صحيفة المثقف

أين رغيفُك الأسمر؟ / انطوان القزي

ما هذه الأشواكُ

تغتالُ أعناق البنفسج؟

أمّاه أين تيجان الشهباء؟

وأرصفتُها تأسرُ ظلال الهاربين،

والسطوحُ تلملمُ رصاصَ السفاحين؟

أين حلَبُ الذهبِ والحرائر

وطيبِ السرائر؟

أمّاه ما لِبردى ينوحُ

يبكي صباياه الهاربات،

والندى جفّ ريقُه

واستدار الحبّ الى الصحراء!

 

أمّاه أين بولس الرسول

ودربُ الشام والإيمان؟

غادر يوحنا كنيستَه

والحزنُ قبابٌ سافرة،

والجامعُ الأمويُّ يشيّع زوّارَه

عيوناً بلا أرواح!.

أين أغنية اليرموك؟

والأعناق تنزف أعماراً

بين حمص ودرعا،

أين أفاميا وتدمر

من أصابع خنقتْ

أباريق الحياة؟

 

أمّاه، أين الكبار

أين الذين ولدتهم امهاتُهم

ورعاهم أباؤهم،

لماذا يتركون الجنون سيّافاً

والمنونَ مختالاً

يلملم الأنفاس يحرقُها

في ساحة المزّة.

 

أمّاه اني جائعٌ

أين رغيفُكِ الأسمر،

عطشانٌ أين جرّة الانداء؟

تعبٌ أين كرسيُّ الهناء؟

أمّاه إني خائفٌ

أين حضنُ الطفولة؟.

 

هنا بواباتُ حمصَ

وهناك باب توما

وهنالك أبوابُ الجحيمِ مفتوحة

وبعد، يا أمّاه،

أيّة نافذةٍ ستحمي هروبَنا

وأية دارٍ ستحمي البقاء؟!

 

ضُمِّيني يا أمِّي،

لا أعرف كيف يأتي السارق:

برصاصةٍ، بقذيفةٍ أو بسكين؟

أعرفُ أن جنْح الظلام أطبقَ على الضفاف

وأنَّ المراجيحَ تحوّلتْ حبالَ هروب،

وأعرفُ أنَّ المدينة صار اسمُها ملعوناً

في ربيعِ لا ينبتُ سوى العوسج.

 

أينَ الشرفة يا أمّاه؟

دَعيني أنطلق،

أفتِّش عن صباحاتٍ جديدة،

دعيني انتحرُ

شهيداً ملءَ رضاه

حتى لا استشهد كرمى للمجون!.

 

أمّاه، هاتي يَديكِ

فلنرحلْ ونترك رغيفَنا الأسمر

قوتاً للمفاتيح

وثيابَنا رداءً

لأبوابٍ ينهشها الصقيع!.

أمّاه إني جائع جائع

أينَ رغيفُكِ الأسمر؟

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2199 الاثنين 6/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم