صحيفة المثقف

الجامعة ولجنة الاصلاح / حسن منديل حسن العكيلي

والأجهزة المتصلة بها. ومهما يكن من أمر فإن العراقيين بشرائحهم المختلفة يعقدون الآمال بإصلاح شامل يؤسس على دراسات علمية رصينة ينقل العراق والعراقيين من حالة الى حالة أفضل وأكثر إشراقا.

لذلك أدعو لجنة الاصلاح الى أن تولي التعليم العالي عنايتها الكبرى، ذلك أن التعليم العالي والبحث العلمي هما المعيار الأساس والركن الركين للإصلاح، فثمة تحديات كثيرة يواجهها قطاع التعليم العالي والجامعات ولاسيما استقلاليتها التامة هي والقضاء. والنأي بهما عن التدخلات السياسية. فان السياسة مهما بدت رصينة فانها لا ترى خصوصية للمناصب العلمية في الجامعات. لذا ينبغي أن ينحسر دورها في رعاية الديمقراطية العلمية من غير التدخل في خصوصيتها. هذا اذا أردنا اصلاحا حقيقيا رصينا. وسأسلط الضوء على بعض الجوانب من المشهد العلمي في مؤسساتنا العلمية والتعليمية، ولا اريد بذلك سوى الاصلاح. ( إن أردت الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكّلت واليه أنيب ).

 

إنّ هذا المقال لا يحابي ولا يجامل ولا يرسم صورة وردية لما يجري في مؤسساتنا العلمية والتعليمية على الرغم من الجهود المخلصة التي يبذلها بعضهم وقانون الخدمة الجامعية الذي صدر مؤخرا. وعلى الرغم من حرصنا الشديد على سمعة مؤسساتنا العلمية ورصانتها الإدارية وشعورنا بالمسؤولية تجاهها، الا انّ الإحباط العلمي الذي يواجهه بعض أعضاء الهيئة التدريسية من بعض الإدارات العلمية والاستخفاف بجهودهم العلمية وبخسها وهي بضاعتهم التي يعتزون بها ولا يملكون سواها. ويطمحون الى تحقيق المزيد منها. بات أمرا لا بدّ من من إصلاحه.

 

إن من أهم أسباب ركودنا العلمي والأدبي والثقافي في مؤسساتنا العلمية والتعليمية وعدم بروز شخصيات علمية وأدبية كبيرة مؤثرة في العالم، كما عهدناه في العراق من قبلُ، فقدانها التشجيع العلمي، ناهيك عن عدم استقلاليتها، وعدم استنادها الى معاييرعلمية رصينة وشفافة في انتخاب اداراتها، تلك الادارات التي ترى نفسها أنها الأحق بمؤسساتنا العلمية والتعليمية من زملائهم أعضاء الهيئة التدريسية الآخرين ولا سيما المتميزون منهم غلميا، مما أدّى الى فقدان التقاليد العلمية والجامعية شيئا فشيئا وإحلال وجهات النظر محلها ومخالفة التعليمات. فليس سوى جهاز اداري تقليدي وقوانين وتعليمات ادارية روتينية تفقد روح الإبداع في تطبيقها، بل تعمل بعض الادارات أحيانا على ظلم زملائهم التدريسيين واحباطهم علميا، فثمة من يؤسس قسم جديد أودراسة جديدة يعفى من أداء مهامه لأسباب شخصية.

وذلك الذي قتل كثيراً من النفوس المستعدة للتفوق العلمي، وخنق كثير من العبقريات المتهيئة للظهور. وأدّى الى حرمان مؤسساتنا العلمية من التقدّم والرقي ومن ثمّ رقي بلدنا الغالي، ذلك إنّ البلدان لا ترقَى الا بقُدرات كفاءات أبنائها ، ناهيك عن أنّ التثبيط العلمي لا يحرم العراق من طاقات علمية متميزة ومستقبل علمي مشرق وتقدم ورقي فحسب، بل يحرم الإنسانية جمعاء، ذلك أن أي تقدم علمي تعود نتائجه الإيجابية على الإنسانية. وسيجد البلد نفسه عمّا قريب أمام حاجة ملحّة لمواجهة التحدّيات العلمية وتغيير النّظم التعليمية والادارية على أرض الواقع من أجل رفعه من الركود العلمي والتقني إلى ساحات التقدّم والازدهار.

 

ان الواقع الذي نقف عليه قي مؤسساتنا العلمية والتعليمية هو: إن نسبة كبيرة جدا من حملة الألقاب العلمية العالية وهم الثروة الوطنية محبطون مستاؤون ممّا يجري في مؤسساتنا العلمية والتعليمية، ويرون أنها تفقد الشفافية والعدالة والتشجيع العلمي سوى روتين اداري، وليس ثمة فرصة حقيقية تمنحهم إياها الادارات للتعبير عن آرائهم. ولوشكلت لجنة علمية رصينة محايدة لهذا الغرض لتوصّلت الى نتيجة مؤلمة هي فشل الإدارات العلمية فشلا ذريعا، ولوقفت هذه اللجنة على كثير من التجاوزات المفرطة على حقوق الألقاب العلمية وشؤونهم العلمية كل بحسب تخصصه. ولكنّ امتيازات هؤلاء المسؤولين ومواقعهم العالية تجعلهم على حقّ دائما وتجعلهم الأفضل والأعلم والأخلص والأنزه والأحق بهذا البلد العزيز من غيره وبمؤسساته العلمية والتعليمية. فبعض اللجان العلمية والدراسات العليا في الأقسام العلمية يرأسها من لا تجربة له في الاشراف العلمي وتدريس الدراسات العليا، هذا لم يحدث من قبلُ. وعدم وجود معايير علمية شفافة للمنافسة العلمية بحسب النقاط العلمية وحلّت محلها معايير جديدة منها: التأنيث واعتماد المحسوبية والحزبية والتجاوز على حقوق الألقاب العلمية العالية في رئاسة القسم العلمي واللجنة العلمية والدراسات العليا والشؤون العلمية حتى أنّ بعض الجهات تسهم في تعيين عميد من أجل الاستحواذ على الكلية من خلاله.

 

وعلى الرغم من أن التجربة السابقة علمتنا أن ما نكتبه وننشره لم يقرأه المعنيون به، ناهيك عن عدم استجابة الصحف الرسمية في نشره، أضع أمام أنظار من يهمه أمر المشهد العلمي والآكاديمي والثقافي العراقي بعض الكتابات التي أتمنى أن تسهم في اصلاح مشكلاتنا العلمية، ( إن أردت الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكّلت واليه أنيب )

أ.د. حسن منديل حسن العكيلي

جامعة بغداد

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2200 الاربعاء 8/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم