صحيفة المثقف

امرأة التابو.. وعودة كلكامش شاعرا.. قراءة انطباعية / سلام كاظم فرج

 والصادرة عن دار سندباد للنشر بأنماط  من محاولات إضفاء المعنى على العالم من خلال الشعر ومنح ثيمة الحب والوفاء واسئلة الوجود أبعادا تؤسس للجمال والخلود وتتقاطع مع قيم الزوال والنكوص..

 الشاعر سعد الحجي في ديوانه هذا مأخوذ بموسيقى قصيدة التفعيلة.. مأخوذ برومانسية تقترب من رومانسية بدر شاكر السياب المترفة المشبعة بالأسئلة الممضة..

 لست بصدد قراءة قصائد الديوان قراءة نقدية بل التهويم حولها والتلذذ بالإحالات والانطباعات التي تركتها في..

 

ينحو الشاعر الحجي منحى الأساتذة الكبار في الشعر العربي الحديث في أستعماله الأسطورة  والخرافة.... فتأتي  احيانا مجرد كلمة عابرة موحية دالة ..وتأتي احيانا لتمثل ثيمة القصيدة الرئيسية..

 كما في (ها قد عاد ياكلكامش).. وقصيدة (بلا نظير..)..

يامن توشحت العناد

 ترفقي

 هي ذي اليمامة..

ابدلت شدو الهديل

 بشدو صمت مطبق..

 أترينها تندب بيراموس...؟

يقول الشاعر بدر شاكر السياب في مقالة له (هنالك مظهر مهم من مظاهر الشعر الحديث هو اللجوء الى الأسطورة والخرافة.. واللجوء إلى الرمز.. ولم نكن من قبل بحاجة الى الرمز؟؟.. فنحن نعيش في عالم لاشعر فيه.. أعني أن القيم التي تسوده قيم لاشعرية.. والكلمة العليا فيه للمادة..).. ــ المصدر المجموعة الكاملة لبدر السياب.. ناجي علوش ــ

 ونقول متواضعين تأسيسا على رأي الشاعر الكبير (ونحن اليوم بأمس الحاجة الى التناص مع الأسطورة والخرافة لابمعنى تكرار ما جاءت به من مفاهيم بل إعادة الحرارة إليها من خلال  أسطرة الحاضر فعالم اليوم أكثر مادية من عالم بدر الذي كان..)

 ورأيت الشاعر سعد الحجي في ديوانه هذا  يؤسس لمثل هذه الرؤى. وكأنه يكمل رسالة خليل حاوي في منح أسطورة اليعازر بعدا معاصرا أو يكمل رسالة السياب الخالد في  تفعيل الأسطورة وعصرنتها  من خلال إيرادها كمفردة موحية أو الغوص في تفاصيلها برؤية عصرية...

ورغم إفلات الشاعر الحجي من شرك الصناعة  وتفرده بعذوبة محببة رومانسية لكننا نرى في كل قصيدة رؤية فكرية محددة تمتلك أبعادا فلسفية تجنح الى إثارة السؤال.. متطامنة مع النص ..وانطباعي العام بعد قراءة كل قصيدة ان الشاعر ينتقل من ضفة النص الخام العفوي الى النص المصقول..

 ويتألق الشاعر في رسم رسالة نصوصه لاشعوريا في قصيدة تداعيات كما شئت.. فقد تقمص روح بجماليون الخلاقة .. لنر ما يقول..

(كوني رمادا في العيون..

فأنا صنعتك..

 من رؤاي الحالمات..

 حين ابتدى بجماليون

 ونحت في صخر انتظاري..

 وطفقت انثر

 مايجود العاشقون

 زهرا.. فراشات من الأشعار..)..

 هنا يبلغ الذروة وكأنه يخاطب قصائده أكثر مما يخاطب صاحبته  ليأخذ بيد المتلقي الى الجوهر..(هذا مجرد انطباع)..

 وقصائد الشاعر سعد الحجي تعتمد التركيز والتكثيف والاقتصاد في المفردات رغم إنها تنتمي أكثرها الى شعر التفعيلة التي تتحمل الإسهاب احيانا بعكس قصيدة النثر.. وهو هنا يظل مخلصا لأهم خصائص القصيدة المعاصرة  التي تعتمد الإيماءة والإحالة  لا الاستغراق في  الرسم.. وابقاء الكثير من الفضاءات متاحة للمتلقي..

 لا املك إلا القول إني

 استمتعت جدا بقراءة ديوان الشاعر الصديق الأستاذ سعد الحجي وما كتبت هنا لايعدو ان يكون سوى انطباعات عابرة والديوان يستحق دراسات نقدية عالية ..

 وإذا كان كلكامش قد أبحر  بحثا عن عشبة الخلود فأن الشاعر الحجي قد أبحر أيضا بحثا عن عشبة الخلود ولكن بهيئة شاعر وبعدة شاعر.. وكأن قلقميش قد عاد ثانية متوشحا الشعر  وعناد الشعر ومطاولة الحالم المتأمل.. المتفائل.. وعناد البحث عن رؤى إنسانية شاملة متخاطفة تخاطف النجوم المضيئة في الأعالي..

 ويطيب لي في الختام أن اوجز رأي أحد كبار الفلاسفة المعاصرين راودني وأنا استمتع بقراءة ديوان الشاعر الأستاذ سعد الحجي.. (إن وعي الماضي يثقل كالكابوس على عقل البشر الإحياء) وأضيف إليه بتواضع.. وليس سوى الشاعر من  يمتلك القدرة على تفادي هذا الكابوس وتحويله الى حلم جميل..!...

 

ورأيت الشاعر الحجي  يجترح من كل أساطير الماضي رؤى مؤسسة لعالم نبيل جميل وشاعري.. ويرشدنا الى المعنى.. والى العشبة المرتجاة.. لكي نتفادى الماضي وكوابيسه.. ونحلم.. ونعشق..

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1599 الثلاثاء 07 /12 /2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم