صحيفة المثقف

كتاب روايات وقصص من الخيال العلمي للأديب العراقي المغترب قصي الشيخ عسكر يدرَّس في جامعة أردنية

والجدير ذكره أن القسم المذكور في الجامعة يترأسه الدكتور الروائي والشاعر عبد الرحيم مراشدة أستاذ الأديب العربي الحديث في جامعة جدارا الذي يولي اهتماما كبيرا للأدب العربي الحديث وأدب المهجر المعاصر.

يتكون الكتاب من روايتين قصيرتين ومجموعة قصص من الخيال العلمي أطولها رواية آدم الجديد التي تتألف من 66 صفحة وتعالج موضوع العولمة وهي رواية أعجب بها وهي مخطوطة الأكاديمي والناقد العراقي الدكتور صلاح نيازي فنشر منها عام 1999 صفحتين في مجلته الاغتراب الأدبي لكي لا يتعرض موضوعها للسطو وفقما اقترحه حينذاك على المؤلف.

تتلخص فكرة الرواية في محاولة طبيب أمريكي جمع خلايا مخية حية من أشخاص ماتوا في حوادث مختلفة في سنين متباعدة

استاذ جامعي أرجنتيني انتحر في خمسينيات القرن الماضي بسبب خيانة زوجته.أمير عربي شاب قتل في السبعينيات بحادث سيارة..يهودي دنماركي مراسل صحيفة دنماركية قتل في أثناء حرب رمضان عند قناة السويس مع الجيش الصهيوني. جندي أمريكي قتل في غابات فيتنام.صيني مات في تظاهرات ربيع بكين برصاص من قبل الشرطة الصينية.حين يصحو هذا الشخص يجد نفسه متعددا في أزمنة مختلفة.الرواية تثير إشكالات عديدة علمية وحضارية وفقهية ونفسية.ربما هي ثورة على العولمة أو رضوخ لها.

ماذا لوقتل هذا الشخص شخصا آخر من المحاسب الصيني أم ....

ماذا لو زارته أخته العربية وتحركت نحوها شهوة الأمريكي.

2441-qusaiمفهوم الآخرة غامض عند اليهود فكيف يحس به تناسخا كما ورد عند كونفشيوس حكيم الصين أو الثواب والعقاب عند المسلمين.

أعلاه بعض الإشكالات التي تثيرها الرواية تلك. وكل ذلك يتضارب مع  هاوية العولمة التي ننحدر إليها.هل نحن أبرياء أم منذبون. هل تنصهر حضاراتنا ببوتقة واحدة؟

أما الرواية القصيرة الثانية فتتحدث عن غزو الأرض من قبل أمة فضائية  تدعى جبارين الغرض من هذا الغزو هو أن أمة جبارين اصبحت بفضل التقدم العلمي مفرطة الطول في أعمار أفرادها فلم تعد موارد كوكبها تكفيهم  فقررت استعباد الأرض ليعمل أهلها في الزراعة فتأخذ معظم النتاج أمة جبارين لهذا السبب تصبح الأرض جنة خضراء تختفي منها المشاكل والحروب فلا هدف لاهلها سوى زراعتها وإطعام أنفسهم والأمة الأخرى التي تتحكم بهم ثم يتأتي العرض الآخر للأرض من أمة أخرى أكثر تطورا من جبارين هي أمة مختارين سوف تخلصهم من أمة جبارين شرط أن تأخذ هي كل معادن الأرض التي يحتاجونها في صنع أدوات تقدمهم العلمي.

إن الكاتب قصي الشيخ عسكر التفت إلى نقطة مهمة في تأليفه لقصصه ورواياته تلك هو أنه مزج بين الخيال العلمي وقضية الاغتراب ثم جعل الأرض مع الفضاء محورا لأحداث الخيال العلمي بعد أن كان الفضاء هو وحده المسرح التي تجري عليه أحداث روايات الخيال العلمي، فموظف بسيط مثل بطل الحاوية الذي تختطفه مركبة فضاء من على الأرض لغرض إجراء تجارب عليه يحس بالصغار والضعة حين يتذكر أننا نحن بني آدم نقيم تجارنا على الفئران وهاهي أمة أخرى أقوى منا وأذكى تضعنا في الموضع ذاته لكن البطل نفسه يشعر بالفخر والاعتداد بالنفس حين ُيختطـَف مرة أخرى ليقول له خاطفوه من سكان الفضاء إنه نقل إليهم اشياء غريبة لايستطيعون لها تفسيرا وتعجز عن حل شفرتها اكثر الأجهزة تطورا مثل الهم والحزن والبكاء والفرح والانفعال فيصرخ البطل من أعماقه بعد أن يسمع كل هذا:لقد كنا نتصوركم في الماضي آلهة فعبدناكم وها نحن بعد كل تلك القرون نكتشف أننا أهل الأرض نؤثر فيكم فنحول الكون المترامي الأطراف البارد المظلم إلى عالم منفعل ذي إحساس.

نتيجة لذلك لايحس بالحنين إلى الأرض مثلما أحس عند اختطافه في المرة الأولى لانه يشعر أنهم حين يجرون التجارب عليه لمعرفة سر الحزن والغم والفرح والبكاء والضحك الذي انتقل منه إليهم إنما في الحقيقة  هونفسه  الذي يقيم عليهم تجاربه الآن، في النهاية هو المنتصر وليسوا هم!

لقد أثبتت جامعة جدارا وقسم اللغة العربية فيها برئاسة الدكتورعبد الرحيم مراشدة أنها تتابع بكل اهتمام حركة أديبنا الشيخ عسكر بصفة خاصة وحركة الأدب العربي الحديث بصفة عامة وهي ثالث جامعة تتناول أعمال هذا الأديب بعد جامعة دمشق وجامعة البصرة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حيوية الأدب المهجري المعاصر وقوته وحيويته.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1580 الخميس 18 /11 /2010)

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم