صحيفة المثقف

"مصير الأمة" .. كتاب متشائم عن مستقبل أمريكا لمؤلفه إدوارد لوسي / ترجمة: أحمد فاضل

ويأملون فيه القدرة على محو ذلك التشاؤم الذي ظل مسيطرا سنوات عليهم حتى بعد أن كادت سنوات أوباما تنتهي دون أن تكون هناك بوادر أنفراج على الصعيد السياسي والإقتصادي والإيدولوجي، الولايات المتحدة تواجه العالم الآن خاصة الدول التي من شأنها أن تنافسها أكثر من ذي قبل لأنهم أي الأمريكيين يرون قوة بلادهم آخذة بالإنخفاض ومن أجل إبطاء وتحسين هذا التسرب المستمر للسلطة يتعين على الولايات المتحدة تغيير مساراتها دوليا واقتصاديا ومحليا بإعادة هيكلتها في ظل إقتصاد العالم الأكثر قدرة على المنافسة وذلك بمعالجة المسائل المتعلقة بنوعية الحياة بصورة منصفة لافي ظل سياسة تنافسية تتصارع فيها المصالح أدت بالنتيجة إلى ركود تعاني فيه حتى الطبقات المتوسطة التي لم تعرف ذلك الركود من قبل، مع تزايد أزمة معاشات التقاعد وأزمات محلية أخرى نالت من اقتصادها حسب ما أخبرتنا به التحليلات الصادرة عن المراكز والنشرات الأمريكية نفسها، اضافة لما تواجهه من تهديدات مستمرة في أنحاء متفرقة من العالم خاصة في الجزء الكوري وإيران وأفغانستان وغيرها من مناطق التوتر كالشرق الأوسط وما يشهده من تغييرات، جعلت الكاتب إدوارد لوسي وهو المعلق السياسي الأبرز لصحيفة فاينانشال تايمز والذي يكتب عمودا أسبوعيا في السياسة المحلية والخارجية والإقتصاد يصرح بتشاؤمه الواضح من الوضع الحالي الأمريكي ويقدم لقرائه هذا الكتاب الذي هو تقييم لوضع البلاد الراهن ورؤيته لمستقبلها الآن وفي الغد، إنه كتاب مهم جدير بالقراءة سيما وأن أمريكا هي اللاعب الأساسي في كل ما يجري في العالم الآن . (المترجم)

صفحات طويلة من الكتاب حفلت بتشاؤم الكاتب إدوارد لوسي لما يسميه بنظام (المكتظة السياسية) وتشوهاتها الناجمة عن صفقات الأجور في وول ستريت، وعدم كفاية التعليم خاصة الإبتدائي والثانوي منها، وبؤس البنية التحتية كالطرق السريعة في ولاية ميشيغان التي يقول عنها لوسي أنها تذكره بطرق فنزويلا المتهالكة، ونظام الرعاية الصحية الباهض الثمن وجوانب أخرى كثيرة، لكن ما يزعج حقا أن كثير من الأمريكيين لايبدو أنهم يدركون مدى خطورة التحديات التي تواجههم وكثير من الفضائل الأساسية مثل عبقرية الأمة على الابتكار والإبداع تعرضت للتآكل خلافا لما حدث في أزمات سابقة، أمريكا هذه المرة قد لاتجد ما يكفي من حلول .

مارك دامزر الذي تناول قراءة كتاب إدوارد لوسي " مصير الأمة " الصادر حديثا عن مجموعة ليتل براون ب 304 صفحة يقول أنه وجد نفسه منذ البداية راغبا في الشجار مع المؤلف لأن أمريكا لم تتراجع فيما يبدو للجميع عن عجائب كوكل والفيسبوك والأبحاث الطبية المتميزة، وتكنولوجيا الأقمار الصناعية الرائعة، وهذا العدد الكبير من علماؤها ومثقفيها الذين يحصدون سنويا جوائز نوبل وجامعاتها التي تهيمن بابحاثها على جامعات العالم، وقوة أمريكا الناعمة على الرغم من بعض الجوانب السياسية التي أضعفتها خاصة في سياستها الخارجية، فلم تختف الكوكا كولا حتى من الدول التي تبغض أمريكا أو القبعات أو أفلام هوليوود أو كل ما يحمل العلامة التجارية للولايات المتحدة الأمريكية، لكن لوسي يصر على عرض استياء الأمريكي حتى نهاية كتابه ويحمل قلقا كبيرا من تردي الحالة الصحية هناك وكذلك الإحصائيات التي قدمها تؤشر على الإنخفاض الحاد في متوسط الدخل بالنسبة للطبقات الوسطى على نقيض ما تعيشه الطبقة العليا من رعاية صحية، لوسي يعير اهتمامه في حديثه عن دور الحكومة في تطوير الصناعة مشيرا إلى انهيار العمالة الأمريكية خاصة في المجال الزراعي التي بدأت منذ عهد لينكولن حتى الكسندر هاملتون اللذان رعا تلك المجالات، مثنيا على إدارة ريغان التي ساعدت في صناعة رقائق الكمبيوتر وصد خطر إغراق الأسواق الأمريكية من قبل الصناعات اليابانية، وكذلك ايزنهاور الذي كان داعما رئيسيا للتعليم العام ومحذرا بالوقت نفسه من مخاطر التصنيع العسكري في غير استخدامها الصحيح .

إدوارد لوسي ولكي يوثق كل ذلك بالأرقام قام بتوزيع استمارات استبيان على مجموعة من الشخصيات بما في ذلك اصحاب المشاريع والمصرفيين ورؤساء الصناعات القديمة والحديثة وبعض من كبار السياسيين والأكاديميين من رؤساء الجامعات وحتى الطلبة المهاجرين من ولايات أمريكية بعيدة للدراسة في واشنطن العاصمة ليخرج بنتيجة أن توقع زوال أ مريكا ليست جديدة مشيرا إلى أن عزرا فوجل وهو أستاذ العلوم الإجتماعية في جامعة هارفارد وله دراسات رائعة عن آسيا واليابان كتب عام 1979 أنه يتنبأ بزوال قوة أمريكا ومذكرا بالقوة النامية للصين واليابان والتي يتفق معها لوسي في نهاية كتابه مذكرا الأمريكان أنها ستكون كارثة كبرى عليهم .


مارك دامزر

عن صحيفة / فايننشال تايمز

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2096 الجمعة  20 / 04 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم