صحيفة المثقف

النقد لأدبي: الأنا بوصفها روحا مطلقة .. قراءة في نص الشاعر الاستاذ عبد الستار نور علي (الحارس) / سلام كاظم فرج

رغم ما نجده في حيثيات النص من رجع لماض بعيد هو نفسه ماضي الشاعر..

 ولذلك..يخطيء من يرى في النص  مديحا للذات او تمجيدا او تأسيا فرديا.. او حتى ندما على خيارات او رهانات.. استنزفت ايام العمر.. ولا حتى اعتزازا وافتخارا عابرا .. (تلك سمة النصوص العابرة. ونور علي اعمق من ان يكون كذلك..)

في البداية لنتلمس المفردات المفضية للأنا التي نعنيها..

 اوقفني الحارس..

 يسألني..، أجبت انا من ضيع عمره في الاوهام.، كنت العمر،كنت الصوت المخنوق، انا اكره ذاك الحارس، لكني احب الحارس جيفارا. والحارس كريم قاسم، والحارس هوشي منه،

نعم هو عبد الستار نور علي بعينه.. وهو الشاعر نفسه..

لكن هذه الأنا لا تنفصل ابدا عن محيطها الذي سارت به، هذه الانا.. لا تتحدث هنا عن حب فاشل او مجرد نكسة او نكبة او خسارة قد يمر بها الانسان الفرد.. (ابن الرومي مثلا حين يرثي واسطة العقد). او المتنبي حين يعاتب سيف الدولة ويشكو غدر الزمان. لانه لم يحقق حلمه بالامارة..) الأنا هنا...وجدتها وقد خاضت في بحار النضال الجمعي لا النضال الفردي.. وعبرت رحلة طويلة في عالم الموجودات المادية ..وما تخللتها من عثرات وانتصارات.. هذه الانا وصلت الى اعلى مراحل الوعي بذاتها لتتحول الى أنا مطلقة جمعية تجمل كل تأويلات التاريخ المعاصر لحركة اليسار الحقيقية. وخيارات اليسار الانسانية لا المزيفة..

 هذه الانا التي وصلت الى عتبة الفلسفة وهي في اوج وعيها وجدت ان هناك من يستوقفها ويسألها ويحاكمها..ويضعنا الشاعر الاستاذ نور علي امام محنة التعرف على نوعية هذا الحارس القاضي.. الذي يسأل الشاعر..ولنجد ان للحارس اكثر من قناع..

الحارس هنا هو الشاعر نفسه في تجلياته المتسامية. المتماهية مع اكثر من (أنا) خلدتها الايام.. هوشي منه. جيفارا. عبد الكريم،

والحارس هنا.. هو الآخر الذي لم يسبر غور المحنة والمسيرة الطويلة.. يقف ليسأل الشاعر من انت؟؟

 هذه الاقنعة المختلفة.. ميزت النص كواحد من اكثر النصوص العميقة المثيرة للجدل النقدي..

 ورغم ما نجد في النص من بساطة تجعله متاحا لقراءة شفافة لجمهرة القراء.. لكن مكامن التنوع في بنيته الشعرية تحتاج الى اكثر من وقفة نقدية..

ان الاستعارة. استعارة المفردة واستعارة القناع.. وتنوع مدلولات القناع نفسه تحيلنا الى فكرة النص الاصلية التي جعلت من قناع الذات (ذات الشاعر) صورة لقناع جيل بكامله.. وفي اشارة  لافتة الى سينما الخمسينات اكثر من دلالة لتركيز هذه الفكرة..

 يعاتبني اكثر من صديق.. ان تقديمي للنصوص لايشتمل على قراءة نقدية متكاملة..

 فأقول ان استنساخ النص. واستنساخ الشاعر. وتناول كل انزياحات النص وإحالاته ومدلولاته..تنجب قارئا كسولا. وانا افضل ان اكون ناقدا كسولا على ان افرط بالقاريء..

 وعليه ان نص الاستاذ عبد الستار نور علي هذا.. يحتاج الى جمهرة من النقاد لتداوله وتناول اكثر من مفصل رائع وبديع فيه..

 وهنا يطيب لي ان اشكر الاستاذ الناقد حميد الحريزي الذي سألني عن امكانية تقديمه لنص الاستاذ نور علي هذا الى ملف النقد..(اتصل بي هاتفيا) فقلت له.. ان ذلك شرف كبير.. لكن دون ذلك اهوال!!..في اشارة مني الى تنوع الاقنعة وتداخلها في النص..

تحية لاستاذنا الشاعر والناقد الكبير الاستاذ عبد الستار نور علي. وعسى ان نكون قد وفقنا في تقديم جانب من جوانب النص المتعددة الاحالات .. وتلك هي مهمتنا.. تحريض النقاد على تناول النص . وتحريض القراء على العودة اليه برؤية مختلفة...

 وتبقى مهمة إضاءة كل الجوانب مهمة عسيرة تستدعي اكثر من وقفة واكثر من قراءة.. وأن يقرأ النص برؤيتين مختلفتين.. من اجمل متع القراءة. .ودليل حي ملموس على ان النص يحتوي على باقة من التأويلات والفرضيات.. وتلك لعمري سمة من سمات النص المعاصر الأكثر اهمية وجدية وخطورة..

 

للاطلاع

عبد الستار نورعلي / الحارس

 

خاص بالمثقف

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2152 الجمعة 15/ 06 / 2012)

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم