صحيفة المثقف

حول المؤتمر الأوربي العشرين للجلطة الدماغية / عامر هشام

قد عملت فيها فطلعت بسجادة لا أجمل ولا أحلى تجاورت ألوان الطبيعة فيها الى بعضها فزادتها رونقا وألقا. لم أزر هذه المدينة من قبل، حيث وصلتها في الثالث والعشرين من شهر مايس الماضي بعد دعوة لحضور المؤتمر الأوربي العشرين حول الجلطة الدماغية ومضاعفاتها.

 وقد علمت أن ما يقرب من ثلاثة آلاف طبيب من المهتمين بهذا المرض في أنحاء أوربا سيحضرون المؤتمر أضافة الى العديد من أطباء دول أخرى. وهذا ما أكده لي شخصيا رئيس المؤتمر البروفسور هنيريسي الألماني الجنسية والذي يرأس بنفس الوقت تحرير أحدى المجلات الطبية المتخصصة بمرض الجلطة الدماغية. فقال هنيريسي أن المشاركين هذا العام قد وفدوا من أكثر من ستين دولة في العالم، فهو المؤتمر العالمي وليس الأوربي فحسب.

 وصدق في ذلك، فعلى مدى ثلاثة أيام بين الرابع والعشرين  وحتى السابع والعشرين من شهر مايس الماضي أزدانت قاعات مركز المؤتمرات العالمي في مدينة هامبورغ بالمئات من الملصقات الطبية التي تبحث في موضوعة الجلطة الدماغية وأسبابها وأهم العلاجات المتوفرة لها حاليا. كما كان البرنامج العلمي حافلا بالمحاضرات المهمة التي تناوات تفاصيل المرض وطرق العلاج والوقاية.

الجلطة الدماغية...أعراض وعلامات

ولكن ما هي الجلطة الدماغية؟ وما هي أعراضها وعلاماتها؟.

تقول منظمة الصحة العالمية أن جلطة الدماغ هي متلازمة أعراض وعلامات تبدو على جسم الأنسان المصاب بعد تكوّن خثرة في أحد الشرايين الدماغية الدقيقة فينقطع الدم الوارد الى منطقة معينة في الدماغ وحسب تموضع الشريان الذي سدت الخثرة مجراه. وهكذا قد تبدو علامات الشلل أو ضعف العضلات في أطراف الجسم عاليها وسافلها، وفقدان القابلية على النطق أو بلع الطعام ألى ما غير ذلك من أعراض مرض الجلطة الدماغية التي تشمل أحيانا فقدان البصر. على أن الخثرة الدموية تبقى السبب المباشر الرئيس في حصول المرض، كما أن حصول النزف الدموي الدماغي يشكل نسبة 15% من أصابات السكتة الدماغية أذا جاز التعبير.

وأذا سألتني قارئي الكريم  عن أسباب الجلطة الدماغية مما فصّل فيه مؤتمرنا المذكور فأكاد أجزم أنه مرض أرتفاع ضغط الدم، الأول بين الأسباب، ثم هناك عدم الأنتظام في النبض أو مرض القلب بصورة عامة، وزيادة الدهون والكوليستيرول في الدم، وتضيّق الشرايين السباتية في جانبي الرقبة أوتصلب الشرايين العام في الجسم، والسمنة والتدخين والأصابة بمرض السكر وما يتعلق بكل ذلك من أسباب أشبعها المؤتمرون في المؤتمر الأوربي العشرين لأمراض الجلطة الدماغية بحثا وتمحيصا.

وأذا سألتني ثم سألتني عن معدلات الأصابة بالمرض، أقول أن جلطة الدماغ مرض شائع..ولا غرابة، ففي بريطانيا مثلا هناك أصابة به كل خمس دقائق، وكل أربعين ثانية في أميركا...ثم أن الأحصائيات تقول أن هناك ما يزيد على 15 مليون أنسان مصابا بجلطة الدماغ في العالم كل عام حيث يظل خمسة ملايين منهم معاقين، بحاجة الى مساعدة ما لأداء وظائف الحياة. ولذلك تبذل الجهود وتخصص الميزانيات في العالم لمحاربة جلطة الدماغ ، وأيجاد أفضل السبل علاجا.

وهكذا تبارى الباحثون في مؤتمرنا المذكور في ايجاد أفضل طرق للوقاية والعلاج فكان بعض من النتائج ما يلي:

1.تظل حبة الأسبرين بكمية 75 ملغم هي خير الدواء للوقاية من خثرة دماغية في حالة الأصابة بواحدة. فقد طلعت علينا البروفسورة الفرنسية بوسر وهي تعلن بصوت حزين أن جهودها وفريقها العالمي في أيجاد بديل عن الأسبرين قد فشلت. ويظل واحدنا يسأل لماذا كل ذلك وحبة الأسبرين نافعة نافعة وسعرها زهيد زهيد.

2.أن أفضل طريق للتعامل مع جلطة الدماغ هو أعطاء المريض مباشرة ودون تأخير الأبرة الخاصة بمذيب الخثر والتي تعطى على مدى ساعة واحدة في الوريد بعد التأكد بواسطة أشعة المفراس وفحص المريض من تشخيص الجلطة الدماغية. وسر نجاح هذا العلاج هو أن يحضر المريض المستتشفى خلال الأربع ساعات الأولى من ظهور أعراض وعلامات المرض.

3.أن العلاج الطبيعي مهم جدا للتواصل مع الجهاز العصبي للمريض وتدريبه على ما أعتاد عليه من وظائف. كما أن هناك دورا مهما لعقار (البوتوكس) والذي يحقن في العضلة المتصلبة لمريض الجلطة الدماغية مما قد يساعد العضلة على الأنبساط فيقل الألم ويزيد الأحتمال بتحسن وظيفة العضلة المصابة.

4. أعلن البوفسور هنيريسي رئيس المؤتمر الأوربي عن تخصيص ميزانية جيدة لبحوث أستعمال العلاج بالبرودة الدماغية لمرضى الجلطة. وهو من الممكن في مراكز معينة تتمكن من تخفيض درجة حرارة الجسم الى 35 مئوى او الى ما دون ذلك بقليل. ويقال بأن ذلك سيساعد الدماغ على أسترجاع بعض مما فقده من وظائف بعد حصول الخثرة في شرايينه.

كما أعلن عن تخصيص ميزانية تمويل أخرى للبحوث الخاصة بالجلطة الدماغية الحاصلة اثناء النوم،وهو ما قد يصيب قرابة ال 20% من مرضى الجلطة الدماغية.

ومن الملاحظات أن عددا من الأطباء العرب كانوا هناك في المؤتمر، فكم نحن بحاجة في بلداننا العربية من الأنتباه الى مخاطر أرتفاع ضغط الدم مثلا للحد من الأصابة بجلطات قلب أو دماغ. بل قل كم نحن بحاجة الى بحوث حول مدى أنتشار المرض عربيا والتعرّف على أهم مضاعفاته عند مرضانا وكيف تكون أفضل سبل الوقاية منه والعلاج.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1780 الاثنين: 06 / 06 /2011)

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم