صحيفة المثقف

الضربة الإسرائيلية لإيران بين الدعاة والمعارضين لها / جعفر هادي حسن

يحصل لديه انطباع بأنها عازمة على القيام بضربة عسكرية ضد إيران، فهي قد عينت وزيرا جديدا للدفاع عن الجبهة الداخلية، وتقوم بإصلاح الملاجئ وبتوزيع الأقنعة ضد الإسلحة الكيمياوية، وتقوية الدفاعات ضد الصواريخ واختبار الرسائل النصية إلى غير ذلك من تحضيرات.وكان نتنياهو قد أعلن بأن إسرائيل عندها الكفاءة ولديها القدرة لوحدها في أن تحدث تدميرا مؤثرا في برنامج إيران النووي، وعليها أن تقوم لوحدها بذلك، إذا لم تقم الولايات المتحدة الأمريكية بعمل سريع.وكان وزير الدفاع إيهود باراك أكثر صراحة عندما قال لإحدى الصحف في وقت سابق، إننا قررنا أن نضرب، وعلل ذلك بالقول إننا لايمكن أن ننتظر ونكتشف في صباح يوم ما، أننا اعتمدنا على الأمريكان، ولكننا خدعنا لأن الأمريكيين لم يقوموا بالعمل ..إن على إسرائيل أن تقوم بما يجب أن تقوم به، ولكن بعض الصحف ذكرت أنه الآن اصبح مترددا. ومازالت الولايات المتحدة تعلن أنها لاتحبذ ضربة عسكرية الآن وهي قد رفضت في هذا الشهر طلب نتنياهو، في أن تضع خطا أحمر على المشروع النووي الإيراني.

 وقد أشار أكثر من صحفي إلى أن الفترة المحتملة للضربة هي الخريف القادم، وقبل الإنتخابات الأمريكية، كما أن رئيس الموساد الأسبق أفرايم هاليفي أشار إلى هذه الفترة عندما قال"لو كنت إيرانيا لأصبحت خائفا في الإثني عشر أسبوعا القادمة".وقد أقنع نتنياهو بعض وزرائه في تأييده مثل ليبرمان، وزير الخارجية ورأى أن تأييد الزعيم الروحي لحزب شاس، الحاخام عوبادياه يوسف، الذي له تاثير على شريحة كبيرة من المجتمع اليهودي الإسرائيلي،  يعطي لخطته قوة ودعما، فأرسل له مستشار الأمن القومي من أجل ذلك. ويبدو أنه حقق شيئا من النجاح معه، إذ دعا عوبادياه، الله في عظته السبتية، "أن يدمر الإيرانيين الأشرار، الذين يهددوننا وأن يمحوهم من الوجود، ويزيلهم من على وجه الأرض هم وحزب الله".

 ولكننا في الوقت نفسه نقرأ عن المعارضة الواسعة من النخب السياسية والأمنية الإسرائيلية للقيام بضربة أحادية، دون مشاركة الولايات المتحدة . وقد تبين أن رئيس الدولة بيريز على رأس المعارضين، حيث صرح أن إسرائيل لايمكن أن توجه ضربة عسكرية لإيران دون مساندة الولايات المتحدة، وعلل ذلك بالقول، إن الضربة سينتج عنها رد فعل إيراني كارثي منها ومن حلفائها، كما سيعرض العلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة إلى الخطر.وقد رد مساعدو نتنياهو عليه ردا قاسيا وطلبوا منه أن لايتدخل في مثل هذه الأمور.وكان رئيس الوزراء السابق إيهود ألمرت قد أعلن عن معارضته أيضا، وقال إن المشروع النووي الإيراني لم يبلغ المستوى، الذي يجبر إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية.

ومن المعارضين ايضا شاؤول موفاز زعيم حزب كديما، الذي اتهم نتنياهو ووزراءه بتجاوز الخطوط الحمر، وإهمال قلق السكان حول أمنهم. وقال في رسالة له إلى نتنياهو "إن هجوما على إيران سوف لايحقق إلا نتائج محدودة، ولكنه سيحدث الكثير من الموت والضرر بالجبهة الداخلية، إضافة إلى إنه عمل غير أخلاقي وغير منطقي في الظروف الحالية" . حتى رئيس الحزب الجديد "هناك مستقبل"، يئير لبيد، قال "إننا مازلنا بعيدين عن لحظة الحسم بين مهاجمة إيران، والتسليم بوجود قنبلة نووية إيرانية"، وقال "إن القيام بعملية عسكرية، قبل أن نكون مضطرين لذلك، هو عمل غير مسؤول."

 ومن المعارضين أيضا مجموعة من العسكريين الكبار، مثل رئيس أركان الجيش ورئيس الإستخبارات العسكرية وغيرهما .ومن المسؤولين الأمنيين السابقين رئيس الموساد السابق مئير داغان، الذي قال إن حربا مع إيران ستكون خطأ كبيرا وتكون حربا مدمرة، وإن فكرة مهاجمة إيران قبل استنزاف الخيارات الأخرى، هي أسخف فكرة . وكان لداغان دور مهم في الحرب الإلكترونية على المشروع النووي الإيراني. وطبقا لما ذكره بعض الصحفيين الاسرائيليين، أنه ليس هناك مسؤول عسكري او امني كبير في إسرائيل، يؤيد توجيه ضربة عسكرية لإيران من قبل إسرائيل بشكل منفرد.

ومن المعارضين من غيرهؤلاء، عوزي أيلمان وهو رئيس سابق لهيئة الطاقة النووية الإسرائيلية، وهو يعتقد أن الهجوم في هذا الوقت سابق لأوانه، إذ هو سيقوي النظام الإيراني، ويجعل السكان يلتفون حوله، كما أنه سيفشل الحصار عليه في الوقت الحاضر، وسيجعل إيران تصمم على الحصول على السلاح النووي. ويقول إن مهاجمة خمسة أو ستة مواقع، والتي قد لاتكون هي المواقع المهمة ربما يؤخر البرنامج، ولكن نتائج هجوم إسرائيل وحدها ستكون مساوئها كثيرة. كما أن الهجوم على إيران سيزيد من عزلة إسرائيل التي هي معزولة أصلا. وهو يرفض ماذكر في بعض وسائل الإعلام من أن الزلزالين اللذين حدثا في منطقة تبريز في شهر أغسطس، ناجمان عن تجربة نووية إيرانية تحت الأرض، وكانت أكثر من صحيفة غربية قد أشارت إلى ذلك .وهوقال قبل هذا إن الهدف من تصريحات بعض السياسيين،  تحويل نظر السكان عن المشاكل الداخلية.وإضافة إلى هؤلاء هناك شريحة من السكان، ايضا تعارض قيام إسرائيل بعمل عسكري ضد إيران لوحدها، حيث يعتصم بعضهم أمام بيت وزير الدفاع منذ فترة.

وعلى رغم ما يظهر من تصميم حكومة نتنياهو على القيام بعمل عسكري منفرد، فإن هناك صعوبات تواجهها في تحقيق أهدافها، منها المعارضة الداخلية الواسعة التي أشرنا إليها، ومعارضة الولايات المتحدة، ومنها فيما يتعلق بالضربة نفسها، التي هي بطبيعتها محفوفة بالمخاطرلأكثر من سبب، ومنها الرد العسكري الإيراني المتوقع.ولذلك يرى البعض أن ماتقوم به الحكومة، هو نوع من الضغوط النفسية، موجهة إلى من يعنيهم الأمر.ولكن آخرين مثل مئير داغان يرون أن الحكومة جادة في خططها، ولذلك هو ينتقد هذه الخطط كما يقول. ولكن إذا كان الأمر كذلك فإنها سوف لاتجازف بمثل هكذا عمل لوحدها، إلا إذا اقتنعت أن الولايات المتحدة ستهب لمساعدتها .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2227 الخميس 27/ 09 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم