صحيفة المثقف

صناعة نبي / رافد علاء الخزاعي

في اليونانية القديمة كانت تطلق على المتكلم بصوت جهورى، أوعلى من يتحدث في الأمور الشرعية، وعند الفراعنة كانت تطلق علي كهنة آمون، كما أطلقت على "إيزيس" في مصر القديمة، وعلى زرابيس في روما، وكلاهما لايخرج عن هذا المعنى. لم يقتصر الأمر على إطلاقها على من يعمل في الحقل الدينى، بل أطلقت أيضا على السحرة والمنجمين، وكذلك على من اختل عقلهم، وضعف تفكيرهم، فأتوا من الأعمال ما لايفهمه العقلاء، وقد ذكر علماء مقارنة الأديان عدة أنواع من النبوات، منها: نبوة السحر، ونبوة الرؤيا والأحلام، ونبوة الكهانة، ونبوة الجذب، أوالجنون المقدس،ونبوة التنجيم.  

النبوة في اللغة العربية تعني : النبوة والنباوة الارتفاع، أو المكان المرتفع من الأرض. والنبى: العلم من أعلام الأرض التي يهتدى بها، ومنه اشتقاق "النبى" لأنه أرفع خلق الله، وذلك لأنه يهتدى به. النبأ: الخبر، يقال: نَبِأ، ونَبأ وأنباء: أخبر، ومنه: النبى، لأنه أنبأ عن الله. ان كلمة نبي او النبوة نتداولها كثيرا ونفهم مدلاولتها العميقة عبر التقديس المتوارث لها عبر اسلافنا، ولكن هل استطاع الانبياء كسب الرهان ضد الشر والخطئية المتوارثة في جيناتنا وطبعائنا الحيوانية وغرائزنا المستوحات من حب الدنيا والمال والنساء والمناصب   وهل استطاعوا ايصال الرسالة السماوية من اجل بناء الامة المثالية او الامة الفاضلة كما اراد خالقنا رب العزة الله جل جلاله الواحد الاحد .فلو راجعنا سير الانبياء العطرة أدم النبي عليه السلام  النبي الاول  اقتتلا ابناءه في اول جريمة على هذه الارض المباركة. ونبينا نوح عليه السلام بقى عشرة قرون يدعوا اهل الارض للتوحيد وكنهم صموا اذانهم وبدا الطوفان لانشاء نسل جديد مبني على اسس جديدة ولكن لم تتحقق بناء الامة الفاضلة التي يحلم بها الانبياء.

إذا أردنا الإحاطة بمعنى النبوة، وَجّب علينا فهم معنى كلمة "نبي" ولما كانت معاجم اللغة العربية هي مرجعنا في هذا المجال، وهي معاجم متكاملة في دلالاتها ومناهجها، فما كان يجوز لنا الاقتصار على معجم واحد منها. وبالرجوع إلى جميع ما أوردته معاجم اللغة العربية بما يتعلق بكلمة "نبي"، ومصادر اشتقاقها، تبّين لنا أن اللغويين قد ذهبوا إلى إمكان اشتقاق هذه الكلمة من مصادر ثلاثة: الأول ـ اشتقاقها من النبّو بمعنى الارتفاع والسّمو. الثاني ـ اشتقاقها من النّبيء بمعنى الطريق الواضح. الثالث ـ واشتقاقها من النبأ وهو الخبر الصادق ذو الشأن العظيم. وإننا لا نرى ما يمنع من الأخذ بهذه الاشتقاقات جميعها وفي آن واحد، وإن كان الاشتقاق الثالث جدير بالرعاية والعناية لسعة دلالته. وعندما نعود إلى النصوص القرآنية، فإننا سنلاحظ أن جميع دلالات هذه الاشتقاقات قد اعتمدت فيها بصورة واضحة. لنتناول اشتقاق كلمة "نبي" من مصدرها الأول وهو النبّو، فهي تدل على اكتساب مقام النبوة الروحي السامي والرفيع. الأمر الذي جعل صاحب هذا المقام يستحق عند بارئه لقب نبي. ولنتناول اشتقاق كلمة "نبي" من مصدرها الثاني، وهو النبيء الذي يعني الطريق الواضح، فكلمة نبي من هذا المصدر تعني المنهج الحياتي الواضح الذي يسلكه كل شخص بلغ مقام النبوة. ويتلخص هذا المنهج بالإيمان بوجود خالق لهذا الكون. وبالسعي للتخلق بأخلاق هذا الخالق في الأرض، والمحافظة على إنسانية الإنسان وذلك بعدم مشابهة الأنعام وعدم اتباع الهوىُ والشهوات والأطماع الشخصية. هذا المنهج الذي لابدّ من انتهاجه لبلوغ مقام النبوة السامي عند الله عز وجل، وبألفاظ أخرى فإن الأنبياء يمثلون في منهجيتهم طريقاً واضحاً في الحياة. ولنتناول اشتقاق كلمة "نبي" من مصدرها الثالث وهو النبأ، والذي يعني الخبر الصادق ذو الشأن العظيم، فكلمة "نبي" من هذا المصدر تشير إلى العلوم اللدنيه والأنباء الّلدنيه الهامة ذات الشأن العظيم التي يتلقاها الشخص الذي يبلغ مقام النبوة الروحي السامي.

ولقد نبهنا الراغب الأصفهاني في معجمه مفردات الراغب أن النبأ يعني الخبر ذا الفائدة العميمة، والذي يتحصل منه علم صادق حقيقي منزه عن الكذب والافتراء. كما نبهنا إلى أن لفظ نبي مشتق من النبأ، لذلك يحتمل صاحبه احتواءه على العلوم الصادقة الحقيقية المنزهة عن الكذب والافتراء، والتي يتلقاها النبي من جانب ربه الذي شرفه بمقام النبوة ولقبها. ونحن نضيف أن اجتماع هذه الأمور في شخص ما، وقد دلتنا عليها اشتقاقات كلمة نبي من النبّو والنبيء والنبأ، لا تكفينا لنطلق على هذا الشخص اسم "نبي" وبالمفهوم الشرعي، ما لم يخاطبه ربه في كلامه إليه بلقب نبي، ذلك لأننا لا نعلم من الأمور إلاّ ظواهرها، لكن الله عز وجل هو المطلع على سرائر الأفئدة وخفاياها. لذلك فهو العليم المختص بمنح هذا اللقب أو عدم منحه إياه. ولابد من الإشارة هنا إلى أن كلمة "نبي" وردت صياغتها على وزن "فعيل" بمعنى فاعل. والذي نعلمه هو أن صيغة فعيل هذه ترد حين تدعو الحاجة إلى المبالغة في حقيقة شيء ما، كأن نقول (هذا عالم)، فإذا شئنا المبالغة في علمه نقوله (هذا عليم) على صيغة "فعيل" وهذه الصياغة نلاحظها فما وردت عليه أسماء الله الحسنى كعليم وسميع وبصير، وأن كلمة "نبي" وهي مصوغة على وزن "فعيل" تحثنا على الأخذ باشتقاقات هذه الكلمة من مصادرها الثلاثة، مؤكدة احتواء هذه الكلمة على جميع معطيات هذه المصادر المعنوية، أضف إلى ذلك أنها تؤكد لنا كمال معنى كل اشتقاق أيضاً، أي أنه لا يستحق لقب نبي إلا من اتصف بكمال قداسة السيرة قبل الدعوة. وبكمال المنهج الحياتي، وبكمال المقام الروحي، وبكمال المكالمة مع ربه أي مكالمة ربه إياه وَحيْاً، ومن وراء حجاب، وعن طريق ملك من ملائكة الله، هذه الطرق الثلاثة التي نص عليها قول القرآن (ما كان لبشرٍ أن يكلّمه الله إلاّ وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء) (سورة الشورى/ 51).

 ولو  تدارسنا الاديان التوحيدية الثلاثة الكبرى فنبي الله موسى عليه السلام رغم الاعداد الالهي له الذي سنتطرق له في تفاصيل البحث لم يفلح في بناء امة فاضلة رغم كل المعجزات الالهية  ولكن استطاع ان يجعل فرعون يؤمن باللحظة الاخيرة من حياته ولكن شعب موسى بني اسرائيل لم يومنؤا وبقوا في تيه  ومات موسى عليه السلام وهو بعيدا عن الارض الموعودة  وبقى اللوأيين ال بيته (ال  لاوي) من اسلافه يعتقدون انه سيعود للحياة من جديد لنشر العدل ويكون المخلص المبشر لنشر السلام وجعل الارض جنة دائمة.

 ولذلك نرى ان اليهود بقوا يطلقوا كلمة نبي عى كل من درس الكنهوت . كانت كلمة النبوة عند بنى إسرائيل تفيد معنى الإخبار عن الله، ولذا كانت تطلق على من يتخرجون من المدارس الدينية، حيث كانوا يتعلمون فيها تفسير شريعتهم، كما كانوا يدرسون أيضا الموسيقى والشعر، لذا كان منهم شعراء ومغنون وعازفون على آلات الطرب، وبارعون في كل مايؤثر في النفس ويحرك الشعور والوجدان، ويثير رواكد الخيال. ومن المسلم به أن خريجى هذه المدارس لم يكونوا على درجة واحدة من الصفاء الذهنى، والإدراك العقلى، كما لم يكونوا كلهم على درجة واحدة من التقوى والصلاح، ولذا لم تفرق الكتب المقدسة قبل الإسلام في حديثها عن الأنبياء بين من يتلقون الوحى من الله، وبين من يدرسون شريعة الله ويشرحونها للناس، فجاء حديثها - أحيانا - عن أنبياء كذبة، إذ نجد في سفر أشعياء حديثا عن النبى الكذاب، حيث يقول: "الشيخ المعتبر هو الرأس والنبى الذي يعلم بالكذب هو الذنب (9-15)، ويقول متى: "ويقوم أنبياء كذبة كثيرون، ويضلون كثيرين" (24-11)، ويقول لوقا: "لأنه هكذا كان يفعل آباؤهم بالأنبياء الكذبة" (6-26)، ويصف يوحنا في رؤيته خروج الأرواح النجسة من فم النبى الكذاب.

ونبينا عيسى عليه السلام رغم توفر الارضية التوحيدية له وبشارات موسى ورغم المعجزات التي تماثل الارادة والذات الالهية في احياء الموتى وشفاء البرص والعمى وخلق الطير ولكنه لم يستطيع بناء الامة الفاضلة وقد شبه لهم صلبه وبقى الحواريين من اتباعه يبشرون بعودته الى الارض ونشر دولة العدل والسلام.

ومن هنا  يجب ان نفرق بين معنى النبوة القرائني وصفات النبي،حين نزل القرآن الكريم على رسول الله محمد حدد معنى كلمة "النبوة"، فوضح أن النبى هو من نزل عليه وحي الله وأمر بتبليغه للناس، فهو ليس ساحرا، لأن الفلاح لايكون حليفه، يقول القرآن: {ولا يفلح الساحر حيث أتى}طه:69، كما أن مايبلغه عن ربه ليس شعرا، يقول الله عز وجل في القرآن: {وما هو بقول شاعر قليلا ماتؤمنون}الحاقة:41، فلا ينبغى أن يقرن النبى بالشاعر، أو بمن يلقى الكلام بصوت جهورى، كما كان ذلك معروفا عند اليونان، كما أنه ليس كاهنا كما كان معروفا عند قدماء المصريين، إذ نص القرآن الكريم عنه هذه الصفة، فذكر القرآن: {ولابقول كاهن قليلا ماتذكرون}الحاقة:42. فإذا بين القرآن الكريم أن النبى ليس شاعرا ولاكاهنا، فالأولى أن ينفى عنه وصفا كان يطلقه بعض الناس على المشعوذين باسم الدين، وهو الجنون المقدس، فذكر القرآن: {ما أنت بنعمة ربك بمجنون}القلم:2، أي ما أنت بهذا الذي نزل عليك من الله بواحد من هؤلاء الذين كانوا يعرفون بين الناس بأنهم "مجاذيب"، أو لديهم "جنون مقدس". وأخيرا لست ممن يتخذون العرافة والتنبؤ بالغيب حرفة لهم، فلا يلتبس ما تبلغه عن الله بكلام من يدعون أنهم يعرفون الغيب، يقول الله: {فقل إنما الغيب لله فانتظروا إنى معكم من المنتظرين}يونس:20، ويقول: {وعنده مفاتح الغيب لايعلمها إلاهو}الأنعام:59، ويقول: {قل لا أقول لكم عندى خزائن الله، ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إنى ملك، إن أتبع إلاما يوحى إلى، قل هل يستوى الأعمى والبصير أفلا تتفكرون}الأنعام:50. وبهذا فرق الإسلام بين النبوة الإلهية، وبين ملابساتها من الكهانة، والعرافة، والقيافة، والفراسهة، كما أنه حدد استعمالات الكلمة، فلا تطلق إلا على من نزل عليه الوحي من الله، فلم يعد من المستساغ عقلا، ولا من الجائز شرعا أن تطلق على الكهنة، أو على من يدرسون الشريعة ويعلمونها للناس، بالتالى لا تطلق على السحرة والمنجمين، ولأعلى المجانين والمشعوذين في طريق الدين،فلم يبق من الاستعمالات القديمة لكلمة "النبوة" إلا إطلاقها على أصحاب الرؤيا الصالحة، التي تكون مقدمة وإرهاصا لنزول الوحى على من اختصه الله بهذه الرؤيا، كما حدث ليوسف، يقول الله: {إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إنى رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين}يوسف:4.

وخاتم الانبياء ومعلم الانسانية ابو الزهراء محمد صلوات الله عليه واله وسلم الذي تحويل العرب العجاف الى مشروع نهضوي لامة كان يحلم لها في تحقيق العدل لكل الانسانية ولكن في لحظات مرضه الاخيرة صلوات الله عليه واله وهو يوصيهم قال بعضهم اتركوه انه يهجر من الحمى ولو كان باستطاعتهم قتله لولا البشارة الالهية بحفظه ولم يستطيعوا ولكن استطاعوا استباحة سبطه الحسين وال بيته  واصحابه في كربلاء في جريمة لازالت يندى لها التاريخ الاسلامي لبشاعتها وبعد قتله اقاموا الاذان  بالتوحيد والشهادة بان جده رسول الله وبقى المسلمون وخصوصا ال بيته واتباعهم وانا منهم نتناقل البشارة بمخلص الامة المهدي لنشر دولة العدل والسلام.

 

اذا اين الخلل في الوصول الى الامة الفاضلة  والى تحقيق العدل الالهي فلو درسنا سير الانبياء جميعا  بمراحل:

1-   مرحلة البشارة فكل نبي لم يظهر قبل ان تكون هنلك بشارات تنبؤ بظهوره تسبق مولده بكثير حتى يكون الاستعداد الذهني للامة لاستقبال الدعوة.

2-       مرحلة الاعداد الالهي الفكري والنفسي للنبي استعدادا للتبليغ الرسالي.

3-       مرحلة مقومات الدعوة وتهئية الاسباب لنجاحها عبر اختيار الثقاة من المناصري والدعاة وخصوصا من ذو القربى.

4-       مرحلة التبليغ والدعوة العلنية والثبات على المبداء وهي المرحلة العملية لنشر التبليغ الرسالي.

أّذا كلمة نبي تعني وهو أن كلمة "نبي" تعني أنّ شخصاً ما حاز على:

1.   مقام روحي رفيع كثمرة لسيرته المقدسة قبل النبوة.

2.   فلسفة للحياة متكاملة وواضحة قبل النبوة.

3.   علوم وأنباء غيبية عظيمة الشأن والأهمية بعد النبوة.

4.   وخاطبه ربه بلقب "نبي".

5.النبوة متوارثة عبر الاسلاف المطهرة.

توافق القرآن واللغة في معنى نبوة ونبي ونتيجةً لتدبرنا كتاب الله، وجدنا توافقاً عجيباً بينهما. فالله خاطب رسول الله محمداً بلقب نبي في سورٍ عديدةٍ من كتابه الذي أنزله على قلبه. في سورة الأنفال: (يا أيها النبي..)، وفي سورة الأحزاب: (يا أيها النبي..) وفي سورة التوبة: (يا أيها النبي..)، ويكون القرآن الكريم قد استوفى شرط مخاطبته بلقب نبي.

وحينما ذكر القرآن: (فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول) (سورة الجن/ 26) يكون قد أخذ بشرط تلقي النبي علوماً وأنباءً غيبية ذات شأن كبير وبكثرة واضحة، وهذا الأمر دلّ عليه قوله: (لا يظهر على غيبه..) فالإظهار يعني الكثرة الظاهرة، وعندما نقول (ظهر الشيء) نعني بدأ بكليته للعيان وبجميع أجزائه، ولا يعني قول القرآن [ظهر الفساد في البر والبحر..] إلاّ عم الفساد وغلب على أعمال الناس، ومنه ندرك أن قوله [لا يُظهر على غيبه أحداً..] أي لا يطلع على أمور غيبه بكثرة واضحة [إلا من ارتضى من رسول..] أي من استحق لقب نبي وتقرر تكليفه برسالة سماوية، هذا لأن مجرد اطلاع رجل صالح على أمور غيبية معينة ومعدودة يحدث للصالحين من عباد الله، إنما لا يستحقون معها لقب "نبي" لأنها لا تدخل في باب الإظهار وهو الكثرة والغلبة، إذ أن مغيبات الأنبياء تختلف عن مغيبات سواهم كمّاً ونوعاً.

والقرآن الكريم اشترط قداسة سيرة من استحق اسم نبي حينما قال على لسان رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم (فقد لبثت فيكم عمراً من قبله أفلا تعقلون) (سورة يونس/ 16) ففي هذا النص تنبيه للأذهان إلى استيفاء شخصية محمد رسول الله عنصر طِيب السيرة قبل النبوة، حتى سماه قومه "بالصادق الأمين" وما قول قوم صالح [لقد كنت مرجواً فينا] إلا اعتراف منهم بطيب سيرة النبي صالح قبل أن آتاه النبوة، وحاز هو وجميع أنبياء الله الكرام مقام النبوة الروحي الرفيع. كما أن القرآن الكريم اتفق مع اللغويين بأن جميع الأنبياء كانوا قبل نبوتهم ملتزمين بفلسفة حياتية واحدة، وكان نهجهم واضحاً وكان طريقهم مختلفاً عن فلسفات الماديين، فقد كان جميع الأنبياء قبل نيلهم مقام النبوة يؤمنون بوجود خالق لهذا الكون، وأن المقصد من خلقهم أن يصبحوا عباداً للرحمان، وأن الإنسان يُحاسب على أعماله من بعد موته. هناك من زعم غير هذا، مستدلاً على زعمه بقول الله تعالى: (ووجدك ضالاً فهدى) وبقول القرآن الكريم: (ما كنت تدري ما الكتاب وما الإيمان) (سورة الشورى/ 52). وزعمه هذا يضرب القرآن بعضه ببعض، وما دام الله قد قال عن رسوله محمد (ما ضل صاحبكم وما غوى)، فلا يجوز لنا والحال هذه أن نفس قوله [ضالاً] بمعنى غير مُهتدي، بل يقصد من قوله [ضالاً] هنا مندفعاً بكليتك للاتصال بربك ومعرفته إذ يقال: هذا ضال في محبة فلانة أي مندفع بكليته للقائها والتعرف إليها، ثم إن قول القرآن الكريم (ما كنت تدري ما الكتاب وما الإيمان) لا ينفي ما ذكرناه لأن القرآن ورسالته لم يكن رسول الله قد تلقاها قبل فوزه بمقام النبوة الرفيع.

وهكذا يتبين لنا مما ذكرناه من الشواهد القرآنية وجود توافق تام بين اللغة والقرآن الكريم فيما يتعلق بمعاني كلمة نبي المشتقة من مصادرها الثلاثة والتي ذكرناها سابقاً، وعلى ضوء هذا كله فإن النبوة أيضاً تحمل نفس عناصر كلمة نبي ومعانيها.

وإننا بعد أن رأينا توافق اللغة والقرآن الكريم في موضوع معاني كلمة نبي، ننظر إليها بميزان العقل والمنطق، فنراها لا تتهافت بل تعظم في أعيننا، ونرى ضرورة اجتماعها في شخص من توسد إليه مهمة رسالة سماوية هامة تضطلع بدورٍ كبيرٍ جداً في تغيير مسار تاريخ الشعوب.

وبمنظار العقل والمنطق يرى المرء أنه لابد من اجتماع هذه الأمور الأربعة التي قررتها اللغة العربية لكلمة نبي في شخص من استحق مقام النبوة السامي، فلا يعقل أن تكون سيرته فاسدة ومن ثم يستحق نيل قرب الله القدوس، ولا يعقل أن يكون في سيرته غير متقيد بفلسفة. محددة روحية ومنهجية واضحة توصله إلى لقاء الله وقربه، ولا يعقل أن يجوز مقام القرب الإلهي ولا يكلمه ربه ولا يطلعه على مغيبات الأمور، كما لا يعقل أن يكلمه ربه ويفوز بمقام قربه ولا يمنحه لقب نبي في خطابه إياه.

وهذه الأمور الأربعة التي يقتضيها العقل تتفق والمنطق السليم أيضاً، فمن المنطق أن يثبت الله عز وجل وجوده بفضل أمثال هؤلاء الأنبياء، كما يثبت عظمة ما يحمله من أسماء حسنى. فالمندوب والسفير والرسول يأتي على مستوى من انتدبه وجعله سفيراً ورسولاً.

ولناخذ مثالا في التصنيع الالهي للنبوة في قصة سيدنا موسى عليه السلام ونستنبط العبر والدروس من هذه المدرسة التربوية الالهية للاستفادة منها لاعداد الدعاة لتغير منهج الامة نحو دولة العدالة المرجية من  التبليغات الرسالية والاديان التوحيدية كافة.  لان النبي هو النبراس الحقيقي في تغيير الامة وهو القدوة في التغيير نحو الرقي الانساني حتى يسمؤ الانسان بمعنى انسانيته.

 

     البشارة

ان البشارة الاولية لظهور الانبياء كانت موجودة في قصة نبينا موسى وقد دلت الاية اقرائنية عليها ولهذا قال الله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا)

فالبشارة موجودة عبر التاريخ الشفائهي وعبر الرسل والانبياء السابقين وذلك لجعل الامة في مرحلة الاستعداد للتغير من الطغاة  فان عبر التاريخ عرفنا ان لكل طاغية يظهر كان هنالك ظهور نبي او فكرنبي متجدد يحاول للنهوض بالامة لخلاصها وقيادتها الى دولة البناء او الى الامة الفاضلة.

كان يوسف (عليه السلام) ملكاً في مصر، وقد جمع بين النبوّة، والملوكية، فكان ينظّم أمر الناس على وفق العدل والحكمة.
وحين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب، وهم ثمانون رجلاً.. فقال لهم: إنّ هؤلاء القبط سيظهرون عليكم ويكون الملك للكافرين ويصبح المؤمن في هذه البلاد ذليلاً بأيديهم.. ويسومونكم سوء العذاب. وإنما ينجّيكم الله من أيديهم، برجل من ولد (لاوي) بن (يعقوب) اسمه: موسى بن عمران.وبعدما أخبر يوسف بني إسرائيل بهذا الخبر، حزنوا لما يتوقعونه من البلاء، وفرحوا بما ينتظرونه من الفرج على يد نبيّ من بني أبيهم.. ومات يوسف(عليه السلام).
فملك بعده رجلاً لا يسير سيرة يوسف في كل كبير وصغير.. وكيف يعدل  مثل يوسف غيره: وهو نبيّ من عند الله تعالى لا يأمر إلا بالخير، ولا يفعل إلا الخير. ثم مات الملك..
وملك بعده رجل آخر، وكان عاتياً فاجراً.. وهكذا أقام بنو إسرائيل، بعد وفاة يوسف، وقد كثروا، وانتشروا، متمسّكين بدين آبائهم يوسف، ويعقوب، وإسحاق وإبراهيم (عليهم السلام).
حتى زمان الملك فرعون.. وهذا الملك الطاغي فتح لمصر صفحة جديدة من الطغيان والإرهاب، وخصّص لبني إسرائيل ألواناً من العذاب والنكال.
كان بنو إسرائيل ينتظرون مقدم موسى (عليه السلام) لينجّيهم من طغيان فرعون وقسوته. كان كلّما ولد لأحدهم مولود سموه عمراناً.. فإذا كبر عمران، سمّى ولده موسى رجاءً لأن يكون هو الذي وعد به يوسف (عليه السلام) حين حضرته الوفاة ولكن خابت الظنون، فلم يكن موسى الموعود أحدهم.
واغتنم بعض متطلبي الرئاسة هذا الوعد، فجعل من نفسه موسى النبيّ! حتى ادّعى خمسون من بني إسرائيل انهم هم الذين وعدهم يوسف، وكلّهم يدّعي أنه ينزل عليه الوحي، وانه هو مخلص بني إسرائيل، كذباً وافتراءً! وهذا نراه في كل زمان يظهر علينا كل يوم يدعي انه مخلص الامة ومهديها....او انه الموعود.... ليلامس احلام المعذبين والمستضعفين في الارض.
(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً )

أي تجبّر وعتا وطغى وبغى وآثر الحياة الدنيا، وأعرض عن طاعة الله، وجعل أهلها شيعا، أي قسم رعيته إلى أقسام وفَرِقٍ وأنواع، يستضعف طائفة منهم، وهم شعب بني إسرائيل، الذين هم من سلالة نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، وكانوا إذ ذاك خيار أهل الأرض. وقد سلط عليهم هذا الملك الظالم الغاشم الكافر الفاجر يستعبدهم ويستخدمهم في أخس الصنائع والحرف وأرداها وأدناها ومع هذا (يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ).

وكان الدافع له على هذا الصنيع القبيح أن بني إسرائيل كانوا يتدارسون فيما بينهم ما يأثرونه عن إبراهيم عليه السلام من أنه سيخرج من ذريته غلام يكون هلاك ملك مصر على يديه وكانت هذه البشارة مشهورة في بني إسرائيل ووصلت إلى فرعون فذكرها له بعض أمرائه فأمر عند ذلك بقتل أبناء بني إسرائيل حذراً من وجود هذا الغلام ولن يغني حذر من قدر.

اذا ولادة الانبياء دائما مسبوقة ببشارة وعن ابن مسعود وعن أناس من الصحابة أن فرعون رأى في منامه كأن ناراً قد أقبلت من نحو بيت المقدس فأحرقت دور مصر وجميعَ القبط ولم تضر بني إسرائيل. فلما استيقظ هاله ذلك فجمع الكهنة والسحرة وسألهم عن ذلك؟ فقالوا: هذا غلام يولد من هؤلاء يكون سبب هلاك أهل مصر على يديه فلهذا أمر بقتل الغلمان وترك النساء.

ولهذا قال الله تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)

 

والمقصود أن فرعون احترز كل الاحتراز أن لا يوجد موسى، حتى جعل رجالاً وقوابل يدورون على الحبالى ويعلمون ميقات وضعهن، فلا تلد امرأة ذكراً إلا ذبحه أولئك الذباحون من ساعته.

و لكن الله تعالى أراد أن يقول لفرعون :  يا أيها الملك الجبار المغرور بكثرة جنوده أن هذا المولود الذي تحترز منه، وقد قتلت بسببه من النفوس ما لا يعد ولا يحصى لا يكون مرباه إلا في دارك، وعلى فراشك ولا يغذى إلا بطعامك وشرابك في منزلك، وأنت الذي تتبناه ثم يكون هلاكك في دنياك وأخراك على يديه، لتعلم أنت وسائر الخلق أن رب السماوات والأرض هو الفعال لما .

وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن أعوان فرعون شكوا إلى فرعون قلة بني إسرائيل بسبب قتل ولدانهم الذكور وخشي أن تتفانى الكبار مع قتل الصغار فيصيرون هم الذين يلون ما كان بنو إسرائيل يعملون من اعمال الخدمة.

فأمر فرعون بقتل الأبناء عاماً، وأن يتركوا عاما، فذكروا أن هارون عليه السلام ولد في عام المسامحة عن قتل الأبناء، وأن موسى عليه السلام ولد في عام قتلهم، فضاقت أمه به ذرعاً واحترزت من أول ما حبلت، ولم يكن يظهر عليها مظهر الحبل. وهذا يعزوا لنا عصبية  سيدنا موسى عليه السلام فقد دلت الدراسات النفسية والعلمية ان فترة الحمل ومايصاحبها من مخاوف وقلق من الام من تائثير واضح على الجنين وتطور نفسيته وقوة شخصيته فمن سيرة سيدنا موسى عليه السلام انه عصبي شديد ومتقلب المزاج سريع الغضب  واليأس والاستعجال وهذا ما اكدت عليه الدراسات للمواليد الذين تعاني امهاتهم اثناء فترة الحمل من ظروف عصبية قاهرة من مخاوف القتل والحروب والفناء والمرض وعدم الاستقرار العائلي. 


الولادة

 قال الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ، فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ، وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}.

وهنا يتبين ان الوحي ليس للانبياء فقط فانما الله يوحي لبعض الناس من اجل التسديد الالهي لانها مشئيته على الارض وكما بين سابقا وكما  في ذكر في القرأن  ان الله اوحى الى النحل وهنا نؤشر على ان ليس كلما ما يوحى له او انزل عليه الوحي هو نبي.

فحتى  الرئيس بوش الذي يتبع الكنيسة الانجليكانيه التوحيدية عندما ساله الصحفيين كيف اتخذ قرار غزو العراق رغم عدم موافقة مجلس الامن قال (جأني هاتف من الله يأمرني بذلك).

وهكذا هو حال ام موسى عليه السلام فلما وضعت ألهمت او اوحى لها  أن تتخذ له تابوتاً ربطته في حبل وكانت دارها متاخمة للنيل فكانت ترضعه فإذا خشيت من أحد وضعته في ذلك التابوت فأرسلته في البحر وأمسكت طرف الحبل عندها فإذا ذهبوا استرجعته إليها به.

فأرسلته ذات يوم ونسيت أن تربط طرف الحبل عندها فذهب مع النيل فمر على دار فرعون وذكر المفسرون أن الجواري التقطنه من البحر في تابوت مغلق عليه فلم يتجاسرون على فتحه حتى وضعنه بين يدي امرأة فرعون آسية بنت مزاحم فلما فتحت الباب وكشفت الحجاب رأت وجهه يتلألأ بتلك الأنوار النبوية، فلما رأته ووقع نظرها عليه أحبته حباً شديداً جداً.

فلما جاء فرعون قال: ما هذا؟ وأمر بذبحه، فاستوهبته منه ودافعت عنه

{وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ}

فقال لها فرعون: أما لك فنعم وأما لي فلا، أي لا حاجة لي به.

وقد أنالها الله ما رَجَتْ من النفع. أما في الدنيا فهداها الله به، وأما في الآخرة فأسكنها جنته .

 من هذه الفترة  المهمة في حياة موسى عليه السلام  نرى ان الارادة الالهية حرصت ان تكون رضاعة موسى في الاشهر الثلاثة الاولى  من  امه لما لهذه الفترة والرضاعة الطبيعية وحنان الام من مكملات في التربية والتنشئة الحقيقة التي سوف تعكس اثارها في الكبر من قوة الشخصية لنبي الله المستقبلي . ومن سياق القصة القرائنية وسياق القصة التاريخية التي وجدت على اوراق البردي نرى تطابق تاريخي، لاننا عندما  لانجد هذا التطابق لانعزه للقرأن  وانما نعزوه للخل في التوثيق التاريخي وان هنالك مصادر تاريخية لازلنا لم نكتشفها لحد الان.
 ولد سيدنا موسى (ع) في مصر بالتحديد في منطقة المعصرة محافظة حلوان التي كانت تسمى أرض جاسان في العصر الفرعونى وعاش فيها إبان عصر الفراعنة، حسب العهد القديم والقرآن، موسى بن رمسيس بن إسرائيل بن إباهيم السرلي يقال ان له اختاً تسمى مريم لكنها ليست مريم نفسها ام السيد المسيح.

ولد موسى بعد نحو (520) سنة من وفاة يوسف عليه السلام، أي حوالي عام(1526) سنة من ميلاد المسيح، وعاش أقل من(100) سنة، والله أعلم.

قبل ميلاد موسى أصاب العبرانيين اضطهاد من فرعون  (ويعتقد انه رمسيس الثاني من الاسرة التاسعة عشر)في أرض مصر، وبلغ الاضطهاد ذروته. فلذلك ارادت المشئية الالهية ان يتربى موسى في بيت فرعون وامام عينه ليكون قويا ومدربا لمرحلة التبليغ الالهي.

 وهذا يسمى في الفكر الستراتيجي نظرية (الضد النوعي) وهي عندما تريد ان تجابه عدوا عليك ان  تعد قوة مشابه له من القوة والفكر والحكمة وان تتعرف عليه بالتفاصيل الدقيقة حتى تستطيع انجاز مهمتك. فهكذا نشاء موسى وتربى في بيت فرعون كمشروع  ملك  او فرعون مستقبلي ولكن ارادة الله كانت تريد تغيير الامة المهئية عن طريق البشارة والاضطهاد الفرعوني وهي ساعية نحو الحرية.

وأسموه في القصر (موسى) أي: المنتشل من الماء.

قالوا: وأصل ذلك في اللغة المصرية القديمة: (موريس)، أخذاً من (مو) بمعنى ماء و(أوريس) بمعنى منتشل.

وهذه القصة  كانت تتكرر دوما في  الاساطير القديمة للحكام وذلك ابن  احد الملوك او العوائل القوية يتيه في النهر ويرميه النهر امام بيت فلاح بسيط او عائلة فقيرة ويتربى في كنفها ليحس بالضلم والطغيان ويبداء بثورة ليعيد ملكه المنزوع من عائلته. فهذا سرجون الاكدي يصف نفسه انه ابن الماء  وان امه تركته لتيار الماء وذهب الى اكاي الرجل الطيب الذي انتشله ورباه واصبح بستانيا وثم استطاع ان يميل قلب عشتار له ليحكم مملكة اكد خمسة واربعون عام في كل القصص المماثلة هي ابناء الملوك ياخذهم التيار الى بيوت الفقراء ليتربوا هنالك ثم يعدون العدة للثورة وهي عكس قصة نبينا موسى انه من بيت متواضع ياخذه التيار الى بيت ملك هو فرعون ويتربى  فيه وياتي بعدها لياخذ الملك منه  وهذا ما اشارنا له في نظرية (الضد النوعي ) التي اسس لها ارسطوا وامتدت بالتطور حتى الان في الفكر الاستراتيجي الحديث.

 ونرى ان الادب  والسينما جعل من طفل النهر طرزان  الذي اخذه تيار الماء  الى القردة شيتا لتربيه  ويصبح موجها ومعلما وحاميا للحيوانات لتوكد ان  الذي لم ينجح مع الانسان نجح مع الحيوان في نقل رسالة التالف واختيار القردة المربية لانها اقرب للانسان من الناحية البايلوجية المتطورة.

نرجع الى تربية موسى ورضاعته ففي النص القرائني والانجيلي والتوارتي  تشابه واضح ما يدل انهن خط الشروع في نقل

الرسالة . فبعد ان اصبح موسى في بيت فرعون أصبح فؤاد أم موسى فارغاً من الهمِّ والقلق على ولدها لما علمت نجاة ولدها، وتبنِّي القصر الملكي له.

بحث نسوة البلاط الفرعون عن مرضع للطفل، فكانوا كلما جاؤوا بمرضع له رفض ثديها .لقد حرم الله عليه المراضع، وألهمه رفض ثُدِيِهنَ، وذلك ليعيده إلى أمه ويُقرَّ به عينها، ولما رأت اخته مريم أنهم أحبوه واستَحيوه، وهم يبحثون عن مرضع له -ولعلَّها كانت معتادة دخول القصر الفرعوني- قالت لهم: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} [القصص: 12]؟ فوافقوا، فدعت أمها، فعرضت عليه ثديها فامتصه بنَهمٍ وشوق، فاستأجروها لإِرضاعه وكفالته. وبذلك ردّ الله موسى إلى أمه كي تقرّ عينها به، ولا تحزن على فراقه، ولتعلم أن وعد الله حق، فقد رده الله إليها كما أوحى إليها. تمت مدّة إرضاع موسى  في احضان امه  وكفالته على يدي ظئره في ظن البيت الفرعوني، ويدي أمه في الحقيقة، وأعيد إلى قصر الملك فنشأ وتربى فيه، حتى بلغ أشُدَّه واستوى، وآتاه الله صحة وعقلاً، وقوة وبأساً. من خلاصة هذه التنشئة الالهية في منظومة صتاعة نبي الله موسى نرى لو ان امه لازالت تعيش في قلق وخوف لانتقل هذا القلق والخوف الى الطفل عبر الرضاعة ليضاف الى ماعانه خلال فترة الحمل الجنيني ليضعف شخصيته ويجعلها اكثر قلقا.  ان الله اراد  ان يكون منبت نبيه منبت طيب طاهر من خلال  حليب امه وثانيا لتنشاء له علاقة مع قومه ليتعرف على احوالهم عن كثب حتى يفكر لخلاصهم في المستقبل. ونربى في بيت فرعون ليعد قويا وكمشروع ملوكي تربوي وليعايش فرعون عن قرب حتى يكون امامه انسانا بسيطا ياكل كباقي البشر وينام ويستحم حتى  لاتكون في مخيلته كما في مخيلة الاخرين ان فرعون اله منزل وهذا نقطة تضاف له ونرى الفرق المستقبلي في اتخاذ القرارات بين موسى  واخيه هارون وذلك لاختلاف بيئة التربية والتنشئة التي تتحكم في بناء الشخصية المستقبلية. وإذْ أراد الله أن يجعله رسولاً من أولي العزم، ذا شأن في تاريخ الرسالات السماوية، فقد آتاه حكماً وعلما .

 

التنئشة والتربية الملوكية للنبي المنتظر

ان اختيار بيت فرعون كمدرسة تربوية لاعداد نبي منتظر يحمل مهمة عظيمة هي  بعث امه  وفق المعايير الرسالية لتكون خير امة اخرجت للناس تامر بالعدل وتنهي عن المنكر، انها بحاجة الى قائد ملهم قوي الشخصية وهكذا تربى سيدن موسى  ليعد في البيت الفرعون كمثل ابنه فتدرب على القتال والفروسية والعسكرية  والحرب  وتحمل الصعاب، وهكذا نشاء سيدنا موسى قويا ذو شخصية صعبة المراس كثيرة الثقة بنفسها واعتدادها بقدراتها التي اكتسبها من خلال مساهمته في معارك فرعون في الحبشة وافريقيا.

ان مسالة عصمة الانبياء  تبقينا في سؤال محير في قصة نبينا موسى وهل العصمة هي قبل التبليغ او او بعد التبليغ او العصمة محصورة في صورة نقل التبليغ الالهي الكامل.

ففي قصة قتل سيدنا موسى لاحد تباع فرعون، مرّ موسى ذات يوم في طُرُق المدينة، في وقت خلت فيه الطرقات من الناس -ولعل الأمر كان ليلاً- فوجد رجلين يقتتلان، أحدهما إسرائيلي والآخر مصري.

وكان السبب أن المصري الفرعوني أراد أن يسخِّر الإِسرائيلي في عمل، فأبى عليه الإِسرائيلي. ولما رأى الإِسرائيلي موسى استغاث به، فجاء موسى -وكان قوياً شديد البأس- فأخذ بجمع يده فوكز المصري وكزة كانت الضربة القاضية عليه، فلما رآه قتيلاً بين يديه- ولم يكن يريد قتله- قال: {هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين} ورجع يستغفر الله مما فعل.

وأصبح موسى في المدينة خائفاً يترقب، يمرّ في طرقاتها على حذر، وبينما هو في طريقه إذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه مرة ثانية، فأقبل عليه موسى وقال له: {إنك لَغَوي مبين}، أي: صاحب فتن ورجل مخاصمات، ومع ذلك أخذته حماسة الانتصار للإِسرائيلي، فأراد أن يبطش بالذي هو عدوّ لهما، لكنّ الإِسرائيلي ظن أنه يريد أن يبطش به فقال له: {يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِين} (القصص: 19).

فالتقط الناس كلمة الإِسرائيلي وعرفوا منها أن موسى هو الذي قتل المصري بالأمس، وشاع الخبر ووصل إلى القصر الفرعوني، فتذاكر آل فرعون في أمر موسى والقصاص منه، ولم يَعدم موسى رجلاً ناصحاً مخلصاً ممن له صلة بالقصر، فجاءه من أقصى المدينة - وربما كان ذلك من القصر نفسه، لأن العادة في القصور الملكية أن تكون في أماكن بعيدة عن المساكن العامة وحركة المدينة - وقال له: (يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين).

قبل موسى نصيحة الرجل، فخرج من المدينة خائفاً يترقب، وهو يقول: (ربّ نجني من القوم الظالمين).

ومن خلال الدرس ان للانسان فرصة لاصلاح النفس وتقويمها وطريق التوبة مفتوح ليكون مصدر اشعاع للاخرين.

 

الهجرة مدرسة تدربية للانبياء

لو تطلعنا في كل سير الانبياء والمصلحين لتجلت لنا في احدى فترات حياتهم الاولى هي هجرتهم خارج مجتماعتهم المرجوة من الرسالة   ان الهجرةوهكذا نرى سيدنا موسى في هجرته الى مدين قوم شعيب واتجه إلى جهة بلاد الشام تلقاء مدين، وسار بلا ماء ولا زاد، وكان يقتات بورق الأشجار،وهذه الرحلة اعطته فترة تأمل واعادة النظر في سيرته وعصبيته  وهي اعطته فترة نستطيع سماها (اعادة تكوين الذات )حتى وصل إلى مدين، وفي مدين سلالة من الأسرة الإِبراهيمية منحدرة من مدين "مديان" بن إبراهيم - أحد أعمام بني إسرائيل -، ولعله قصدها عامداً لعلمه بصلة القربى مع أهلها.

وصل موسى بعد رحلة شاقة إلى مدين، فلما ورد ماءها وجد عليه أُمَّة من الناس يسقون، ووجد من دونهم امرأتين تذودان أغنامهما عن الماء، منتظرتين حتى يتم الرعاة الأقوياء سقيهم.

أخذت موسى غيرة الانتصار للضعيف فقال لهما: ما خطبكما؟ قالتا: {لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}، واعتذرتا عن عملهما في السقي دون الرجال من أسرتهما فقالتا: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [القصص: 23] أي: فهو لا يستطيع القيام بهذه المهمة.

فنهض موسى وسقى لهما، وانصرفتا شاكرتين له، مبكرتين عن عادتهما، وتولّى موسى إلى الظل، وأخذ يناجي الله ويقول: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (القصص: 24).

أعجب أبوهما الشيخ الكبير من عودة ابنتيه مبكرتين، فقصتا عليه قصة الرجل الغريب الذي سقى لهما، فأمر إحداهما أن تعود إليه، وتبلغه دعوة أبيها ليجزيه على عمله.

فجاءته تمشي على استحياء، قالت: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} (القصص: 25)

فلبى موسى الدعوة، وسار مع ابنة الشيخ، قالوا: وقد طلب منها أن تسير خلفه وتدله على الطريق، لئلا يقع بصره على حركات جسمها، وذلك عفة منه.

دخل موسى على الشيخ الكبير، فرحب به، وقدم له القِرى، وسأله عن خطبه، فقص عليه القصص، ووصف له حاله وحال بني إسرائيل في مصر، قال: {لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (القصص: 25).

ذكر كثير من المفسرين والمؤرخين أن هذا الشيخ الكبير هو شعيب، واستشكل آخرون ذلك، وعلى كل حال فلا بد أن يكون إما شعيباً أو أحد أقاربه من سلالة مدين، أو أحد المؤمنين الذين نجوا مع شعيب بعد إهلاك أهل مدين، وقد نرجح أن يكون شعيباً لحديث ورد في ذلك عن النبي وإن لم يبلغ درجة الصحة.

قالت إحداهما: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص: 26]، فأُعجب الشيخ برأي ابنته، وعرض على موسى الزواج من إحدى ابنتيه اللَّتين سقى لهما موسى.

قال: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ} (القصص: 27).

وبذلك شرط عليه أن يكون مهر ابنته أن يخدمه ثماني سنين، فإن زادها إلى عشر سنين فهي زيادة غير مفروضة.

فوافق موسى، ونجز العقد مع الشيخ، فقال: "ذلك بيني وبينك أيَّما الأجلين قضيتُ فلا عدوان عليّ والله على ما نقول وكيل".

 من خلال هذه نستخلص العفة والمرؤة التي يتحلى بها سيدنا موسى وهي تنم عن تربيته والقوة التي اكتسبها من خلال تنشئته في البيت الفرعوني وطهارته المتوارثة  عبر اسلافه الممتد الى سيدنا ابراهيم عليه السلام.

 

الرعي مدرسة التأمل للانبياء

ان في اغلب سير الانبياء والرسل هي امتهانهم الرعي واعتقد ان هذه المهنة تعم الرقة واللين في التعامل مع الحيوانات وان  التامل يمتد الى السماء في فترة الشروق والغروب والنجوم وهذا يتيح مجال الى التامل في شؤون الخلق والكون وهذه تتيح الى الانبياء استدبار الامور الدنيوية والاخروية وتعلمهم  صفاء الذهن والتواضع .

وكذلك وجوده في بيئة توحيدية اعطته فترة تامل اخرى لاستحضاره للمرحلة القادمة في التكليف الرسالي.

 

المرأة عنصر اساسي في تقويم النفس(الزواج يقوي الشخصية ويهديء من اندفاعية التفكير)

ان المرأة في حياة سيدنا موسى  في أوجه متعددة وهي عنصر مساهم في بناء شخصية النبوة وتعطيها قوة أضافية في تنفيذ رسالته المرجؤة:

1-   ام موسى وتحملها وخوفها وقلقها وتحملها خطورة الحمل ورضاعته للاشهر الثلاثة الاولى  ورضاعته وتربيه لعامين متتالين ولتمتد علاقته معها  حتى وهو في البيت الفرعوني وهي تخبره بحكمة عن  مايعينه بني اسرائيل من ضيم وذل وهوان على يد فرعون.

2-        القابلة التي اولدته واخفت نباء ميلاده عن فرعون بعد نشؤ علاقة انسانية رائعة مع ام موسى عليه السلام.

3-   أسيا زوجة فرعون في احتفاضها به وجعله بمرتبة ابنها وتربيته تربية  خاصة في الاعداد والتنشئة التي تؤهله الى تحمل اعباء الرسالة.

4-        اخته مريم في تحملها مسؤلية مراقبته وحكمتها في ارجعها الى حضن امه ومساندتها له حتى في مرحلة النبوة.

5-   زوجته من ال شعيب وكيفية مساندته في ظروفه الحياتية والعودة لتليغ الرسالة وان الزواج للانبياء يعطيهم قوة اخرى وهذا ايضا لاحظناه في زواج نبينا  ورسولنا محمد صلوات الله عليه واله وسلم من سيدتنا خذيجة بنت خويلد عليها السلام.

 

مستلزمات الدعوة

سار موسى بأهله من أرض مدين في فصل الشتاء، واستاق الغنم، ولما بلغ إلى قرب الطور ضلَّ الطريق في ليلة باردة. قالوا: وكانت امرأته حاملاً، وأراد موسى أن يوري ناراً فصلد زنده فلم يقدح له، وبينما هو كذلك إذ رأى جانب الطور ناراً، انه النور دليل القلوب نحو طريق الحقيقة وطريق الدعوة التوحيدية فقال لأهله: {امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: 10]، أي: من يدله على الطريق إلى مصر.

فلما أتى موسى النار من جانب الشجرة المباركة، سمع نداء: {يا موسى. إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} (طه: 12-13).

فأوحى الله له ما أوحى، وكلّفه أن يحمل الرسالة إلى الطاغي فرعون، وأعطاه الله الآيات، وطلب موسى من ربه أن يرسل معه أخاه هارون، ليكون له ردءاً، وأثنى موسى على أخيه بين يدي ربه بأنه أفصح منه لساناً، وقال موسى: {رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ * وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} (القصص: 33-34).

قال الله له: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} [القصص: 35].

 ان الدعوة تبداء بذو القربى وتنتهي بهم وهذا مالاحضناه من سير انبيائنا موسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم فا اللاويين والحوارييون وال بيت النبوة وهم من تصدى للاستمرار الرسالة والتبليغ بالمخلص المنتظر ان الاديان السماوية هي خط الشروع للوصول الى المجتمع المثالي من خلال تفاعلات الاحداث في بناء هذا المجتمع الذي اصله هو الانسان في اذا وصل الانسان الىمستوى رقي بانسانيته اعتقد اننا وصلنا الى المجتمع المثالي المرجؤة.

سار موسى بأهله من أرض مدين في فصل الشتاء، واستاق الغنم، ولما بلغ إلى قرب الطور ضلَّ الطريق في ليلة باردة. قالوا: وكانت امرأته حاملاً، وأراد موسى أن يوري ناراً فصلد زنده فلم يقدح له، وبينما هو كذلك إذ رأى جانب الطور ناراً، فقال لأهله: {امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} (طه: 10)، أي: من يدله على الطريق إلى مصر.

فلما أتى موسى النار من جانب الشجرة المباركة، سمع نداء: {يا موسى. إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} (طه 12-13)

ان خلع النعل هي بداية تذليل النفس  على الارض التي خلقنا منها لنعرف قدرنا امام الخالق جل جلاله انه خطوة اولية في تربية النفس للاستعداد الاولي لاستلهام  الفكر الرسالي.

فأوحى الله له ما أوحى، وكلّفه أن يحمل الرسالة إلى الطاغي فرعون، وأعطاه الله الآيات، وطلب موسى من ربه أن يرسل معه أخاه هارون، ليكون له ردءاً، وأثنى موسى على أخيه بين يدي ربه بأنه أفصح منه لساناً، وقال موسى: {رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ * وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} (القصص: 33-34).

ان المعجزات هي هي دروس لتعزيز الثقة بالنفس وتعطي قوة للحجة لمواجهة طاغية  لديه قدرات غير اعتيادية وامكانيات من البناء والصناعات.

قال الله له: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} (القصص: 35).

ان التوريث النبوي او الاعتماد على ذو القربى هو استلهام نبوي يجب ان نتوقف عنده كثيرا لنستخلص دروس ودلائل في فكرة التغيير لايماني،

 

الفصاحة واللغة المشتركة للتفاهم

أمر الله سبحانه و تعالى موسى عليه السلام بالذّهاب إلى فرعون فشكا إلى الله تعالى ما يتخوف من آل فرعون في القتيل الذى قتله وعقدة لسانه؛ فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام، قيل إنه أصابه في لسانه لثغة بسبب تلك الجمرة التي وضعها على لسانه والتي كان فرعون أراد اختبار عقله حين أخذ بلحيته وهو صغير، فهمَّ بقتله فخافت عليه آسية، وقالت: إنه طفل فاختبره بوضع تمرة وجمرة بين يديه، فهمَّ بأخذ التمرة فصرف الملك يده إلى الجمرة فأخذها فوضعها على لسانه فأصابه لثغة بسببها، فسأل زوال بعضها بمقدار ما يفهمون قوله، ولم يسأل زوالها بالكلية.

وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون؛ يكون له ردءاً، يتكلم عنه الكثير مما لا يفصح به لسانه، فآتاه الله عز وجل سؤله، وحل عقدة من لسانه، وأوحى الله إلى هارون فأمره أن يلقاه.

{قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِي، وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِي}

 ان اللغة شيء مهم في الدعوة للتغير والداعية بحاجة الى فصاحة تستطيع ان تلامس شغاف الامة لاستنهاضها نحو التغيير المرتقب.

 

عناد الطواغيت

ان في قصة دعوة سيدنا موسى لفرعون قصة تمثل نقاش الحق ضد الباطل ومراحل الامتداد الثوري المتصاعد فان موسى وفرعون معرفان لبعضهم وفرعون يعرف ان نهايته على يد موسى مذ البشارة الاولى ولكن عناده ومقاومته بقت في تصاعد مع الاعجازات التسعة التي رافقت موسى وفرعون ومصر ورغم ذلك بقى سيدنا موسى واخيه هارون فترة الاستعداد لتهئية بني اسرائيل للعبور الى البلد الموعود او الارض المقدسة . نرى ان نظرية (الضد النوعي ) كانت هنا  واضحة في استدعاء فرعون للسحرة  في مهرجان كبير امام الملاء وان سيدنا موسى   استطاع باعجازه الرباني وهو العصا  ان تلتهم جميع العايب السحرة الذي اسرعوا بالايمان برب موسى الله جل جلاله ولكن فرعون ابى واستكبر. ان ايمان السحرة جاء ضمن موافقات نظرية الضد النوعي ولكن كان فرعون اصلا لايؤمن بالسحرة ورغم الاختيار الرباني لتكون الافعى هي من تبطل السحر لما من الافعى دلالة في الفكر الفرعوني انها حامية الاموات في البرزخ وهي حامية الاله امون الذي كان يؤمن به الفرعون ولكن نرى ان فرعون أمن  بالله عندما اراد ان يغرق ولكن هل امن او كان على القدر الايماني قوم موسى رغم الاعداد للامة فبعد او  رحلة  عبدوا العجل وحتى بعد ان ارادوا ان يرؤى الله جهرة وبعد وفر لهم المن والسلوى وعيون الماء وكل المعجزات والبقرة التي ذبحوها ودلتهم على القاتل لم يؤموا ولم يكونوا بمستوى الثقة في موسى عندما امرهم بمحاربة الكنعايين والوصل الى الارض المقدسة وهكذا عاقبهم الله  بالتيه لاربعين سنة نعم اربعين سنة لاعادة بناء جيل جديد يبنى على اسس تقويمية ووعقائدية بقدر المهمة ولم يستطع نبينا موسى عليه السلام الوصل الى الارض المقدسة للخل الواضح في الامة.

 ان من خلال هذه السيرة نرى ان الثقة المستحصلة لسيدنا موسى من خلال المعجزات توقف امامها كثيرا في بناء الامة واستنهاضها من عنادها الدائم وكسلها في التغيير، ان الطمع والسخط والتعلل هي مشكلة الامة الفاشلة المخدرة بالدعاء من اجل التغيير لانهم يريدون التغيير على طبق الهي جاهز، يجب ان نستخلص العبرة ان استنهاض الامة لايقوم الا من خلال تغيير  شعور الامة نحو التغيير. الاستحضار الفكري للنبي هو مصدر تعزيز النبوة الحقيقي ولكن يجب ان يقوم على تغيير حقيقي على مستوى الامة.

 لان الامة صنمية في حد ذاتها تحب تقليد الاخرين في العبادة وهذا كان حال قوم موسى لانهم تربوا في فترة طاغية صنمي ولذلك كانت الحكمة الالهية في التيه لاربعين سنة في ارض التيه لينشىء جيل جديد قادر على الايمان الحقيقي للنهوض بالامة ولكن هذاهو نفس حال امتنا في الوضع الحالي نسوا الاصل وابتلوا بتقليد اصنام جدد  في زيادات تفرعات الدين وازدياد الاختلافات المنهجية والعقائدية.

 ولكن في قصة نبينا موسى وفرعون نرى تطابق في السياق القرائني والقصصي والسياق التاريخي للاحداث كما ظهر جليا من خلال تشريح مؤميياء فرعون  واثبات ان سبب موته الغرق من خلال التشريح السريري والباثولوجي  وهذا يضاف الى المعجزة القرائنية.

 

استمرار التدريس الالهي للنبي

ان الاستمرار الالهي في التوجيه  حسب المتغيرات الظرفية والمكانية والزمنية لهو دليل على التجديد الدائمي للفكر النبوي الرسالي حسب متغيرات اللحظة والزمن حتى لايحصل فرق في الاصل والتجديد ولايحصل  اختلاف رؤى الامة لترمي جهلها على الثباتية وعدم التجدد في الفكر النبوي . لان الغرور هو نهاية العالم والنبي هو عالم بحد ذاته لانه يتعامل بمنهجية واضحة في التغيير للامة. العجب بالعلم مكمن الخطر. فعلى الإنسان ألاّ يعجب بعلمه أو بظنّ بنفسه وصول المنتهى. ويظهر ذلك في معاتبة الله تعالى لموسى عليه السلام بعد أن سئل عن أعلم الناس فنسب ذلك إلى نفسه، وهو درس لمن وراءه، أن لا يرى في نفسه إعجاباً بعلمه أو فهمه أو تميزه، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وما أوتي الإنسان من العلم إلا قليلاً حتى لو كثر.

 

التدريب المباشر للنبي

موسى يذهب لميقات ربه قال تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ {

  ذلك أن موسى عليه السلام ذهب الى ميقات ربه و استخلف على شعب بني إسرائيل أخاه هارون  فلما استكمل الميقات ثلاثين ليلة، وكان فيه صائماً يقال إنه لم يستطعم الطعام، فلما كمل الشهر أخذ لحاء شجرة فمضغه ليطيب ريح فمه، فأمره الله أن يمسك عشراً أخرى، فصارت أربعين ليلة. ولهذا ثبت في الحديث: أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.

}قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ، وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ{ . ان الصيام هو استعداد نفسي للتغير الفكري  وتقبل الاراء الفكرية الجديدة وتقوية للشخصية وتقليل الشهوات الحيوانية عند الانسان مثل حب الطعام والماء والجنس ولما يرافق الصيام من تغير فسيولوجي وايضي في جسم الانسان .   والشكر والموعظة هي دروس النبوة الاولية في استلهام  الفضل الالهي على الانسان الذي يجب ان يجابهه بالشكر والعمل الصالح وهذا هو ديدن كل الاديان السماوية في  تقويم النفس نحو الرقي الانساني.

 وان ديمومة التذكير بفضائل الله يقوي الايمان ويعطي للمؤمن قوة على التغيير الكلي  الى الانسان الكامل وبناء المجتمع المثالي المرجؤ من خلق الانسان على الارض.

ان التوبة هي مدرسة مفتوحة لاعادة تقويم النفس فهكذا كان سيدنا موسى يتعامل مع الامة المعاندة للتغيير.

 

البشارة المتكررة

ان بشارة موسى بسيدنا المسيح ورسولنا الكريم  صلوات الله عليهم يعرف ان مهمة البناء الانساني سوف تستمر وما هو الابداية التحضير للتغيير الشامل للانسانية جمعاء،

 

حب الاستطلاع

ان حب الاستطلاع هو البوابة الاولى للتعليم وهو المدخل الذي يجذب الاخرين للاستطلاع المعرفي  وفي قصة سيدنا موسى في رحلته نحو الرجل الصالح تُلحظ مسألة حب الاستطلاع واضحة جليّة، وتتمثل في ذهاب موسى عليه السلام وتساؤله عن الرجل الأعلم منه، لا لمجرد الرؤية، بل قرن ذلك بنية صحيحة وهي التعلم منه. ورغم الابهام القرائني الزماني والمكاني لقصة التعليم.

 

الحرص على التعلم

ان الحرص على التعليم هو احد مستلزمات نجاح العملية التعليمية والحصول على اهدافها المرجوة منها، الحرص على التعلم محمدة مهما بلغ شأن الإنسان العلمي وشأنه المعرفي، وهذا هو نهج الأنبياء ومن تبعهم من الصالحين والعلماء، فالعلم ميراث النبوة، ورفعة الشأن، وصلاح الأسس، حتى لو استغرق الأمر من الإنسان زمناً طويلا يسعى به لتحقيق مرامه، ونيل أهدافه. ويظهر ذلك في قوله تعالى: ( أو أمضي حقبا ).

 

الأدب الجميل

ان الادب  هو احد الموازين الاساسية بين المتعلم والمعلم لغرض استلهام الدروس التعليمية، أدب المتعلم مع المعلم: ( على أن تعلّمني ). وفيه أيضاً فائدة لطيفة، فالمتعلم له أن يبيّن حاله التي سيكون عليها مع معلمه، لينال رضاه عليه، وإقباله لتعليمه. ورغم أنّ المتعلم هنا أرفع قدراً بحكم النبوة والرسالة ( باعتبار نبوة الخضر عليه السلام )، إلا أنه يقدم عرضاً للمعلم كي تطيب نفسه بصحبته بشيئين:

 

1-       شروط التعلم

الصبر هو احدى الاسس التي يجب توفرها في المعلم والمتعلم  المتعلم عليه ان يصبر ليتفهم نهاية الدرس حتى يعرف الهدف من الدروس التعليمية، (ستجدني إن شاء الله صابراً ). أي صبر على التعلم مع تعليقه الصبر بالمشيئة.

 

2-       الطاعة والامتثال

 ان الطاعة للمعلم هي شيء اساسي في العملية التعليمية في تحقيق اهدفها، ( لا أعصي لك أمراً ). وفيه تمام الامتثال والطاعة، للمعلم الاعلم وهو يعتبر الان احدى مرتكزات التعليم الحديث.

 

الصبر اساس التعلم الناجح

ان الصبر في العملية التعلمية مهمة للطالب للوصول للحقيقة الكا ملة التي يجهلها والتي يحب ان يتعلمها، على المعلم أن ينصح تلميذه غاية النصح، بتبيين حال العلم حتى لا يُدخله فيما لا يطيقه من العلم: ( قَالَ إنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً). مع تبيين السبب فيما يرده عنه أو يمنعه منه. وذلك في تبيين الخضر لموسى عليهما السلام: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً). أي ان المتعلم يجب ان يصبر حتى يعرف  الحقيقة العلمية الكاملة التي تفسر له الاحداث والتفاعلات.

 

التائني في التعليم

ان على الطالب او الراغب في التعليم عدم الاستعجال في الوصول للمعرفة الكاملة، من الأدب التربوي أيضاً ألاّ يتعجل التلميذ بسؤال معلمه حتى ينهي حديثه، فربما عرض الجواب في ثنايا الحديث، وذلك يؤخذ من قوله: (فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً )

 

الحكمة في تبرير الفعل

يُتعلم من القصة المبادرة إلى الإنكار في حال وقوع المنكر، فرغم أنّ موسى عليه السلام قد شرط للخضر ألاّ يسأله، إلا أنه أنكر عليه ما رأى ظاهره المنكر، وقد أنكر ناسياً الشرط في البداية حين خرق السفينة، إلا أنه لم يكن قد نسيه حين قتل الغلام، لكون المنكر عظيماً في نظره. (أخرقتها لتغرق أهلها)، ( لقد قتَلتَ نفساً زكيّةً بغيرٍ نَفس). ان القدرة المعرفية للنبوة تختلف بقدر التبليغ الالهي والمعرفة الالهية المسموح بالاطلاع عليها وهذا يجب ان يكون محط دراسة فكرية حديثة حتى نمنع واضعي الحديث والدجالين في وقتنا الحاضر.

 

ديمومة العلاقة بين المتعلم والمعلم

ان المعلم يجب ان يكون  روؤف بطالبه او بالراغب بالتعليم  حتى يستطبع توصيله الى الهدف المرجؤ من التعليم، للمعلم العتاب حين يخطئ تلميذه أو يجاوز: (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إنَّكَ لن تستطيعَ معيَ صبراً). وعلى المتعلم الاعتذار: (قَالَ لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً).

 

من قوله تعالى: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا).

ان التضحية بجزء من الامة من اجل بناء امة عظيمة لهو مبداء عظيم، يجوز إتلاف بعض الشيء لإصلاح باقيه، أليست قاعدة عظيمة.

 

(وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً).

 ان الاساس العائلة الصالحة هو الاساس لبناء مجتمع صالح ان العائلة هي الجزء الاصغر المكون للامة وهي القاعدة الاساسية لبناء المجتمع المثالي، صلاح الأب ممتد الأثر ودائم النفع، إذ في الآية دعوة لأن يبدأ الآباء بتربية أنفسهم قبل تربية أبناءهم، فستكون الثمار يانعة وباقية. (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً). حتى قال بعض المفسرين أنه الأب السابع للغلامين.

 ان مدرسة الاعداد النبوي  هي مدرسة اعداد يجب ان نراجعها وتكون منهجنا جديدا نقرره في المنهج التربوي لبناء المجتمع والامة لاستحضارها للامة المثالية امرجوة لتحقيق البشارة.

 ان لكل منا يحمل فكر نبي رغم اختلاف التوجهات الشخصية والبيئية المنبثقين منها ونستطيع الاستفادة منه برسالتنا التي تبداء من خلال الاقربين وهي العائلة التي يكون الاب نبراسها او من خلال مدراسنا التي يكون فيها المعلم هو النبراس في النغيير وهوكذا حتى نصل لاستنهاض الامة لاستقبال قائدها الموعود الذي بشر به الانبياء والوصل بها الى مستوى الامة الخلاقة المثالية الفاضلة والتي هي من اجل هذه الاهداف النبيلة انزلت الكتب السماوية للرقي بالانسان من اجل رفاهيتيه وديمومة سعادته.

 

 الدكتور رافد علاء الخزاعي

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2049 الاحد 04 / 03 / 2012)



في المثقف اليوم

في نصوص اليوم