صحيفة المثقف

الطراز الفني المغولي وتأثيره على الفن الاسلامي / كاظم شمهود

وقد عرفت ببطشها ووحشيتها وغاراتها المستمرة على الدول والاقوام المجاورة لها. في هذه المناطق ولد جنكيزخان سنة 558 هجرية / 1162 م وقد فقد والده وكان عمره 13 سنة غير انه استطاع بما يحمل من خصائص القيادة ان يجمع حوله افراد قبيلته وان يتبؤ الزعامة ثم اصبح الحاكم الاعلى والملك الاعظم للمغول . بعد ذلك سيطر على الصين، ثم توجهت جيوشه نحو الغرب نحو الدولة الاسلامية واصتدمت مع جيوش خوارزم الاسلامية بمعارك طاحنة وشرسة واستطاع ملكها علاء الدين منكبرتي من ايقاف الزحف المغولي . وفي هذه الاثناء مات جنكيزخان سنة 624 هجرية . ولكن اولاده واحفاده استمروا بالزحف على الغرب ابتدءا من سنة 651 هجرية / 1253 م فقد انقسمت الجيوش المغولية الى ثلاثة اقسام، القسم الاول توجه الى اوربا بقيادة

- باتو – حفيد جنكيزخان فسيطر على روسيا والمانيا وبولندا وغيرها ثم تراجع وخيم قرب نهر الدانوب. وسميت جيوشه بالفرق الذهبية نسبة الى خيام معسكراته ذات اللون الذهبي ..

 

سقوط بغداد

ثم زحفت جيوش المغول بقيادة هولاكو حفيد جنكيزخان على بغداد سنة 656 هجرية /1258 م

و اشتبكت مع الجيوش العباسية في منطقة الدجيل ادت بالتالي الى تحطيم الجيش العباسي ودخول هولاكو بغداد . ثم استبيحت بغداد لاكثر من اسبوع وذكرت ارقام مهوله عن عدد القتلى ... ولكن تكررت هذه المآسي والويلات في عصرنا الحاضر بل اكثر من ذلك وارعب . وهو ماحدث في الحربين العالميتين حيث ذهب عشرات الملايين من الناس وهدمت صوامع وبيع واحرقت مدن وقرى وخربت الاراضي والمزارع والصروح الحضارية  ... اما في حرب الخليج الاولى والثانية والمسيرين والمخططين لها فقد فاقوا مذابح جنكيزخان وهولاكو ... ... .. اذن لماذا نتباكا على بغداد وهولاكو وما عندنا اليوم هو اخزى وابكى؟

ثانيا ان الدولة العباسية لم يكن للخلافة فيها الا الرسم وابتداءا من الخليفة هارون الرشيد بدأ الاجانب يسطرون على ادارة الدولة من البرامكة والاتراك والبويهيين والسلاجقة واخيرا المغول الذين اسقطوا اسم او رسم الدولة العباسية . ثم ان طبيعة الحكم الوراثي هو في حقيقته حكم غير شرعي ودكتاتوري واستبدادي والدين فيه مايخدم المصالح . ومع كل هذا نجد ان هناك من الناس من يضع هالة قدسية على بعض الخلفاء العباسيين والامويين ...

 826-sham

الفن المغولي

في عصر المغول عمت الاساليب الصينية جميع البلدان الاسلامية التي سيطر عليها المغول وظهرت التأثيرات الصينية واضحة على الفنون الاسلامية مثل سحنات الوجوه واشكال العيون اللوزية وزخارف الغيوم واعواد الازهار والنباتات والحيوانات الخرافية، وقامات الانسان القصيرة وغيرها . وكانت لهذه العناصر اثر كبير في ازدياد ذخيرة الفنان المسلم في دعم اعماله الفنية حيث نجح من تهذيب هذه العناصر واعطاها صبغة زخرفية اسلامية .. وكان المغول قد سيطروا على الصين بقيادة جنكيزخان قبل توجههم الى الغرب وتأثروا بثقافتهم وفنونهم خاصة فنون القتال .

كما تأثروا بالفنون الايرانية (الساسانية) عند سيطرتهم على الاراضي الاسلامية ورقت طبائعهم بعد اعتناقهم الاسلام . وكانت ظاهرة تحول المغول الى الاسلام بعد عقدين من احتلال العالم الاسلامي قد بدأت بعد ان اعلن السلطان المغولي محمود غازان-1296- اسلامه، ثم اخذت افواج المغول تتحول الى الاسلام ... وبعد الاستقرار والرخاء والترف .. سرعان ما دب اليهم الانحلال نتيجة لنظام الاقطاع فانقسمت دولتهم الى دويلات صغيرة حتى قضى عليهم جميعا تيمورلنك في اواخر القرن الرابع عشر واتخذ سمرقند عاصمة له واصبحت رمزا للثقافة والفن .

ويذكر ان المغول جلبوا معهم فنانين وصناع عملوا في التزويق والزخرفة للكتب والعمائر . وكان عصرهم عصر حروب، فكانت اكثر رسومهم تمثل مناظر قتال او مناظر تمثل امراء المغول بين افراد اسرهم وحاشيتهم ... ويذكر ان من آثار التخريب الذي ينسب الى المغول ان ازدادت الهجرات بين الاقاليم الاسلامية وبالتالي ازداد التبادل في الخبرات والتأثيرات بين الاقاليم ...

وقد جلب المغول معهم الفنون الصينية كما ذكرنا ذلك سابقا وانتشرت باتساع مستعمراتهم خاصة في بغداد عاصمة الخلافة العباسية . وتعتبر هذه الموجة من التأثيرات هي الثانية من نوعها على العالم اسلامي حيث ان حقيقة تأثيرات الفنون الاسلامية بالصينية سبقت الغزو المغولي بعدة قرون ايام دخول المدرسة المنوية الساسانية، حيث ان منابع الفنون الساسانية كانت اصلا من الصين ... ويذكر ان المصورين المانويين قدموا الى العراق في القرن الثاني الهجري – الثامن الميلادي – واخذت اعدادهم بالتزليد بمرور الوقت . ويذكر ابن الجوزية في كتابه – التنظيم – انه قد احرق في باب العامة صورة ماني واربعة اعدال من كتب الزنادقة فسقط منها ذهب وفضة لانها كانت مزوقة بماء الذهب ..

ولكن الفنان الصيني عند مقارنته بالفنان المسلم نجد ان الاول متفوقا في التقنية التي تحتاج الى تدريب وصبر واعداد نفسي كبير كما نجده بارعا ومهارا ومتفوقا في الدقة والرقة . كذلك فان الصيني يكتب عادة بالفرشات كما هي الريشة او القلم عندنا، ولهذا فان الرسم الصيني هو امتداد للخط او الكتابة الصينية ...

احينا نجد في رسوم الفنان المسلم نوع من العفوية والمرونة في الخط مقارنة بالفنان الصيني

ويعود ذلك الى ان الفنان الصيني حبس داخل تقاليد الفلسفة البوذية التي حسب- هربرت ريد- الحقت اضرارا بالغة في الفن كونها تدعو الى الرمزية الجامدة ...

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2109 الخميس  03 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم