صحيفة المثقف

البطالة هذا الشبح المرعب

القومي والميزانية العامة. ولا تكتفي دراساتهم بإعلان النتائج والإحصاءات فقط بل وتقدم أيضا الحلول الناجعة وطرق السياسة العامة والسياستين المالية والاقتصادية التي يجب انتهاجها للخروج من أزمة ارتفاع معدلات البطالة عن مستواها الطبيعي.

أما عندنا في العراق فإن الكيفية والعمل الاعتباطي بنفس الآليات القديمة الموروثة التي لم يطرأ عليها أي تحسن  منذ عشرات السنين لا زالت هي المعول عليها في الدراسات دون الإلتفات لحجم الضرر الكبير الذي تحدثه البطالة  على المواطن كفرد والمجتمع كمجموع .وجل ما تقدر عليه أجهزتنا  القيام بإحصائيات غير دقيقة عن عدد العاطلين عن العمل، أما كيف نعالج المشكلة وما هي الحلول المقترحة لحلها فلا يتطرق إليه أحد بدوافع كثيرة منها الخوف من ميليشيات القائمة التي ينتمي إليها الوزير المعني أو سطوة عشيرته أو أفراد حمايته المدججين بالسلاح . ولتقريب الصورة إلى ذهن القاريء أقول: قامت دائرة العمل والتدريب المهني في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بإصدار إحصائية جديدة عن عدد العاطلين عن العمل المسجلين فقط ضمن قاعدة بيانات الدائرة. أما غير المسجلين فلا توجد عنهم أية إحصاءات رسمية أو غير رسمية. وبغض النظر عن دقة هذه الإحصائيات  يتبين أن عدد العاطلين عن العمل المسجلين في قاعدة معلومات الدائرة يبلغ بالتمام والكمال (1486000 ) نعم مليون وأربعمائة وستة وثمانين ألف عاطل وهذا طبعا لا يشمل غير المسجلين في الدائرة. أما الوزارة من جانبها فلم تفلح إلا بتشغيل (24081) فقط أربعة وعشرين ألف وواحد وثمانين شخصا هم طبعا ليسو من ضمن المجموع الكلي للعاطلين. وهذا العدد لا يمثل سوى جزء بسيطا جدا وهو بصيغته الحالية بعيد جدا عن الحل الجذري للمشكلة أو حتى الحل المنصف لها.

كما كشفت الإحصائية أن عدد العاطلين عن العمل المستفيدين من برنامج الحماية الاجتماعية  يبلغ (276434 ) مائتان وستة وسبعين ألف وأربعمائة وأربعة وثلاثين عاطلا وهذا العدد يمثل نسبة العشر من عدد العاطلين المسجلين وغير المسجلين ما يعني أن هنالك تسعة أعشار أخرى بحاجة ماسة لشمولها بقانون الحماية الاجتماعية وهو الأمر الذي يحتاج إلى مبالغ كبيرة جدا لا تتوفر في ميزانية الدولة أو ميزانية الوزارة . ثم إن مجرد منح هذا العدد فقط من العاطلين مبالغ الحماية على قلتها يحمل ميزانية الدولة المثقلة بالديون والطلبات خسائر مالية جسيمة ممكن لو صرفت على تصليح المعامل العاطلة أن يوفر مبالغ إضافية تكفي لتشغيل هذا العدد وأعداد أخرى من العاطلين . أيضا هل أن منح مبالغ الحماية لهذا العدد من العاطلين يحل المشكلة أم أنه مثل الإبرة المهدئة يعود الألم بزوال مفعولها؟

إن ما يمكن استنتاجة من هذه الإحصائيات أن الدولة لا زالت غير جادة في معالجة موضوع البطالة  الذي يحتاج إلى اهتمام جدي وفوري حتى ولو عن طريق التجاوز على برامج الميزانيات الخاصة بالحكومات المحلية والميزانية العامة للدولة بل حتى لو تم لإيقاف العمل بالمشاريع الخدمية الثانوية والاستعاضة عنها بمشاريع تستوعب أعدادا كبيرة من العاطلين لمجرد تشغيلهم ودفع الرواتب لهم لكي تصبح لديهم سيولة نقدية تساعدهم بالحصول على بعض البضائع والخدمات مما يدفع أصحاب المعامل الأهلية لطلب أيدي عاملة جديدة لسد الطلب على منتجاتها مما يساهم في تقليل عدد العاطلين. أما السكوت عن المشكلة وعدم البحث عن الحلول الجدية لها  فسيعرض البلاد إلى مخاطر جمة على المستويين القريب والبعيد يفوق حجمها حجم العمليات الإرهابية كلها وتمتد آثاره المدمرة إلى كل مناحي حياتنا وحتى عقيدتنا.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1106  الاحد  12/07/2009)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم