صحيفة المثقف

هل سينتصر آوباما من جديد؟ دعونا ننتظر كل جديد / عبد الجبار العبيدي

فهي الآمر وهي المنفذ وهي المحتل، لم يعد يُعرف اسمها الا من خلال الاعتداء، ولن يُقرن تاريخها الا من خلال الحروب والدمار، ونسي العالم ابراهيم لنكن وجورج واشنطن ولوثر كنك وجفرسون ودستوره العظيم، لتقرن بنكسن وريكن واخيرا بجورج بوش الابن وكل المتهورين.لكن آوباما طوى كل تلك الصفحات السوداء ليكتب بأصبعه الاسمر تاريخا اخرلامريكا هو امريكا الجديدة فهل سيحقق الوعد، ام مثل الاخرين .

 

في التاريخ محطات سوداء كثيرة في عمر الشعوب، كانت بدايتها مع الفراعنة المصريين، حين استبد الفرعون بمصر والمصرين يوم اجبرهم على ان يبنوا له اهراما جبارا ليكون قبره خالداً شاهدا على الظلم والظالمين. أهرامات تعني ان آلوفاً من البشر ظلوا يعملون عشرات السنين لينشئوا قبراً لانسان واحد، وظل النيل في كل سنة قمرية يلتهم اجمل فتاة مصرية ضحية لرأس الفرعون المتجبراللئيم، وما درى هذا الفرعون ان نواميس الطبيعة ترفض الاستعباد وقتل الاخرين.فهيأت له من خرج يتيماً من سلة الخوص العائمة في بحر النيل ليكبر ويُغرق فرعون والاثمين، انه النبي موسى (ع)، كما خرج آوباما من رحم الزمن المجهول ليقول للجاهلين كفى فقد آن وقت الرحيل.

 

وفي زمن اخر مشابه، ظهرت الدولة الرومانية بأباطرتها المتعجرفين أمثال الأسكندر المقدوني، الذين لم يراعوا حرمة لقانون ولا احتراما لانسان .حين اعتبروا الناس عبيدا لهم، يجرونهم بالحبال ليقدموهم فريسة لاسد جائع رابض خلف قضبان الحديد وهم يتفرجون ويضحكون متناسين الله والمنتقمين حتى مات الأسكندر كموت الخائبين.هذا هو الانسان الذي كان يعيش تحت سيطرة اباطرة مستبدين لا قيمة للانسان في نظرهم ولا معنى للعدالة عندهم. حتى هيأ لهم الله عيسى ابن مريم (ع) ليقول لهم ان السلام هو البديل، والمحبة هي بديل العداوة والكراهية، والعدالة هي بديل الظلم وقهر المستضعفين .فهداهم الله اليه لتنتهي دولة اباطرة الرومان المستبدين، وينتهي معها ظلم الظالمين في 476 للميلاد.

 

ويموت المسيح عادت ايام الظالمين والمتجبرين من امثال ابي جهل وأبي لهب وكل جهلة الجاهلية الأولين، يسومون الناس بالسياط والحبال والقتل الجماعي لتسود اصحاب الرايات الحمر في ارض مكة مرة اخرى ضد المؤمنين بالله والصابرين، لكنها كانت ساعة مالبثت ان انتهت ليبزغ قمر بني هاشم من بين الجبال ومن قمة جبل حراء الاشم ليقول لهم كفى أيها الظالمون، كفى لا تقتلوا الناس بالباطل ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل فقد آن الاوان لترحلوا من ارض ابراهيم السلام ايها الافاكون . وليقول له القرآن : (ولا تطع كل حلاف مهين همازُ مشاءُ بنميم، مناع للخير معتدٍ اثيم، القلم10-12). نعم انه وصف آلهي تجسمت فيه كل المحسنات اللغوية بلغة الاستنكار، انها لغة القرآن التي لا تخطأ ابدا.

 

وتستمر المسيرة عبر الزمن من الامويين الى العباسيين والمغول والصفويين والعثمانيين، حتى جاء البريطانيون ليقولوا لنا لقد جئناكم محررين لا فاتحين، فأحتلوا الارض والبساتين والزروع، وكان قائدهم الجنرال (مود) الذي بقي تمثاله منصوبا في شواكة بغداد حتى مجييء حكم العراقيين.لكن ما كانوا يضمرونه لنا بقلوبهم السوداء لم يعد مستورا حين افرغوا فينا نظرية جديدة لم نعرفها من قبل (فرق تسد)، ادركها العالِمُ والامي معا ليهبوا أنتقاماً من الغاصبين في انتفاضة شعبية كبيرة يريدون ان يتصالحوا مع انفسهم والاخرين. ليقولوا لابي ناجي اخرج من وطننا نحن مع عمر وعلي امراء المؤمنين الصالحين، فكانت ثورة العشرين وموقف المرجعية العظيم، حين اشار السيد محسن الحكيم كبير المرجعية بأصبعه المبارك ان (لا فرق تسد) بل العراق لكل العراقيين . بعدها تحرر العراق وبنى جيشا ودستورا ومجلس امة كلهم من العراقيين وان اختلفوا في تفاصيل القادمين.

 

وتستمر المسيرة ويأتي الينا ملك عظيم من الهاشميين من سلالة من حرر العرب والعراقيين من براثن المستعمرين .لكننا اختلفنا ولم نتحد فكانت مأساتنا في الثوار الحقيقيين الذين نادوا بالوحدة والاصلاح ونفض غبار السنين، لكنهم لم يصمدوا حين أختلفواعلى قسم اليمين، فكانت عاقبتهم مع الخاسرين. وماهي الا سنين حتى جاء فرعون جديد لا يقبل الا رأيه دون الاخرين، فأشعل الحروب وقتل النفوس وأنتهك الدستور والقانون وشرد المخلصين. مللنا وقلنا يارب متى تبزغ علينا شمسك الذهبية لتزيل ظلم الظالمين.، فأستجاب القدر في 9-4-2003 لكننا لم نرَِ من جاء الينا من العراقيين حين صعد ممثلهم بنعاله على تمثال من يحكمنا ليلفه بعلم اجنبي ما آلفته بغداد والوطنيين، حتى صرخ الشعب مذهولا لينتبه ذلك الجندي الغريب ليستبدلة بعلم العراقيين، لكنه اسقط التمثال والعراقيين.

 

بعدها لم نرَ عراقيا يحكم سوى نفرُيهرول هذا بسدارته السوداء وذاك بعباءته الصفراء والاخر بسرواله الفضفاض خلف رجل نحيف، قلنا من هذا الذي جاء الينا؟ قالوا لنا انه بريمر حاكم العراق الجديد.قلنا يا ويلنا أنستبدل صدام ببريمر ام بالعراقيين ؟ قالوا لنا اسكتوا والا قطعنا رؤوسكم والسنتكم ايها العراقيون ألم تكونوا أنتم من جئتم بنا لنحرركم من عبودية السابقين. سكتنا وأنزوينا، وقلنا مع انفسنا نعم نحن الذين جئنا بكم، قدر كتب علينا، نُستذلُ ونُحتلُ ونُسرقُ ونُقتلُ ونُهجرُوتسرقُ ارضنا واموالنا ويستذل علمُنا وتستباح اعراضنا بعد كل ذلك الشقاء وامل المحررين.ما ضننا ابدا بأننا كنا نعمل مع من لم يوفوا بعهد الصادقين، ونحن لا زلنا صامتين، يا ويلنا أحقاً نحن الذين قتلنا عليا والحسين وحجر بن عدي وكل الطاهرين، الذين وفوا بعهدهم لله والوطن والصادقين؟ قالوا لنا لا نحن القادمون رغماً عنكم وعن عمرَكم وعليَكم وحُسينَكم، نريد لكم طائفية وعنصرية كردية ، عربية، وتركمانية، لاكما كنتم تخططون مع الوطنيين.فلا بيوت لكم انتم الان في العراق لابل مع المهجرين .

 

سبحانك يارب حين تُذهب ملوكا وتستخلفُ اخرين.وصدق وعدهم فهذا الكردي يطالب بأنفراديته وكرهه حتى لعلم العراقيين، فراح يبني ويعمر ويعقد المعاهدات مع الاخرين ونسي انة جزء من عراق العراقيين. صدق قوله ألم تكن له سفارته المستقلة، وحكومته وعلمة ونوابه وحدوده وخارطته الجغرافية وبعض قادتنا يهرولون خلفة أملا بغنيمة او جاه عنده خوفا من مصير الاخرين، يا لعار السنين.هذا لم نقله نحن، بل قالها المالكي بعظمة لسانه حين احسَ انه ظلمَ نفسه والعراقيين، فجاء منتفضا لربما يغفر له التاريخ، ولا ندري من سيظهر غدا يطالب بكركوك والانبار والموصل حتى يتحقق حلم اسرائيل والاسرائيليبن.

 

واليوم يأتي آوباما ليقول للذين دمروا امريكا وسمعتها، والعالم وتراثه، والشعوب ومكتسباتها، ليقول لهم كفى قفوا فقد آن وقت الرحيل. فهذا هو الشعب اليوم لم يأتِ لينتخب آوباما ولكن جاء لينتفض انتفاضته الكبرى ليتصالح مع نفسه والعالم الاخربعد ان وصلت سمعة امريكا الى الدرك الاسفل بنظر الناس والمواطنين، فهب شعب امريكا الحضاري هبةً واحدة ليكنس المتجبرين الذين آمنوا  بالعنصرية والطبقية والتطرف الاعمى وضد كل الذين لا يؤمنون بالشعوب والمتحررين، فمتى يظهر آوباما العراق ليعيد وحدة الصف للعراقيين، مثل انتفاضة موسى ضد الفراعنة المتجبرين وعيسى ضد الاباطرة المتغطرسين ومحمد ضد الطغاة من قريش اصحاب الرايات الحمر من الظالمين.وانا واثق سيأتي آوباما من جديد حتى لا تتكرر المآساة على الأمريكيين والعراقيين.

 

أهي انتفاضة امريكية هذه ام خلاص لنا من القتلة والطامعين والمجرمين الذين عاثوا في الوطن العراقي الخراب والدمارمن القاعدة والبعثيين والمجرمين، وما دروا ان واحدا مثل اوباما سيظهر من بين الصخور ليفجر الارض تحت اقدامهم واقدام القتلة السارقين. يا عراق من يتمَ أبنائك ورمل نساؤك وسرق أرضك وأموالك ونهب تراثك وزرع فيك (فرق تسد)، أهلك ؟ام جيرانك؟ أم من القادمين؟، قالوا لنا نعم، كلنا من المشتركين سطور حفرها التاريخ في بطونه سيقرؤها للقادمين، تاريخ لا ينكره احد، كتبت نصوصه بحبر الشاهدين. واليوم آوباما يريد تحرير الوطن ونحن على وعده من المنتظرين، وفعلا نفذ وعده مع الصادقين وانسحب بجيشه من ارض العراقيين، ألم نكن نحن شعب العراق شعب السومريين والاكديين والبابليين والاشورين ؟ أحرار منذ خلقنا في ارض المُصلحين حين هزُمنا العيلاميين والعثمانيين، شعب المصلح آوركاجينا ونبوخذ نصر وحمورابي وشلمنصروعلي والحسين والاخرين؟ الشعوب الحرة ترفض العبودية واحتلال الاخرين، ونحن لازلنا مع الصابرين، فأين انت منا يا عمر وعلي والحسين الذين ضحيتم بارواحكم من اجل الوطن والدين والمسلمين.نطلب نجدتكم ونعترف بأننا كنا من المساهمين.أيغفر لنا غدا يوم الحساب رب العالمين؟ لااعتقد، لان الله لامَ محمد يوم سمح للاعراب بالتهاون مع من كان يريد احتلال ارض المسلمين(التوبة43). واليوم أيستوحي منكم المالكي ثورته ليعيد العراق للعراقيين ام انه اصبح (To late) بنظر المحررين.ونحن نقول له أقدم يا مالكي فلا زال أمامك متسع من الوقت لتكتب للعراق صفحة اخرى غير التي عهدناها من الاخرين. وسيكون الشعب كله معك ولربما تخرج شجرة مورقة من بين صخور الزيزفون، اقدم ولا تهب الناكثين؟

 

هناك من ينادينا من خلف حجب الليل البهيم، يقول لنا لقد تغير الزمن ام انتم لازلتم مع اصحاب الكهف من النائمين، فقلت له لا، سيهب الشعب كله ويقف معنا عمر وعلي والحسين ليقول لهم لا، والف لا للخائنين أمثال الشعلان واأيهم السامرائي والبدران وكل المهرولين وراء قصور المتعفرتين،  نحن نريد وطنا موحداً حرا للعراقيين.

 

انا واثق نحن اليوم في مخاض المنتظرين؟ واصحاب الوزر يتربصون بنا اليوم يريدون موتنا حتى يسمعوا الأنين، لا يا مخلص العراق لا تقبل مؤتمرا للفاسدين المتربصين بالوطن ولا توافقات مرفوضة من رب العالمين ولا محاصصة تقتل العراقيين، نريد مؤتمرا وطنيا من خارج الزمرة التي تأمرت على العراقيين لتخرج لنا دولة تؤمن بالعراق والمواطنين، ارضا لنا، مياهنا لنا، ثروتنا لنا لا للمجاورين الذين اشبعونا ذلأ وكراهية فهل تسمع يا مالكي اليوم ام انت ستصطفُ مع المتخاذلين؟

 

عبد الجبار العبيدي

   

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2000 الجمعة 13 / 01 /

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم