صحيفة المثقف

تفاصيل صغيرة في أضمومة زوليخا موساوي الأخضري: نشاز آخر .. للبياض / محمد داني

بمجموعتها القصصية نشاز آخر للبياض لظروف قاهرة وأقدم إليهما المشاركة التي كنت أعددتها لهذا اللقاء.

 

تفاصيل صغيرة في (نشاز آخر للبياض)

سنحاول أن نجلس جلسة حميمية مع الأديبة المغربية زوليخا موساوي الأخضري التي استطاعت أن تصنع لها مكانا مائزا في الحقل السردي المغربي. بدأت كروائية حيث أصدرت روايتين لحد الآن: الحب في زمن الشظايا 2006 وطارينخير بين الضوء والسراب 2011 أردفتها بعملها القصصي الذي سيكون محور جلستنا هذه.

صراحة وأنا أجالس هذه المجموعة القصصية وجدتني أكتشف شيئا جديدا في هذا السرد النسائي.

بطبيعة الحال هناك أسئلة كثيرة تولّدت من هذه الجلسة الحميمية :

ماذا تقول هذه المجموعة القصصية؟

كيف تقول؟ ولمن تقول؟ ولماذا تقول؟

هل فعلا ما تضمنته من نصوص يتميّز بالحكي والحكاية؟

ما التقنيات والآليات المعتمدة في الحكي والعرض؟

ما استوقفني كثيرا هوالعنوان: نشاز آخر .. للبياض فماذا تقصد الأديبة زوليخا بهذا العنوان؟

عندما نقارب النصوص 28 نجد من حيث الأفكار والرؤى.. تبحر بنا في عوالم فلسفية وتشكيلية واجتماعية ومناجاتية. صحيح أننا عندما نعاين نصوص نشاز آخر للبياض نستشف أنها نصوص خضعت للتجربة والتجريب.

يمكن أن يلتبس كثيرا التفريق بين التجربة والتجريب. فالتجربة والتجريب عرفتهما الثقافة العربية منذ القديم والشاهد في ذلك قول الذبياني:

ثورتنا من أزمان يوم حليمة    إلى يوم قد جربن كل التجارب

وقول الأعشى:

كم جرّبوه فما زادت تجاربهم     أبا قدامة إلا المجد والنفعا

لقد عرف الأدب العربي اختراق العلوم لمجاله.. وتجلى ذلك في دخول نظرياته إليه: كنظرية التطور الدروينية والبقاء للأصلح النيتشية ونظرية التحليل النفسي الفرويدية واليونغيةوالنظرية اللاكانية وغيرها...

وكما نعرف, العلوم الحقة تعتمد التجربة والتجريب فهل يمكن هذا في الأدب عامة, والقصة القصيرة خاصة؟

الأمر لا يشكل أي إزعاج: ’’ إذ التجربة مجموعة من العمليات المادية الملموسة التي يقوم بها الإنسان قاصدا اكتشاف الخفي من الأمور, هي ممارسة لها آلياتها الخاصة حسب الموضوع المشتغل عليه كما أنها تقود إلى نتائج قابلة للدراسة والتقويم’’1

لا ينكر أحد أن التجربة ممارسة.. ممارسة لآلة الكتابة والقراءة والمحووالبحث عن الصيغ المتنوعة والمختلفة والحداثية والمقبولة.. وإعادة الكتابة.

إنها ممارسة يتم فيها التأثر والـتأثير والتفاعل المتبادل وهذا ما أكده الدكتور سعيد يقطين حين اعتبر التجربة ممارسة: ’’ من خلال تفاعل الذات –الكاتب- مع الموضوع- مادة الكتابة- وبدون هذا التفاعل لا يمكننا التأثير لعملية الإنتاج التي نعتبرها مرحلة لاحقة عن المرحلة التي يقع فيها التفاعل’’ 2

والسؤال المطروح:

هل نشاز آخر للبياض نتاج تجربة وممارسة وتجريب؟

أين تحققت هذه التجربة؟ وأين تجلياتها؟

صحيح أن التجربة لا تظهر ولا تتحقق إلا في النص لما يحتويه من عناصر التجديد والتميّز ومن هنا اعتبر الدكتور محمد عدناني:’’ أن التجربة ممارسة تؤدي إلى نتائج لقاء تفاعل الذات والموضوع, وتكون النصوص أوضح تمظهر لهذا التحقق, أي أن التجربة تضيف المجد والنفع.. وتراكم المعارف وتزيدها نضجا. فالتجربة إذن تحققات نصية ملموسة’’3

بطبيعة الحال هذه التحققات النصية تتطلب جهدا ومجاهدة وبحثا عن المغاير النهائي.. وهذه كلها ملامح التجريب.. والتي تجلت كنصوص قصصية.. وصحيح كذلك .. أم كل هذا لا بد أن يقوده وعي منتظم وتساؤلات ركبتها الكاتبة زوليخا لتخرج بإجابات جاءت في صورة هذه الأضمومة القصصية التي اجتمع فيها التجريب والتجربة, أي الممارسة المحكومة بالزمان والمكان, والوعي المطلق الشامل.

عندما تعود إلى العنوان, نجده يتركب من ثلاثة أسماء: نشاز + آخر+ للبياض

تربط بينها علاقة وصف وربط وامتلاك.. كما يبين لنا هذا النشاز فيه القبلي والبعدي.. عناك نشازات أخرى سابقة وهذا نشاز جديد آخر ينضاف إلى السابق وهي كلها مرتبطة إلى هذا البياض ارتباطا وتوصيفا وأول ما يتبادرنا هوكلمة نشاز. فنشاز جمع النشز والنشّز.. وهوالمتن المرتفع من الأرض, وهوما ارتفع عن الوادي إلى الأرض وليس بالتغليظ ونشز ينشز نشوزا أشرف على نشز من الأرض وهوما ارتفع وظهر, يقال : ’’ اقعد على هذا النشاز’’ وفي الحديث في خاتم النبوة: بضعة ناشزة أي قطعة لحم مرتفعة عن الجسم وفي القرآن الكريم: ’’ وإن قيل انشزوا فانشزوا’’ قال أبواسحاق : معناه إذا قيل انهضوا فانهضوا وقوموا. يقول أعرابي:

فما ليلى بناشزة القصيري   ولا وقصاء لبستها اعتجاز

ويشرح الشراح ناشزة القصيري أي ليست بضخمة الجنبين. وانشز الشيء : ارفعه عن مكانه.. وفي الحديث الشريف: ’’ لا رضاع إلا ما أنشز العظم’’ أي رفعه وأعلاه وأكبر حجمه. والنشوز بين الزوجين: كراهة واحد منهما صاحبه.. ونشزت المرأة زوجها: استعصت عليه وخرجت عن طاعته. ورجل نشز: غليظ. قال الأعشى:

وتركب مني إن بلوت نكيتي  على نشز قد شاب ليس بتوأم.

والنشيزة: الدابة التي لا يستقر السرج على ظهرها.

وعندما نربط لفظة نشاز بنصوص المجموعة القصصية نجد أن كل نص قصصي يتضمن نشازا خارجا عن الذوق والمألوف, ومن ثم تصبح هذه المجموعة القصصية كلها نشازا ينضاف إلى نشازات سابقة.هذا النشاز الآخر هوفي ملكية البياض ويثبت هذا الإنتماء لام الملكية والبياض ككلمة تتعدد مدلولاتها الشيء الذي يجعلنا نتساءل: هل كاتبنا زوليخا تريد بالبياض الضوء, أم اللون أم هما معا؟

عندما نبحث في معاني الكلمة ومدلولاتها نجد من معانيها: الأرض البياض كالأرض الجرداء التي لا زرع فيها ولا غرس.. كما أن البياض نوع من السمك العظمي وكذلك البياض : الورق.. نقول: ’’ آتني دواة وبياضا’’ ونجد البياض يعني الشخصية أيضا. من خلال هذه المعاني وتعددها, نجد أن العنوان يوحي بأن هذه النصوص القصصية وما تحمله أوتتضمنه من نشاز/ مفارقات خارجة عن المألوف, تنتمي أوتتضمنها هذه الورقة البيضاء التي هي المجموعة القصصية. عندما ندخل عالم المجموعة القصصية, نجدها تتوزع بكاملها بين ثلاثة روابط أومحاور, وهي تداعيات الذات وبوحها, الرؤية الإجتماعية : الصراعات اليومية, الرغبات, القلق, المنحدرات الرمزية: الهروب من الواقع, إدانته, البعد الفلسفي في لباس الرمز, تداعيات الحلم, الوهم, القلق, معاناة الواقع...

هذه التبويبات الثلاثة تجعلنا نقف على أمر هام جدا وهوأن هذه المجموعة القصصية تحبل بالتفاصيل الصغيرة والمقصود بها هومجمل الجزئيات الصغيرة المحيطة بمكونات القصة القصيرة ومحيطها, وآلياتها. هذه التفاصيل الصغيرة محمولة بحامل اللغة واللغة هي التجلي الوجودي للعالم في هذه المجموعة القصصية على حدّ قول هايدجر.

صحيح أن الأشياء تكشف نفسها من خلال اللغة ومن ثمة فإن الإنسان ليس هوالذي يستخدم اللغة, بل اللغة هي التي تتكلم من خلاله.

والوجود كله ينفتح لهذا الإنسان من خلال اللغة وعبرها.

هذه التفاصيل الصغيرة التي تتضمنها نصوص المجموعة القصصية (نشاز آخر للبياض) هي رسالة قابلة للتأويل, والمتلقي المستقبل لهذه الرسالة, يؤولها من الزاوية التي يريد, تبعا لتكوينه, ورويته الخاصة, وثقافته, وإديولوجيته وبالتالي يصبح تأويله لهذه الرسالة إعادة إنتاج النص وفق معطيات الراهن. صحيح كذلك أن العمل الأدبي يتشكل من خلال فعل القراءة. 4

من هنا نقول أن الأضمومة القصصية (نشاز آخر للبياض) تتضمن مجموعة من المعاني الداخلية داخل نصوصها وقد مارسته زوليخا ككاتبة وكطرح وكفكرة وليس كموضوع محدّد. لذا هي تكتب لقارئ باستطاعته أن يكتشف هذا المعنى ويبحث عنه ويؤوله بالصورة التي يراها ملائمة ومناسبة وطابقة لتوجهه ورؤيته ومن هنا نقول كما قال رولان بارث بأن قصص زوليخا ليس بمفهومها القدحي بل بمفهومها الإيجابي:  nuisibles  قصص مشوشة والجميل هوأنها كتابة تحفز القارئ على السؤال والتأويل وبذل الجهد للوصول إلى هذا المعنى الخفي.

وعندما نقف إلى هذه التفاصيل الصغيرة نجدها ذات جانبين:

1- جانب موضوعي مشترك يجعل عملية فهمها مشتركة بين جميع المتلقين بصفة عامة.

2- جانب ذاتي, وهوفكر المؤلفة ورسالتها التي ضمنتها لهذه التفاصيل الصغيرة.

وهذا الفكر الضمني يتجلى في طريقة الإستخدام الخاص للغة من طرف الكاتبة زوليخا وما تحمّلها من دلالات ورموز وإشارات تبعا لتجربتها في الحياة.

يقول أدونيس: ’’ إن المرئي وجه اللامرئي وأن الملموس تفتح لغير الملموس, فما نراه ونحسه ليس إلا عتبة لما لا نراه ونحسه’’5

ومن ثم كاتبتنا زوليخا تقدم لنا نصوصا قصصية ذات لغة هي عبارة عن معارج تساعدنا على العروج إلى عوالمها الضمنية ومعانيها الخفية, أي أنها تقدم لنا هذه التفاصيل الصغيرة مكشوفة واضحة ولكن وضوحها يغطي المستتر وما علينا كقراء ومتلقين إلا كشف هذا المستور والمخفي وإماطة اللثام عما لم يقله النص من خلال ما يقوله بالفعل. ومن هنا اعتمدت الكاتبة زوليخا الفراغات, وعبرت عن الكلام بالنقط كما في قصة: (رسالة إلى فرانكو) والتي نأخذ منها هذا المقطع:

’’ خالي رجل أحمق, ولد بالضمة على الواوولم يلد. لا زوجة ولا ابناء.انتهت عقود الحرب الأهلية الإسبانية التي شارك فيها. عاش من عاش ومات من مات وخالي لا يزال يسكن حروبه.

هه؟ ماذا قلت؟

....................

بعد السؤال نجد سطرا امتلأ بالنقط وقد عبرت بها الكاتبة زوليخا عن الصمت الذي خيم بعد السؤال. وتقنية الصمت هذه والسكوت عن الكلام والإفصاح نجدها موظفة في قصص أخرى من المجموعة: نشاز آخر للبياض وهي: شتات البياض ص 24, الكف والأغنية ص 62

هذه التفاصيل الصغيرة نجدها تتوزع إلى ثلاثة أمور:

التفاصيل الصغيرة

التشكيل, ما يتعلق بالفلسفة والوجود وما يتعلق بالمجتمع والنقد والإدانة

1- التشكيل: عندما نقف إلى قصة حذاء فان غوخ وقصة متحف السراب نجدها تتضمن بعض القضايا التشكيلية والفنية والتي أثارت جدلا في الأوساط الفنية والثقافية ومنها لوحة فان غوخ الحذاء وقد ثار الجدل حولها بين ثلاثة من أساطين الفلسفة والفكر وهم: هايدجر, جاك دريدا, وشابيرو. وكل واحد سجّل انطباعه ورأيه حول هذه اللوحة في كتاب والخطاطة التالية تبين ذلك: لوحة الحذاء, فان غوخ التي رسمت في 1886

هايدجر, شابيروودريدا

أصول العمل الفني 1935 الحياة الجامدة بوصفها تمظهرات الحقيقة. موضوعا فنيا 1965. في التثقيب 1973

كما نجد إشارة إلى التكعيبية والإنطباعية والطبيعة الميتة في قصة متحف السراب والتي من خلال هذه الإشارة تصل إلى اختيارات الساردة أوفلسفة الكاتبة زوليخا في الحياة والتي تمحورت حول:

البوح

السؤال

تحديد الإنتماء والهوية

المقارنة

وهذه الفلسفة وقنتعتهت يتطلبان أربعة أشياء:

الرجاحة والعقل

الرصانة

الحياة المستقيمة الخالية من الإهتزازات

الأحلام الهادئة السعيدة

’’ من يفكر في الغد له رجاحة عقل تؤهله لذلك . رصانة, هدوء, حياة مستقيمة, أيام متشابهة خالية من الأحلام المستعصية أومن الأحلام نهائيا’’ ص 7

إنها نوع من الطوباوية

2- اللمحات الفلسفية ونستشفها من حديث الساردة عن القلق المؤدي للعدم والتوتر الإنساني.

وهذا يبيّن لنا اقتناع اقتناع الساردة/ الكاتبة بفلسفة هايدجر ونظرية الوجودية إذ نجد عنده أن القلق الإنساني يتولّد من  l’être والذي نكتشف منه معنى الوجود le néant يؤدي إلى العدم جراء إدراك هذا الإنسان بأنه محكوم في النهاية بالموت الذي هوالعدم نفسه.

والكاتبة زوليخا تنبهنا إلى هذا العدم الذي يتولّد عنه الخوف. وما القلق إلا حالة الخوف المطلق أمام العراء المطلق. وترى زوليخا هذا العدم في جريان الزمان واستباقاته ولذا المستقبل والعيش والأمان والغد كلها تمثل عناصر هذا الخوف وهذا القلق . ومن خلال هذه التفاصيل الصغيرة التي نلمس فيها نفحات فلسفية ونشتم فيها قلقا وجوديا, نستنتج أن الذات الساردة مرغمة على اختيارين وجوديين يجنبان أناها من السقوط وهما:

1- الوجود الأصيل أوالشعور بالموقف الأصيل حيث القلق يجعل الذات والأنا         authentiques وهذا ما يدفعنا إلى محاولة تجاوز هذا القلق وهذا الواقع وهذا نلمسه في كثير من قصص المجموعة القصصية :

’’ أنا؟ أنا كرة الثلج المتدحرجة من أعلى الجبل, كنت أظن أني مع الوقت وتكاثر تجاعيدي قد اكتسبت بعض الحيلة في طرد الأحلام واكتساب أيام هنيئة من دون الغوص في عذابات النفس الماراتونية التي أجلد بها ذاتي يوميا. ما توقعته كان خاطئا. ازدادت هواجسي وتكاثرت أحلامي الحمقاء كالفطر بعد أيام ماطرة’’

’’ من أين سآتي بالجهد الكافي كي أبدأ من جديد. لأنه عليّ أن أبدأ من جديد؟’’ ص7

من هنا نجد الذات الساردة تقتنع بالتعايش مع الواقع لتجاوز هذا الخوف وهذا القلق وتمنح لوجودها الحياة.

2- الوجود الزائف أوالمبتذل حيث تحاول الذات الهروب من هذا الواقع /القلق        inauthentique  وتجاوزه .

3-  الالتباس: إنها ترى هذا الوجود المليء بالقلق والعقبات وجودا مبتذلا وأمام هذا الابتذال تنغلق متاهات القلق وتنغمس الساردة في الحياة اليومية الروتينية_ للهروب من هذا القلق_ ومن واقع المجتمع وآلامه.

هذا دفع بالساردة /الكاتبة إلى الشك في بعض القيم المجتمعية وفي بعض الحقائق المعلن عنهاز فنجدها تطرح مجموعة من الأسئلة الحيوية حول الإنسان, الحياة, القيم والمجتمع ومن هنا جاءت قصتها: وتلعق الثلج.. الرسالة والتي تتدحث فيها عن مأساة إنسانية كبيرة وهي وفاة 29 طفلا من أطفالها في لهيب فصل شتاء 2007 /2008 وقد وظفت الكاتبة القرية المكلومة للدلالة على التهميش والإقصاء والمعاناة والموت والصمت القهري والبياض القاتل الذي يغلّف هذه القرية الأطلسية.

من هنا الساردة الكاتبة من خلال الطبيعة الميتة المتمثلة في قرية أنفكووغيرها من القرى المغربية المهمشة تبين الإسقاطاقات التي تتلاشى فيها الموجودات المادية وعلاقتها بالإنسان وكيف أنه داخل هذه العلاقة يعيش نوعا من العبث وهذا يدفع الكاتبة كما قلنا إلى الشك لأنها تؤمن بأن الشك أول طريق إلى اليقين والشكوك موصلة إلى الحق.

من التفاصيل الصغيرة التي نجدها في هذه الأضمومة: الصيغة السردية أونمط السرد الذي اتبعته الكاتبة زوليخا في كتابتها القصصية هته والتي من خلالها نعرف الكيفية التي تعرض لنا بها الساردة القصص وتقدمها لنا بها. 7

في( نشاز آخر.. للبياض) نجد أنواعا من صيغ الخطاب وهي:

1- الخطاب المسرود أوالمحكي حيث تورد الساردة أفكار الشخصية لا أقوالها كما نجد في قصة (القط والمرآة )ص35: ’’ تمر أمام المرآة, مرآة طويلة مثبتة في الجدار جنب الدولاب. تتحاشى النظر إليها. تتذكر كل القصص التي كانت جدتها ترويها لها وهي توصيها ألا تنظر إلى المرآة بالليل’’

2- الخطاب المحول بالأسلوب غير المباشر:حيث تعمل الساردة على نقل أقوال الشخصيات بطريقة غير مباشرة أي التعبير عنها بأسلوبها الخاص كما في قصة (شتات البياض):’’ أنت مستيقظة. قال لي الصوت الخشن’’

’’ هوالبرق في ليلة عاصفة وأنا الواقية التي تمتص الصاعقة كي تختزلها في باطن الأرض. قال دولوز محاولا تقريب الصورة عن علاقة فلسفته بتفكير غاتاري’’ ص25

3- الخطاب المنقول : تفسح الساردة المجال للشخصية لتعبّر عن نفسها بطريقة مباشرة كما في قصة :  (وتلعق الثلج الرسالة): ’’ بعد أن هاتفني ابني :

أمي لقد أضعت تذكرة القطار وأنا في ورطة.

أرمي الكرة بعيدا عن مرماي: لماذا لا تكلم أباك؟’’ ص 12 و13

’’ لم تنته الحملة الانتخابية لكن السيدة الوزيرة انتهت في حجرة في درب بويا عمر مسلسلة من رأسها حتى أخمص قدميها وتصرخ بأعلى صوتها: ابعدوا عني الهياكل العظمية لأطفال أنفكو! أبعدوا عني الهياكل العظمية لأطفال أنفكو!’’ ص13

4- مناجاة النفس والبوح: وهومن تيار الوعي حيث تقدم لنا الساردة المحتوى الذهني والعمليات الذهنية للشخصية مباشرة من الشخصية إلى القارئ بدون حضور المؤلفة كما في قصتها: متحف السراب ص7 و(تاء الخطيئة المتحركة) ص20:

’’ يا جسدي تمرد أهمس لك.. تمرد كي تستحق وسامتك.. ثر كي تستحق نبلك.. ثر على البياض, ثر على السواد.. ثر على الثورة المجهضة. كن أنت .. لا تكن سواك.. امتشق إنسانيتك’’

5- الوصف: كما في قصتها (نخب محمد شكري) ص18: ’’ هي حمامة بيضاء. أناقة وسحر طبيعي. يليق بها اللون الأزرق. بيضاء من رأسها حتى أخمص قدميها’’

6- الحوار: كما في قصتها (لن أراقص حبيبتي) ص31

’’ ألو. حميد؟

نعم حبيبتي ماذا تفعلين؟

أتهيأ لحفلتنا

أوه هذا جيد. هل أمرّ لاصطحابك في الوقت الذي اتفقنا عليه؟

هل من الممكن أن تضيفني ساعة أخرى حتى أجهز كي أليق بك؟

أنت دائما تليقين بي ولوكنت ترتدين بيجامة.

بيجامة يا مجنون!

وختاما نقول أن الأديبة زوليخا كاتبة يشغلها هوس الكتابة ولذا نتمنى أن نجدها في أعمال أخرى إن شاء الله.

 

 محمد داني

ناقد من المغرب

1-   عدناني( محمد): إشكالية التجريب ومستويات الإبداع, جذور للنشر 2006 ص13

2-   المرجع نفسه ص13

3-   المرجع نفسه ص13

4-   روبرت هولب: نظرية التلقي ترجمة عز الدين اسماعيل النادي الأدبي الثقافي جدة 1994 ص 24

5-   أدونيس: الثابت والمتحول دار العودة بيروت 1979 ص213

6-   موساوي الأخضري( زوليخا): نشاز آخر للبياض منشورات دار التوحيدي 2012 ص29

7-   العيد (يمنى): تقنيات السرد الروائي في ضوء المنهج البنيوي دار الفارابي 1990 ص 107

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2207   الاثنين  20/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم