صحيفة المثقف

ثورة المقاوتة تحت التخدير / صالح العجمي

من استهداف التجمعات السكنية والأسواق والاستراحات العامة مألوفة  وبالرغم من كثرة تلك الاحداث الدامية وتكرارها شبه يومي وما تعيشه تلك البلدان من حروب طائفية وحزبيه فإن الموسسات العسكرية  لم تقع في فخ  سلسلة التفجيرات الارهابية   وكان معظم الضحايا هناك من المواطنين الأبرياء  .

ولكن الصورة اختلفت في اليمن بشكل يثير الرعب ويطمئن في حالة اخرى  فكما يبدو ان من يقومون بالتفجيرات الارهابية غيروا استراتجياتهم في تنفيذ العمليات واتجهوا نحو المؤسسة الأمنية  وركزوا جهودهم على ارهاب الدولة في الوقت العصيب الذي تعيشه وربما استغلوا التفكك الذي تمر وحدات الجيش ولكن مايثير الشك على أن يكون هناك من يقوم بهذه الاعمال الاجرامية من الفرقاء  السياسين لتحقيق مكاسب سياسية بدماء الجيش  قبيل انعقاد الحوار الوطني و ارسال رسائل  دموية ألى  طاولة الحوار قبل الإلتفاف عليها  أو أن المؤسسة الأمنية  عاجزة عن حماية نفسها  والساحة اصبحت مفتوحة  لسلسلة أعمال انتحارية  قادمة  قد تتوسع  وتطال  التجمعات المدنية  في حين تمكنت المجموعات الأرهابية  من إشغال الجيش  بتركيز جهوده  على حماية نفسه  وتكثيف جهوده حول  المواقع والمقرات العسكرية التي اصبحت مستهدفه عيانا .

فما تعيشه البلد من تفلت  أمني و انهيار اقتصادي  وصراع سياسي  متفاقم  تتحمل مسؤوليته الجهات القائمة بالحوار الوطني والمبادرة الخليجية التي  قضت على الثورة  وفتحت ملف تشتيت الجهود  على الوضع اليمني  واقحمت كل اطراف الصراع في حلبة  اغتيالات واعداد لمخططات  اجرامية  استفاد منها بالدرجة الأولى اصحاب النفوذ  والقوة  ومن اجبروا على  الالتحاق بالثورة  خوفا على مصالحهم  وما تحت ايديهم من اموال وشركات هائلة  نهبوها ابان النظام السابق .

منحتهم المبادرة الخليجية الوقت الكافي لإعادة ترتيب أوراقهم والالتفاف على الثورة  واجهاضها بعد عبورهم  خطر الثورة  الذي كاد ان يطالهم على كتوف الشباب والتظليل عليهم حتى منحهم الثقة وسلم لهم القيادة وغادر الساحات بخفي حنين ولافتات ارحل التي شرب منها نصيبه ورحل يحلم في القيام بثورة قادمة لاتحتمل المبادرات ولا يصدها  شبح الخوف من الحروب الأهلية التي  يعيشها  الشعب بشكل حروب منظمة وتفجيرات شبه يوميه  نتيجة  اهداره لثورته وتراجعه عن الحسم الثوري  والقفز عن  مستنقع ما يسمى بالحكومة الانتقالية  العاجزة عن فرض هيبتها في  مجتمع يرى أنها حكومة اضطرارية لاتمتلك الشرعية  في إدارة شؤون البلد  بالرغم من  إدلاء الجميع باصواتهم للرئيس المنتخب الوحيد  في انتخابات فرضت نفسها في مجتمع  ينقصه  الكفاءات القادرة على إدارة الثورة وإعطاءها طابعها السياسي الذي يفرض على الأحزاب السياسية التقليدية التبعيه والولاء وعدم التدخل في ايجاد انصاف الحلول والضغط على خصومهم السياسين في الحزب الحاكم وفي نفس الوقت استغلال بساطة الشباب وخلفيتهم السياسية التي لم ترتقي  بهم الى مستوى عدم الالتفات الى النعرات الطائفية والمناطقية التي استدعاها خطاب تلك الاحزاب والاطراف المتطرفة   بين أوساطهم خلال الغليان الثوري   .

فالثورة  في اليمن  انتصرت فعلا في انتزاع السلطة من النظام الحاكم ولكنها بحاجة الى ثورة  اخرى تعيد الموازين الثورية الى نصابها  فشباب الثورة يدركون الى اي مدى تم استغلالهم من قبل احزاب المعارضة اللقاء المشترك ومن معهم ممن ادعوا حماية الثورة وحاصروها في مجموعة خيام  تم غزوها بالملفات المجمدة  في ارشيفات تلك الاحزاب  وممارستها ترهيب الشباب واثارة المخاوف بين اوساطهم الى درجة القيام بالقتل والإعتقال  بما يمكننا  القول أن النتائج التي حصدها الشباب في تسليمه زمام الأمور وقيادة الثورة اللقاء المشترك افقدتهم الثقة في تلك الإحزاب التي احبطت طموحاتهم واعادتهم الى المربع الأول يحلمون في ثورة  تقود إلى العدالة المساوة في بلد لايختلف عن الغابة والمجتمعات البدائية القوي يأكل الضعيف والكبير يظلم الصغير  .

فالمنشورات الحزبية في اليمن اصبح العامة ينظرون إليها على أنها تمايم وحروز لسحر الجماهير وتحشيدهم  لدعم شخصيات قبلية وقيادات أمنيه تمنحهم الشرعية في  القمع والسطو والظلم  فالمواطن لم يلمس من تلك الإحزاب ما انعكس على حياته ايجابيا  وغير وضعه المعيشي والصحي والوضع يزداد سوءا وكل من تقف الى جانبه وتمنحه الثقة يعطيك ظهره ويلهث بعد مصالحه الشخصية  متجاهلا المهمات التي فوض من اجلها  ومستغل الشرعية التي منحت له لتكميم الأفواه  واستخدام العنف والترهيب الذي قد يصل الى القتل في أغلب الحالات  .

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2180 الجمعة 13/ 07 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم