صحيفة المثقف

النقد الادبي: إبريق جوتي .. الحلم الثمل وجدة النص .. قراءة في نص الاستاذ سردار محمد سعيد / سلام كاظم فرج...

.. يتداخل فيه عالم الصحو بعالم السكر.. الواقعي بالسحري..لكن ثمة حنين طاغ جارف.. واضح ينتظم نص استاذنا سردار.. الحنين الى ازمان العشق الاولى.. وجوتي رغم انه.. كشف عن هويتها... لكنها ظلت وفق رؤيتي قناعا.. لجوتي ثانية.. بعيدة وغامضة.. هذه ما يوحي به النص لا ما ثبته الاستاذ سردار..

لكن المسألة لا تقف عند موضوعة العشق الاول.. فالنص يحمل عشرات الترميزات والاحالات والانزياحات رغم قصره..

 وتلخيص النص خيانة له.. والكشف عن بعض اسراره مغامرة غير محسوبة..

فرغم اللغة الشفيفة البسيطة المتاحة لكل قاريء.. انطوى النص على صراع متصل بين الذات الواعية لكل ما يجري. والذات الثملة بالامنيات المركبة المتنوعة.. هناك مجموعة اضداد تعتمل في وجدان الكاتب.. لكنها اضداد نابعة من اصل واحد.. (الحب.. الحلم.. الامنية)..

فحين يقول.. لا تذهل كلنا جوتي.. وجوتي هي مام.. ومام هي جوتي فإنه يعني ما يقول وبدقة.. ان كل هذه الاضداد.. مصدرها معين واحد ومنهل واحد.. يسري كله.. بجذوره.. وبالتناقضات المنفلتة منها... في وجدان الكاتب الذي اقترب قاب قوسين او ادنى من الشعرية باعلى تجلياتها..في جدلية الخلق والتخلق لمجموعة من المقدمات التي تنتج مقدمات لا متناهية..في انبثاق الشيء ونقيضه ..في سرد يتداعى ليصل الى شيء جديد..يحمل في بذرته اقواس قزح من الاحتمالات والتأويلات..

 اما..موضوعة ولوج الابريق.. ودعوة جوتي له في الحلم الثمل ان يشاركها ذلك الولوج.. فيلخص الحنين الى العودة الى الينابيع الاولى..حيث لا عودة. والاستحالة سيدة الموقف.. اللهم الا باختراع حلم لذيذ.. وليس سوى الخمرة سبيلا لتحقق الامنية..

وكم كان الاستاذ سردار عميقا في خلق تناص عالي الترميز في رسم اجواء سحرية متناصة مع الطرح الميتافيزيقي لموضوعة الحور والنساء.الفاتنات الهيفاوات.. وإعادة تأصيل تلك  الموضوعة التي تحاكي رغبات البشر وامنياتهم.. باستعادة الزمن الجميل.. لكن العالم هنا. عالم متخيل فردي يتعلق بامنية بطل القصة.

 لذلك وجدات ان الاستاذ سردار قد قلل من سحرية النص. (وليته لم يفعل) حين اخبرنا ان جوتي هي زميلته في المعهد ..هذا التنويه اطاح بحلم القاريء الثمل..هو مجرد رأي.. فقد كنت ثملا.. بذلك الجو الساحر.. ومتلهفا لمعرفة مصير اللقاء المرتقب بين جوتي والراوي.. وكانت الخاتمة باذخة الروعة..في تنويع مصائر اللقاء والاستمرار بسحريته وغموضه.. ولم توقظني من حلمي انا القاريء.. سوى تلك الملاحظة خارج المتن!!

 لابد من الاشارة الى ان النص قد حفل باقتباسات باذخة الجمال جاءت في مكانها المناسب بدقة محسوبة ناهلة من تراكم معرفي وثقافة مكتنزة بعيون الشعر العربي.. تناثرت اقتباسات شعرية لابي نواس من خمرياته.. وكانت سابقة لطيفة ورائعة في تضمين النص القصصي القصيرة ازاهير من الشعر الجميل..

ان جدلية البحث عن الذات من خلال البحث عن حبيبة مفترضة. وإن بصيغة الحلم.. وبصيغة التمني. وبصيغة انتظار.. او رجوع الى الماضي..كرسها الاستاذ سردار في نص بديع يخطف الابصار بسحريته.

 والبحث عن الذات من اجل ادراكها..قد يتحول الى بحث لادراك الذات المطلقة. ولا يتحقق ذلك   الا بالتأمل.. وقد وجد الاستاذ سردار ربما بمناسبة زيارة زميلة له مناسبة ليحقق هذا النص الجميل الفاتن العميق..

 بتواضع لا املك ان اقول عن نص الكاتب الكبير سردار محمد سعيد ابريق جوتي.. الا جملة قصيرة واحدة.. إنه (نص جديد حقا)..

 

خاص بالمثقف

 

سلام كاظم فرج

صحيفة المثقف

26 - 5 - 2012


........................

للاطلاع

إبريق جوتي / سردار محمد سعيد 


 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم