صحيفة المثقف

وليد صالح .. معروف في الغرب منسي في بلاده / كاظم شمهود

الوعي وتشغيل العقل وتفعيل الذاكرة (العلم في الصغر كالنقش في الحجر) .. وقبل الحديث عن الدكتور وليد احب ان انور القارئ المحترم ببعض الخواطر ذات الصلة ...

في بداية الفتح العربي للاندلس كان الادب والفكر مشرقي الانتماء ويطغي عليه طابع الخشونة والبداوة وقد انطلق اهل الاندلس فيما بعد من منطلق الانتماء المشرقي وهو ما اشار اليه ابن حزم في احد قصائده ’ ثم بعد ذلك امتزجت الثقافات العربية واللاتينية ثم تحولت الذاتية الاندلسية من – الانا – الى - نحن – لتكون عملا جماعيا .. هذا العمل برز عندما اصبح المجتمع الاندلسي على درجة كبيرة من الاستقرار والتحضر ... وقد امتدت الحضارة العربية الاسلامية الى الغرب والشرق في آن واحد وبدأت الرحلات العلمية والتجارية وبدأت المخطوطات العلمية والتاريخية تتدفق على دمشق وبغداد . ثم نهضت حركة الترجمة ...

ويذكر ان احد الرحالة المسلمين ذهب الى الصين وعاد في زمن الخليفة المنصور (الدوانيقي)

وهو محمل بالمخطوطات العلمية والادبية . فقص على المنصور حكاية ملك الصين الذي

اصيب سمعه . فبكى الملك فقيل له لماذا تبكي قال: لا ابكي للبلية التي انا فيها وانما لمظلوم يصرخ ولا اسمع صوته . ثم نادى في الناس الا يلبس ثوبا احمر الا مظلوم ... ..

لهذا ترون ان الثورة الشعبية الشوعية التي قادها ماوتسي تونغ سنة 1949 رفعت الاعلام الحمراء رمزا للمظلومين ...

 واتمنى ان تكون قصة ذلك الملك العادل عبرة للحكام العرب لكسر طوق الفوارق بين الناس وصعود طبقة المظلومين واخراجهم من ظروفهم المعاشية الخانقة. وتحصيل ابنائهم على فرص التعليم والدراسة .....

 

وذكر صاحب كتاب – نفح الطيب – عن هجرة العلماء والمفكرين من المشرق الى الاندلس بقصد التعليم لا التعلم، كما هو حادث عن اهل الاندلس الذين هاجروا الى المشرق بقصد الدراسة والتعلم وجلب المخطوطات العلمية والادبية ..

تلك الخيوط التي نسجت قصة التعليم والتي لعبت دورا هاما في ظواهر الادب والفن والفلسفة والفقه منذ العهد الاندلسي الى عصرنا الحاضر لا زالت تتكرر الى اليوم . من جه اخرى عندما نتأمل الثقافة القديمة والمعاصرة انما نتأملها من خلال تلك البانوراما الهائلة للفكر الانساني العالمي، باعتبار ان الفكر المعاصر باتجاهاته المختلفة انما هو امتداد للتجارب العلمية والفكرية منذ ما قبل التاريخ الى يومنا هذا .....

دكتور وليد صالح استاذ ومفكر عراقي كبير جاء الى اسبانيا ليس ليعلم فقط كما كان اسلافنا المشرقيين يعملون يوم ذاك وانما ليتعلم ويعلم وهي صفة تطلق على صاحب (الجنتين) على اعتبار ان الحضارة الاوربية اليوم متفوقة ومتحضرة في مناهج العلم والتعليم وهذه هي سنن الحياة (يوم لك ويوم عليك) .

 

لم يكن الدكتور وليد في منازل التشنج والتخندق كما نراه اليوم مع الاسف في كثير من بلداننا العربية والاسلامية وبعض الشخصيات التي تدعي العلم والتي تحمل شعارات خرافية اسطورية تظلم بها الناس الابرياء حتى تصل الى مبتغاها وهو الحكم والسلطة .. لقد عرفته منذ سنوات وتبادلنا الاحاديث وبعد مرور فترة طويلة من الفراق جمعنا معرضي الفني الذي قمته في جامعة مدريد 3/5/201 المستقلة حيث يشغل الآن هو مدرس للدراسات الاسلامية و العربية في الجامعة . وقد تفاجأت عندما رأيت الاعداد الهائلة من مؤلفاته (دكتور ما هذا؟) فيبتسم ويقول لا اريد الاضواء ... .. وارد عليه بحديث الامام جعفر الصادق (فلتكن اعمالكم تسبق اقوالكم) وقول الرسول الاعظم –ص- ( حافظوا على قضاء حوائجكم بالكتمان) لكن الدكتور معروف في اسبانيا من خلال عشرات المقالات التي تنشر باكبر الصحف الاسبانية مثل- الوطن El Pa?s - يضاف الى ذلك المقابلات في القنوات الفضائية العربية والاسبانية . بمعنى انه معروف في اسبانيا ومنسي في وطنه مع الاسف . ...؟ وهذا يذكرني بجماعة – اخوان الصفا وخلان الوفا – التي ظهرت في القرن الثالث الهجري / العاشر ميلادي . والذين كتبوا 52 رسالة (كتابا) في مختلف العلوم من، طب، وفلسفة، ودين، وفلك وحكمة ومنطق وغيرها، ولم يعرف احد عن اسمائهم ولا عددهم لعدة قرون .. ويذكر انهم من تلاميذ الامام جعفر الصادق – ع- او من الاسماعيلية . .  وقد تحدثت معاه قليلا عن التعليم ومقارنته بالمناهج التعليمية في عالمنا العربي فذكر لي انه في عالمنا العربي ما عدا المغرب ليس هناك منهجية واضحة في التعليم وانما هناك فوضى في المعلومات تصل الى الطالب .. بينما نجد في المغرب التي قد خضعت للاستعمار الفرنسي عشرات السنين هناك منهجية علمية واضحة للتعليم مأخوذة من المناهج العلمية الفرنسية ( وكان الاستعمار الفرنسي استعمارا ثقافيا و يفكر دائما بالبقاء في البلاد التي يحتلها مدى الحياة) . اما الانكليز الذين سيطروا على العراق فترة قصيرة من الزمن فقد كان هدفهم اقتصادي ليس الا ولم يفكروا في البقاء طويلا ولهذا لم يهتموا بالتعليم ونشر الثقافة .. وبقت الامور على حالها القديم الى يومنا هذا ..

في اسبانيا هناك مناهج علمية متطورة في التعليم حيث يأتي الطالب الى المدرسة وهو عنده ثقة بنفسه ومستعدا وحاضرا للتعليم ويسير ضمن ضوابط ومنهجية تعليمية علمية منذ الروضة حيث كان عمره 3 سنوات .. لهذا تجد الطالب يحاور ويسأل الاستاذ دون خجل او خوف ...

ولكن المشكلة هنا هو ان الطالب ينظر الى الاستاذ كشخص عادي حاله حال الطالب وهو ما يولد عند المدرس نوع من الغبن وعدم الانصاف في التقييم والاحترام .... بينما نجد المعلم في ثقافة اهل الشرق مقدس (كاد المعلم ان يكون رسولا) حيث تجد الطالب العربي خجولا يستحي من استاذه ..

 وفي الحقيقة كما يشير الاستاذ : لا هذا ولا ذاك وانما شئ بينهما ...

 

السيرة الذاتية -

 الدكتور وليد صالح الخليفة حاصل على شهادة البكلوريوس في اللغة والأدب العربيين من كلية التربية بجامعة بغداد سنة 1972. عمل مدرساً في عدد من الثانويات والمعاهد العراقية، وكان آخرها الاعدادية المركزية ببغداد. غادر العراق سنة 1978 واستقر بالمغرب حيث مارس التعليم في المدارس العليا للمعلمين بأكثر من مدينة . يقيم في إسبانيا منذ سنة 1984، حيث أنجز دراسته العليا ونال شهادة الدكتوراه من جامعة أوتونوما بمدريد سنة 1990. مارس التعليم في العديد من مراكز التعليم والجامعات الإسبانية في مدريد وبلنسية. يعمل حالياً أستاذاً للدراسات العربية الإسلامية بقسم الدراسات العربية والإسلامية بجامعة أوتونوما بمدريد. رئس هذا القسم ما بين سنة 2002 و2005.

المؤلفات والتراجم -

له الكثير من المؤلفات والتراجم، فمن مؤلفاته:

1ـ عبد الوهاب البياتي من باب الشيخ إلى قرطبة، دار الحداثة، بيروت، 1992.

2ـ قرن ونصف من المسرح العربي (باللغة الإسبانية)، نشر جامعة أوتونوما بمدريد، 2000.

دورة تطبيقية 1 في تعليم اللغة العربية للإسبان، إيبرساف، مدريد، الطبعة الرابعة ـ 2008.

دورة تطبيقية 2 في تعليم اللغة العربية للإسبان، إيبرساف، مدريد، الطبعة الثانية ـ 2006.

5ـ قصص من التراث العربي ـ مختارات لتعليم العربية للاسبان، إيبرساف، مدريد، الطبعة الثانية ـ 2007.

6ـ الجناح المشدد للاسلام، سغلو 21، مدريد 2007.

7ـ الحب والجنس والزواج في الاسلام، إدثيونيس ديل أورينتي إي ديل ميديتيرانيو (مدريد) ومؤسسة الثقافات الثلاث (أشبيلية)، 2010.

8ـ نوادر جحا، باللغتين العربية والاسبانية لتعليم العربية للاسبان مع تمرينات وقرص CD، إيبرساف، مدريد، 2010.

9ـ بسمة ـ دورة لتعليم اللغة العربية (في أربعة مستويات وبتأليف مشترك) مع أقراص CD تشتمل على تمارين السماع، دار نشر أكال، مدريد 2011.

 

قام بترجمة بعض الأعمال الأدبية من الإسبانية إلى العربية، مثل:

1ـ اثنتا عشرة قصة نادرة، لغارثيا ماركيز، دار الشروق، عمان، 1992.

2ـ عن الحب وشياطين أخرى، لغارثيا ماركيز، دار الشروق، عمان، 1994.

 

كذلك ترجم أعمالاً من العربية للإسبانية، منها:

1ـ مسرحية "رأس المملوك جابر" لسعد الله ونّوس، بريتكستوس، بلنسية، 1992.

2ـ مسرحية "المهرج" لمحمد الماغوط، بلدية موتريل (غرناطة)، 1993.

3ـ موشحات الأعمى التطيلي، إقليم نافار، 2001.

4ـ ديوان البحر بعيد أسمعه يتنهد لعبد الوهاب البياتي، إيبرساف (مدريد) 2003.

5ـ ديوان الأعمى التطيلي، منشورات بلدية تطيلة، 2012.

نشر عشرات المقالات الطويلة في المجلات العربية والأجنبية المتخصصة في مختلف الموضوعات اللغوية والأدبية والفكرية والسياسية والاجتماعية.

 

كما قام بنشر الكثير من المقالات في الصحف العربية والاسبانية. يساهم باستمرار في البرامج التلفزيونية والاذاعية الاسبانية والعربية.

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2119 الأحد  13 / 05 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم