهم

كيف أرتاح واطمئن وأنا أرى من يقدس فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها ويقتلونهم ويسبونهم ويمثلون بهم

كيف أرتاح وأنا أجد من يميز بين أزواج نبيه فيسيء لواحدة ويقدس أخرى فهل نبيهم على صواب أم لا

كيف ارتاح لمن يكرم خليفة لنبيهم ويحتقر ويسب آخر ويحلل حرمت بيت نبيه وأخر يخون خليفة نبيه

قاطعني..وقال تتكلم (بحرقه) وتقول حقائق ولكن لو افترضنا أن كل السلبيات والفرقة والتناحرات ستزول (وهذا مجرد افتراض)..لو حصل ذلك هل ستعود للصلاة

قلت  ضاحكاً...وقتها لاتكون هناك  حاجه للصلاة لأنك سوف لاتعرف من يصلي وسيكون بين الإنسان وذاته وتنتفي الحاجة لكل شيء مرتبط بالصلاة

قال أراك متعكراً والوقت أخذنا ..هل ستنشر كل ما دار بيننا ..قلت له نعم وبالدقة التي عرفتها عني ..فقال ربما ذلك سيسبب لك المشاكل بسبب هذا الوضوح والصدق والمباشرة...قلت ما يهمني أنت فقد فتحت لي قلبك وعقلك وآنا اليوم أتمنى أنني كنت بمستوى ما قدمت

قال أنا سعيد بما قدمته لي وما عرفته وما قلته أنت وما قلته أنا وأتمنى أن يكون هناك لقاء أخر...وعدته خيراً وشكرته وتمنيت له النجاح

 

عبد الرضا حمد جاسم

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1521 الاحد 19/09/2010)

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم