صحيفة المثقف

جدل سياسي: العراق.. المعركة مع الإرهاب لم تنتهي ! / مصطفى الادهم

اما أنهاء إي نزاع أو معركة - فله ثلاث إحتمالات:

 

1. الحسم: بإنتصار طرف، مقابل خسارة طرف. وإعترافه بالهزيمة.

 

2. الصلح: بالتوافق على تسوية تنهي الصراع وفق صيغة ما.

 

3. الهدنة. والأخيرة لا تعني إنتهاء المعركة، بقدر ما تعني تأجيلها الى حين. وبالتالي إستعداد الإطراف لخوض جولة مقبلة لحسم الصراع لأحدهما او التوافق على تسوية.

اليوم، في العراق، لم يتحقق للأسف الإنتصار على الإرهاب بمعناه الإستراتيجي. فلم يتحقق حتى الساعة الهدف السياسي الرسمي، ملحقا بالانتصار العسكري في الحرب على الإرهاب. ولم يتم إرغام القوى الإرهابية على الرضوخ لشروط خصمها ممثلا بالقوات المسلحة والقوى الأمنية اليد الضاربة للدولة. والدليل؛ هو استمرار الهجمات الإرهابية المتكررة والنوعية. واستمرار قدرة القوى الإرهابية على التخطيط والنجاح بالاختراق والتنفيذ، مقابل فشل في الجهد الإستخباري على كشف المخطط قبل التنفيذ. والكلام هنا نسبي وليس مطلق توخيا للموضوعية والإنصاف.

من جهة ثانية، فأن المعركة على الإرهاب لم تحسم وفقا لأبجديات انهاء الصراعات (المعارك). فلم يحسم احد الاطراف المعركة عسكريا، بإنتصاره انتصارا واضحا. أو كاسحا. مقابل خسارة واضحة وشاملة للطرف المقابل - الإرهاب. ولم يعترف الطرف الارهابي بالهزيمة. بل ولم يفقد قدرته على التخطيط والنجاح بالاختراق والتنفيذ كما اسلفنا.

 

ما زال الطرف الارهابي قادرا على الحركة والضرب بخسة - وفي غزوات شهر رمضان الإرهابية مصداق. حتى أضحى رمضان العام رمضانا داميا. بعد ان وعدت القوى الأمنية ان يكون آمننا بخططها كما صرحت قبل بداية الشهر الفضيل. وهذا الفشل هو مصداق عدم التمكن من تحقيق الهدف السياسي من المعركة. وعدم التمكن من إرغام الخصم الارهابي على الرضوخ لشروط الخصم الامني بكون رمضان العام؛ آمن.

ولم، ولن يتم الصلح او التسوية بين الدولة والارهاب. كما لم يتم الإتفاق على هدنة.

اذن، بالمحصلة، الحرب ما زالت قائمة مع الارهاب. على الأقل من "طرف واحد" - حيث القوى الإرهابية مستمرة في إجرامها مالم يقضى عليها، فعليا على الارض. وليس بالتصريحات.

ان الحرب على الإرهاب لم تكن خيارا لنا - كدولة. سلطة وشعب. بل فرضت علينا فرضا من قبل العدو الإرهابي. الذي اعتدى. وابتدى مهاجما. فدخلناها مرغمين من باب رد الفعل والدفاع على النفس. ولم نتمكن حتى الساعة من تدوير زوايا المعركة، بتبادل المواقع، والإنتقال الى خانة الفعل. وحشر القوى الإرهابية في زاوية رد الفعل.

ومادامت هذه الحرب قد فرضت علينا من طرف واحد - هو العدو الإرهابي، لا يمكننا والحال هذه إنهائها من طرف واحد (طرفنا). لابد من انتصار طرف. بهزيمة آخر. هزيمة شاملة. وشل قدرته على التخطيط والاختراق والتنفيذ. فلا تبقى قيمة له. لانه فقد القدرة على الفعل. وهذا يعني جهد استخباري حقيقي. مازال مفقودا بنسبة كبيرة في عراق اليوم.

ان التصريح الاخير لرئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بإنتهاء "المعركة على الإرهاب" كان خاطئا. ومرتجلا. بل ومرسلا بلا دليل. تفنده الوقائع العملية. والنظرية العلمية.

 

لذلك، فالعودة عنه افضل واسلم. فمن سيتحمل المسؤولية ان حدث لا سامح ألله خرق امني بعمل ارهابي - والقائد العام اعلن انتهاء المعركة - الذي يعني "أوتوماتيكيا" موت الخصم الذي لم مازال حيا يرزق للأسف ؟!

الولايات المتحدة بجبروتها الإستخباري، وإمبراطوريتها العسكرية لم تتجرأ على اعلان "انتهاء الحرب على الإرهاب". رغم نجاحاتها النوعية في العقد الماضي بعدم تكرار هجمات نوعية وكبيرة كـ 11/9. وإسقاط إمارة طالبان. ونظام صدام. وقتل الزرقاوي. وبن لادن. وكبار رجالات "القاعدة" حول العالم. واستخدام الطائرة من دون طيار. فلماذا هذا التسرع بهكذا اعلان في العراق؟

 

من هنا، فإن الحرب على الإرهاب لم تنتهي في العراق للأسف.

 

عليه، الاعتراف بالخطأ فضيلة. والاعتراف بالخطأ والعودة عنه في الديمقراطية فرض عين وواجب.

والله من وراء القصد.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2200 الاربعاء 8/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم