صحيفة المثقف

الأفق الدلالي في (غريد القصب) للقاصة سنية عبد عون رشو/ توفيق حنون المعموري

موسومة ب(غريد القصب ) احتوت على أربع وأربعين قصة قصيرة وبعضها من القصص القصيرة جدا. ...

كنت قد قرأت للقاصة الموهوبة سنية عبد عون قصصا في بعض الصحف وعلى مواقع الانترنيت, لكن اعجابي الشديد بكتابها هذا وصل الى حد الدهشة, لان فترة وجيزة من اعتلائها منصة النشر تجاوزت فيها هذه الكاتبة الكثير من زميلاتها الاخريات في طريقة عرضها وتنوع ثيمات قصصها ولغة القص التي تنم عن اطلاع واسع خصوصا وأنا أعرف انها مربية فاضلة وتدرس اللغة العربية التي أجادت في تطويعها وأعطت لكل مفردة حيّزها الحقيقي والدلالي مما يعطي انطباعا بتمكنها من ناصية لغتها. ..

وَلنتساءل الآن, الى أيّ أفق دلالي استطاعت نصوص سنية عبد عون في غريد القصب ان ’تطيّف حلمها جاعلة منه المدار الأكبر. ...؟

والى أي مستوى جمالي وفني استوعبت قصصها دراميّة التلاقي الناتجة عن ذلك الافق الدلالي والطيفي. ..؟

إن الهم الأكبر الذي تدور حوله قصصها يندرج في (الحلم, الموت, الحياة, التحوّل ) ومن خلال تحليل بنيات بعض القصص تبيّن ان الافق الدلالي توازى تماما مع الأفق الدالّي مما جعلهما متطابقين, بدا ذلك واضحا في صدر القصة الأولى في المجموعة إذ جاءت القصة بعنوان (من يزرع الزنبق ) إذ بدأت قائلة في السطر الاول منها (تشعر بالغربة والوحدة..روحها بحاجة لزيت ومصباح..) ص5 من الكتاب.

على ان هنالك قصصا ضمن المجموعة نفسها حاولت تصعيد الافق الدلالي بحيث لامس عن قرب مدار الطيف مما ادّى الى شحن طاقته التي انتجت سردا بانوراميا متجها الى الصعود متسلقا النسيج القصصي.

   جاء ذلك في قصص منها على سبيل المثال:

جبل رايات. .. ص16

شكوى الخنساء لبئر عميق.. ص25

طلاسم غناء الساقية.. ص59

حلم الغجري.. ص71. .. وغيرها

ومن المدهش ان نجد هنالك اشعاعا وضعته القاصة في نهايات قصصها اختزلت خلاله رموزا تحققت فيها اضاءة متوهجة لخلفية النص مما أزاح الحجب عن بعض خباياه, وقد لاحظنا ذلك في قصص عديدة تضمنها الكتاب منها قولها : (لقد قتلوه. ...بعد ان وفره الماضي. ..قتله المستقبل )في نهاية قصة (من يزرع الزنبق ) ص 8

(امتلأت قاعة الضيوف بمن هم على شاكلتنا حتى أصبحنا لا نجد حرجا من أنفسنا. ..ثم ناقشنا نكبة البرامكة ) في نهاية قصة ( درس الغراب)ص 20 ( منكفئ على وجهه مع بزوغ الفجر عند باب المشفى تتقافز عند رأسه العصافير )في نهاية قصة (تتوارى الاحلام. ..سراب )ص 48

(حين أطلقه, حلّق بعيدا وحط على ساق قصبة وسمعه يزقزق. ..يا وطني. ..يا وطني, عندها فهم ما لا يفهم )جاء ذلك في نهاية قصة (غريد القصب )ص 52 ومثل ذلك الكثير

على ان كاتبتنا قد حاولت جاهدة ان تلتقط ما حدث ويحدث في مجتمعنا من سلوكيات اجتماعية هضمتها بعض تداعيات الاحداث التي مرت في المجتمع العراقي عبرا لحروب العبثية والحصار المدمر والاحتلال الامريكي الغربي, عكستها أبطال قصصها التي تمثلت في معظمها في المرأة العراقية التي تحملت العبء الاكبر في حقبة زمنية طويلة. ..

أخيرا أتمنى للقاصة الموهوبة المزيد من الابداع والاستمرار في رفد الساحة الادبية النسوية خصوصا بخطوط متوازية مع الابداع الذكوري الذي غرقت به الساحة الادبية مؤخرا. ...

كل التقدير للقاصة سنية عبد عون رشو

 

توفيق حنون المعموري

عضواتحاد الأدباء والكتاب العراقيين

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2203 السبت 11/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم