صحيفة المثقف

هل هي حرب جديدة مكتوب علينا خوضها؟

 ومن حقه أن يعجب ما دام لا يجد شيئا من المؤثرات التي تتحكم بصعود ونزول الأسعار فاعلا أو متغيرا في الواقع حيث سعر الدولار ثابت بفضل المزاد المارثوني للبنك المركزي العراقي الذي لم تتفتق قريحة الخبراء الاقتصاديين فيه عن طريقة سليمة لتداول العملات الصعبة حتى بعد مرور أكثر من ست سنين على التغيير واكتفوا بأبسط الطرق وأسهلها حتى وإن كانت مخالفة لأبسط النظريات العالمية  والطرق المتداولة في السياسات النقدية في البلدان المختلفة، ربما لكي يتفرغون لسفراتهم المغزلية في أرجاء المعمورة مصطحبين معهم من يحبون ممن يلهمنهم نظريات اقتصادية جديدة يضاهون بها نظرية المسكين (كينز) وجماعته. والرواتب كما هي عليها لم تتبدل أو تتغير. والاستهلاك ثابت في حدود الدخل الشهري أو اليومي للمواطن المسكين.

إذا من يقف وراء صعود أسعار بعض المواد الغذائية الضرورية والمهمة للصحة العامة بعينها ودون سواها بهذا الشكل الجنوني؟ ولماذا ترتفع أسعار المواد الغذائية المهمة بينما تبقى أسعار رقائق البطاطا (الجبس) الحاوية على المواد المسرطنة، والحلويات والنستلات والشوكولا الحاوية للدهون والسكريات والعصائر الحاوية للصبغات غير الصالحة للاستهلاك البشري والمشروبات الغازية المختلفة الحاوية نسبا عالية من السكريات الصناعية المضرة بالصحة العامة والمشروبات الروحية وغيرها ثابتة ولا تتأثر بصعود الأسعار؟هل هي مؤامرة جديدة ضد الشعب العراقي يهدف القائمون عليها حرمانه من المواد الغذائية الصحية برفع أسعارها إلى ما يفوق طاقته وتخفيض أسعار المواد الأخرى التي تسبب السرطان والبدانة وتسوس الأسنان وأمراض القلب والجهاز التنفسي والأمراض الأخرى؟

اعتقد أن الجواب سيكون: نعم بالفم الملآن بعد أن أصبحت الدراسات الحديثة تهتم كثيرا بعلاقة البدانة بالاقتصاد، وقد أثبتت الباحثتان (ليونيل نيغون بودون وإيفلين لوست) في كتابهما (الريجيم حقائق وأكاذيب) أن البدانة في فرنسا تصيب 17 % من العائلات التي لا يصل دخلها الشهري إلى 900 يورو، و 8,1 % فقط من تلك التي يتجاوز دخلها الشهري 5300 يورو. ويعاني ( 6,5% ) فقط من أصحاب المهن الحرة والمناصب المهنية الرفيعة من زيادة في الوزن مقابل( 23%) من العمال أو العاطلين عن العمل لتثبتا من خلال ذلك علاقة انخفاض الدخل بزيادة الوزن أو علاقة الوضع الأسري الاقتصادي بزيادة الوزن. وقد أثبتتا أن سعر كيس البطاطا المقرمشة (جبس) يقل كثيرا عن سعر كيلو الفاصوليا أو السبانخ. وفي كثير من الدول، ارتفعت أسعار الفواكه والخضر، في حين لم ترتفع أسعار المشروبات الغازية إلا بمعدل 20 %، وأسعار السكاكر 45 %. ويبدو أن تلك الأمور ربما فسّرت جزئياً انتشار البدانة بكثرة بين الفقراء من السكان وخصوصاً بين الراشدين منهم.

 

إن البدانة ترتبط بمجموعة من الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم وقصور عمل القلب وقد بينت منظمة الصحة العالمية أن 60 % من أصل 56,5 مليون حالة وفاة وقعت عالمياً في 2001 نجمت عن أمراض مزمنة، وأن نصف هذه الوفيات مرتبط بأمراض القلب والشرايين. كما أن ظهور البدانة وداء السكري لدى صغار السن يثير القلق. وخلافاً للأفكار المتوارثة، فأن   79 % من الوفيات بالأمراض المزمنة تحدث في الدول النامية. وقد أصبحت البدانة المفرطة مشكلة خطرة وكلما ظهرت السمنة باكراً، أدّت إلى إمكانية الإصابة بأمراض مزمنة.

لذا نحن بحاجة ماسة إلى إعادة تنظيم السلوك الغذائي لدى العراقيين عن طريق التدخل الحكومي المباشر طالما أن هنالك من يحاول من جانبه تنظيم السلوك الغذائي حسب مشتهاه وسياسته التخريبية مدفوعة الثمن. إن الأكل الصحي يجب أن يتضمن حصصاً من فئات الطعام الكبرى مثل الخضر والفواكه واللحوم والبيض والأسماك والحبوب والبقول والحليب ومشتقاته، وعصير الفواكه، والتوصيات الصحية العالمية تؤكد على ضرورة زيادة استهلاك الفواكه والخضر والكالسيوم، وخفض الاستهلاك الوسطي للدهون في الغذاء إلى ما دون 35 % مع تخفيض الكولسترول في الدم بنسبة 5 % وخفض ضغط الدم لدى البالغين بمعدل 2 إلى 3ملليمترات من الزئبق، وخفض انتشار زيادة الوزن والبدانة عند البالغين بمعدل 20 % والحد منها عند الأطفال، أما حملة المشاريع التخريبية فإنهم يحاولون تغيير هذه المعطيات وتبديل النسب من خلال العمل التجاري التخريبي برفع أسعار الفواكه والخضر وخفض أسعار المواد المسببة للبدانة أو السمنة لتكون حرب البدانة من أحدث الحروب التي يشنها الأعداء على عراقنا الصابر. فهل هي حرب جديدة مفروض علينا خوضها ومتى تنتهي حروبنا يا ترى؟

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1126  السبت 01/08/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم