صحيفة المثقف

الغَوّثْ ... الغَوّثْ ... أدْرِكْنَا يَا رَئِيْسَ الوُزَرَاءْ !. / محمد جواد سنبه

هذا نشاط غاية في النضج، من أجل التواصل مع الجّماهير، ومدِّ جسور الثّقة بيّن رئيس الحكومة وبيّن أفراد الشعب، عبر رسائل مباشرة تحيط الشارع علماً، بأحدث المستجدات على أرض الواقع . لكن إذا ما كانت هذه الرسائل خاطئة، فإنّ أبسط تأثير سلبي لهذه الرسائل، يكون بصورة ردّة فعل خائبة عند المواطنين، تشّعرهم باليأس والاحباط. وبذلك يتمّ تشويه علاقة الثّقة، التي ينّبغي أنْ تكون بأقوى أواصرها بين الطّرفين.

لقد نشر موقع فضائية الحرّة يوم 6 آب 2012 تصريح للسيّد المالكي اثناء لقائه بعدد من الضبّاط والمراتب، الذين أحبطوا محاولة اقتحام سجن التاجي:(قال القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي: إن المعركة ضد الإرهاب قد انتهت وإن المتبقي هو خلايا تبحث هنا وهناك عن فرصة أو ثغرة تقف خلفها إرادات من دول أخرى تستغل الظرف الحاصل في المنطقة.)

إنّ المعركة يا سيادة القائد العامّ، لَمْ تنتهِ مع الإرهاب، كما تتصوّرون، وإنّما مازال إوارها مستعراً، وسيستعر أكثر عند عدم تداركه. فلَمْ ننسَ بعد، الهجوم الإرهابي الذي حصل يوم 23/7/2012، والذي حدث فيه 27 انفجاراً، استهداف 18 مدينة عراقيّة، وراح ضحيته 111 شهيداً و300 جريحاً. ولم تمضِ إلاّ بضعة أيام على هجوم الإرهابيّين، الذي استهدف مديريّة مكافحة الإرهاب، والذي نجح فيه الإرهابيّون من الوصول إلى الهدف، بالرغم من إخفاقهم في استثمار الفوّز(حسب المصطلحات العسكرية).

انّنا يا دوّلة رئيس الوزراء، نفرح عندما تحقق القوّات الأمنيّة النجاح والتفوّق على الإرهابيّين. وإنّنا نفرح أيضاً، عندما تكرّمون ابناءنا النجباء، المدافعين عن الشّعب والوطن. لكنّنا بالوقت نفسه، نحزن بشدّة عندما تصوّرون الاخفاق نجاحاً (كما حصل في حادثة الهجوم على مديريّة مكافحة الإرهاب). ونحزن بشدّة أيضاً، عندما نقرأ خبراً عن إعفاء عدد من الضبّاط المقصّرين من مناصبهم، ويذيّل الخبر (بأنهم سيحالون إلى القضاء). المفروض أنّ تُنجز التحقيقات الإبتدائيّة مع المقصّرين، خلال يوم أو يومين، ومِن ثَمَّ يعرضون على الشّاشات وهم يعترفون بتقصيرهم، ليكونوا عبرة لمن اعتبر. وحتى تطمئن قلوب النّاس، بأنْ يوجد من يذود عن أمنهم ويحفظ سلامتهم. الشّعب العراقيّ يا دوّلة رئيس الوزراء، لازال مهدّداً بشكل مباشر، من الإرهاب الداخلي والخارجي، المحلي والإقليمي والدّولي. والمعركة ضدّ الارهاب، لم تحسم بشكل نهائي بعد، كما تفضلتم.

إنّكم يا سيادة القائد العامّ للقوات المسلّحة العراقيّة، قد شخصّتم في كلمتكم، أنّ هناك إرادات من دول أخرى تقف وراء العمليّات الإرهابيّة. لكنّكم قلّلتم من شأن الهجمات الإرهابيّة بقولكم: (.... وإنّ المتبقي هو خلايا تبحث هنا وهناك عن فرصة أو ثغرة).

كلا يا دوّلة رئيس الوزراء، لا تصدّق من يقول لكم، بأنّ القضاء التّام على الإرهاب، بات قاب قوسيّن أو أدنى من الإنجاز. إنّ المعركة مازالت مستمرّة، تغذّيها أمريكا واسرائيل وتركيا والسعودية وقطر. الإرهاب في الوقت الحاضر، إنتقل من مرحلة الجماعات المسلّحة، التي كان يسندها أشخاص هنا وهناك. وأصبح الإرهاب الآن، منظمّات تدعمها دولة عظمى، وتساعدها دول أخرى تدور في فلكها. والإرهابيون يخطّطون بشكل جادّ، لتنفيذ عمليات ميدانيّة نوعيّة. وما الهجمات الإرهابيّة على السجون، التي يُحتجز فيها، قيادات إرهابيّة خطرة، إلاّ عمليات مدروسة ومخطط لها بشكل دقيق جداً، الأمر الذي يدعم وجهة النّظر القائلة: بأنّ العمل الإرهابي، لَمْ يَعُدّ عمل خلايا تبحث عن فرصة هنا وهناك، (كما تفضلتم)، إنّه عمل يخدم استراتيجيّة دوليّة محدّدة.

يا سيادة رئيس الوزراء، أنّتم رأس الهرم في السلطة التنّفيذيّة، ولكم القوّل الفصّل، بموجب المسؤوليّة المناطة بكم، فلماذا لا تضغطون على الجهات الأخرى، باتجاه تنّفيذ عقوبات الإعدام، بحقّ من أصدر القضاء الحكم عليهم بتلك العقوبات؟. فالأنفس البريئة التي وِئِدَتْ ستسألكم يوم الحشّر عن حقّها.

يا دوّلة رئيس الوزراء، أنّتم تشغلون منّصب الأمين العامّ لحزّب الدّعوة الإسلاميّة. ولا يخفى عليكم أنّ مجلس النّواب العراقيّ، يسعى لإقرار قانون العفو العامّ. وإنّكم قد أشرتم في عدّة مناسبات سابقة، أنّ العفو العامّ الذي حصل في عام 2008، كان السبب وراء إطلاق سراح أخطر الارهابيّين من المعتقلات، وهم اللذين أعادوا الكرّة مرّة أخرى بممارسة نشاطهم الإرهابي. فيجب عليكم تنّظيم حملة مضادّة، لإيقاف إصدار قانون العفو العام، وانّتم لديكم من الحجج ما يكفي لاقناع الآخرين بذلك.

دوّلة رئيس الوزراء، العراق بحاجة إلى عمل إصلاحي كبير، وأبسط ما يوصف به هذا العمل، أنّه ثورة إصلاح، تشمل تطهير أجهزة الدوّلة من كلّ المفسدين والوصوليين. ثوّرة أشبه بثوّرة الحسين عليه السلام، ضدّ فساد المفسدين. إبدأ بالثوّرة الإصلاحيّة فعلاً، بعيداً عن التنّظير، والشّعارات والترويج الإعلامي، وستجد بعون الله، أنّ الشّعب العراقيّ سيؤازرك.

الشّعب العراقيّ الآن، يستغيثّ بكلّ مخلص لإخراجه من أزّمته، التي لا حلّ لها يلوح في الأفق. الشّعب العراقيّ اليوم، بحاجة إلى منقذّ ومخلّص، والثّقافة الفكريّة والأدبيّة لحزّب الدّعوة الإسلاميّة، بشّرت بأنّها البديل الموضوعي، لكل الإطروحات الفكريّة والسّياسيّة والاقتصاديّة، التي يتبناها معسكر الشرق أو الغرب. الشّعب العراقيّ آزر المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم، لأنه لمس فيه الصدّق وحسن النيّة، والإصرار على الإصلاح، لتكنْ أنت كذلك. إبدأ باصلاح الحكومة، وستجد الله والشّعب معك والعاقبة للمتقين.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2201 الخميس 9/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم