صحيفة المثقف

جون .. وماري / عامر هشام الصفّار

المواطن الفقير في مدينة نائية بجنوب ويلز..وصورته اليوم أمامه على جدار بيته الهاديء هدوءا موحشا لا يحبه..يمعن النظر في الصورة وهو واقف أمام جدار غرفة الجلوس المطلّي باللون الأصفر..

صورته تلك تضمّه مع فريقه الكامل من تسعة رجال عمال مناجم الفحم في ويلز..كانوا يوما يبحثون عن الفحم الأسود..فحم الثورة الصناعية المنسيّ..

يمسح دموعه..ويقف بأستعداد أمام المرآة، يقنع نفسه أنه لا زال شابا يافعا..اليوم هو مع صديقته التي تكبره بثلاث سنوات..ماري..أبنة الوزير السابق في حكومة ويلز العمالية..

يسارع بأستعمال بخّاخ الربو..ويضع حبته البيضاء الصغيرة تحت لسانه مستعدا لحفلة الرقص في نادي المدينة الرئيس الذي يبعد عن بيته قرابة العشر دقائق بسيارته القديمة..يضع النظّارة ويتعطّر بعطر لم يغيّره منذ سنوات طويلة..يمسح قطرات عرق باردة أخذت حيزا من جبهته العريضة..

يحس ألما في صدره..فلا يعبأ..فقد ذابت الحبة الصغيرة تحت لسانه، وصديقته ذات العمر السبعينيّ بأنتظاره لحفلة رقص طالما تدرّب عليها بنشاط لم يحسّ مثله سابقا..

ظلّ هذا المساء يرقص..وماري..تضحك..كأنها دمية العرائس بثوبها الورديّ وأقراط الأذن الظاهرة...الفيروزية اللون..يستدير جون ديفز فجأة نحو باب قاعة الرقص الرئيس..يباغته ألم الصدر من جديد..يضيق تنفسّه..يتحشرج الصوت..وتدمع العين التي أرتسمت فيها صورته في منجم عميق حيث لا ضوء ولا أمل..!

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2030 الثلاثاء 14 / 02 / 2012)

قصة قصيرة:

 


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم