صحيفة المثقف

الفرقة القذرة بين الحقيقة والخيال

الأعمال والواجبات القذرة، وقد تحدث البعض عن طريقة تعامل هؤلاء مع ضحاياهم من العراقيين بشكل فيه الكثير من القسوة والمرارة والحزن ومنها قيامهم بعمليات العقاب الجماعي لترويع السكان في مدينة الصدر وبعض المدن الأخرى

كما تحدثت المواقع الالكترونية مثل موقع (المختصر) والمجلات مثل مجلة (العصر) عنها

فما هي حقيقة هذه الفرقة؟ وهل هي موجودة فعلا أم أنها من نسيج الخيال؟ من هم أفرادها وما جنسياتهم وعقائدهم ومرجعياتهم؟ وإلى أين يريدون الوصول؟ وما هو مصيرهم بعد الانسحاب الأمريكي ؟ وما هو دور الحكومة العراقية؟ وكيف سيتم التعامل معهم ؟ وهل تملك الحكومة قوائم بأسمائهم؟

أسئلة كثيرة تبحث عن جواب شاف ولكن لا يوجد من هو على استعداد لأن يجيب عنها!!!

تقول الروايات أن هذه الفرقة موجودة فعلا وتسمى بالإنكليزية مختصرا باسم (SOFI)

(Special Operational Force in Iraq) وترجمتها (القوة الخاصة العملياتية في العراق ) بدأ تشكيلها في صحراء الأردن، بعد سقوط بغداد في نيسان/ 2003 وقامت بتدريبها وتجهزيها بالمعدات المتطورة فائقة الجودة القوات الخاصة الأمريكية (القبعات الخضر) وتكامل عدد وحداتها من تسع كتائب زائدا خلية استعلامات تتكون من 4564 فردا تم توزيعها على أربع "قواعد كوماندوز"، في أنحاء العراق. أما حجمها فغير معروف إلا أن بعض التقارير ومنها تقارير الكونكرس الأمريكي تقول إن حجمها يضاهي حجم القوات الخاصة الأمريكية في العراق. و من المتوقع أن يتضاعف هذا العدد في "السنوات المقبلة". وتتراوح أعمار منتسبيها بين 18 و 20 عاما

يرى القائمون على هذا المشروع العسكري الفريد، أن الفرقة التي تم تشكيلها كانت ذروة حلمهم وأمانيهم أما الضابط الكبير في مركز الأمن الأمريكي الجديد، (كار ستنز) الذي عمل مستشاراً في جهاز مكافحة الإرهاب الوطني العراقي فيرى أن القوات الخاصة الأمريكية "وضعت أسس أقوى قوة عسكرية في المنطقة. ويصف هذه القوة بقوله (كل ما يريده هؤلاء الأشخاص، هو الخروج إلى الميدان وقتل الأشخاص القذرين طوال اليوم...!! لهم نفس الفاعلية والجاهزية مثلنا تماماً. لقد قمنا بتدريبهم. وهم مثلنا لا فرق. يستخدمون نفس الأسلحة. ويسيرون مثل الأمريكيين إنها من الوحدات الرئيسية في النخبة، من دون رحمة، خفية وغير قانونية، مجهزة تجهيزاً كاملاً من قبل الولايات المتحدة، غير مرتبطة أو متصلة مع أي وزارة في العراق)

وهذه الفرقة تتجاوز كل الضوابط القانونية والتنظيمية المشرعة من طرف معظم الحكومات التي تحتاج إلى مثل هذه الوحدات في صفوفها ولا تخضع لسلطة الحكومات كما أن البرلمان العراقي لا تأثير له على هذه الفرقة ويجهل تماماً المهام الموكلة إليها. إنها قوة خفية ـ مستترة ـ وفرع من فروع الجيش الأمريكي يرتبط بشكل وثيق من حيث القيادة والتدريب والتسليح والغطاء السياسي بالقوات الخاصة الأمريكية التي لديها مستشارين في كل مستوى من مستويات التسلسل القيادي لهذه الفرقة حسب الجنرال الأمريكي (سيميون ترومبيتاس) المؤسس الحقيقي لمشروع (القوة الخاصة)

إن الفرقة القذرة العراقية ليست أول الوحدات التي تشكلها القوات الأمريكية الخاصة في العالم حيث سبق وأن قامت هذه القوات بتشكيل فرق مشابهة في كل مناطق النزاع التي دخلتها ومنها كولومبيا حيث أدت الفرقة القذرة أحقر المهام القتالية ضد الشعب الكولومبي، واتهمت عام 1990 باقتراف العديد من جرائم القتل. وفي السلفادور حيث قامت الفرقة في عام 1980

 بقتل أكثر من 50000 مدني من المتعاطفين مع المتمردين اليساريين والشيوعيين.وفي غواتيمالا قتلت 140.000 شخص.

بل إن السياسة الأمريكية اقتضت نقل التجارب الناجحة لعملها في أمريكا اللاتينية إلى التجربة العراقية فاستقدمت القوات الخاصة السلفادورية لمساعدة الفرقة القذرة العراقية بعملها ومهام تدريبها وتنفيذ الواجبات. والقادة الأمريكيون يؤكدون هذا الترابط الوثيق بين فرقهم القذرة في العالم حيث يقول الجنرال (ترومبيتاس) الذي قضى سبع سنوات من مجموع خدمته العسكرية البالغة ثلاثين عاماً في تدريب القوات الخاصة: إن حملات التدريب في أمريكا اللاتينية يمكن أن يعاد نقلها وإحيائها وتنفيذها بسهولة في العراق. ويقول عن هذا التعاون:هو تحالف عالمي كلما عملنا معاً، كلما كنا أشبه ببعضنا البعض.. ونحن عندما نشاطر قيمنا وتجاربنا مع جيوش أخرى، يصبحون وكأنهم نحن.

إن الجنرال (ترومبيتاس) فضح سر اهتمام أمريكا بهذه الفرق الخفية القذرة بقوله: إن القوة الخاصة هي (خاصة) لأننا نقيم علاقات مع القوات الأجنبية وجزء من إستراتيجيتنا هو الاشتباك على أرض الواقع والحفاظ على الصلات مع (الوحدات الخاصة) التي تُعتبر مهمة لأمن المنطقة والعالم... وسيكون لدينا علاقات عمل لبعض الوقت في العراق وفي غيره، والأمر قد يطول.

إن أمريكا تعول كثيرا على الوحدات المحلية (الفرق القذرة) لاستخدامها في العمليات السرية، وقيادة قوات العمليات الخاصة التابعة للجيش الأمريكي تراعي علاقاتها وتُنميها مع القوات الخاصة التي أنشأتها في بلدان الأخرى، لأنها تسمح لأمريكا بالتدخل العسكري بطريق سرية في هذا المكان أو ذاك من العالم، وهي برأيي واحدة من أذرع نشر العولمة في العالم وواحدة من جيوشها الكثيرة، وسوف تسند لها أقذر المهمات في التاريخ.

إن فكرة إنشاء الفرق الخاصة واحدة من أهم فقرات مناهج المجتمعات المعسكرة الطموحة التي تسعى لتقويض العالم القائم وإنشاء عالمها الخاص، وقد كان للمغول فرقتهم القذرة الخاصة وأسمها (المنغوداي) أي أبناء الموت قاموا ببنائها من مجاميع من الأولاد اللقطاء والمعوزين الذين تم فصلهم عن المجتمع في معسكرات خاصة خضعوا فيها لأقسى أنواع التدريب وأعنفه فتخرجوا مقاتلين لا يلتفتون للموت ويتلذذون بقتل الآخر كما يتلذذ الطفل بقطعة الحلوى. ولكنهم في النهاية انقرضوا ولم يبق منهم إلا ذكريات جرائمهم القذرة التي يندى لها جبين الإنسانية. وهو المصير الذي ستصير إليه فرق الموت القذرة كلها.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1131  الخميس 06/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم