صحيفة المثقف

الزجالة ثورية قاضي في مقامات البوح / عبد النبي ذاكر

كان موعد جمهور مدينة أكادير وطلبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية مع أمسية شعرية باذخة يوم الثلاثاء 05 يونيو 2012، تألقت فيها الزجالة المغربية ثورية قاضي بإلقاء قصائدها الطويلة والشذرية بطريقة نالت إعجاب الحضور من الطلبة والأساتذة والإعلاميات والإعلاميين بصورها الأخّاذة وتخييلها الفادح. ومن الأسماء التي أبت إلا أن تشاطر الحضور نشوة الاستمتاع بالإلقاء الجيد والتمكن البارع من شدِّ الجمهور، نذكر: المسرحي والزجال الكبير عبد القادر اعْبابو والشاعر محسن آيت جمال والصحفيات خديجة الحمراني وصفاء الهراز ومريم العسري والناقد محمد رمصيص والباحثة فاطمة الشعبي والباحث في التراث الشفهي مصطفى بنسلطانة

وقد افتتح اللقاء نائب عميد الكلية د. محمد الناجي بنعمر، الذي نوه بالاحتفاء بأدب المرأة المغربية، وعطاءاتها الزاخرة في شتى مجالات الإبداع، كما حسس الطلبة بأهمية التأهب للانخراط في سلك ماستر يهم الثقافة الشعبية المادية وغير المادية.

وقد نشط اللقاء الأستاذان: عبد النبي ذاكر وعبد السلام الفازازي الذي نوه بفرادة تجربة الشاعرة المحتفى بها، مقارنة بتجارب الأجيال السابقة.

معلوم أن للزجالة ثورية قاضي ديوان زجلي مشترك تحت عنوان: (عرصة لكلام)، صدر بمبادرة منتدى جامعة المبدعين المغاربة يتضمن ثماني عرصات منها : عرصة ثورية قاضي، نجيب أمين، مليكة أمصاد، علي مفتاح...

ولأن الكلمة تسكن دواخلها، والحرف أصبح المعادل الموضوعي لكينونتها تحلم به كما يحلم بها زهوا وعشقا، سرا وعلانية، أصدرت أضمومتها الشعرية: "لحروف لْحالْماني"؛ تقديم محمد رمصيص، مطبعة طوب بريس، الرباط، يونيو، 2011.

لما تحلم الحروف بالشاعرة، تنقشع غيمة المعنى المستباح والكلام المبحوح، على بارقة شعر تسّاقطَ بلحُ استعاراته من عرجون أسطورة الروح والجسد(الكسدة)، لتهلل بتباشير الروح ـ الجسد، "اللي طاح فْ الما وجبر غطاتو تمّا"، لكي يتعرى في مقام الكلام، مجردا من المحيط والمخيط من "الهدْرة" الهدَّارة "بلا فْصال". كلامها يلاغيك بلا لَغْو "بْلا مْلاغة"؛ لأنه إنذار شعري بتشظي "الكسدة" على الروح، والخروج من الذات إلى "شهوة المكان":

بْغِيتْ نَخْرجْ مَنْ رَاسِي

نَطْلَعْ مَنْ شَهْوَة لَمْكَانْ

الشعر معاناة، لكن المعاناة شعر في قصائد ثورية قاضي المسكونة بقلق وجودي أسيان يشفُّ عن روح تتنزى في شِقوة  قُلَّب وجسد مشروخ في غير انكسار ولا وجع قدري؛ لأن قلب الشاعرة عميق عميق عميق..يتسع لملكوت الرغبة ولمقامات الرهبة وللإخفاقات الأزلية في البحث عن "جْواب السؤال" "بين الحال والمحال"، وعن:

"فرحة تفاجي لكروب

فْ ديك الكسدة

الباهية

لمحروقة بعشق

لخليل"

الظل حزن وكدر، الظل عتمة، إلا في شِرعة الحب وقانون الشعر...شعر ثورية قاضي حيث يصبح الظل توأم الروح والمعادل الموضعي للحب والمحبوب، والعنصر الحيوي لمقاومة القتل الرمزي، وضوءا منعكسا يذيب قلق المجهول وفصل الجسد عن ظله، والخوف الرابض بين الحيرة والشوق:

 

خايْف

بين حيرة

وشوق

نْقَلَّب على ضلي

فْ خْيال راسي

المسكون بيا

فيه

فْ ذاك النّعت لبعيد

لِّي وْرا احلامي

فيه نَترَجَّ

نلقى طريق

لذاك الضل

اِضَوّي ظلامي...

غير أجيني يا ضلي

أجيني يا ضلي

بشوفة شاهدة

أجيني يا ضلي

بفرحة شاخدة

وكانت النشوة غلاّبة، فلم أستطع مقاومة نشوة البوح فقلتُ:

بْغيت روحي تقصَّر معايا

فْ "عرصة لكلام"

فْ زحمة الزحام

تسامرني

تتسمّر فخوخة الباب

تديرني رتاجه

يتّفتح عْلِيا بِيا

بغيت روحي تقصر معايا

راه تْوَحّشَتْ راسها فيا.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2144 الخميس  07 / 06 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم