صحيفة المثقف

السرداب/ عامر هشام الصفّار

.. ومع أبن عمّه حاتم الذي يكبره بسنتين فقط..

لم يكن حاتم متفوقا في دروسه وهو في المتوسطة الغربية ببغداد..ولكنه كان لا يمانع أن يبادر فيأتي لدعوة جميل للدراسة سويّة في بيت العم الكبير الواسع.. لا يبعد البيت أذا ركب باص مصلحة نقل الركاب الاّ عشر دقائق، متوسطا شارع جامع الدّهان القريب على ساحة عنتر..مات أبو جميل قبل عدة أعوام، ومذ ذاك اليوم وعمّه بشكل أو بآخر يرعاه وأخوه الأصغر..

في بداية الخمسينيات عندما بنى عمه بيته الواسع ذاك ذي الطابقين، فكّر في بناء سرداب تحت البيت..قال له يوما أنه تربّى في بيت، لمّ عائلته وأخوته الخمسة، ويذكر سرداب ذاك البيت جيدا وكم كان باردا في صيف بغداد الحار القائظ...عندما كان جميل يزور بيت عمّه، كان يقضي سويعات الظهيرة في السرداب حيث النسمة المنعشة وصحن الرقيّ الأحمر الذي لا يزال مذاقه السكرّي تحت لسانه حتى هذا اليوم وهو جالس أمام صورة عمّه..جاءته أخبار الوطن وهو في غربته بأن عمّه قد توفّاه الله فجأة..

كم كان العم أبو حاتم معتّدا بنفسه..تخاصم يوما مع مسؤول أمني بعد أن سأله عن شهادة الجنسية ليتأكد من عراقيته وعروبته..! كانت مدينته وقتذاك متوترة..قلقة..

صار سرداب العم أبو حاتم مكانا يأوي أليه الجيران زمن الحرب، عندما تصرخ صفّارة أنذار قريبة بصوتها الرهيب..المزعج..

ترك حاتم بيت والده..وهجرت السرداب النسمات العليلة،  والأغاني التي كان يوما يردّدها رجل خمسينيّ صحبة مذياع صغير يمللأ النفس بهجة وسرورا... 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2037 الثلاثاء 21 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم