صحيفة المثقف

ليست قصيدة .. فاعذروها / عبد المطلب محمود

ولا أعني أولادَها العاقـّين المتاجرين ببغضِها

ولا أعني حروف الجرِّ التي تأخذها إلى الهاويات السحيقة

بدلاً من نشر راياتها في الآفاق!

 

ولا تلوموا الأمّهاتِ المُصاباتِ بالشيخوخة

إمّا وَلوَلنَ في الساعات الأخيرة من المساء

والساعات الأوَل من الصباح

وقد افتعلن مشاكساتٍ لا يُطيقها الأبناءُ

أو زوجاتهم المغرورات بشبابهنّ، أو قطيع الخراف

من الأبناء والبنات والأحفاد وأبناء الجيران

فما ذلك كله إلا محاولات يائسة

لتأكيد الوجود الآيل إلى رماد!

 

ولا تقولوا أن هذيانات قنوات التلفزة المتناسلة من الريح

مجرّد فواكه يأتلفها الدود

إن سقط أكثرها في وحشة انتظار العازفين عن مشاهدتها

إذ انشغلوا بنحيب الأوطان

وبصراخ الأمهات بلا سبب جدير بالاهتمام

وبثرثرة الزوجات المغرورات

العارفات بمقاماتهنّ عند أزواجهنّ المتعبين من الثرثرة

فهذا كله تدبير مُحكم مفروغ منه

بدأ قبل بدء الخليقة الأولى

وظل يتحكـّم بالحياة البشرية إلى يوم الدينونة!

 

ألا لا تلوموا القصيدة إن لم تجد حاكماً يُخلصُ لبلده

فيستحقَّ مديحَ المغفـّلين من الشعراء

وأمهاتِ أكلت الشيخوخاتُ رؤوسَهنّ

حتى لم يعُدن صالحاتِ للرثاء

وزوجاتِ لم تنفعْ موادُّ التجميل الباهظة

في إثارة غيرة الكلمات الجميلة منهنّ

مهما بلغتْ قدراتهنّ في الإمساكِ بتلابيب الأزواج الحمقى

وأزواج ٍ لا يملكون أمام "فتنة" الحقد على الوطن

وعلى الحكـّام المتكالبين على عضّ أصابع أرجلهم

وعلى الأمهاتِ اللواتي لا يعترفن بشيخوخاتهنّ

وعلى الزوجات الخائبات

وعلى... وعلى... وآه ه ه ه ه ه ه ه!!!

 

هل يعقل أن تمرَّ بكَ هذه المحن ولا تهذي؟!

هل تهذي وأنتَ تشعرُ بمنتهى صفاء الذهن؟!

هل تلوم الشعر إن لم يكنْ صريحاً مع خيلائك؟!

هل؟!.. وهل؟!.. وهل؟!

ولا شيءَ يفصلُ الكلماتِ إن تشابكتْ أو تشاكلتْ أو...

أو انسحقتْ تحت أقدام "فراعينَ" حفاةٍ

كلما ارتدوا حذاءً جديداً تذكـّروا عجزَ آبائهم

عن جعلهم بشراً أسوياء!

 

لا شيءَ يجعلُ الأمهاتِ يحتفظن بحنان أمومتهنّ

أيامَ كـُنّ يحتضنّ أزواجاً كاملي الرجولة في الأسرَّة

ويجعلُ الزوجاتِ الحانقاتِ على أنفسهنّ

يُطلقن "عرائسَ" الأشعار من أقبيتها القديمة

ويجعلُ الشعراءَ أكثرَ يقيناً من غفلتهم

ـ ولنقلْ مُغفـّلين أكثر من سواهم من أبناء شعوب

الشعب الواحد ـ

وهم يُراودون القصائدَ عن نفسها

فلا يلتقطون غير الحصى

وحجاراتِ أزمان أحلامِهم الذاهبة!

 

لم أقلْ كلَّ شيء..

ولم أحدِّثكم عني

ولم يكُ هذا شأني أبدا

في أيِّ يوم ذاهبٍ حتف أنفِ الكلمات

فالشمسُ في قلبي مُشرقة ُ القلبِ أكثرَ مني

وبيتي لا تدخلُ الريحُ إلا من خلال أشجاره المورقة

وأمّي ليستْ إلا عروسَ أبي...

أبي الذي تركها ـ مُكرَها ًـ حين التقى به مَلكُ الموت

أما زوجي ـ أو زوجتي خطأ ًشائعاً في اللغة ـ

فهي من الحرص على سلامتي

حدّ أن كادتْ تـُزعج صديقي الشعرَ

فيُهاجرَ إلى وطن ٍـ منفى غيري!!!!

 

أستميحكم العذرَ إن أصبتكم بالهلع

وأستميحُ الهلعَ إن ظنَّ بي الظنون

وأستميح الظنونَ المعذرة

لأنها توهّمتْ أنني أملكُ أسبابَ السعادةِ المسجَّلة

في دوائر الدولة العليا ولدى منظمات الأمم المتحدة

إذ أغرتها لامبالاتي

بالغرق في قصائدي المُتفائلة من تلقاء نفسِها

خشية َأن أمزّقـَها ورقاً

أو أمحوَها من "لاب توبي"

فتضيعَ في دروب الوطن الملتوية!

 

لقد هذيتُ بما يكفي..

وسكنتْ نفسُ القصيدةِ إذ غالبَتني يقظة ُأسرار قلبي!

 

د. عبد المطلب محمود ـ بغداد ـ العراق

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2028 الاحد 12 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم