صحيفة المثقف

من ينتشلني من وزارة الثقافة ..؟! / ليث فائز الايوبي

ينعم فيه المواطن بشكل عام والمثـقف على وجه الخصوص بمكانة تليق به, لا ان تضيق به السبل وتستبد به الحيــــرة ويأكله العجـب مما يراه ويسمعه ويعايشه على ارض الواقع من تجاوزات , وجهل مدقع وانعــدام للضمير واستهتار اهوج بقيم المواطنة وحقوق الانسان وتنكيل بالمثقفين المستقلين واستهانة بتطلعاتهم , من قبل حفنة من الباصقين في صحون الدولة والمتمرغين في خيراتها , دون اي رادع ..!

 

طيلة شهور مع الاسف وانا اواجه جوا مشحونا بالوعيد والتهديد الموارب والضغينة والتقارير وكتب النقل العشوائي بطريقة انتقامية هستيرية جبانة لا يمكن وصفها واحارب اداريا ونفسيا من قبل اتباع هذا المسؤول الفاسد وازلام ذلك المسؤول المتستر على بؤر الفساد الثقافي, اكرر ( الفساد الثقافي) قدر تعــلق الامر بــي اما باقي انواع الفساد فلا يعنيني .. لا لشيء الا لاني ابديت رأيي بمنتهى الموضوعية ببعض الانشطة ( الثقافية ) الملفقة والتجاوزات الناتجة عن الجهل المطبق بالشأن الثقافي والاستهانة بدورالمبدعين وتجاهل امكاناتـــــهم في ردم الهـــــوة الحاصلة بين المؤسسة والوسط الثقافي بسبب تلك العقليات الغــــارقة في اوهامها وكثبانها, وذلك ضمن مقــــــالات الرأي التي اكتبها بين حين وآخر, حرصــا مني على وزارة الثقافة ودورها الهام في تنشئة وبناء الانسان لا ترهيبه وقتل معنوياته, هذه الوزارة العريــــقة التي تمثلني وتحمل اسم الطبقة التي انتمي لها .. دون ان اخرج عن اطار الدستور الذي اتاح لي ان اعبر عن رأيي بكل حرية وبلا خوف من اي مساءلة قانونية اواستدعاء عاجل اوتحقيق اداري مبيت تعرضت له مرارا وتكرارا في ( دائرة العلاقات الثقافية العامة ) ومن قبلـــها دار الشؤون الثقـــافية وخرجت منه اكثـــر ثقـــــة بالنفس وبالحرية والديمقراطية في العراق الجديد بفضل النبلاء في وزارة الثقافة ودفاعهم الشجاع عني .. وهوحق مكفول لجميع المواطنين وليس لكوني كاتبا او شاعرا!

ولكوني اعزل الا من قلمي ولان الثقافة التي سفحت اياما مريرة من عمري على تحصيلها , لا تحمل صفة العشيرة لكي تدافع عني امام من يحاول النيل مني بسبب آرائي ومواقفي , ولأن الدولة متلكئة في حماية المثقفين ولجم المنفلتين , تم نقل خدماتي قسرا من موقع سكناي في اربيل الى عدد من البيوت الثقافية النائية والساخنة امنيا لغايات مبيتة لا تنطلي على احد, ولاسباب معيبة اترفع عن ذكرها ,, اهونها مقترحاتي الرامية لتطوير الجانب الثقافي في تلك الدائرة المهملة والمغمورة والتي تعد جريرة لدى البعض من مدراء الصدفة ومساسا لا يمكن تقبله لدى البعض الاخر . دفعت بهم الى مناصبتي العداء والتحريض ضدي ومحاربتي بشتى الذرائع الادارية المتعمدة لايقاع الاذى بي لا اكثر ..

 

مؤخرا تم نقل خدماتي كليا من دائرتي السابقة ( دائرة العلاقات الثقافية ) الى دار الثقافة والنشر الكردية في بغداد بدون علمي ولا رغبتي, لاعتقاد البعض ممن اشرت اليهم آنفا اني ساضطر الى ترك وظيفتي, ليشفى غليلهم, وذلك لصعوبة التوفيق بين سكني في اربيل وعملي في بغداد, الا اني لبيت الامر الاداري رغم ظلمه واجحافه بلا اعتراض وعدت مع اهلي وعائلتي الى مدينتي الاصلية بغداد لكي استقر رغم صعوبة الظروف, على امل مواصلة مشاريعي وطموحاتي الادبية والشعرية والوظيفية كما هودأبي في السابق, ولكني فوجئت ان دائرتي الجديدة رغم انها معنية بامور الثقافة والنشر والمهرجانات الا انها لا تنظر الى صفة الكفاءة والموهبة والابداع الا من ناحية ادارية تقليدية جدا ولا تقيم وزنا لكل من يخرق هذا التابوالمقدس, ونسبت بناءا على طلبي مضطرا لقسم العلاقات او( الارشيف والتوثيق كما تبين لي لاحقا ), بعد ان اكدوا لي ان الدائرة صارمة جدا, وان ايامي ستصبح معدودة ان لم اذعن لاوامر الحضور والانصراف شأني شأن الاخرين, ولهذا سعيت فعلا للتقيد بالمظاهر الادارية المعمول بها في تلك المؤسسة الثقافية على امل تصحيح الخطأ المرتكب بحقي ولكني عجزت لان العمل الاداري ليس عملي ولا يتناسب مع خبرتي وطموحي , خصوصا واني كنت اقضي ساعات نهاري باكمله تقريبا محتجزا بين اربعة جدران بلا اي عمل ثقافي مثمر وبشكل يومي وفارغ لم اعهده طيلة خدمتي في الوزارة بدءا من عملي كمحرر في مجلة الاقلام حتى يومنا هذا, حتى ايقنت وفكرت جديا ان تقديم استقالتي اهون علي من فداحة الشعور بهذا الروتين القاتل الذي يقتل طموحي كشاعر. ويدمر نفسيتي, ويشل قدراتي من فظاعة الاحساس باني لم اعد الا مجرد طاقة معطلة مهمتها تكمن في احتساب ساعات الاحتجاز الاداري يوميا واني فائض عن الحاجة شأني تماما شأن عشرات الانامل المرمية بلا جدوى على طاولات هذه الشعبة اوذلك القسم الاداري .. وطالما ابديت استعدادي الصادق لردم الهوة والقطيعة الحاصلة بين الوسط الثقافي وبين هذه المديريات ميدانيا على الاقل بدلا من الركون الى المناضد والغرف المكيفة وبجهود شخصية لا تكلف الدائرة اوالوزارة اي نفقات مالية هي في غنى عنها, ولكن دون جدوى .. !!

 

فالانظمة والقوانين الادارية كما تعلمون , آيات منزلة لا يمكن نسخها الا من خلال نبي مرسل من السماء, اوحمورابي مستعار جديد على شاكلة الحاكم الامريكي بول بريمر .. !!

 

ولهذه الاسباب اعتقد ان عملي في وزارة الثقافة على هذه الشاكلة, اصبح ميؤوسا منه في ظل هذه الاجواء, ولا يجلب لي الا الضرر الجسيم, والشعور بعدم الانصاف, خصوصا وان درجتي الوظيفية (الثامنة ) مجمدة منذ عام 2004 وراتبي الشهري الكلي لا يتجاوز ال ( 300 ) ثلاثمائة الف دينار, اسوة باجر اصغر عامل خدمة بسيط يعمل بالاجر اليومي ولا يكاد يسد اجور المواصلات حتى, وان خبرتي ضائعة بين هذا الخليط العجيب الغريب من العباقرة واصحاب الشهادات المزيفة, والملفقين واعداء النجاح, وان الثقافة مهانة بسبب المتسترين والمندسين في جلبابها والمتاجرين بصفتها .

 

لهذه الاسباب التمس من دولة رئيس الوزراء ومن معالي وزير الثقافة الدكتور سعدون الدليمي شخصيا ان لا تأخذه العزة باثم اثنين اوثلاثة ممن يعملون تحت امرته , حين خانهم الانصاف وغرهم بريق الاقاويل بدلا من رؤية الحقيقة, نقل خدماتي مع درجتي الوظيفية من ملاك وزارة الثقافة الى ملاك شبكة الاعلام العراقي اوالمكتب الاعلامي للامانة العامة لمجلس الوزراء اواي دائرة اخرى لها صلة بالجانب الثقافي اوالاعلامي, اذا تعذر منحي التفرغ الادبي في وزارة الثقافة مؤقتا لعدم قدرتي على العمل في مديرياتها بعد اليوم , لشتى الاسباب اهونها صعوبة العمل في اي قسم ثقافي يدار من قبل اداريين غير ملمين بالعمل الثقافي المهني ويتعاملون بعدائية مع كل من يفوقهم في مجال تخصصه, ويتحسسون من اي كلمة لها صلة ب (تطوير) و( وجهة النظر ) و( مقترح ) ويقللون من شأن ( الثقافة ) ومن يلهجون باسمها وكأنها رجس من عمل الشيطان ! لا اكثر ..

 

اضافة الى انهم السبب الحقيقي لخراب الثقافة في العراق وعزوف اغلب الادباء والمبدعين وترفعهم عن التواصل مع تشكيلات ومديريات الوزارة وانشطتها الثقافية ونظرتهم القاصرة لها وارتيابهم حتى من العاملين في مؤسساتها .. واعتقد ان على الدولة ان تتدارك هذا القصور الفادح قبل ان يصبح العلاج امرا ميؤوسا منه ...

 

وان تحمي المبدع المستقل في وزارته بعيدا عن الانتماءات الضيقة والعلاقات والمحسوبيات البغيضة, لا ان تجعله عرضة للتنكيل الاداري والروتين القاتل والبيرقراطية والاستهانة والمحاربة من قبل نفر ناقم على نفسه وعلى الدولة والمحيطين به وعلى الماضي والحاضر والمستقبل ..!

 

ولحين تأسيس المجلس الاعلى للثقافة الذي نأمل ان لا يكون فيه للدخلاء اي ثغرة متاحة يدلفون من خلالها ليسمموا اجواءنا مجددا بجهلهم المطبق ووعيدهم وتقاريرهم السامة وكراهيتهم لكل من يختلف معهم, اولا يسير على هواهم .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2201 الخميس 9/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم