صحيفة المثقف

لعدد من الكاتبات الغربيات لجائزة أورانج الشهيرة التي تمنح لأفضل رواية بالإنكليزية بقلم امرأة وقيمتها 30 ألف جنيه استرليني ما يعادل 47 ألف دولار لم تتخل عن ابتسامتها، فقد كانت واثقة من الفوز بها بسبب اختيارها واحدة من أعظم الملاحم التاريخية هي " إلياذة هوميروس " التي أوحت لها الاقتراب من أقوى شخصياتها " أخيل "، لتعالج من خلاله سر علاقته بالأمير الشاب باتروكلوس الذي نفي الى فيثيا حيث يلتقي بأخيل الشاب القوي والوسيم فتتعمق علاقتهما، لكن أنباءا غير سارة قادمة من أسبرطة تعلن خطف هيلين زوجة ملكها فيضطر الصديقان الى حشد الجيش للإرتحال الى طروادة لاستعادة الأميرة الجميلة، لكنهما يواجهان بمعارك طاحنة تنتهي بفوزهما بعد أن يعدا خدعة لايتصورها بشر لاقتحام أسوارالمدينة المنيعة، ميلر قالت متحدثة بعد فوزها بالجائزة :

- كانت أول مواجهة لي مع إلياذة هوميروس عندما كنت في الخامسة من العمر، كانت والدتي تقرأ لي هذه الأسطورة اليونانية حتى أخلد الى النوم، فعلق في ذهني أخيل بعد ذلك فقرأته جيدا عندما وصلت الى المدرسة الثانوية فكنت محظوظة حقا بما فيه الكفاية كي أتعلم من مدرس اللغة اللاتينية بعضا منها وأكون قادرة على قراءة هوميروس في لغتها الأصلية، تلك التجربة غيرت من قناعاتي الفكرية، فمع أني كنت قد أحببت تلك الملحمة بأحداثها وشخصياتها، لكنني دهشت لجمال لغتها وشاعريتها القوية وبعد قرائتها مرات عديدة أصبحت سعيدة بها ما دفعني الاستمرار بدراسة الكلاسيكيات عامة بعد انتقالي الى الجامعة وبت راغبة ليس بوصفي دارسة لها فقط بل كاتبة فعدت الى أحرفها الأولى لأتناول من وحي تلك الأسطورة سر العلاقة العاطفية بين أخيل وباتروكلوس، وقد فاجأني عالمها الغني بصوره الأكثر تفصيلا،

لكننا ما زلنا لا نعرف إذا كان هوميروس شخصا واحدا أو عدة أشخاص قد أنجزوا هذا العمل الكبير؟ وهل هو حقا ذلك الشاعر الأعمى الذي تغنى بها أم غيره؟ وهذه القصائد لم تكتب فقط لجمهور النخبة كما عرفناها بل كتبت للجميع شاملة لجميع جوانب الحياة الإنسانية وتعرضت للحب والحرب كذلك ولا تزال تجاربها صالحة الى اليوم،وأنا أدين لها بامتنان كبير لأن ما يقرب من 3000 سنة وحتى وقت لاحق أشعر أنها حاضرة بيننا ومن أي وقت مضى .

مادلين ميلر ولدت في بوسطن ثم انتقلت الى نيويورك وقد روت أنها كانت تسكن بالقرب من متحف المتروبوليتان للفنون وكانت أمها تأخذها اليه مرتين في الشهر، ولما قصدته بعد ذلك مع طلاب مدرستها الثانوية بهرتها الحضارة اليونانية والمصرية القديمة التي أفرد لهما المتحف جناحان كبيران فيه، حتى إذا انتقلت للدراسة في جامعة براون تعمقت في دراستها لليونانية وكثيرا ما اشتركت اثناء ذلك في أعمال الحفر الآثارية التي قالت عنها أنها من أفضل التجارب في حياتها حصلت بعد ذلك على درجة البكالوريوس ثم الماجستير في الكلاسيكيات، وعلى مدى العشر سنوات الماضية قالت انها درست طلاب المدارس الثانوية اللاتينية واليونانية وشكسبير، انتقلت بعد ذلك لتدرس في جامعة شيكاغو الفكر الاجتماعي وفي كلية بيل للدراما حيث ركزت على تكييف النصوص الكلاسيكية الى الأشكال الحديثة دون المساس بجوهرها، تعيش ميلر حاليا في كامبردج حيث تدرس وتكتب و"أغنية أخيل" أو "نشيده" هي أول رواياتها أو تجاربها في تكييف النص التاريخي ليكون حاضرا معنا بعد أن تكون قد كشفت عنه ما خفي منه وما استتر، ومن حظ أخيل أنه فاز بمعركتين كانت الأورنج إحداها مؤخرا .

open letters monthly / عن

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2142 الثلاثاء  05 / 06 / 2012)