صحيفة المثقف

جلجاميش .. المنقذ المولود من دمعة

تمثالاً صغيراً بطول أصبع وتطلب منه أن يحافظ عليه ففيه أمل الأنقاذ .

لم يصدق الأمير المرأة، ولم يدرك كيف لتمثال صغير بطول إصبع، أن يتسبب بانقاذ بلده وشعبه .

 في الليل يبكي الأمير الشاب قهراً وعجزاً عن فعل شىء،  فتسقط دمعة على التمثال الصغير، وفي الصباح يجد التمثال قد تحول الى كائن بطول فتر واحد، يتقافز بسرعة مذهله، يداعبه ويضمه الى حضنه، ومع مرور الوقت يلاحظ ان المخلوق الظريف ينمو بسرعة حين يأكل الحديد .

يعرف الأشراربطريقة ما عن المخلوق الذي بدأ ينمو بسرعة كبيرة  فيحاولون تدميره بشتى السبل، لكن الأمير يلوذ به في الأمكنة والناس .

يصبح التمثال عملاقاً مخيفاً تستفزه كلمة (غراب أسود) وهو اللقب الذي أطلقه الناس على الأشرار، فينهض مجدداً من تحت أكوام الصخور والتراب التي حاول الاشرار دفنه فيها للقضاء عليه كي يسحقوا روح الأمل عند الشعب وأميره .

يجمع له عامة الناس، كل ماتوفر لديهم من الحديد بما فيها سيوفهم ورماحهم ومحاريث أرضهم، بل واغراضهم الشخصية كذلك، من أجل أن يستمر في النمو كي يستطيع هدم جدران القلاع التي يتحصن فيها الأشرار .

في اليوم الموعود، أكمل الأمير استعداده لخوض المعركة ضد قوى الشر، فتبعه الناس وهم يحملون كل ما وصل الى أيديهم من العصي والمذاري وماشابه .

لا أمل لديهم في النصر سوى أمير شجاع و(جلجاميش) المنيع الذي أصبح عملاقاً مرعباً، وبتوجيه من الأميرالباسل وهتاف الجموع  الزاحفة، تغلب (جلجاميش) على حصون الاشرار واحداً تلو الآخر ليحاصروا من ثم  في القلعة الأخيرة .

وفي المعركة الفاصلة، دك (جلجاميش) جدران قلعة الشر وهدم أبراجها، ليندفع بعدها سيل الناس الغاضبين مكتسحة في طريقها جموع الاشرار الذين اعتقدوا انهم يستطيعون الفوز باقتطاع البلاد واستعباد شعبها .

الأمل المولود من الدموع والألم، صغيراً عاجزاً في البداية، تحول الى عملاق  عصي أنقذ البلاد واهلها الطيبين الذين رعوا ذلك الأمل واحتضنوه  ليخلصهم وبلادهم في نهاية المطاف بعد كل ماعانوه من مآس وويلات.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1168 الاثنين 14/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم