صحيفة المثقف

حوار مع القاص المغربي حسن برطال / عزيزة رحموني

- الإبداع هو رسالة من المفروض أن تخرجنا من الظلمات إلى النور

 

سارد نحت اسمه عميقا في شجرة القصة القصيرة جدا...بين انامله تزهر القصيصات وتنشر اريجا يشد المتلقي...في ظلال حسن برطال وقفنا نسافة حوار شيق ...لنتابع:

قبل البدء، الكلمة لك استاذ برطال؟

• أختي المبدعة عزيزة سوزان شكرا على اهتمامك بالقصة القصيرة جدا وأتمنى أن أكون قصيرا جدا تماشيا مع مبدأي في الحكي ..

 

* من أي الأبراج يُطل حسن برطال على متلقيه ..؟؟

- الأبراج بمفهومها الأنطولوجي للكلمة وأعني بها ناطحات السحاب فهي أطول وأعلى من القاص القصير جدا قامة وإبداعا أحيانا لأنها (واقعا) تنفع الناس وليست (زبد) يذهب جفاءا..لقد فتحتُ شرفتي من (ورق) /(المجموعة القصصية أبراج) لأبني واقعا تتعايش فيه تلك الحشرات الصغير / النمل / الق ق ج لأنها الأقدر على التحدي والتفوق على الإسمنت المسلح في تشييد صرحا من لبنات الحرف لما تمتاز به

هذه الخلية من تضامن وجد ونشاط ، إنه فضاء الكلمة (السامي) وليس (العالي) والذي تتداخل فيه ظروف الزمان والمكان معا كالتاريخ / الزمن ..الذي يُعنى بتسجيل الأحداث والتطورات / المكان

عكس الأبراج الفلكية والتي أعتبرها (ظروف أمكنة) فقط ولهذا نسيتُ (برج الأسد) لأنني من مواليد

شهر غشت .. ونسيتُ (برج إيفل) لأنني أكره الطول الزائد أحب أن نكون جميعا في قامة واحدة لتكون

العين) على (العين).. (الأذن) على (الأذن) .. و(القلب) على(القلب) ..

 

* بين الرياضيات والأدب ..هل هناك معادلة ما ..؟ كيف يحلها حسن برطال..؟

- الرياضيات علم وتدريب كالرياضة منه نستمد القوة في الدقة وأشياء أخرى(العقل السليم في الجسم السليم) ..أما الأدب فهو تربية وخُلق قبل كل شيء (أدبني ربي فأحسن تأديبي) .. (و إنك لعلى خلق عظيم) ..لكن نقطة التماس بين شَقَي المعادلة هي نقطة (عمياء) بدون خلايا (بصرية) ولهذا يستحيل العثور على مخزون من الصُور والدلائل نعزز بها تفسيراتنا وحلولنا داخل (مجال تعريفي) لدالة (منطق / أدب) كتربية بحس عقلاني لأن الميتافيزيقا والواقع خطين متوازين وبدون نقط تقاطع ..

أللهم إذا حاولنا التدرج عبر متتالية هندية مدخلها الأول هو الأدب/كفَن ليتحول فيها العلم / الرياضيات أداة تعبيرية ..تأتي الكلمة بحسبان وليس بحساب كالومضة التي أعتبرها آخر صورة والتي لا يمكن تجاوزها على مستوى الاختزال في (الق ق ج)..و حيت كذلك الكلمات محسوبة كالعدد الكسري في آخر مرحلة من اختزاله..

 

* تتعدد منابر الحرف عند حسن برطال بين قص ونظم ونقد ..لماذا التعدد وليس التخصص ..؟؟ واحدة لاتكفي ..؟

- بالنسبة لي الأدب كفن مرتبط ب (مكتوبنا) هو كرياضة الكولف ولكل ضربة عصاها الخاصة حسب صعوبة المسلك والمسافة الفاصلة بين الكرة والحفرة والكاتب بطبيعته لا عب (كولف) على مسالك الأدب وأنا واحد من هؤلاء اللاعبين أكون ناقدا /عاشقا حينما أعشق أكتب قراءات عاشقة خطوطها العريضة ترتكز على تجربة خاصة لا ٌقل ولا أكثر بعيدة كل البعد عن الدراسات الأكاديمية ..و أحيانا أكون نضاما حينما يجرفني تيار المدح والغزل ..و أكون قاصا حينما تمتلئ معدتي وأشعر بالقيء ..هذه الأشياء إفرازات (جسدية إبداعية) لايمكن قمعها وعناصر تبدو غير متجانسة لكن يصعب الفصل بينها ..هذا من جهة ..

ومن جهة أخرى فبالنسبة لي فواحدة تكفي ..لأن المولود الشرعي هو من يُدَون في سجل (الولادات) يعني المنشور الورقي بكل صفاته ومواصفاته (الكتاب) لم يسبق لي أن نشرتُ كتابا نقديا ولا ديوانا شعريا ..كل المنشورات هي عبارة عن مجاميع قصصية قصيرة جدا لا غير...

 

 

* ما موقع النكتة والحكاية الشعبية في كتاباتك ..؟؟

- النكتة ..الحكاية الشعبية بالإضافة إلى الصورة واللغز ..كل هذه الأشياء أعتبرها (توابل)..(رأس الحانوت) يكون لها تأثير إيجابي على مستوى حاسة الذوق لأن الفن الخالي من للذة لا يمتع وبما أن القراءة تغذية روحية لابد من تحضير أطباقا شهية..و لهذا تراهن القصة القصيرة جدا على هذه الوصفات للكتاب متعته ..

 

* للسياسة نكهة في كتاباتك ..هل ترى أن المثقف العربي قادر على التغيير في بلده ؟؟

- السياسة في دمنا لا نعيش في معزل عنها .. المثقف .. الأمي ..العالم .. الجاهل ..الحيوان .. النبات الكل يمارس السياسة فهي القوة التي تمنح البقاء وتحمي من الانقراض خلف سياج محمية هذا الكون البحث عن الرزق سياسة بالنسبة لجميع الكائنات .. وكذلك التزاوج والتوالد ...و لهذا لابد من ممارسة السياسة في كتاباتي (القصصية القصيرة جدا) من أجل الاستمرارية والبقاء..لأن الأجسام الضخمة بدون سياسة تنقرض ك (الديناصورات) ..وحينما يكون الكاتب على علم بهذا المعطى والذي أعتبره عنصرا من عناصر الحياة لابد أن يُحَوله إلى طقس من طقوس العبادة وليس الكتابة فحسب لأن المعبود حي لا يموت ..يكون معنا أينما كنا .. هو في كل شيء ..و هذا أعتبره تغييرا بصورة أخرى..و كذلك الإبداع هو رسالة من المفروض أن تخرجنا من الظلمات إلى النور و(الخروج) كلمة انفصال وحركة تشير إلى تغيير المكان ..إنشطاين .. نيوتن ..منديل .. مركان وآخرون قد غيروا العالم لأنهم مبدعون حقيقيون ..تأملي في الكون وتغييراته لأن مبدعه عظيم فوق العادة../

 

*الملتقيات والندوات والمنابر الرقمية ما تضيف للمبدع بحكم أ ن العربي لا يقرأ إلا سطرا في السنة

- بالنسبة للمبدع أن الندوات والملتقيات و.. هي فضاءات بكل عناصر الحياة من ماء ..هواء وخارج هذه المجلات يموت الكاتب .. بعيدا عن هذه الأمكنة يصبح واحدا من أصحاب (الكهف) يعيش في غربة كتجربة وجودية وتعني نفي الذات في زمان ومكان غير ملائمين لطبيعتها .. وهذا هو الهدف الأسمى للمبدع وهذا هو ما نبحث عنه بالأساس في هذه المَحارب حيث الرؤى موحدة .. بغض النظر عن علاقة المبدع بالقارئ علينا أن نستمتع قبل أن نُمتع الآخر ولا نكون عليه بمسيطرين..هذه الأمور إضافات لا قيمة لها بالنسبة للمبدع ../

 

*كيف تقيم الق ق ج في المغرب ..؟؟ النقد لا يوازي غزارة الإنتاج الأدبي في كل المجالات محليا وعربيا ..لماذا ؟؟ هل هو تقصير أم ضعف ..؟؟

- حال الق ق ج في المغرب بخير..بحيث وصل منتوج الأدباء المغاربة إلى 64 مثنا قصصيا قصيرا جدا حسب بيبلوغرافيا الدكتور جميل حمداوي .. هناك ملتقيات للقصة القصيرة جدا تُنظم في كل ربوع المملكة هناك جوائز للقصة القصيرة جدا تحفز على الكتابة ..ظهور عدة انطولوجيات تهتم بالقصة القصيرة جدا أما في ما يخص النقد المغربي فلا أرى منه تقصيرا ..فهو يُعتبر مرجعا عربيا لا يمكن الاستغناء عنه..

الدراسة في المتون) للدكتور جميل حمداوي ..(القصة القصيرة جدا ..تصورات ومقاربات) لسعاد مسكين ..(مضمرات القصة القصيرة جدا) للناقد محمد يوب ..و كتب د عيسى الداودي ..وعبد العطي الزياني .. ود جمال بوطيب بالإضافة إلى أسماء تأتت الساحة النقدية المغربية .. ركاطة حميد .. محمد الداني ..عبد الحق ميفراني ..محمد رمسيس ..حسن مؤدن ..حميد الحمداني ..سلمى لبراهمة .. نور الدين الفيلالي .. أنس فيلالي ..محمد محقق ..أحمد بوزفور.. إدريس الواغيش.. محمد أيت حنا..سعيد بوعيطة.. وآخرون..لا خوف على الق ق ج فهي أداة المستقبل ../

 

* الإبداع والنشر أية معادلة ..؟؟

- علاقة الإبداع بالنشر .. أو علاقة المبدع بالناشر .. نقطة حساسة .. ومنعطف إما يكون المبدع أو لا يكون أتمنى أن تكون(أسرية) .. بمعنى علاقات وروابط (دموية) ..إذا كان المبدع هو (الرحم الولود) فعلى الناشر أن يكون (الحاضن) والمربي ../

 

* كلمة أخيرة

- الشكر كله للقصة (القصيرة جدا)..التي أهدتني إخوة وأخوات (عمالقة) قامة وقيمة إبداعية ..

 

 اجرى الحوار : عزيزة رحموني /المغرب

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2241 الخميس 11 / 10 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم