صحيفة المثقف

ماذا تعرف عن حزب الله؟ / شوقي مسلماني

الذي يُوزَّع في مناطق لبنانيّة أهلها معروفون بالوطنيّة والعروبة والعداء للصهيونيّة. ويضيف الكتاب (هو للمدعو "علي الصادق" وأغلب الظنّ أنّه إسم مستعار): "لا عذر لمن انخدع واغترّ بالشعارات الكاذبة التي يرفعها هذا الرجل وحزبه وانّه يدافع عن الأمّة ويقاتل اليهود نيابة عنها ويضرب عمق الدولة اليهوديّة ويجاهد في سبيل الله ... وحتى سمعنا عن تأثّر بعض المهاجرين العرب (السنّة) الذين يقيمون في دول الغرب بحزب الله واعتقادهم أنّه هو الذي يحمل لواء الدفاع عن بيضة الإسلام وطرد المعتدين".

وواضح ممّا سبق أنّ الكتاب لا يرمي المسلمين الشيعة بالشرك وأمين عام حزب الله السيّد حسن نصرالله بالسعي لإقامة دولة الشرك وحسب بل يوبّخ أيضاً "المنخدعين والمغترّين" العرب "بالشعارات الكاذبة التي يرفعها هذا الرجل وحزبه" مثلما يوبّخ المهاجرين الذين يعتقدون أنّ السيّد نصرالله يواجه المعتدين. أمّا ضرورة الكتاب  فلإزاحة الغشاوة عن العين والذهن، فالسيّد حسن نصرالله هو "شيعي رافضي محترق ... يريد إقامة دولة الرفض في بلاد العرب" والبرهان على ذلك "تصريح ملك الأردن عن الهلال الشيعي الذي يؤكِّده تصريح الرئيس مبارك لقناة العربيّة أن ولاء الشيعة ليس لحكومات أوطانهم" وهذا ما يجب أن يُمعِن النظرَ به "كثيرٌ من أهل السنّة الذي يصدِّق العبارات التي يطلقها حسن نصرالله في خطاباته المتلفزة في أنّه سيحرِّر القدس ولا يأتي خطاب إلاّ ويذكر فلسطين واليهود" وكذلك يجب أن يفعل الذين "يوالون الرفض ... وبعض السذّج من أهل السنّة".

وفيما يقرّ الكتاب ذاته أنّ "زعيمهم حسن نصرالله يتجنّب الخوض في المسائل الخلافيّة بين السنّة والشيعة الإماميّة" ما إلاّ أن يؤكِّد أن ذلك ليس إلاّ "ليظهر نفسه حامل لواء الدفاع عن لبنان وتحرير الأقصى من اليهود" وقد نجح في ذلك "فانخدع خلق كثير من أهل السنّة وأصبحوا ينظرون إلى هذا الحزب على أنّه هو المخلّص لهم من دولة إسرائيل كما يتوهّمون". والواضح من الكتاب المغفل إسم المطبعة وبلد المنشأ إمّا اتّقاء ردّة فعل وإمّا اتّقاء فضيحة أن يكون مطبوعاً في تلّ أبيب ربّما أو غيرها من البلدان العربيّة التي تقيم علاقات مع تل أبيب وبإشراف أجهزتها أن الغاية هي تجريد حزب الله اللبناني من صفة المقاومة، مثلما الواضح ألاّ تكون امتدادات ولا حتى معنويّة لظاهرة حزب الله المعادية لإسرائيل وخصوصاً بين أبناء الطائفة السنيّة اللبنانيّة صاحبة التاريخ المشرق في نصرة فلسطين والمعادية للصهيونيّة وأميركا وكلّ من يلوذ بهما ومن هنا التركيز على "السنّة ... المغرّر بهم" الذين انتصروا للمقاومة إبّان حرب تمّوز، مثلما الواضح أن الدفع هو باتّجاه حرف الصراع من صراع عربي إسرائيلي إلى صراع شيعي سنّي، ولا يخفى على شريف الأبعاد المدمّرة لهكذا مخطّط تستولده إسرائيل وتتبنّاه وتروِّج له أنظمة كامب دايفيد ووادي عربة وقوى مشبوهة.

وها هو الكتاب يذكر بخصوص حرب تمّوز نقلاً عمّن "ينظر بنظرة سطحيّة وعاطفة متسرِّعة متجاهلاً أصول القوم وعقائدهم وأهدافهم: "إنّ هذا الرجل وحزبه هو الذي ثبت اليوم أمام اليهود بعد أن خنع الجميع دولاً وأحزاباً وهو الآن يلحق ضرراً شديداً بالعدوّ باعتراف اليهود أنفسهم فكيف نعاديه وهو يضرب عدوّ الأمّة؟" وها هو بعد أن يسأل "الله أن يصلح أحوال المسلمين" يؤكّد أنّ ما جرى "من قتال بين اليهود ومن يسمّون أنفسهم حزب الله أو المقاومة الإسلاميّة في جنوب لبنان لهو من الفتن" و"إنّنا نرى بأن خطف جنديين إسرائيليين هو إعطاء إسرائيل مسوِّغ أو مبرِّر لتدمير لبنان ولا نستبعد أن تتكرّر هذه العمليّة من حسن نصرالله" ذلك رغم تأكيده على نحو يثير الشفقة "إنّه من مصلحة إسرائيل بقاء حزب الله في الجنوب لأنّ زوال حزب الله كفيل بصعود مقاومة سنيّة بديلة" وهو أمر "لا تقبله إسرائيل" وعليه، هكذا أيضاً بإسفاف، يطالب "بمحاكمة زعيم الحزب بسبب تلك المصائب التي جرّها على لبنان" لكن "للأسف فإن كثيراً من المغفّلين من أبناء جلدتنا السنّة" يرفضون ذلك وعلى العكس يفرحون "بانتصارات حزب الله المزعومة ويعتبرونها فتحاً عظيماً للإسلام والمسلمين2416-shaw". 

والكتاب الذي يقع في 211 صفحة من القطع الوسط يشير إلى مراجع ويحبّذ أخرى للقراءة من مثل كتاب إسمه "وجاء دور المجوس" و"حتى لا ننخدع" وربّما هي كتب شبيهة لجهة التحريض طائفيّاً ضدّ المسيحيين العرب الذين يطلق عليهم إسم "الصليبيين" وضدّ اليهود و"النصيريين" والشيعة و"السنّة المغرّر بهم" وغيرهم كأنّما من أجل سايكس بيكو ديموغرافي بعد سايكس بيكو الجغرافي. والكتاب الذي زوّدني به مثقّف من أبناء الفيحاء وشاطرني الرأي أن الكتاب صناعة عدوّ أو لائذ بعدوّ ينقل بالحرف كلمات السيّد حسن نصرالله في يوم الجمعة بتاريخ 14 تمّوز 2006 أي مع بدء حرب تمّوز: "... من الآن فصاعداً أنتم أردتم الحرب مفتوحة فلتكن حرباً مفتوحة. حكومتكم أرادت تغيير قواعد اللعبة فلتتغيّر قواعد اللعبة. أنتم لا تعرفون اليوم من تقاتلون. أنتم تقاتلون أبناء محمّد وعلي والحسن والحسين وأهل بيت رسول الله وصحابة رسول الله. أنتم تقاتلون قوماً يملكون إيماناً لا يملكه أحد على وجه الكرة الأرضيّة. وانتم اخترتم الحرب المفتوحة مع قوم يعتزّون بتاريخهم وحضارتهم وثقافتهم .. وأيضاً يملكون القدرة الماديّة والإمكانات والخبرة والعقل والهدوء والحلم والعزم والثبات والشجاعة. الأيّام المقبلة بيننا وبينكم أن شاء الله ... أمّا للحكّام العرب لا أريد أن أسألكم عن تاريخكم، فقط كلمة مختصرة، نحن مغامرون، نحن في حزب الله مغامرون، نعم، ولكننا مغامرون منذ عام 1982 .. لم نجرّ إلى بلدنا سوى النصر والحريّة والتحرير والشرف والكرامة والرأس المرفوع .. هذا هو تاريخنا .. هذه هي تجربتنا". ويعتبر الكتاب أن هذا الكلام هباء! ويتساءل: "لماذا الحزب لا يقاتل أميركا في العراق؟" و"لماذا لم يتحرّك الحزب عندما قُتل أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي رحمهما الله ولم يقصف اليهود ولو بصاروخ واحد؟" و"لماذا لم يكن هناك ملاحقة لفلول الجيش الصهيوني المنهزم في داخل الأراضي الفلسطينيّة؟" و"لماذا لم نر حسن نصرالله يشارك المقاتلين في الميدان ويُقاسم أتباعه الحلوة والمرّة كما يفعل القادة الشرفاء؟" ... وأباطيل .. كلّها متناقضة. والحقّ أقول ما كنتُ لأعرض للكتاب لو لم أكن في مجلس فإذا متحدِّث كنتُ أتنسّم فيه ذرّة عقل يغمز من حرب تمّوز وحزب الله والسيّد حسن نصرالله والمقاومة والمسيحيين ويشيد برئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ويدعو إلى نزع سلاح المقاومة تنفيذاً للقرار المشؤوم رقم 1559 الذي هو لا غيره اغتال الرئيس الحريري ويلمح إلى إسم الكتاب ذاته الذي صادف أنّي قرأتُه قبل أيّام على سبيل الفضول والعبث والذي أخطر ما يرد فيه وبعد الدفاع المستميت عن أنظمة عربيّة مغرقة في الرجعيّة ومشهوره في تآمرها على مصر عبد الناصر وعن أُسَر خليجيّة حاكمة ردّاً على "سنّة مغرّر بهم" يسألون: "ألا نفرح بإلحاق الضرر باليهود من قبل حزب الله؟" قائلاً: "وإن نفرح بضربه للعدوّ حتى يضعف نفرح بضرب العدوّ له حتى لا يتمكّن وينشر الشرك والرفض في الأرض ولسان حالنا يقول: اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرج الموحّدين من بينهم سالمين" و"المسلم الحقّ لو حاز على عشرة أسهم لرمى حزب اللات بتسعة ثمّ رمى اليهود بالعاشر". إنّه منطق كما في الحديث : "سيأتي على الناس سنوات خدّاعات ينطق فيها الرويبضة. قيل وما الرويبضة. قال: الرجل التافة يتكلّم في أمر العامّة". وقال الخليفة الراشدي عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "لستُ بالخَبّ ولا الخبّ يخدعني" .. أي لستُ بالمخادع ولا يخدعني المخادع، فكان عمر رضي الله عنه أورع من أن يَخدَع، وأعقَل من أن يُخدَع.

 

[email protected]

       

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1543 الثلاثاء 12/10/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم