صحيفة المثقف

السوبر سيميائية في مواجهة السوبر ديكتاتورية / حسن عجمي

وكيف يصنعها الإنسان ويتأثر بها. الفيلسوف اللغوي دي سوسير عرَّف السيمياء على أنها دراسة العلامات والقوانين الحاكمة لها. بالنسبة إلى دي سوسير, العلامة هي علاقة بين مفهوم أي فكرة كفكرة " الإنسان " وسلسلة صوتية كالسلسلة الصوتية " إن- سان ". لكن بالنسبة إلى فلاسفة آخرين كالفيلسوف كربكي , العلامة علاقة بين مفهوم وظاهرة كالعلاقة السببية بين مصطلح " سقراط " وسقراط الفيلسوف. أما الفيلسوف أمبرتوإيكوفيقول إن كل ظاهرة منتمية إلى ثقافة إنسانية معينة هي في الحقيقة نظام سيميائي تواصلي. من هنا , بدأت السيميائية كحقل دراسي يُعنى بتحليل الأنظمة المُكوَّنة من العلامات وارتباطها بالإنسان. لكن تطور هذا العلم فنشأت البيوسيميائية التي تدرس الأنظمة البيولوجية على أنها أنظمة سيميائية كما نمت البيوفيزيائية التي تدرس الأنظمة الفيزيائية على أنها أنظمة سيميائية.

 

بعد أن كانت السيميائية تهدف إلى التمييز بين النظام السيميائي أي المتكوِّن من علامات دالة من جهة والأنظمة الفاقدة لصفة السيمياء أي لصفة العلامة والدلالة من جهة أخرى, تطورت السيميائية بشكل مغاير فأصبحت كل الأشياء والظواهر أنظمة سيميائية حاملة للعلامات ودلالاتها. والسبب وراء ذلك هوأنه من الممكن دراسة أي شيء على أنه مجموعة معلومات , وبذلك كل شيء يتشكّل من علامات ذات دلالة علماً بأن المعلومات لا تكون معلومات سوى من خلال دلالاتها. من هنا , افتتحت الإنسانية عصر السوبر سيميائية. بالنسبة إلى السوبر سيميائية , كل الظواهر والحقائق عبارة عن أنظمة سيميائية حاملة لدلالات معينة وقابلة لنقل المعلومات من ظاهرة إلى أخرى. من منطلق السوبر سيميائية , تمكن العديد من الفيزيائيين من النظر إلى الكون الفيزيائي على أنه نظام معلوماتي ؛ فالكون يتكوَّن من معلومات وبذلك هونظام سيميائي حائز على دلالات. هكذا أمست وظيفة السيميائي التوحيد بين الظواهر بدلا ً من التمييز بينها. وهذا ما تقوم به البيوسيميائية حين تعتبر أن الأجساد الحية تتشكّل من تدفق المعلومات الكامنة في جيناتها. وهذا ما تؤكد عليه البيوفيزيائية التي تعتبر أن كل ظاهرة فيزيائية هي مجموعة معلومات معينة ووظيفتها التواصل مع الظواهر الفيزيائية الأخرى من خلال تبادل المعلومات. فمثلا ً , أصر الفيزيائي سيث لويد على أن العالم كومبيوتر متطور ويتكوَّن من حفظ وحساب وتدفق المعلومات , واعتبر الفيزيائي لي سمولن أن العالم كائن حي يتشكّل من معلومات وأن العلاقات بين الظواهر الفيزيائية ليست سوى انتقال للمعلومات. بينما البيوسيميائية هي السوبرسيميائية مطبَّقة على البيولوجيا , البيوفيزيائية هي السوبرسيميائية مطبَّقة على الفيزياء.

 

من منطلق السوبر سيميائية تنموالسيميوفلسفة أيضاً ؛ فالسيميوفلسفة تحلل المفاهيم على أنها تشكّل أنظمة بيولوجية سيميائية. مثلا ً , بالنسبة إلى السيميوفلسفة , الديموقراطية نظام بيولوجي معلوماتي كالكائنات الحية تماماً. فالديموقراطية تتكوّن من خلق المعلومات وحرية تبادلها ؛ فكلما زادت المعلومات وحرية نقلها كلما زادت نسبة الديموقراطية. فجوهر الديموقراطية كامن في إنتاج المعلومات ولذا تزدهر الفلسفات والعلوم في ظل الحرية والديموقراطية. هكذا تعرِّف السيميوفلسفة الديموقراطية على أنها نظام معلوماتي سيميائي تماماً كظواهر الكون كافة. أما اليوم فنحن العرب والمسلمين معادون للسيميائية , بل ننتج اللا سيميائية من خلال صياغة اللا لغة. فمعظم ما نقول ونكتب شبيه بعبارة "العدد سبعة متزوج " الخالية من معنى ودلالة. وهذا متوقع لأننا نحارب العلم والتفكير الفلسفي , وخطابنا لا يعتمد على العلوم والمنطق. من هنا , أصبحت لغتنا لا لغة وأمسينا أول شعب في التاريخ يصوغ اللا سيميائية كحركة ثقافية معادية للمعاني والدلالات. فلا توجد سيميائية عربية حديثة , بل ثمة لا سيميائية عربية حديثة تنتشر بسرعة هائلة وتنتصر في كل المجالات. وماهية هذه اللا سيميائية العربية المعاصرة قائمة في اعتبار أن اللعب على الكلمات وجمع ما لا يجتمع من مفاهيم أساس الأدب والفكر. وهذا جوهر سوبر تخلفنا. كل إنسان نص , وكل نص نظام سيميائي لأنه يحتوي على دلالات معينة. من هنا, وبفضل الحركة اللا سيميائية المسيطرة على عالمنا العربي والإسلامي المعاصر نحن اليوم لا ننتج إنساناً بل ننجب اللا إنسان ولا ننتج نصوصاً بل نصوغ اللا نص واللا خطاب. فمعظم ما نقول ونكتب خال ٍ من معنى ودلالة لأن المعاني والدلالات معتمدة على العلم والمنطق ونحن أصلا ً نرفضهما. هكذا نستخدم اللغة من أجل صياغة اللا لغة.

 

السوبر سيميائية تهدف إلى خلق الدلالات في كل شيء فتغدوالأشياء كافة ذات معان ٍ. وتسعى السوبر سيميائية نحوتحقيق هدفها من خلال دراسة الظواهر كافة على أنها تتكوّن من دلالات. ولكي لا تقع في الماضوية تحلل الظواهر من خلال دلالاتها المستقبلية. ولكي تتحرر من اليقينيات المُسبَقة تعتمد على فلسفة السوبر حداثة القائلة بلا محددية الكون وحقائقه. من هنا , تتحد السوبر سيميائية مع فلسفة السوبر مستقبلية وفلسفة السوبر حداثة. فمثلا ً , بالنسبة إلى السوبر سيميائية , الإنسان كائن معلوماتي سيميائي أي هوالمُنتِج للمعلومات المُتكوِّنة بطبيعتها من علامات ذات دلالات. وبما أن الإنسان يُنتِج المعلومات في المستقبل أيضاً , إذن الإنسان هوالكائن المُنتِج للمعلومات في المستقبل , وبذلك تتحدد ماهية الإنسان في المستقبل كما تؤكد السوبر مستقبلية. وبما أن ماهية الإنسان مُحدَّدة في المستقبل , إذن الإنسان غير مُحدَّد في الحاضر والماضي كما تقول السوبر حداثة بالضبط. هكذا السوبر سيميائية تحتوي على فلسفة السوبر مستقبلية وفلسفة السوبر حداثة معاً. أما بالنسبة إلى السوبر مستقبلية فالتاريخ يبدأ من المستقبل , ولذا تحلل السوبر مستقبلية المفاهيم من خلال المستقبل فتعتبر مثلا ً أن الحقيقة قرار علمي في المستقبل. لكن بالنسبة إلينا اليوم , التاريخ يبدأ من الماضي ويتجه نحوالماضي. فنحن اليوم نتبع السوبر ماضوية التي تصر على أن التاريخ يمضي من ماض ٍ إلى ماض ٍ. ويتجه عالمنا العربي والاسلامي حالياً إلى عصر السوبر ديكتاتورية. فبما أننا نحيا في السوبر تخلف ونمارس السوبر ماضوية , إذن من المتوقع أن نصل إلى السوبر ديكتاتورية. الديكتاتورية هي حكم فرد أومجموعة أفراد بدلا ً من حكم الحقوق الإنسانية. وبينما الديكتاتورية تظهر على أنها حكم فرد أومجموعة أفراد وتبدي آليات حكمها القامع , السوبر ديكتاتورية تظهر على أنها ديموقراطية فتخفي آليات قمعها واستبدادها , وذلك من خلال اعتماد أساليب الديموقراطية كالاقتراع بينما ترفض جوهر الديموقراطية ألا وهوحكم الحقوق الإنسانية. السوبر ديكتاتورية تستغل المنجزات الحضارية كالمعرفة والعلوم كي تغتال الحقوق الإنسانية , وهي بذلك تغتال الإنسان ذاته.

 

مثل على السوبر ديكتاتورية هوالتالي : نعلم أنه بعد نمووعي الإنسان فقبوله للآخر المختلف نشأت الديموقراطية. لكن السوبر ديكتاتورية تستغل هذه الحقيقة ومعرفتنا لها لكي تبرر وجود الأنظمة الديكتاتورية قائلة إن الشعوب العربية والاسلامية الآن غير واعية بشكل كاف ٍ لكي تمارس الديموقراطية وبذلك لا مفر من سلطة الديكتاتورية وحكمها. لكن هذه الحجة حجة فاشلة لأن من خلال الديموقراطية أيضاً يتطور الوعي الإنساني فيقبل الفرد الآخر المختلف , وبذلك لا نحتاج بالضرورة إلى وعي مُسبَق لتحقيق الديموقراطية بل الديموقراطية كفيلة بخلق الوعي الضروري لممارسة الديموقراطية. هكذا السوبر ديكتاتورية عملية اغتيال العقل فهي آلية تحويل الفرد إلى سجين ذاته. في ظل السوبر ديكتاتورية يقتنع الفرد بأنه حر بينما الحقيقة هي أنه ديكتاتور نفسه وسجين معتقداته وسلوكياته المحدَّدة سلفاً. السوبر ديكتاتورية تحيا في فكرنا وسلوكنا وبذلك هي أقوى من الديكتاتورية ؛ فمثلا ً اقتناعنا باستحالة تحقيق الديموقراطية في عالمنا العربي والاسلامي فكرة سوبر ديكتاتورية تمنع عنا إمكانية التطور. نحتاج إلى ثورة فكرية لنزيل السوبر ديكتاتور الفكري والسلوكي.

 

أما السوبر سيميائية فتقاتل السوبر ديكتاتورية والسوبر تخلف من خلال طرح آليات خلق الدلالات والمعاني , وذلك من خلال دراسة الظواهر على أنها متكوِّنة من معلومات ؛ فالمعلومات ذات دلالات ومعان ٍ لكونها معلومات. فمثلا ً , بالنسبة إلى السوبر سيميائية , الديموقراطية هي نظام خلق المعلومات بشكل حر وتبادلها بحرية. من هنا الديموقراطية هي التي تخلق الوعي بفضل إنتاجها للمعلومات وتبادلها الحر , وبذلك تفشل حجة السوبر ديكتاتورية القائلة بأن لا وعي لدينا ولذا لا يحق ولا يجوز تحقيق الديموقراطية الآن ؛ فبما أن الديموقراطية تنتج الوعي , إذن وجود وعي مُسبَق ليس شرطاً لتحقيق الديموقراطية. وبما أن, بالنسبة إلى السوبر سيميائية , الديموقراطية نظام إنتاج المعلومات بشكل حر وتبادل المعلومات بحرية وبذلك الديموقراطية تبني الوعي , إذن من خلال الديموقراطية لن نستخدم المنجزات الحضارية كالعلم والتكنولوجيا من أجل تطوير ونشر الجهل والتعصب , وبذلك نتجنب الوقوع في السوبر تخلف.

 

السوبر تخلف عقيدة أيديولوجية معقدة ومتطورة في وسائل صياغة التخلف ونشره. السوبر تخلف آلية تطوير التخلف من خلال استغلال العلم والتكنولوجيا من أجل نشر التخلف وتمكين سلطته. للسوبر تخلف مبادىء عدة مرتبطة فيما بينها منها : أولا ً , تقديم الجهل على أنه علم وتحويل العلم إلى جهل كتقديم ما يُدعى " علم " الأبراج على أنه علم بينما هوجهل وليس بعلم أبداً وتحويل النظريات الفيزيائية والمعادلات الكيميائية إلى عبارات مختصرة مُعبَّر عنها بآيات دينية. ثانياً , اختزال المنجزات الفكرية والعلوم إلى أقوال شعرية بسيطة عبّر عنها كما يدعون شعراؤنا العرب في الجاهلة. ثالثاً , تشويه الأفكار المستوردة من الغرب واستغلالها للتجهيل. فمثلا ً , بالنسبة إلينا اليوم , أمست الديموقراطية حكم الأكثرية بينما الحقيقة هي أن الديموقراطية هي حكم الحقوق الإنسانية والديموقراطية بالفعل نقيض حكم الأكثرية. هكذا السوبر تخلف يقتل المفاهيم ومعانيها , وبذلك السوبر تخلف أصل الحركة اللا سيميائية. نشهد اليوم نمووانتصار الحركة اللا سيميائية في العالم العربي والاسلامي , والسبب الأساس في ظهورها وتفوقها كامن في أننا أصلا ً نرفض الإنسان أي الكائن الوحيد الذي نظر إلى ذاته والعالم على أنهما نظام سيميائي. فالإنسان مجموعة حقوق كحق الفرد في أن يكون حراً. لكننا نرفض اليوم الديموقراطية الحقيقية وما تتضمن من حقوق إنسانية كالحرية الحقة, وبذلك نرفض الإنسان ونعاديه. فحربنا ليست مع الآخرين بل حربنا هي مع أنفسنا. نحن الذين نحتل ذواتنا ونسجنها في قبور أجدادنا.

 

بالنسبة إلى السوبر تخلف , الإنسان محدَّد سلفاً ومن غير الممكن تغيير طبيعته وصفاته. وبذلك أي محاولة من أجل تطوير الإنسان فاشلة سلفاً من منظور السوبر تخلف. هكذا السوبر تخلف يلزم قبول واقع الإنسان كما هوويحارب أية محاولات لتغيير الإنسان أوتطويره. وحجة السوبر تخلف على ذلك هي أنه من المستحيل تغيير ماهية الإنسان لكونها محدَّدة تاريخياً وثقافياً وبيولوجياً. وبما أن السوبر تخلف يعتبر الإنسان محدَّداً سلفاً بماهية يستحيل تغييرها , إذن الذي لا يملك تلك الماهية المحدَّدة سلفاً هوفي الحقيقة فاقد لإنسانيته. من هنا , يستخدم السوبر تخلف مفهوم الإنسان المحدَّد من أجل قتل الإنسان.

 

على ضوء هذه الاعتبارات , يتجلى السوبر تخلف في استغلال الإنسانية في عملية محوالإنسان. فبالنسبة إلى السوبر تخلف كأيديولوجيا فكرية , تكمن الإنسانية في صفات معينة أوماهية محدَّدة , وبذلك كل مَن يثور على تلك الصفات أوالماهية المعينة مُسبَقاً هوفاقد لإنسانيته. هكذا يقتل السوبر تخلف إنسانية الإنسان من خلال تحديد مَن هو. وبذلك كل اتجاه فكري أوفلسفي ينتمي إلى نموذج السوبر تخلف في حال حدَّد ماهية الإنسان فسجن الإنسان في صفات معينة بدلاً من أن يحرره في أن تكون إنسانية الإنسان كامنة في لامحددية صفاته وماهياته. العديد من النظريات الفكرية كانت وراء الحروب الدامية والمجازر الجماعية وجرائم الحرب والإرهاب , وذلك من جراء تحديدها لمَن هوإنسان ولمَن هوليس بإنسان. فمن خلال هكذا تحديد تشرِّع أيديولوجيا السوبر تخلف قتل الآخرين جسدياً ومعنوياً على أساس أن مَن لا يتصف بهذه الصفات المعينة أوتلك ليس إنساناً وبذلك يحق لنا إلغاء وجوده. هكذا أية فلسفة تحدِّد ماهية الإنسان هي فلسفة إرهاب. الفلسفة الحقة هي التي تتحرر من فلسفتها. والإنسان الحق هوالذي يتحرر من إنسانيته المُسبَقة ويخلق إنسانية جديدة. فالإنسان عملية بحث مستمرة عن الإنسان. الإنسان مشروع الإنسان. وإن لم يكن كذلك يتوقف البحث عن خلق إنسان أفضل.

 

بينما يستغل السوبر تخلف الإنسان من أجل تجهيل الإنسان وقتله , تدعوالسوبر ماضوية إلى إعادة خلق ماضي الإنسان في الحاضر والمستقبل. بالنسبة إلى السوبر ماضوية , الإنسان هوالذي كان في الماضي. هكذا تلغي السوبر ماضوية إنسانية الحاضر والمستقبل. تعتبر السوبر ماضوية أن ماهية الإنسان قد وجدت في الماضي واكتملت فيه. من هنا , السوبر ماضوية تجعل الإنسان سجين الماضي المجهول. لذا تتفق السوبر ماضوية مع السوبر تخلف في عملية قتل الإنسان. بالنسبة إلى السوبر ماضوية , التاريخ يبدأ من الماضي وينتهي فيه. وبذلك كل مَن لا يشارك في خلق الماضي المتخيل هوخارج التاريخ ومعادي لإنسانية الإنسان. هكذا تتحالف السوبر ماضوية مع السوبر تخلف في رسم تاريخ محدَّد للإنسان , وبذلك مَن يعارض هذا التاريخ فاقد لإنسانيته ما يُشرِّع إزالته. من هنا , كل من السوبر ماضوية والسوبر تخلف يوصلنا إلى الإرهاب.

أما بالنسبة إلى السوبر حداثة فالإنسان هواللامحدَّد بينما بالنسبة إلى السوبر تخلف الإنسان هوالمُحدَّد في هذا التعريف أوتلك الماهية. لذا الصراع بين السوبر حداثة والسوبر تخلف صراع التاريخ الإنساني. وبينما السوبر مستقبلية تقول إن الإنسان قرار مستقبلي وبذلك الإنسان غير محدَّد ما هوويعتمد تحديده علينا نحن بالذات , تصر السوبر ماضوية على أن الإنسان قرار ماضوي حَدَث في الماضي من جراء هذه الأسباب أوتلك العوامل. لذا المواجهة بين السوبر مستقبلية والسوبر ماضوية مواجهة الإنسان الحر في لامحدديته والإنسان السجين بمحدديته. تؤكد السوبر ماضوية على أن ماهية الإنسان كامنة في الماضي فقط , وبذلك لا بد من إلغاء الحاضر والمستقبل لإستعادة الماضي أينما كان. السوبر ماضوي لا يحيا في الماضي فقط , بل ينسخ الماضي في الحاضر والمستقبل, وهوبذلك يشوّه الماضي والحاضر والمستقبل لأن النسخ تشويه للأصل. بالنسبة إلى السوبر ماضوية , الإنسان هوالذي كان بينما بالنسبة إلى السوبر مستقبلية الإنسان هوالذي سيكون. لكن السوبر سيميائية تدعوإلى تحليل وفهم الإنسان والظواهر كافة على أنها معلومات حاوية على معان ٍ ودلالات. وبذلك تحديد الظواهر كافة ومن ضمنها الإنسان تحديد مستقبلي دوماً لإعتماده على تحليلنا نحن بالذات للظواهر والإنسان على ضوء المعلومات والمعاني والدلالات التي قد نكتشفها في المستقبل. وبذلك تبقى الظواهر ومن ضمنها ظاهرة الإنسان غير مُحدَّدة فتحررنا من خلال لا محدديتها. هكذا السوبر سيميائية تحتضن كل من السوبر حداثة والسوبر مستقبلية. لكننا اليوم سجناء اللا سيميائية العربية والاسلامية ؛ فمَن لا يخلق المعاني لا يملكها بل هي التي تمتلكه. والكون بلا دلالاته السوبر سيميائية إنسان بلا دلالة.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2201 الخميس 9/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم