صحيفة المثقف

الشعرية كنص ايروتيكي "نبوءة زليخيا انموذجا" للشاعر احمد عبد السادة

وبناء على هذه الفرضية نرى ان قصيدة (نبوءة زليخيا) للشاعر احمد عبداالسادة تعيد انتاج مخزون ثقافي ايروتيكي لـ جزء من اسقاطات الوقائية الجنسانية والذاكرة والقص المقدس وفق التمثيلات الثقافية المفارقة حيث ان هذه القصيدة صنعت من تراكم الصور والاساطير والمقدسات الايروتيكية والتي تضرب بجذورها في سلطة الجسد الانثوي.

 

 ?لذا فان القصدية المسبقة لهذه القراءة تحاول التقاط البنى الثقافية والشعرية، وذلك كون زليخيا  الانثى التي تمارس الفداية الكائن الميثولوجي المحتفل بالجسد/ الذكوري وسط فضاءات قامعة من سلطة اللاهوت  ضد الجسد/ الانثى فهذا النص الشعري نبوءة زليخيا نص شائك ومعقد، يتكون من صور مضادة للميثولوجيا النصية المقدسة والتميلات والتصورات الرمزية والاساطير الثقافية الايروتيكية المترسخة في الذاكرة الجمعية حيث يؤدي المخيل الشعري الايروتيكي للنص الى تفكيك الصور الذكورية عبر عمليات الهز المستمر للنسق النمطي الثقافي المصنوع من المتخيل الديني والفكري والشعبي للخروج بنص مفارق مركب يمارس سلطة رمزية في البنى الثقافية ونرى من خلال التناصات المركبة بين النص المقدس والنص الشعري هناك مفارقة سردية انثى الميثولوجيا المعادة انتاجها في نص احمد عبدالسادة متفجرة متصالحة مع ذاتها في حين نكتشف الثيمة الذكورية منكسرة رغم انها مهيمنة على متطوقات النص لغويا وثقافيا فيتم املاء النص الشعري بالمدلولات الحسية والتكثيف والقلب للنصوص الفاعلة في الذاكرة الثقافية عبر استنطاق جسد الانثى (زليخيا) وذلك من خلال الكشف عن سياسية الغواية الكامنة فيها ، ان هذا النص يحدد الفصل والتمايز بين الاباحية او البور نوغرافيا والايروتيكية بمعناها الفلسفي  والثقافي، حيث ان الثقافة العربية الكلاسيكية حافلة وهي اغنى الثقافات العالمية في هذا المجال فالا نسكو لو بيديا الجنسية العربية ترصد الجسد الانثوي في ادق تفاصيله الحسية ولكن مع ظهور الثقافات الذكورية السلطوية، تم طرد الجسد  الانثوي من متون الثقافة العربية وفق التصاميم الاستحواذية ووضع هذا الجسد في حقل التابوات التي لا يمكن مغازلته. واعادة تركيب الذاكرة الجمعية والثقافة العالمة بوصف الجسد الانثوي شيطانا مهوسا مدنسا خارح المتون المقدسة. الثيمة الرئيسة للقصيدة تتمركز حول علامة نصية هي (زليخيا) احدى الموروثات الثقافية والدينية هذه العلامة تحتاج الى اضاءة تأويلية لكي يتم تأسيس البنى النقدية حولها، فهي علامة تركيبة شعرية تحتوي ملامح اسطورية معاد بناؤها بشكل مستمر في الثقافة الايروسية لانها تمثل النزق الانثوي ورمز للمعرفة الحسية المتجاوزة عن الذات، تشيد وجودها الجمالي والمعرفي والايروتيكي من خلال تقديمها الجسد (هدية) للمعشوق الذي لا يظهر في النص الشعري الا بوصفه كائنا يؤسس خفاءه الذاتي متواريا في النص او الممارسة الثقافية والسردية الشعرية في حين نرى زليخيا تصمم خرائطها السرية للمتعة عبر ايروتيكية ساحرة تبدو من خلالها الذات الانثوية خاضعة لقدرها الخفي، قدر الجسد والعارف والتواق الى استعادة حلم اللحظة الايروتيكية.

 

هي التي حممت ايامه بنار عيونها

 واهرقت مجرات صمتها

 - اي صراخها الاحمر -

 في خيمة نومه الساهية

 والقمت صهيله الساخن..

 ثدي احلامها.

 هي التي قشرت له بئرا نقيضا

 وغرقا طائشا

 في سرير (العزيز)

 واسرجت لرعوده اللاسعة..

 مبخرة من عروق الندى

 وباقة من ارق مؤنث

 وقافلة من تأوهات ملكية

 ووترا الها يئن بين فخذيها.

 

هنا يكمن هاجس الانثى زليخيا في صياغة عالمها الذاتي حيث تتحول الى نقطة الجذب الباهرة بفضل وجودها الاستثنائي انها محفزة بطاقة شيقية هائلة (اسرجت لرعوده اللاسعة، مبخرة، وباقة، وقافلة من تأوهات ملكية ووترا الها يئن بين فخذيها)  

 

لم تكن تعرف بان برهانا اخر..

 ستهطل تجاعيده الكثة

 على وردته الآلية للاغماء

 بنزيفها الغيمي..

 كانت له بكل ما اوتيت من شهوة

 بكل غاباتها الحبلى بالنبيذ

 بكل ادعيتها المعتقة بجرار الجمر

 كانت له بكل سخونة زينتها

 بكل جنائن لياليها المعلقة

 على شفا شهقة من سريره..

 

تطلق على هذا النص في ستراتيجية التسمية بوصفه شعرية الانكسار الايروتيكية وهي محاولة للعبور الى العالم عبر الجسد لتشكيل متخيل سردي، جمالي تبادلي للمواقع حيث يتحقق الانفصال بين الوحدتين الدلاليتين ضد الخرق الذي رسمته الجغرافيا الجسدية للانثى.

 

وكان لها

 (يوسف ربيب يديها الحالمتين

 كان لها..

 وكان يهم بالتهام تنفسها

 لينسج منه خارطة لهوائه

 وكان يمسد براريه..

 لذئاب هسيسها الجائع

 ويلمع محراث حليبه الوحشي

 لقضم ليمون بريتها المخمر.

 كانت الشياطين الطيبة كلها محتفلة..

 ببزوغ دوار ليلي..

 في شرايين ظهيرتهما.

 ظهيرتهما الناهدة..

 ظهيرتهما المتنهدة.

 ظهيرتهما المنهدة

 برائحة التفاح البدائية !

 كانت الشياطين الذكية كلها محتفلة.

 

في هذا النص تكتشف التعاقد الضمني بين جسد يوسف زليخيا (كان يهم بالتهام تنفسها كان يمسد براريه ويلمع محراث حليبه الوحشي) وهذه الاستعارات البلاغية تنم عن شعرية جامحة منشغلة بالتجربة الحية حد الهوس فهي ترصد التحولات الخلاقة للايروتيكية الشعرية.

 

هب، اذن، دقائق من رمل خائن

 سمرت عطشا شاهقا في دم المكان.

 ولزيخيا ان تختنق اقمارها..

 ببثور سماء عاقة

 وان تعجن صمتها سكاكين الفراغ

 وان يجعد عطرها هواء مدن.

 اذن لا هدير عري سيلفع المكان ويدله الى وقته الخالص

 هكذا يشهر الله سرابه

 يتخم اوتار اللعب

 بثلجه الاسود.

 هكذا يرمي الرماد قميصه على تفاح الغجر

 هكذا يفقد المكان عيونه.

 

في هذا النص نجد عناصر الطبيعة وزليخيا تنحرط في نواح طويل فوق جسد العالم المتكسر.

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1104  الجمعة  10/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم