صحيفة المثقف

بوابة للبيع / عبد الجبار الحمدي

فقد نزف نبض قلبها نتيجة خلافات عائلية، وعلى بوابة الوطن سقطت ميتةً نتيجة طمس الحقيقة التي تحملها، كان هذا نهاية عرض فيلمه الاول الذي صور العراق نبضا يحمل بين يدي أمه الارض. 

نال الكثير من التقدير والتشجيع، على تجسيد حقيقة العراق اليوم وما يسير نحوه في اختيار بوابة للعبور، فقد أحاطت به الأسوار وجعلت بوابات الولاء هي الممر الوحيد الذي لابد ان تدفع الصمت ضريبة حتى ترنو للجانب الآخر، لم يكن يكترث لملاحظات المتملقين، لأنه أدرك آن الأوان قد حان لرسم خطوط البيان، متقافزة إلى الأعلى كمؤشر القلب، فهو لا يريد ان تكون الخطوط مستقيمة لأنها تقودك إلى طريق الموت، كما علق للصحفي الذي سأله؟؟ ماذا تأمل ان يحقق فيلمك هذا وأنت فيه تتذمر من كل الواقع الجديد؟ قال: عذرا .. ما هو الجديد في رأيك؟ بضعة وجوه اعتلت منصات الخطابة بتصاريح تلفزيونية، بعد أن عبرت بوابات رقابية لتزويق المفردات حتى يصرح بها،  حريات وهمية تنال منك ولا تمارسها إلا في منامك!؟ عقوبات جبرية تقتل الأمل، ثقافات مسيرة حياة تدعو الموت رفيقا في سكن، هذا هو الجديد في رأيك، سيدي الكريم إن الفيلم يحكي واقعا مريرا، غصة يشعر بها كل مواطن، فالوطن الذي تحيا على أرضه، فرضت عليه بوابات يسمح لك بالدخول عبرها، والبعض الآخر محرم عليك، وحتى التي تدخل فيها، الخروج منها يكون على أوتاد وحجر محفور عليه اسمك،  عذرا أستاذ... لقد فهمت السؤال بقصد أخر، إنما قصدت حرية التعبير فكما ترى أنت تتحدث بحرية وفيلمك يتحدث عن السلبيات وعن الفساد وعن السيئين في الحكومة والتكتلات والولاءات وضياع حقوق المواطنين وتقسيم العراق المفدرلة وتواطىء المسئولين بتدمير العراق وبيعه، أستوقفه المخرج ... نعم تحدثت عن كل هذا .. قاطعه الصحفي أوليس هذه حرية التعبير في الزمن الجديد أوليس من الديمقراطية أن تقول ما تجيش نفسك فيك بحقائق دون تجريح الآخرين، وسؤال آخر ألا تظن أن فيلمك يسيء إلى اسم العراق، عذرا أرجوك لم أكن في يوم بل في لحظة أفكر في الإساءة للعراق وأرضه ومواطنيه، انك تذكر المسميات وكأنك تمارسها دون قيود دون تحييد لعملك هل أنت تشعر انك تسألني كما تسأل المسئول؟؟ عن اختلاسات ما  .. في وزارته أو دائرته أو ضمن سياق عمله، بالطبع لا لأنك ستنال ضربا بأحذية الآخرين ممن يحيطون به، ولا تحدثني عن قوانين الحماية الإعلامية وغيرها فنحن في الهوى سوى ... عزيزي النظر في الفيلم ومحتوياته التباينية يمكنك ان تجد الخطوط التي رسمت لتقودك لبوابات العراق الجديد، وذلك من خلال التقسيم، سيكون عليك ان تبحث عن أساليب وتتلون كالحرباء حتى ترضي من كنت في يوما ما قد كتبت أو أعلنت أو كشفت عن أفعالهم، الفيلم رؤية إلى واقع يجسد ما يقوم به الساسة الجدد، ذوي الديمقراطية الجديدة، والفدرالية وحرية التعبير، من رسم الحدود الجديدة لبوابات العراق، ليصبح ذو مشاريع بيع مستقبلية، كما في الشمال منه، وستشعر بذلك حين تأتي لأن تطلب حقك كعراقي في الترحال من محافظة إلى أخرى، سيكون جوازك الجديد يحمل علما وشعارا جديدا في عراقك المستقبلي، لكن رؤيتي للواقع ومن خلال الفيلم إن العراق به بوابة واحدة هي الدخول من خلالها إلى الجنة، والخروج منها سيكون من خلال نعوش عبر بوابات التغيير وبتعريفة جديدة مكلفة جدا لأنها ستكون حياتك، هذه رؤيتي التي أردت أن أبينها، إننا نسعى إلى هوة سحيقة، والغريب الكل يجري حاملا الأمل للسقوط فيها قتلا للحياة الجديدة، إن بساط الريح الذي ركبه علاء الدين، والمصباح السحري، ومارد الخاتم، وحضارة وادي الرافدين، كلها رحلت إلى الجانب الآخر ليقتنيها من ترك لنا فتاة حروف، تتغنى بها، ونتغنى نحن إلى بعضا البعض من خلال برلمان تتلاطم الأكف فيه ضربا على الجيد، معتبرة ذلك نوعا من الديمقراطية، كما أنها تناقش قضايا مهمة كلها مادية، فلم اشهد يوما نقاش لحل كارثة إنسانية، أو رفع غم عن كاهل مواطن، فالكل يريد المشاريع الجديدة، الاعمار على الخراب، حتى يتساقط.. ليعمر مرة أخرى في صور مختلفة، المهم ان يبدأ بوضع البوابة لأنها عنوان كل المداخل الجديدة للحصول على التعريفة في زمن الرؤيا المغيبة، إلا عن أكلي مفردات التغيير، حسنا ..أستاذ هل تظن أن فيلمك سينجح عربيا في حال عرضه؟ أنك تسأل وكأن العالم العربي بحاجة لرؤية هذا الفيلم، والذين هم جسدوه قبلنا على الواقع، فبوابات التجزئة لكل العرب قد حددت، ولا يمكن أن يتخطاها أحد دون حجز مسبق، أتعي ما أقول؟!! إن القيادات العربية كلها قد برمجت لأن تكون عرائس متحركة، وأصوات بلا أصداء، مجرد رموز تعبيرية في قيادات عقيمة مسخرة للقوى الكبرى، عذرا.. هل تقصد أننا العرب او العراق بلا سيادة؟؟؟ يا لك من أعلامي!!! فإذا أنت ولحد الآن لم تلمس ذلك أو تدركه، إذن على الدنيا السلام، حيث أن مثقفيها مغيبون يبحثون عن الأصداء دون التعمق بكشف الحقائق أي إعلاميون من ورق، لم أفهم ماذا تقصد! لكن سؤال أخير ... هل تحس أن الإعلامي أخذ حقوقه كسلطة رابعة وصوتا للحقيقة؟ سؤال أستغربه منك ... فرغم حرية التعبير هناك حرية التنكيل، لو كان لنا حرية التعبير، لما زمجرت ذئاب الليل، وضباع جائعة نهشت في أبدان حية، ولو كانت لنا سلطة، لما وجدت الأبواق على أعتاب وزارات ودوائر الدولة، ولكان صوت الحقيقة سيفا يقطع المفسدين وإذنابهم، إن رؤيا الفيلم واضحة، ولو تمعنت النظر في سياقات سيناريو الفيلم، لأدركت إن الحياة الشريفة تموت على أبواب وأعتاب كل المستفيدين، شكرا أستاذ وتمازجت رؤوس من في الحفل تحيي صانع الفيلم، وكثر التصفيق له، بعد أن ألقى كلمة رحب وشكر الحاضرين من مسئولي الدولة أو ممثليهم، ودار الحفل ساعات خرج المحتفلين كل يحمل خوالج بداخله، وهو من ضمنهم وعبروا بوابة دار العرض، إلا هو فقد سقط كبطلة الفيلم مغروساً بأحقاد وحرية التنكيل لدى الآخرين.

 

عبد الجبار الحمدي

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1561 السبت 30/10/2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم